بعد خط «السيسي» الأحمر.. السفير «حجازي» يكشف خيارات التعامل مع سد النهضة
كشف السفير دكتور محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن استراتيجية التحرك المصري في المرحلة الحالية إقليميًا ودوليًا بعد فشل جولات التفاوض مع الجانب الإثيوبي في تحقيق اختراق يهدف إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم يكفل حق إثيوبيا في التنمية وتوليد الكهرباء دون إضرار بدولتي المصب (مصر والسودان).
وقال السفير محمد حجازي في تصريحات له، إن مصر عملت على التواصل مع الشركاء الدوليين كما تم مع روسيا ممثله في زيارة سيرجي لافروف- وزير الخارجية الروسي- للقاهرة مؤخرًا، أو في لقاء عدد من المسؤولين الأمريكيين رفيعي المستوي الذين تجولوا بين عواصم البلدان الثلاث بغرض رأب الصدع، مضيفًا: «وجاءت زيارة المبعوث الامريكي الجديد للقرن الافريقي جيفري فيلتمان بخبراته الدولية المعروفة خلال عملة مديرا للإدارة السياسية بالأمم المتحدة وعملة الدبلوماسي كذلك بعدد من دول المنطقة، لتعكس تقديرا أمريكيا لخطورة المشهد الاقليمي وحتمًا استمع بوضوح لمحددات الموقف المصري وقراءتها للمشهد ودعوتها لواشنطن لتحمل مسؤولياتها كشريك استراتيجي للبلدان الثلاث».
وأضاف: «هذا واستمرت بالتوازي تحركاتنا الهامة مع الأطراف العربية كزيارة قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية العضو العربي الافريقي بمجلس الأمن، ومن خلال التواصل مع الأشقاء في الخليج ومن أهمها التواصل مع دول ذات تأثير على الداخل الإثيوبي بوصفهم شركاء لهم في التنمية كالإمارات والمملكة السعودية ومن ذلك جاءت الزيارة الهامة لولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، والتواصل كذلك مع الاشقاء الافارقة أعضاء قمة مكتب الاتحاد الافريقي التي شملتهم جولة وزير الخارجية الأفريقية الأخيرة، كينيا جزر القُمُر وجنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية الرئيس الحالي للاتحاد الافريقي والسنغال وتونس وبعدها للنيجر، علما بأن كينيا وتونس والنيجر هم الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي لعامين عن القارة الأفريقية، حاملاً رسائل من الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية إلى أشقائه رؤساء وقادة هذه الدول حول تطورات ملف سد النهضة والموقف المصري في هذا الشأن، واطلاعهم على حقيقة وضع المفاوضات وتأكيد أهمية جهودنا من اجل التوصل لاتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل السد على نحو يراعي مصالح الدول الثلاث، وتأكيد أهمية جهودنا من اجل التوصل لاتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل السد على نحو يراعي مصالح الدول الثلاث، وذلك قبل الشروع في عملية الملء الثاني واتخاذ أي خطوات أحادية.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن رسالة مصر واضحة في كل تلك الاتصالات بان استمرار الموقف الاثيوبي على جموده وتعنته هو من قبيل تهديد الأمن والسلم الاقليمي والدولي مما يستدعي تدخل الشركاء الدوليين والأشقاء العرب والأفارقة لمزيد من الضغط على الموقف الاثيوبي للامتثال لقواعد القانون الدولي، والتوصل للاتفاق القانوني المنشود الذي يكفل مصلحة الجميع.
وأشار السفير محمد حجازي: «من ناحية أخرى فقد عكست تصريحات المسؤولين الإثيوبيين المتكررة استمرار الصلف الإثيوبي وتعنت مواقفه التي تفصح عن نوايا خطرة أحادية تسعى لفرض هيمنة مائية تعلم أنها ستعرض المنطقة للخطر ولن تقبل بها مصر.
وتابع: «وسمحت تلك المواقف المتعنتة لمصر بمكاشفة الشركاء الدوليين والأشقاء العرب والأفارقة بحقيقة الأوضاع ومخاطرها تكثيفا للضغوط على الموقف الإثيوبي، الذي لايزال يماطل ويسعى لإقحام قضايا فرعية خارج نطاق المفاوضات الراهنة، بالمخالفة لإعلان مبادئ الخرطوم مارس 2015 الذي حدد هدف المفاوضات في الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل قبل البدء في عملية الملء، علاوة على مخالفة هذا الموقف الإثيوبي للقوانين والأعراف الدولية المنظمة لإدارة الموارد المائية بين الدول المتشاطئة على الأنهار الدولية كحالة نهر النيل .
واستنكر السفير محمد حجازي حديث المسؤولين الإثيوبيين المتكرر عن تقاسم حصص المياه، وحديثهم عن المشروعات المستقبلية وعن حق الأجيال القادمة، وعن أهمية مشاركة باقي دول الحوض، معتبرا أنها كلها مناورات من قبيل كسب الوقت لفرض أمر واقع عند حلول موعد الفيضان القادم وبدء الملء الثاني بإرادة منفردة، ومن جملة المماطلات أيضا ومحاولات الوقيعة بين القاهرة والخرطوم يأتي حديث اثيوبيا المتكرر عن تبادل المعلومات دون توثيقها في اتفاق قانوني الذي يعد كذلك من قبيل الاستهانة بأهمية النهر لدولتي المصب مصر والسودان، أو ارتباطًا بحجم وتأثير مشروع كسد النهضة.
وأوضح مساعد وزير الخارجية التحركات المصرية الإقليمية والدولية استهدفت ممارسة أكبر ضغط ممكن على الموقف الاثيوبي، وشرح الموقف المصري ومدى تعنت اثيوبيا ما أسهم في الاضرار بمسار التفاوض، وبات موقفها مهددا لأمن واستقرار المنطقة، إضافة لتحميل المجتمع الدولي، ومؤسساته المعنية بحفظ السلم والأمن الدوليين وعلى رأسها مجلس الأمن مسؤولياتهم إزاء هذا الموقف المهدد لاستقرار وأمن في منطقة استراتيجية مهمة في شرق القارة الإفريقية وعلى مقربة من خطوط النفط والتجارة الدوليين بالبحر الأحمر، مما سيجعل نطاق الاضرار أوسع بكثير مما قد يتصوره البعض، والمقصود من ربط المشهد الحالي بمخاطرة الأمنية والاقتصادية وتحدياته الإقليمية والدولية التأكيد على ان مصر ليست مسؤولة وحدها عن تحقيق الامن والاستقرار الاقليمي ونزع فتيل الازمة وابعاد اثيوبيا عن مخاطر موقفها غير المحسوب والذي ينذر بمخاطر ستطالها وستطال الجميع، وعموما مصر ستبقي على تحركاتها الدبلوماسية مادامت الفرصة رغم ضيقها لازالت سانحة.
وتابع السفير حجازي: «وأخفقت جولة المفاوضات التي رعاها الرئيس الكونغولي فيلكس تشيسكيدي مطلع أبريل الماضي لتضاف لاخفاقات امتدت على مدار عام للوساطة الافريقية تحت رعاية رئيس جنوب افريقيا سيريال رامفوزا، وبعد مائتي يوم من المماطلة الاثيوبية لتستكمل حلقة من التفاوض الصعب والاخفاقات المتكررة بسبب التعنت الاثيوبي ما قدم دليلا إضافيا على عدم جدوى المسار الافريقي واستغلال اثيوبيا له في التسويف والمماطلة»، لافتا إلى أنه برغم عدالة مطلب مصر والسودان ومنطق وأهمية المساعى والمطالب الهادفة للتوصل لاتفاق قانوني ملزم للأطراف يحفظ حق أثيوبيا في التنمية وحق مصر في الحياة، يضمن الملىء والتشغيل بما يتوافق مع تشغيل سدود السودان ثم مصر ويحفظ حقوق الجميع، بقى الموقف الاثيوبى جامداً على حاله صلفاً ومتعنتاً.
وشدد: «ولم يعد أمام مصر خيارات كثيرة لكن اهم ما يجب فعله حالياً اعادة الملف إلى مجلس الامن بوصفه الآلية المعنية بحفظ السلم والأمن الدوليين، مع التأكيد على انه في اطار الالتزام بتوصية المجلس، وفى ظل احترامنا للاطار الأفريقي، فقد قبلنا المظلة الافريقية ودخلنا المفاوضات بحسن نية، إلا ان شريك التفاوض الإثيوبي لم يدخلها بنفس القدر من حسن النوايا، ويبدو انه ترأى له ان بناء السد قد استكمال دون تشاور، ولما لا يتم الملء والتشغيل دون تشاور كذلك، متابعا» وهنا تقف مصر لتؤكد ان الخطر الوجودي الذي يشكله السد ومحاولة اثيوبيا تجاهل مصالح دول المصب، وفقدانها لأي اعتبارات تتصل بمصالح الاخرين تضع مصر امام خيارات محدودة للغاية في التعامل مع الموقف. وتظل لذلك العودة اذا لمجلس الامن خيار منطقي، فضغوط المجتمع الدولي هامة، ودعوة الاطراف التي شاركت كمراقبين وعلى راسها الولايات المتحدة، والاتحاد الأوربي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، يجب أن تعلق وتبدى الرأي حيث يمثل كشف الموقف الأثيوبي وتعنته أحد أهم أدوات الضغط المتاحة والتي ستمهد كذلك لأي تحركات مصرية قادمة.
ونوه مساعد وزير الخارجية الأسبق أنه بات واضحاً أن الأثيوبيين في تعصبهم القومي ونزعتهم الوطنية المتعصبة، وضغوط الداخل السياسية وصراع وحروب القوميات، فى عزلة لا تتيح لها رؤية مصالح الآخرين، وتعهدات والتزامات وقواعد القانون الدولي، وانعدم لديها التقدير بمخاطر هذا المسار، والذي يجب ان يصلها ما يوقفها من المجتمع الدولي ممثلا الشركاء الدوليين وعلى رأسهم الولايات المتحدة وكذلك وفي الوقت المناسب في مجلس الامن بوصفة الآلية المعنية بحفظ السلم والامن الدوليين، وقال: «ومن المهم ان تبلغ مصر وتكرر للمجتمع الدولي وشركاء المنطقة من الان في رسالة واضحة وحاسمة ان النفع سيعم الجميع وسيكون النفع متبادلا وكذلك الاضرار ستعم الجميع وسيكون الضرر كذلك متبادلا في هذه المنطقة المرتبطة بمصالح استراتيجية تهم الجميع، وخطرها قد يهدد مسارات التجارة وامدادات النفط وحركة الاساطيل وامن المضايق، وبما يفتح نطاقا لجماعات الإرهاب والتطرف وتجار السلاح مع تزايد مخاطر النزوح والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر».
وأوضح: «ولعل تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي الحاسمة حول الخطوط الحمراء فيما يتعلق بالامن المائي تجعل كل الخيارات مفتوحة، وسبق ان ذكر وزير الخارجية سامح شكرى انه عندما يتهدد خطر وجودى حياة مائة مليون شخص فإن الخيارات تبقى محدودة للغاية، وذكر الرئيس عبدالفتاح السيسى في تدوينه له في اكتوبر الماضى وكذلك في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة انه إذا ما تعرض الامن القومىللبلاد للخطر، فمن حق مصر اللجوء لاستخدام كل الوسائل التىتتيحها له القانون الدولى للحفاظ على هذا الامن. تشير المادة 51 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة انة اذا تعرضت مصالح الامن القومي لدولة للخطر ولحين اتخاذ مجلس الامن لقراره يكون لها الحق في الدفاع عن مصالحها باستخدام ما تراه من وسائل استمرار تحركاتنا الإقليمية والدولية.
وأكد السفير محمد حجازي أن قرار العودة مباشرة إلى مجلس الأمن هو أمر ضروري الان بعد الرسالة الهامة التي تم توجيهها ابريل الماضي للمجلس وكذلك من الجانب السوداني، ولكن هناك خطوة منطقية سابقة على هذا الاجراء وهي استكمال جهودنا الحالية للتواصل مع الشركاء العرب والافارقة والاوروبيين، واستكمال التحرك باتجاه عدة عواصم تأتى في مقدمتها واشنطن وموسكو وبكين وبروكسل وباريس ولندن وروما لعرض الصورة وتسهيل عقد جلسة مجلس الامن في التوقيت المناسب، ويمكن نقل نفس الرسالة لسكرتير عام الامم المتحدة بذلك تكون مصر قد قدمت صورة وقراءة واضحة للمشهد واوضحت ما قدمته من تنازلات بحثا عن فرص للاتفاق رفضها الطرف الآخر متكبراً ومتعنتاً وبتهاون مع مسؤولية حفظ الامن والاستقرار الإقليمي، الأمر الذي يجب أن تدفعه الاطراف الدولية له.
وقال «من بين المقترحات كذلك دعوة إدارة الرئيس الأمريكي جوبايدن أو من خلال المبعوث المعين، للقرن الافريقي جيفري فلتمان لدعوة وفود تفاوض الدول الثلاث لجولة مفاوضات مغلقة لعدة ايام استنادا لمسودة اتفاق واشنطن ووقعت عليه مصر بالأحرف الاولي أو بالاستكمالات الاضافية التي نشأت عن اللقاءات المتتالية خلال وساطة الاتحاد الأفريقي. ويلي ذلك دعوة قادة الدول الثلاث لنمط تفاوض مغلق على غرار مفاوضات كامب ديفيد فنمط التفاوض في معسكر مغلق على مستوى القمة تحت رعاية امريكية تقود الاطراف للتوصل للاتفاقية المنشودة، وليتم الاحتفال بتوقيعها بشكل ملائم، واظن ان المقترح قد يلقى رضى أمريكي لرعايتها ونجاحها النسبي في السابق في صياغة مسودة الاتفاق الذي كاد ان يكون نهائياً لولا التعنت الإثيوبي، كما ان هذا المشهد سيحقق للرئيس بايدن نجاحاً في مستهل عمل أدارته.
واكد السفير محمد حجازي انه لم يعد هناك بد من التسليم بحقيقة ان الموقف الاثيوبي غير راغب في التوصل إلى اتفاق ملزم، وهو عند نفس موقفه الذي تبناه منذ سنين.. موقفا غامضا وبلا سقف محدد فهو لا يفصح عن اهدافه ومطامعه ولذا تكون عملية التفاوض معه صعبة بل مستحيلة فليس هناك سقف محدد يقدمه على مائدة المفاوضات بما يسمح للاطرافالاخرى التوصل معه إلى اتفاق. تلك هي معضلة الموقف التفاوضى الاثيوبى الذي لا يدخل التفاوض راغباً في التوصل إلى اتفاق، فهو تفاوض المضطر ولكنه ينسحب عندما تتم محاصرته كما حدث فىواشنطن أو مع الاتحاد الأفريقي أو في غيرها من المناسبات.
واضاف: «هو ايضاً وبلا أي تجنى على موقفه خضع لضغوط الداخل وبالغ في استخدام قضية السد لكسب الرأي العام وبات صعباً عليه فيما يبدو اقناع هذا الرأي العام الذي تم شحنه على هذا النحو السلبى بالتوصل إلى اتفاق مع مصر وفى ظل دعاية مفرطة في المبالغة واخفاء حقائق التاريخ والجغرافيا ومبادئ القانون الدولي وبشكل متعمد، كما لا يخفى ولا يجب انكار حقيقة خضوع موقفه لابتزازات وضغوط إقليمية في مراحل مختلفة من تركيا وقطر وغيرهما من ناحية، أو ربما من دول أخرى كبعض أجهزة الادارات الأمريكية للضغط على مصر، وعموما فان الاستخدام السياسي لمياه النيل أمر موثق تاريخياً ولسنا في حالة لإنكار حقائقه ووقائعه التاريخية.
وأكد السفير محمد حجازي انه على مصر لحساسية المشهد الحفاظ من خلال مواقفها على الانضباط والوعى الاستراتيجي الذي ميزها دائما، والتماسك الداخلي والحركة الاقليمية والدولية المتزنة والاعلام الواعى، كلها ادوات فاعلة ستسهم في صياغة المخارج المتعلقة بملف هو الاهم على مائدة بحث مزدحمة وتحديات جسيمة كثر تهدد أمن مصر القومى في معظم الاتجاهات الاستراتيجية، وفى توقيت زمنى مضطرب وبيئة غير مألوفة بسبب جائحة كورونا حجمت من قدرات التواصل والحركة والضغط الدولي المنشود، مع انكفاء الاطراف الاكثر تأثيرا على داخلها، وهو ما خلف مناخ ربما رأته اثيوبيا مواتيلتمرير ما تصبو اليه دون مساءلة، وهو ما يستوجب علينا ايصال رسالة مغايرة بان لكل تصرف كلفته، وان الاساس هو تبادل المنافع اذا رغبت أو تبادل الاضرار بنفس القدر ويكون كلا الخيارين تبع اختيارها ورغم اننا فضلنا الخيار الاول على الدوام، فنحن مستعدون لبقاء الخيارات مالم تجنح اثيوبيا للتوافق والسلام وفرضت خيار المواجهة على الجميع.
وقال «وأري ان استكمال التحركات الخارجية الهامة لمصر تقتضي ان يشمل تحركها توجيه رسالة هامة للأشقاء والقيادة الاثيوبية، يحملها مبعوث رئاسي خاص موفد من قبل رئيس الجمهورية يسلم رسالة الرئيس، ويتحدث كذلك مع عدد من الاطياف السياسية والبرلمانية والأجهزة الأمنية والمسئولين في اثيوبيا ليوضح ان ما بذل عبر سنوات التفاوض العشر لا يجب اهداره، وان اثيوبيا لا حاجة لها ابدا للإضرار بمصر وهي قادرة على تحقيق أهدافها التنموية وتوليد ما تحتاجه من كهرباء، وانه لا مجال للحديث عن مخاوف تجاه مشروعاتها المستقبلية حيث تري في أي اتفاق قانوني قيدا على مشاريعها المستقبلية، وهي تتناسي أن سد بحجم سد النهضة يحتاج لسنوات لاستيعاب آثاره بين الدول الثلاث قبل التفكير في أي مشروع آخر، علاوة على أن ما تقترحه مصر في اطار مستقبلي للتعاون والتنمية في حوض النيل الأزرق والأبيض سيقود حتما لإدارة وتنفيذ سلسلة من مشروعات استقطاب الفواقد قد تجعل من الممكن تدارس أي مشروعات مستقبلية في مناخ اكثر هدوءا وارتياحا في ظل مناخ الثقة الذي ينشأ من خلال التعاون.
وتابع: «والمؤكد أن التعاون ممكن أن يقود لربط كهربائي إقليمي شامل بين الدول الثلاث من مصر تصدر إثيوبيا كهرباء إلى أوروبا أو لدول الخليج والمشرق والمغرب العربي عبر مصر وشبكتها الكهربائية.ناهيك عن تلبية احتياجات السوق المصرية الضخمة من الكهرباء، بالإضافة للربط بالطرق البرية وبالسكك الحديدية التي ستتيح للصادرات الاثيوبية النفاذ إلى مواني البحر المتوسط ومنها إلى أوروبا، وهي دول حبيسه جغرافيا، علاوة على قدرة السوق المصرية لاستيعاب كل المنتجات الاثيوبية من لحوم ومنتجات غذائية وصناعية والمساعدة في تصديرها عبر المنطقة الاقتصادية بقناة السويس ،و الدفع باستثمارات مضاعفه تفوق حجمها الحالي والذي يفوق 2 مليار دولار.
وأكد ان آفاق التعاون القائمة والمتوقعة ممكن ان تتيح لدول المنطقة من الامن والاستقرار والتنمية الاقتصادية وتبادل المنافع بين بلدان حوض النيل كافة ودول حوض النيل الشرقي (مصر والسودان واثيوبيا ) خاصة، وبهذا تسدي البلدان الثلاث للدول المتشاطئة على الأنهار الدولية معروفا مقدرا، بعد ان تكون قد أرست بتعاونها نموذجا ومثالا يحتذى به، وقدمت للأسرة الدولية اتفاقا لكيفية الإدارة المشتركة للمورد المائي، والذي سينشأ حوله منظومة للتعاون المتكامل، والربط البري والربط الكهربائي وبالسكك الحديدية للبلدان الثلاث تكون المياه فيه أحد جوانب التعاون وليست مجال التعاون الوحيد في مشروع إقليمي عملاق اسميه «ممر تنمية حوض النيل الشرقي» يجمع مصر والسودان واثيوبيا .
واعتبر السفير محمد حجازي ان البديل لو أدارت اثيوبيا ظهرها لمنطق حسن الجوار، والإدارة المشتركة للمورد المائي الدولي، وعدم النظر للنهر بوصفه شريان الحياة الوحيد بالنسبة لمصر والسودان، سيكون لذلك مردودا خطيراعلى أمن بلدان المنطقة واستقرارها، وعليه فقد لزم التنبيه إليه وهو ما سيتم نقله لأثيوبيا بوصف أن الرسالة التي سيحملها المبعوث الرئاسي المصري ستكون الأخيرة قبل ان تغلق اثيوبيا كل الأبواب، وتتخذ إجراء احاديا بالملء الثاني، مما سيشكل عملا عدائيا ضد مصر والسودان قد يستدعي اتخاذ الدولتين من الإجراءات ما يكفل لهما الدفاع عن مصالح أمنهما القومي لحين اتخاذ مجلس الامن ما يراه من تدابير لمواجهة حالة مهددة لأمن واستقرار المنطقة، وذلك عملا بمنطوق المادة 51 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وقال: «أرى أن يد مصر لا تزال ممدودة بالخير والسلام هي دوما كذلك، ولكن حقها في الحياة وشعبها لا يمكن المقايضة عليه أو المساس به وبما قد يستدعي التصدي له بالوسائل الازمة، ومع ان كل الخيارات ستبقي مفتوحة فسيظل كما ذكر الرئيس عبدالفتاح السيسي التعاون افضل .
واضاف: «من أجل تاريخ العلاقات بين دولتين افريقيتين أصحاب حضارتين هما الاقدم، ومن أجل سلامة وأمن المنطقة ومن أجل الحفاظ على النيل كهبة إلهية لشعوبه، وفي إطار المسؤولية الإقليمية عن أمن واستقرار المنطقة وورفاهة شعوبها، يستحق الموقف بالفعل عناء حمل المبعوث الرئاسي الرسالة الأخيرة للقيادة الاثيوبية.