«خريف» مجلس نقابة الصحفيين وفرص اللعب فى «الوقت الضائع»
مع الانتقادات الدائمة لمجلس نقابة الصحفيين واتهامه بـ«الغرق» في الأزمات، ثم الهجوم على أعضائه عبر صفحات الزملاء و«الجروبات» الخاصة بهم على مواقع «السوشيال ميديا»، يُصبح المشهد النقابي في حاجةٍ إلى مراجعةٍ وتقييمٍ، سواء من الأعضاء الحاليين بالمجلس، أو ممن كانوا فى الأصل أعضاءً سابقين في المجالس النقابية الماضية.
المتابع جيدًا للشأن النقابي، يدرك أنّ هناك استمرارًا لعددٍ من الأزمات النقابية المهمة، بل وتجاهل بعضها، واستمرار تجاهل حقائق ومطالب أعضاء الجمعية العمومية، في ما يتعلق بانعقاد دورات القيد، وفتح نقابة الصحفيين أمام أبنائها، وملفات التكويد، وهي الأمور التي جعلت مجلس نقابة الصحفيين اليوم أمام «خريف مبكر»، حتى وإن حدثت «انفراجة» أخيرًا في ملف عقد دورات القيد.
في السطور التالية، يتحدث لموقع «النبأ» 4 أعضاء سابقين بمجلس نقابة الصحفيين، عن أبرز «خطايا» مجلس ضياء رشوان، وكذلك يتحدثون عن رؤيتهم للمشهد النقابي، وما يجب فعله في الوقت المتبقى قبل انتخابات التجديد النصفي في مارس 2021، وكيف يرون المشهد الانتخابي المقبل؟.
وقال إبراهيم أبو كيلة، إنّ مجلس النقابة الحالي عمل فى ظروفٍ قهريةٍ صعبةٍ، لا سيما بعد انتشار «فيروس كورونا» التي تسببت في توقف عقد اجتماعات المجلس، وتوقف لجان القيد، متابعًا: «دي أسباب قهرية صعبة، وأزمة الفيروس كان يعاني منها الكل، وهذا ليس تقصيرًا من الزملاء في مجلس النقابة».
وأضاف «أبو كيلة» لـ«النبأ» أنّه فى الفترة التي سبقت أزمة كورونا، كانت هناك ملفات مازالت مفتوحةً لم تُحسم بعد، ضاربًا المثل بأزمة «الصحفيين الحزبيين» وغيرها، مستكملًا: «المشكلة إن كل مجلس بيسيب ملفات مفتوحة للمجلس اللى بعده، وهذا التراكم يُصعب مهمة حل هذه الملفات مرةً واحدةً، ومن الأفضل حلها ملفًا ملفًا».
وأشار إلى أنّ لجنة الرعاية الصحية برئاسة الزميل أيمن عبد المجيد، عضو المجلس، كانت في بؤرة الحدث، وكان لها دور كبير أثناء انتشار فيروس كورونا، لدرجة أن مقرر اللجنة أُصيب بأزمةٍ قلبيةٍ؛ لأن كل شخص له طاقة.
وبشأن الانتقادات التي توجه لمجلس نقابة الصحفيين، قال «أبو كيلة» إنه كما قلنا إنّ هذا المجلس عمل فى ظروفٍ صعبةٍ، ولا يُقصر في إنهاء أزماتٍ كثيرةٍ، مضيفًا أنّ كل زميل يدخل الانتخابات، وينجح يكون همه خدمة الصحفيين، وليس تحقيق مصلحةٍ خاصةٍ.
وبخصوص انتخابات التجديد النصفى المقبلة، تمنى «أبو كيلة» أن تكون اختيارات الزملاء تعتمد على المرشح صاحب الرؤية، أو الذي يستطيع خدمتهم، وليس على أساس حزبي، أو فئوي، أو قبلي، أي يكون الاختيار بعيدًا عن الصراعات.
اقرأ أيضًا: خفايا «صناعة البديل».. الملف الغائب فى انتخابات «الصحفيين»
من ناحيته، يرى أسامة داود، أنّ الحراك النقابي خاصةً في نقابة الصحفيين يرتبط بوجود الزملاء داخل المبنى، ولهذا السبب اختفى هذا الحراك؛ لظروف انتشار فيروس كورونا، ثم شغل الدور الرابع بعشوائياتٍ وبناء غرفٍ، ومنع الإضاءة الخارجية عن هذا الدور، وبالتالي النقابة أصبحت خاويةً على عروشها.
وأضاف لـ«النبأ»: «مع استمرار إغلاق النقابة، وتشويه الدور الرابع، ورفع الكراسي، قُضىّ على آمال الزملاء الصحفيين فى التواجد داخل نقابتهم»، مشيرًا إلى وجودٍ جهدٍ ملموسٍ يُبذل في ما يخص مشروع العلاج، وأنّ نقيب الصحفيين ضياء رشوان كان يتابع حالاتٍ بنفسه.
ويقول «داود» إنّ هناك هدفًا أن تبقى النقابة «مغلقةً» وخاويةً كما حدث فى فترة انتشار فيروس كورونا، فضلًا عن وجود شيئين خطيرين؛ الأول «القبح الداخلي» المتمثل في العشوائيات والغرف الموجودة فى الدور الرابع، وهذا يمثل تحركًا مع سبق «الإصرار والترصد» لإزالة أي مكان يتجمع فيه الصحفيون لمناقشة أمورهم، لأن «الدور الرابع» كان يمثل مكانًا للتلاقي مع التباعد بين الزملاء يعقدون فيه ما يشبه الندوات الثقافية.
وتابع: «كأنّ هناك هدف أن تبقى النقابة خاويةً كما حدث في فترة فيروس كورونا».
وبخصوص الأمر الثاني، كشف «داود» عن أنّه يتعلق بـ«سُلم نقابة الصحفيين» الذي كان منارةً يتحدث عنه زعماء العالم، لأن كان له دورٌ كبيرٌ في تحريك الشارع المصري، مستكملًا: «نحن نلتمس العذر في تباطؤ الأداء النقابي، بسبب أزمة فيروس كورونا».
وتمنى «داود» أن يكون هناك «4» مرشحين على منصب «النقيب» على درجةٍ واحدةٍ من القوة والمنافسة، حتى تصبح هناك خيارات أمام الزملاء الصحفيين، على أن يعرض كل مرشحٍ رؤيته لإدارة شئون نقابة الصحفيين خلال عامين.
وأضاف أنّ الوضع الموجود حاليًا لا يجعل أحدًا يُقبل على العمل العام، ولكن لابد أن نسأل أنفسنا قبل خوض سباق الانتخابات: ما الذي يريده الصحفيون؟، مختتمًا: «الحريات هى الرهان الأكبر في أي انتخابات».
نرشح لك:
«نقيب الجسور».. سلاح التشويش ضد منافسي «ابن السلطة» على المنصب
إلى ذلك، يؤكد أبو السعود محمد، أنّ المشهد النقابي منغلق بشكلٍ كبيرٍ، وينتظر انفراجةً سريعةً، كاشفًا عن أنّ هذه الانفراجة تتحقق من خلال تجدد التواصل بين مجلس النقابة والصحفيين بشكلٍ يُعيد الفاعلية والنشاط النقابي المفتقد، بسبب ما طرأ على مبنى النقابة من جانبٍ، والإغلاق بسبب انتشار فيروس كورونا من جانبٍ آخر.
وأضاف لـ«النبأ» أنّ انعقاد لجنة قيد الصحفيين فى جدول المشتغلين مؤخرًا، حدّ نوعا ما من هذا الانغلاق، وإن كان الأمر يحتاج إلى فاعلياتٍ أخرى تُعيد للنقابة دورها كما كانت دائمًا كقلبٍ نابضٍ.
وتابع: «أظن أنّه من الجيد أن يدعو نقيب الصحفيين خلال الفترة المقبل، عددًا من الزملاء الصحفيين، للتواصل معهم بشكلٍ مباشرٍ، حول المهنة والنقابة وهمومها، مع اتخاذ تدابير الوقاية من كورونا، خاصةً مع وجود بعض المطالب التى لجأ الصحفيون إلى تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي موخرًا، مثل انعقاد لجنة قيد تحت التمرين، الحصول على خدماتٍ مماثلةٍ لفئاتٍ أخرى، بيان لرفض التطبيع ومحاسبة المطبعين، المطالبة بإحياء مشروع مستشفى الصحفيين، وإنشاء دار رعاية.. إلخ».
وأكدّ أن إغلاق مبنى نقابة الصحفيين لم يعد مبررًا، بعدما فتحت معظم المؤسسات أبوابها للعمل، خاصة أن عدد المترددين من الزملاء على النقابة ليس بكثير، للحصول على الخدمات فقط، بخلاف الكافتيريا.
وبشأن الانتخابات المقبلة، قال إنّ أي انتخاباتٍ ليست سهلةً على الإطلاق، لأن عددًا كبيرًا من المتنافسين سواء من الزملاء الأعضاء الحاليين أو السابقين أو حتى بعض الذين يترشحون لأول مرةٍ، لهم قدرة على الحشد بشكل يجعلها انتخاباتٍ ساخنةً، خاصة بعدما شهدته النقابة من انغلاقٍ يتحدث عنه الجميع، ويأملون في انفراجةٍ له قريبًا، فيما يرى الأغلبية أنها لن تكون إلا في الانتخابات المقبلة.
نرشح لك:
تُصدره قريبًا دار «ريشة».. كتاب جديد عن «هيكل» ساحر الصحافة العربية (صور)
وانتقد الزميل إبراهيم منصور، عمليات البناء التي تُجرى في «الدور الرابع»، مشيرًا إلى أنّ هذا المكان من المفترض أنّه دور الجمعية العمومية، وقديمًا كان يُقال: «المبنى والمعنى»، ولكن الآن المبنى موجود، ولكن لا يوجد معنى.
وأضاف «منصور» لـ«النبأ» أنّه كان من المفروض أن يكون هناك نشاط متعلق بجميع اللجان النقابية في الدور الرابع، ولكن لا يوجد أي فعاليات تتعلق حتى بقضايا المهنة أو القضايا المجتمعية، منوهًا بأنّ عمليات التدريب تراجعت، وهذا يُسأل عنه مجلس النقابة كله، وليس «لجنة التدريب» فقط.
ولفت إلى أنه لا توجد خطة محكمة أو متدرجة حتى لحل أزمة «الصحفيين الحزبيين»، وهي أزمة قديمة، وكان النقيب ضياء رشوان قد وعد بحلها، فضلًا عن أن هناك أزمة في الصحافة كلها، وهذا الأمر منعكسٌ بالطبع على النقابة والتي كان من المفروض أن يكون لها دور فى مواجهتها.
وتحدث عضو المجلس الأسبق عن عمليات تشريد وتسريح الصحفيين، والذين لم يحصلوا على أية تعويضاتٍ من هذه المؤسسات، مضيفًا: «هذه الجرائد التي أُغلقت بدت أنها وأصحابها أقوى من نقابة الصحفيين التي فشلت في الحصول على حقوق الزملاء العاملين في هذه الصحف».
واستكمل: «نقابة الصحفيين لها دور مهم في المجتمع، وبالطبع استمرار إغلاقها أمر مؤسف، كما أنّ أعضاء مجلس النقابة غير متواجدين أصلًا»، مشيرًا إلى وجود تقصيرٍ بشكل واضحٍ في ما يخص ملف «أجور الصحفيين» الذي لم يحدث فيه أي تطورٍ، وكذلك الحال في ملف التطور المهني.
وتحدث «منصور» عن عدم وجود تدخلٍ نقابيّ مهمٍ ومؤثرٍ في ما يخص عمليات تشريد وتسريح الصحفيين، أو تقليل مرتباتهم في المؤسسات الصحفية، كما أنّ بدل التدريب والتكنولوجيا من المفروض أن يزيد سنويًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
وبشأن الهجوم على مجلس النقابة الحالي، وتأثيره على الانتخابات المقبلة، قال «منصور» إنّ كل مجلس نقابة كان يتعرض للهجوم، ولكن العملية الانتخابية تختلف.
وتابع: «من المفروض أن يكون هناك دور لشباب الصحفيين المطلعين على الأوضاع المهنية الحالية في انتخاب مجلسٍ جديدٍ يستطيع النهوض بالجماعة الصحفية».
وأردف: «الصحافة في أزمة لم تشهدها مصر من قبل، لأسبابٍ سياسيةٍ مهنيةٍ واجتماعيةٍ، فضلًا عن التقدم التكنولوجيا، وهذه ظاهرة عالمية، ولكن تأثيرها واضح بصورة أكبر في مصر».