يحيى قلاش: التدخلات الانتخابية «سيناريو وارد».. وأخشى أن تكون أسماء المرشحين «متحضرة فى المعمل» (حوار)
ليس غريبًا أن يتردد اسم نقيب الصحفيين الأسبق يحيى قلاش كلما اقترب موعد إجراء انتخابات التجديد النصفى؛ فالرجل صاحب مسيرةٍ طويلةٍ في العمل النقابي، ولم يكن يومًا بعيدًا عن المشهد سواء بالعمل الرسمي عضوًا بالمجلس، ثم نقيبًا للصحفيين، وكذلك معلقًا على أحوال المهنة والنقابة.
فى جلسات المهتمين بالعمل النقابي، والزملاء فى «بلاط صاحبة الجلالة»، تُطرح دائمًا تساؤلات عن موقف «قلاش» من الانتخابات المقبلة، لكن هذا النقابي البارز كشف فى حواره الشامل لـ«النبأ» عن موقفه النهائي بشأن انتخابات التجديد النصفي المقبلة، وكيف يرى المشهدين «النقابي» و«الانتخابي»؟ وما رأيه في خريطة المرشحين المحتملين لمنصب «النقيب»؟
يقول نقيب الصحفيين الأسبق يحيى قلاش إنّه لا يفكر فى الترشح لمنصب «النقيب» فى انتخابات التجديد النصفي المقبلة؛ معللًا هذا القرار بأنه قضى «30» عامًا في العمل النقابي، وفعل في هذه الفترة كل ما يستطيع فعله، يستكمل: «طوال عمري كان ولائي أصلًا للجمعية العمومية، وكنت موجودًا وفاعلًا وشريكًا في قضايا المهنة قبل دخولي العمل النقابي الرسمي أصلًا».
وفاز يحيى قلاش بمنصب نقيب الصحفيين فى مارس 2015، وحصل على 1948 صوتًا، بينما حصل ضياء رشوان على 1079 صوتًا، ثم خسر في انتخابات مارس 2017 بعد حصوله على 1890 صوتًا، فى حين فاز منافسه عبد المحسن سلامة بـ 2457 صوتًا.
وشكّل اقتحام الأمن مقر النقابة للقبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا، والحكم عليه وأعضاء بالمجلس في أثناء ولايتهم، سابقتين في تاريخ نقابة الصحفيين.
يُضيف «قلاش» أنه دافع عن نقابة الصحفيين بما يمليه عليه ضميره في معارك كبرى كانت النقابة حاضرةً فيها لا راكعةً، معلقًا على المشهد الحالي الذي تعيشه النقابة: «النقابة حاليًا شبه محاصرة، وللأسف فقدت بديهيات وجودها كنقابة».
ويرى أنّ المرشح لمنصب نقيب الصحفيين فى الانتخابات المقبلة مطالبٌ بإعادة البديهيات للعمل النقابي، منتقدًا وضع النقابة حاليًا، معللًا ذلك بأنها كانت في وقتٍ سابقٍ فاعلةً على مستوى قضايا البلد، وفى الدفاع عن أعضائها، بينما الآن مغلقة في وجه أبنائها.
يُشبه «قلاش» إغلاق النقابة في وجه أبنائها بـ«عملية تعقيم للنقابة من الصحفيين بحججٍ كثيرةٍ»؛ فلأول مرةٍ فى تاريخ النقابة يمر صحفي فى شارع عبد الخالق ثروت ولا يستطيع دخول نقابته، بحسب قوله.
يتساءل ساخرًا: «هدخل الانتخابات مرشحًا لمنصب النقيب ببرنامح أقول فيه يعني؟! هفتح الكافتيريا وهرجع الكراسي مثلًا؟».
وعن تفسيره لوضعه الحالي يقول: «واجبي يقتضي علىّ أن تكون خبرتي الآن متاحة لكل الناس من خلال مكاني المحبب لي عضوًا في الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين».
ويتحدث «قلاش» عن التدخلات الحكومية في انتخابات نقابة الصحفيين لا سيما هندسة منصب «النقيب»، قائلًا إنّ هذه التدخلات لم تحدث في كل وقتٍ، ولكنها حدثت فى أوقاتٍ معينةٍ تقتضيها ظروف سياسية أو رؤية للمشهد، وذلك وفق وجهة نظر المتدخلين في تلك الانتخابات.
وعلل نقيب الصحفيين الأسبق هذه التدخلات بالتأثير الكبير لنقابة الصحفيين على المناخ العام خاصة عندما تكون النقابة كلها نبض وحيوية، فهو يرى أنّ النقابة وحالتها، وانتخاباتها، ونتائجها، تعطي رسالةً أكبر من أنها مجرد انتخابات في نقابة مهنية.
يُدلل على هذا الرأي بقوله إنّ في الانتخابات التي كانت تجرى فى النقابة قبل ثورة 1952، كان يأتي شخص من السفارة الإنجليزية يقف على الرصيف الموازي لباب النقابة لمتابعة هذه الانتخابات، وكذلك كان يفعل شخص من السفارة الأمريكية.
وضرب مثلًا على الربط بين انتخابات النقابة وتأثيرها على الرأي العام بقوله: «إنّه عندما نجح جلال عارف على منافسه صلاح منتصر فى الفوز بمنصب نقيب الصحفيين عام 2003، كل سفراء الاتحاد الأوروبي عملوا لقاءً معه؛ لأنهم كانوا يريدون معرفة المغزى والرسالة من نجاح مرشح من خارج الصندوق، ومن تيار الاستقلال النقابي بهذا المنصب».
يؤكد «قلاش» أنّ إغلاق نقابة الصحفيين مؤشرٌ على إغلاق المجال العام، لكن هذا الإغلاق الآن وصل إلى درجة الخطر.
برأيه، فإنه لابد أن يكون هناك نوع من احتواء الصحفيين، ومراعاة احتياجاتهم، يقول: «الصحفي يحتاج إلى التواجد في وسط البلد لمقابلة مصدرٍ مثلا، يحتاج إلى استضافة شخصٍ فى كافتيريا النقابة، كل دي احتياجات».
وبشأن ما حدث من «هندسة» لانتخابات مجلس الشيوخ للخروج بمجلسٍ موالٍ تمامًا للسلطة، وتكرار هذا المشهد فى انتخابات البرلمان التي تجريها الدولة حاليًا، والتخوف من امتداد هذه التحركات لانتخابات التجديد النصفى المقبلة فى انتخابات الصحفيين، يقول «قلاش» إنّه حدثت «بروفات» لهندسة مشهد الانتخابات في نقابة الصحفيين في سباقاتٍ مضت، ولكنه الآن أخشى أن يكون الوضع حاليًا أكثر إغراءً لمثل هذه التدخلات.
يفسر شكل هذه التدخلات بأن «تكون المسألة متحضرةً فى المعمل من خلال دعم أسماءٍ، ومحاولة فرملة أسماء أخرى لها شعبية»، مؤكدًا أن كل شيء واردٌ في الانتخابات.
ولمنع هذه التدخلات المحتملة في المشهد الانتخابي، يرى «قلاش» أنها مسئولية «نصف» مجلس النقابة الذي سيُدير تلك الانتخابات، وكذلك الجمعية العمومية للنقابة؛ لأنها هي السلطة العليا في إدارة الانتخابات، مستكملًا: «فى النهاية اللى هينزلوا الانتخابات على منصب النقيب، مش هينزلوا بالباراشوت، ولكن على الجمعية العمومية أن يكون لديها وعي كامل بهذه الانتخابات».
يكشف أكثر عن دور الجمعية العمومية، موضحًا أنها هي السلطة العليا في إدارة العملية الانتخابية، وطوال الانتخابات الماضية، كانت تجرى الانتخابات تحت رقابتها من أول فتح باب الترشح وحتى إعلان النتيجة، ومشاركة القضاة الهدف منها إضفاء مزيدٍ من الشفافية، ولكنهم مجرد هيئة إدارية مساعدة، ولكن الأساس هو مشاركة الجمعية العمومية التي ستدفع الثمن إذا حدث أي خلل.
ويوضح نقيب الصحفيين الأسبق خطورة غياب الدور النقابي بالكامل، وكذلك تغييب الأهداف التي ناضل من أجلها الصحفيون الآن، مشيرًا إلى أن هذه الأمور تُحدث «قطيعةً» بين الأجيال الصحفية، ولكن المفروض أن يحدث العكس عن طريق نقل الذاكرة النقابية من جيلٍ إلى جيلٍ.
وبسؤاله عن الأسماء المطروحة والمحتمل ترشحها لمنصب نقيب الصحفيين مثل ضياء رشوان وعبد المحسن سلامة ورفعت رشاد، أجاب «قلاش»: هى أسماء علاقتها بالانتخابات «منطقية»؛ بحكم وصول اثنين من هذه الأسماء بالفعل للمنصب، وترشح الثالث له.
برأيه، فإنّ خريطة المرشحين على منصب «النقيب» لن تقتصر على هذه الأسماء، مبررًا هذا الأمر بأن المناخ الحالي قد يكون محفزًا ومشجعًا لأشخاص آخرين للترشح من خارج الأسماء التقليدية أو المرجحة.
وتابع: «يأتي وقت عند جيلٍ معينٍ من الصحفيين يشعر أنه لا بد من قلب الترابيزة، من خلال التمرد على المشهد التقليدي الخاص بالمرشحين على منصب نقيب الصحفيين، وهذا يحدث عندما يشعر هذا الجيل أنه صاحب مصلحة، فيختار من يعبر عنه بحقٍ»، متسائلًا: «هل هذه اللحظة ستكون فى الانتخابات المقبلة.. لا نعرف، ولكن فى قوانين التغيير، هذا السيناريو وارد جدًا».
وأكدّ «قلاش» أنّ هناك شخصياتٍ صحفيةً كبيرةً تصلح لمنصب «النقيب»، ولكن السؤال: «هل حانت لحظة قلب الترابيزة حتى نقول للمرشحين التقليديين للمنصب: كفاية كده؟».
يُضيف: «كل القضايا الكبرى تحتاج إلى جهادٍ، شخص يأتي بعافيته، وهذا سيكون من خلال الجيل صاحب المصلحة، جيل الوسط والشباب الذى ثار وانتفض فى الجمعية العمومية فى 4 مايو ضد اقتحام النقابة».
يبدو «قلاش» مُتفائلًا جدًا بهذا الجيل، ويؤكد أنه سيأتي عليه وقت (أي الجيل) وهيطلّع نقيب صحفيين في لحظةٍ ما، لأن هذا الجيل لم يتلاشَ، ولكنّه موجود»، بل ويزداد تفاؤلًا بقوله: «الظروف السيئة التي تمر بها المهنة والنقابة حاليًا استثنائية وعارضة، هذه النقابة لها مستقبل، وهذا المهنة لها مستقبل أيضًا».
من النسخة الورقية لـ«النبأ»