رئيس التحرير
خالد مهران

حقيقة لجوء مصر إلى تعويم ثانى للجنيه

الحنيه
الحنيه


انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية، أنباء حول لجوء مصر إلى تعويم جديد للجنيه؛ نتيجة لتوقعات بارتفاع الدولار في البنوك مع زيادة أزمة كورونا واستعادة الدولار قوة أمام العملات الأخرى.


وكانت بداية الأمر عندما نشر الخبير الاقتصادي الأمريكي، روبن بروكس، عن أزمة تواجه الجنيه المصري مع استعادة الدولار قوته، ما يؤثر بشكل مباشر على استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية كمصدر هام لدعم الاحتياطي النقدي وتمويل عجز الموازنة.


وامتد الحديث عن أن تعويما محتملا جديدا للعملة المحلية، قد يرفع أسعارها ما بين 10 و40%.


ويشهد سعر صرف الدولار منذ 3 سنوات حتى الآن استقرارًا ملحوظًا مسجلا في السوق المحلية 15.58 جنيه للشراء و15.68جنيه للبيع.


ويعرف «التعويم» بالسعر العائم أو المحرر لصرف العملة، وهو إحدى الأدوات التي تلجأ إليها إدارة السياسة النقدية بالبنوك المركزية حول العالم لدعم الأنشطة الاقتصادية.


ويستهدف «التعويم» ترك البنك المركزي سعر صرف عملة ما، ومعادلتها مع عملات أخرى، يتحدد وفقًا لقوى العرض والطلب في السوق النقدية.


وتختلف سياسات الحكومات حيال تعويم عملاتها، تبعًا لمستوى تحرر اقتصادها الوطني، أو قوة تجارتها الدولية، وكفاءة الإنتاج المحلي.


ويتضمن التعويم نوعين، الأول «التعويم الحر» يشمل ترك البنك المركزي سعر صرف العملة يتغير ويتحدد بحرية مع الزمن، بحسب قوى السوق والعرض والطلب.


ويقتصر تدخل البنوك المركزية في هذه الحالة على التأثير في سرعة تغير سعر الصرف، وليس الحد من ذلك التغير.


ويعد التعويم الحر، المفضل للدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة في التعاطي مع عملاتها، بفضل قوة ميزانها التجاري والدعم الذي تقدمه الاقتصادات للعملات، وتستهدف خفض الواردات أو زيادة الصادرات السلعية.


أما النوع الثاني «التعويم المدار» أو «الموجه» ويعني ترك سعر الصرف يتحدد وفقًا للعرض والطلب، مع تدخل البنك المركزي كلما دعت الحاجة إلى تعديل هذا السعر مقابل بقية العملات.


يعتمد النوع الثاني، على تحديد استجابة مجموعة من المؤشرات مثل مقدار الفجوة بين العرض والطلب في سوق الصرف، ومستويات أسعار الصرف الفورية والآجلة، والتطورات في أسواق سعر الصرف الموازنة «السوق السوداء».


وكان البنك المركزى المصري فى نوقمبر 2016، قرر تحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية ليتم التسعير وفقا لآليات العرض والطلب بهدف القضاء على السوق السوداء التي انتعشت في البلاد وقتها قبل عدة أشهر من «التعويم» نتيجة الضغوط على الدولار.


وفي هذا السياق، قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن سعر الصرف الجنيه أمام الدولار ثابت في حدود معينة، مشيرًا إلى أن هناك اتفاقا بين مصر وصندوق النقد الدولي لوضع حدود عليا ودنيا لسعر الدولار في البنوك.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن البنك المركزي المصري لا يستطيع بمفرده التحكم في العلاقة بين الدولار والجنيه المصري، لذلك يجب أن تكون هناك رقابة من الصندوق وتدخلا لضبطها، قائلًا: «محافظ البنك المركزي، هو الحارس الأمين على السياسة النقدية المصرية».


واستبعد «فهمي»، حدوث تعويم جديد للجنيه في مصر، لعددة أسباب أبروهم استمرار ارتفاع الاحتياطي النقدي الأحنبي ليصل إلى 50 مليار دولار، واستقرار معدلات التضخم وأسعار الفائدة، وزيادة في الإنتاج والاستثمار والصادرات.


وأشار أستاذ الاقتصاد، إلى أن اختلاف سعر الدولار في البنوك بقرش أو قرشين، يدل على اتباع مصر سياسة نقدية حرة بلا قيود، مستبعدًا حدوث أزمة في الدولار في مصر خلال الأيام المقبلة.


ومن ناحيته، قال الدكتور وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن مصطلح التعويم في حد ذاته غير دقيق ولكن المقصود به تحرير سعر الصرف، لافتًا إلى أن الجنيه منذ تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016 متروك لآلية العرض والطلب.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن هناك سياسات نقدية تستخدمها البنوك المركزية في جميع دول العالم للحفاظ على استقرار صرف العملات الوطنية، متابعًا: «ما يقوم به البنك المركزي المصري منذ نوفمبر 2016 حتى الآن لا يخرج عن استخدم السياسات النقدية في الحفاظ على سعر الصرف وفقًا للمعايير العالمية».


وأشار «جاب الله»، إلى أن السياسة النقدية في مصر تراجع بصفة مستمرة من قبل مؤسسات اقتصادية دولية، موضحًا أن مصر منذ بداية أزمة كورونا حتى الآن نجحت في استقرار سعر الصرف وأيَضًا استقرار التصنيف الائتماني.


وأوضح عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن مؤسسات فيتس واستاندر أند بورز، وموديز قاموا بتثبيت التصنيف الائتماني لمصر مما يعكس ثقتها في العملة الوطنية المصرية وعدم تراجع قيمتها، بالتالي نجحنا في امتصاص أزمة كورونا.


وتابع: «بالتالي غير متصور حدوث تراجع متأثر في سعر الصرف خلال الفترة القادمة، وكل ما سيحدث سيكون عبارة عن تراجع أو زيادة طفيفة وفقًا لآليات العرض والطلب، وليس من المتوقع حدوث تحرير جديد لسعر الصرف في مصر».