معركة النقيب الجديد للصحفيين.. صراع على «مقعد» مملوء بالبارود
حتى وقتٍ قريبٍ، كان الحديث عن انتخابات نقابة الصحفيين المقبلة يدور فقط بين مجموعاتٍ قليلةٍ قد تكون مهتمةً بالعمل النقابي، لكن الآن تصاعد هذا الحديث وخرج من الخاص إلى العام، وفي مجموعات الزملاء على «السوشيال ميديا».
يأتي ذلك على الرغم من وجود «4» أشهرٍ تفصلنا عن الانتخابات التي ستجرى في شهر مارس 2021 لاختيار نقيب جديد و«6» أعضاء بالمجلس.
بدايةً، يُشكل الاهتمام المبكر، ونقاشات الزملاء الخاصة بانتخابات نقابة الصحفيين المقبلة أمرًا صحيًا، يمهد الطريق لماراثون انتخابي «ساخن»، سواء بين المتنافسين على منصب «النقيب»، أو مقاعد «فوق وتحت السن»، كما أنّ هذه النقاشات، لا سيما المتداولة على مجموعات الصحفيين بـ«السوشيال ميديا»، قد يجري بلورتها في صورة بنودٍ بالبرامج الانتخابية للمرشحين.
حتى الآن، الحديث الأكبر بين أبناء «صاحبة الجلالة» ينصب حول المرشحين المحتملين على منصب «النقيب»، في وقتٍ صارت كل السيناريوهات مفتوحةً بشأن الأسماء التي يمكن أن تخوض هذا السباق، ولدينا الآن «6» مرشحين محتملين للمنصب وهم: النقيب ضياء رشوان، عبد المحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «الأهرام»، رفعت رشاد، عضو مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم»، كارم محمود، سكرتير عام نقابة الصحفيين سابقًا، خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحفيين ومقرر لجنة الحريات سابقًا، محمد العسيري، رئيس التحرير التنفيذي لموقع وجريدة «الدستور»، فضلًا عن أسماء أخرى لصحفيين قريبين أيضًا من السلطة تراودهم فكرة الترشح للمنصب لكن ينتظرون «الضوء الأخضر».
وسط هذه النقاشات «الحادة» بشأن مشهد الانتخابات المقبلة في «4» شارع عبد الخالق ثروت، لا يُمكن إغفال رسم تصورٍ لوضع ضياء رشوان، فالرجل الذى وصل لمنصب «النقيب» مرتين أصبح في «عين العاصفة» منذ أن رفع شعار «لمّ الشمل» واحتواء الخلافات بين أعضاء مجلسه، ثم لم ينجح في تشكيل هيئة المكتب إلاّ بعد «90» يومًا من الانتخابات التي أُجريت في مارس 2019، في سابقةٍ لم تشهدها المجالس النقابية المتعاقبة، فضلًا عن مخالفته لقانون النقابة واللائحة الداخلية.
الآن، وقد أوشكت فترة «رشوان» على الانتهاء، يُمكن القول إن «رهان» السلطة عليه سيكون «خاسرًا» إذا دفعت به للترشح مجددًا على منصب «النقيب»؛ ومن المؤكد أنّ حالة الغضب التي تسود بين الصحفيين ضد «رشوان» ليست بعيدةً عن السلطة وتقاريرها، الأهم من ذلك أن هذا الغضب بين أبناء المهنة لا بدّ أن يخضع للتمحيص والدراسة.
وعلى الرغم من ذلك، فإنّ مصدرًا كشف لـ«النبأ» عن أنّ ضياء رشوان يعمل حتى الآن باعتباره مرشحًا في الانتخابات المقبلة؛ بل ويجرى ما اعتبره المصدر «كشف حسابٍ» عن طريق سؤال مقرري اللجان النقابية عن العناصر التي أُنجزت خلال فترته الماضية.
يتابع المصدر: «ليس من السهل أن يترك ضياء رشوان المنصب خاصة أنّه إذا لم يترشح، سيجرى الدفع بعبد المحسن سلامة الذي يعمل هو الآخر الآن، ويجرى جولات».
وسط هذه الخريطة المبدئية للمرشحين المحتملين لمنصب «النقيب»، لا يُمكن المقارنة بين مشهد الانتخابات في مارس 2019، والمشهد الذي يترقبه الصحفيون في مارس 2021؛ لا سيما على مقعد «النقيب»؛ ففي الانتخابات الماضية كان الأمر مجرد «استفتاء» على المنصب الذي ذهب إلى «رشوان» بسهولةٍ، فإلى جانب حصول رئيس العامة للاستعلامات من السلطة على مزايا عدة أبرزها زيادة «البدل» وقتها، فإنّ المنافسين على المنصب لم يستطيعوا صُنع معركةٍ حقيقيةٍ أمامه.
«رشوان» لم يكن وقتها - وحتى الآن - قادرًا على الحديث في ملفات حريات الصحفيين، أو سجناء الرأي، خاصةً أنه «مرشح السلطة» للمنصب، وهي الفرصة التي لم يقتنصها منافسوه وأبرزهم رفعت رشاد الذي كان متحفظًا ودبلوماسيًا في كثيرٍ من تصريحاته خلال حملته الانتخابية، وهي الأمور التي يجب عليه التخلي عنها هذه المرة.
بالنظر إلى عبد المحسن سلامة، أبرز المرشحين المحتملين حتى الآن لمنصب «النقيب»، فإنّ التجديد له في منصبه الحالي رئيسًا لمجلس إدارة مؤسسة «الأهرام» قد يكون أهم الأسباب التي تُرجح الدفع به للمنافسة على المنصب، خاصةً أنّ مؤسسته الأعرق تمتلك الكتلة التصويتية الأكبر في الجمعية العمومية لـ«نقابة الصحفيين».
الأمر الثاني، أنّ ترشيحه للمنصب قد يكون «ردّ اعتبار له» من السلطة بعد إزاحته عن «كرسي النقيب» في الانتخابات الماضية، وترشح «رشوان» رسميًا، في وقتٍ كان يستعد فيه «سلامة» للترشح مجددًا، بل صرح وقتها أنه يُعد برنامجه الانتخابي، ردًا على خبر نشرته بشأن انسحابه من «السباق».
الاهتمام الأكبر من العاملين في بلاط صاحبة الجلالة ينصب بالطبع على «مرشح السلطة» للمنصب؛ لأنه كما جرت العادة ستتوفر له العديد من «الكروت» التي تُرجح فرص فوزه في السباق؛ هنا أيضًا يصبح موقف الكاتب الصحفي ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أخبار اليوم» السابق، يصبح غامضًا، وسط حديث كشفه مصدر لـ«النبأ» أنه يدعم بالدفع بـ«ضياء رشوان» مرشحًا للمنصب.
أيًا كان «مرشح السلطة» لمنصب النقيب في الانتخابات المقبلة (رشوان أو سلامة) فإنّ المعركة لن تكون مثل انتخابات 2019؛ خاصة مع وجود مرشحين محتملين لن يكونوا ضيوف شرفٍ في هذه المعركة؛ فمنهم من اكتسب خبرةً في المنافسة على المنصب، مثل: رفعت رشاد الذى حصل على كتلةٍ جيدةٍ الانتخابات الماضية، ومنهم المحسوبين على تيار الاستقلال النقابي مثل «محمود» و«البلشي» على الرغم من أنّ الأخير لا يعترف بوجود هذا «التيار» الآن؛ لكن هذه الوجوده الانتخابية تُدرك تفاصيل اللعبة الانتخابية والحشد؛ بل لديها كتلة انتخابية مضمونة أصلًا.
وسط هذه الأجواء، فإنّ المؤكد أنّ الوسط النقابي مُقبلٌ على معركةٍ مهمةٍ، ويصير من الخطأ «شيطنة» أو الهجوم على أي مرشحٍ معارضٍ لمنصب «النقيب»؛ بحجة أنّ الخدمات النقابية ستتراجع إذا كُتب له الفوز؛ ففي النهاية نقابة الصحفيين إحدى مؤسسات الدولة، ومن عناصر قوتها الناعمة، والسلطة ستتعامل مع «النقيب» الذي ستختاره الجمعية العمومية، والسباقات الفائتة خيرٌ دليل على ذلك.
تبقى نقطة مهمة ينبغى الإشارة إليها، وهي أنّ «النقيب الجديد» للصحفيين سيكون عليه الاستعداد لـ«بركان» مشكلات سينفجر، أبرزها تلك المتعلقة بفصل الصحفيين، إغلاق الصحف، ملفات الصحف الجديدة، إعادة الاعتبار لأصول المهنة، حريات الصحفيين، وملف سجناء الرأي، وهي الأمور التي تجعل «كرسى النقيب» مقعدًا مملوءًا بـ«البارود».
وتجرى الانتخابات المقبلة في شهر مارس على مقعد «النقيب» الذي يشغله حاليًا ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، و«6» من أعضاء المجلس الذين اقتربت مدتهم من الانتهاء، وهم الزملاء: محمد خراجة، جمال عبد الرحيم، حسين الزناتي، محمد سعد عبد الحفيظ، أيمن عبد المجيد، عمرو بدر.
وبحسب قانون نقابة الصحفيين، تُجرى انتخابات التجديد النصفى كل عامين فى أول جمعة من شهر مارس، على أن ينعقد مجلس النقابة قبل الموعد المحدد للانتخابات؛ للإعلان عن فتح باب الترشح، وقبول أوراق المرشحين الجدد قبل موعد إجراء الانتخابات بـ«15» يومًا على الأقل.