رئيس التحرير
خالد مهران

دراسة بـ«جامعة عين شمس» تكشف بالأرقام إحصائيات خطيرة عن «تعاطي المخدرات»

دراسة للدكتور على
دراسة للدكتور على عبد الراضي

أول دراسة تتناول العلاج بالعمل مع متعاطي المخدرات من الناحية العلاجية والتأهيل النفسي والاجتماعي

(450) ألف شخص توفوا بسبب تعاطي المخدرات حول العالم خلال عام ومنهم 167 ألف شخص نتيجة الجرعة الزائدة

كشفت دراسة بجامعة عين شمس للدكتور على عبد الراضي استشاري العلاج والتأهيل النفسي وعلاج الإدمان ومدرس العلوم الإنسانية، عن النتائج التنبئية من خلال الإحصائيات، أنه مع استمرار الوضع من قبل المجتمع وأفراد المجتمع، وزيادة الطلب على المخدرات بحلول عام (2030م) احتمال (1 من 5 أفراد) لم يتعاطَ مخدرات، (4 من 5 متعاطي للمخدرات).

وتتمثل الأهمية العلمية لهذه الدراسة كونها من أوائل الدراسات على حد علم الباحث التي تتناول العلاج بالعمل مع متعاطي المخدرات من الناحية العلاجية والتأهيل النفسي والاجتماعي والنظرة التكاملية في برامج التأهيل للمتعاطي، وضرورة الاهتمام بالتوصل إلى برنامج إعادة تأهيل متعاطي المخدرات كمرحلة أساسية ومهمة لمنع الانتكاسة أو العودة إلى تعاطي المواد المخدرة.

«ربع مليار» شخص يتعاطون المخدرات في العالم
وتُعد المخدرات ومخاطرها ومشكلاتها العديدة التي أصبحت تكلف الدول خسارة في الثروة البشرية والاقتصادية والمكافحة والعلاج والجريمة التي تنتج عنها حيث بلغ عدد الوفيات بسبب تعاطي المخدرات حول العالم (450) ألف شخص في عام 2018، منهم حوالي 167 ألف شخص توفوا بسبب الجرعة الزائدة، أما الباقي فتُعزى إلى الوفيات المتصلة بمرض نقص المناعة الذي يسبب فيروس HIV، والتهاب الكبد الوبائي من النوع «سي» المنتقلين عن طريق تعاطي المخدرات بالحقن، ولا تزال المؤثرات الأفيونين (الهيروين المورفين ولفنتانيل، وأوكسيكودون والترامادول)هي المسئولة عن حوالي 76% من حالات الوفاة، وذلك قبل انتشار وتفشي فيروس كورونا المستجد.


ويشير تقرير المخدرات العالمي حسب ما نشرته وزارة الداخلية بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات خلال الأيام الماضية عن أخر الإحصائيات التي تؤكد أن 269 مليون شخص يتعاطون المخدرات حول العالم، أي ما يعادل أكثر من حوالي «ربع مليار» شخص من سكان الكرة الأرضية تقريبا يتعاطون أنواعا من المخدرات، وأن 35.6 مليون شخص يعانون من تأثير الإدمان عالميًا، وكذلك يتوفى سنويًا أكثر من 500 ألف شخص بسبب المخدرات على مستوى العالم، و أن أكثر من 900 نوع من المخدرات تحتوي على مواد كيماوية مدمرة لخلايا الجسم، أما الوفيات بسبب مخدر الأفيون ومشتقاته فهي أكثر من 71% خلال السنوات العشر الأخيرة على مستوى العالم، لذا فإن مشكلة المخدرات تعد من مشكلات العالم المعاصر الأكثر خطرًا.

أخطر المشاكل في مصر
وتعاني مصر مثلما تعاني معظم دول العالم من تنامي وتعاظم مشكلة المخدرات والكحوليات وتعد مشكلة الاعتماد على المخدرات من أخطر المشاكل التي تواجه المجتمع، حيث تؤثر على الشباب في مرحلة حرجة من حياتهم كما تؤثر على البالغين بشكل يؤدي إلى خفض الإنتاجية وغياب الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي إضافة إلى ازدياد الجريمة والانحلال الجسدي والاخلاقي في شريحة كبيرة من شرائح المجتمع.

وتستخدم الدراسة المنهج التجريبي لتحقيق تغيير متعمد، وملاحظة التغيرات الناتجة عن برنامج العلاج بالعمل لمتعاطي المخدرات، وهو إشغال وقت المتعاطي بالعمل، وجعله شغوفا بهذا العمل وقياس تأثيره على التأهيل النفسي والاجتماعي، ودافعية الإنجاز والإرادة ومستوى الصحة النفسية، والمحافظة على التعافي والبعد عن الانتكاسة؛ خاصة بعد انتشار وزيادة نسب تعاطي المخدرات في العالم حسب تقرير منظم الصحة العلمية عام (2017 م) حوالي ربع مليار متعاطي حول العالم.

نظرية العلاج
كما اعتمدت الدراسة على عدد من نظريات العلاج والتأهيل النفسي والاجتماعي والعلاج بالعمل الذي يقوم، هدفت الدراسة إلى تقديم برنامج قائم على العلاج بالعمل، وقد استخدمت الدراسة المنهج التجريبى باستخدام مجموعتين: إحداهما تجريبية والأخرى ضابطة، واعتمدت الدراسة في الجانب الفكري النظري على برنامج العلاج بالعمل.

عينة
وكانت عينة الدراسة عددها (40) متعاطيا من المرضى المقيمين والمترددين على مستشفيات الصحة النفسية، وتم تقسيمهم على مجموعتين قوام كلا منهما (20) مريضا، وقد اهتمت الدراسة في تطبيقها للبرنامج المكون من (24) جلسة جماعية و(84) جلسة فردية على تدريب المتعاطي على أنشطة مختلفة من واقع البيئية الخارجية؛ لتساعده على تجاوز النواحي السلبية، والمساعدة على اكتشاف الجوانب الإيجابية في شخصيتهم وحياتهم، والتركيز على ما هو إيجابى.

النتائج
وتشير النتائج التنبئية للدراسة أنه من خلال الإحصائيات، ومع استمرار الوضع من قبل المجتمع وأفراد المجتمع، وزيادة الطلب على المخدرات فإن بحلول عام (2030م) احتمال (1 من 5 أفراد) لم يتعاطى مخدرات (4 من 5 متعاطي للمخدرات).

توصية
وتوصي الدراسة بتطبيق العلاج بالعمل كمدخل للتأهيل النفسي والاجتماعية، والوقاية من تعاطي المخدرات باستخدام الأنشطة والمهارات العملية، وجعل العمل والسعي الإيجابي معنى وجودى وأسلوب حياة وتعديل الأفكار المؤدية للتعاطي بأفكار وأنشطة مقاومة.

وتوصلت نتائج الدراسة إلى فعالية البرنامج الذي تم تطبيقه، وثبوت صحة فروضها ، وجاءت الدراسة في ست فصول: أولها الإطار العام للدراسة ثم الإطار النظري للدراسة، والفصل الثالث عن تقنيات العلاج بالعمل، والفصل الرابع دراسات السابقة، والفصل الخامس المنهج والعينة والأدوات ثم الفصل السادس مناقشة نتائج الدراسة وتوصياتها.

الآفة الخطيرة القاتلة
وتوضح أن المخدرات هي الآفة الخطيرة القاتلة التي بدأت تنتشر في الأونة الأخيرة في كافة المجتمعات بشكل لم يسبق له مثيل، حتى أصبحت خطرًا يهدد هذه المجتمعات وتنذر بالانهيار، وثبت من خلال الأبحاث والدراسات العلمية أن هذه السموم القاتلة تشل إرادة الإنسان وتذهب بعقله وتحيله بها لأفتك الأمراض وتدفعه في أخف الحالات لارتكاب الموبقات وازداد حجم التعاطي حتى أصبح تعاطي المخدرات وترويجها مصيبة كبرى ابتليت بها مجتمعاتنا العربية في الأونة الأخيرة وإن لم نتداركها ونقضي عليها ستكون بالتأكيد العامل المباشر والسريع لتدمير كياننا لأنه لا أمل ولا رجاء في ولا مستقبل لشباب يتعاطى هذه المخدرات والخوف كل الخوف من مجتمع تروج فيه المخدرات.

الأضرار
وتشير إلى أنه بزيادة إقبال الشباب على تعاطي المواد المخدرة لم يعد الأمر مقتصرا على مجرد حالات فردية يمكن التعامل معها من خلال المنظور الفردي سواء بالعلاج الطبي أو الجنائي، بل تحول الأمر إلى ظاهرة اجتماعية بل مأساة اجتماعية خطيرة وهنا لابد أن ننظر إليها من مستوى اجتماعي وقومي كما أن الضرر الواقع على الصحة النفسية والجسمية والاجتماعية للمدمن جعل ن إدمان العقاقير خطرًا عاما على نطاق العلم كله، وعلى نطاق حياة المدمن الشخصية من جميع جوانبها، فالإدمان يؤثر بالسلب على علاقته بنفسه ومفهومه عن ذاته من حيث تحديد أهدافه واهتماماته ورسم الخطط المستقبلية والتطلع إلى المستقبل، كما يمس الصلة بالبيئة التي يعيش فيها من خلال علاقته بأفراد أسرته، وعلاقته بالمجتمع الذي يحيا فيه ونظرا لما يحدثه تعاطي المخدرات من تغيرات فسيولوجية على جسد المتعاطي تتمثل في الاعتماد العضوي الذي ينتج عنه تكيف وتعود الجسم على المخدر وما يتبع ذلك من ظهور لاضطرابات نفسية وعضوية شديدة على المدمن خاصة عندما يمتنع عن تناول المخدر بصورة مفاجأة.

التخلص من الإدمان
تؤكد الدراسة أن الشخص المدمن لا يستطيع أن يتخلص من الإدمان بسهولة وخاصة من يتعاطى الأفيون أو مشتقاته كالمورفين والهيروين بسبب أن المخدر يدخل في العمليات الكيميائية التي يقوم بها الجسم ويصبح الجسم في حالة مستمرة على زيادة الجرعة للحصول على نفس الآثر المطلوب، وإن ما يطرأ على المدمن المتعافي من خلال تفكيره هو الاستمتاع بآثار المخدر الأمر الذي يجعله يستمر في التعاطي وخاصة عندما تعلم بعض الخبرات والتجارب، عن ما يحققه المخدر من لذة حتى لو كان يحمل تجارب مؤلمة، فهو يتجه في الغالب إلى المشاعر والأحاسيس التي تحمل اللذة ، ويبتعد عن تلك المشاعر المؤلمة.

تصنيف المخدرات
وهناك أكثر من تصنيف للمخدرات أشهرها تصنيف منظمة الصحة العالمية أكثر الأدوية غالبا ما ترتبط مع هذه المصطلح ما يلي: (الكحول، الباربتيورات، البنزوديازيبينات، القنب، الكوكايين، الميثاكوالون، أشباه أفيونيات والمنشطات البديلة)، ومن الممكن أن يتسبب تعاطي المخدرات في حدوث عواقب وخيمة على المدى الطويل بما في ذلك المشكلات المتعلقة بالصحة البدنية والعقلية والعلاقات م الآخرين والعمل إلى جانب العواقب القانونية، منها: مضاعفات بسبب تناول المادة المخدرة، ومضاعفات آخرى تؤثر على الحياة تشمل الإصابة بمرض معد، ومشاكل صحية آخرى مثل الحوادث، الانتحار، المشكلات الأسرية، المشكلات في العمل، المشكلات في المدرسة، مشكلات قانونية، مشكلات مالية.

أهمية الدراسة
المورد البشري جزء هام وركن من أركان البيئة والمسئول عنها، لذلك ينبغي أن يكون على قدر عال ن الوعي والفهم والتركيز، وذلك ما يفتقده من يتعاطي المخدرات، وعلى هذا يتهتم الدراسة بتقديم برنامج علاج بالعمل للتأهيل النفسي والاجتماعي من التعاطي والحد ومنع الانتكاسة وأسبابها.

كما يعتبر الاهتمام بالأمن القومي مسئولية اجتماعية تسعى الدولة لتحقيقها وذلك كان واضحا من خلال ما تم الكشف عنه في عملية سيناء (2018) ووجود مزارع وكميات من المخدرات تدمر المجتمع وكذلك هناك عمل مشترك بين الإرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة لذلك ينبغي على البحث العلمي ان يقدم برنامج وقائي من الوقع في التعاطي، والحد من طلب المخدرات من أفراد المجتمع وانشغالهم بما ينفع الفرد والمجتمع بالعمل النافع الذي يسهم في بناء المجتمع والحفاظ على القيم واخلاقيات المجتمع التي تتدهور نتيجة لانتشار المواد المخدرة وطلبها.

وتتمثل الأهمية العلمية لهذه الدراسة كونها من أوائل الدراسات على حد علم الباحث التي تتناول العلاج بالعمل مع متعاطي المخدرات من الناحية العلاجية والتأهيل النفسي والاجتماعي والنظرة التكاملية في برامج التأهيل للمتعاطي، وضرورة الاهتمام بالتوصل إلى برنامج إعادة تأهيل متعاطي المخدرات كمرحلة أساسية ومهمة لمنع الانتكاسة أو العودة إلى تعاطي الهيروين أو الترامادول ودراسة أهمية برنامج التأهيل بالعمل لرفع افرادة ودافعية الإنجاز لدى المتعاطي لمنع الانتكاسة أو العودة إلى تعاطي الهيروين أو الترامادول، بينما الأهمية التطبيقية تتمثل في السعي إلى تطبيق فنيات وأنشطة ونماذج العلاج بالعمل مع هذه الشريحة من المعالجين لاعتقاد الباحث بالأهمية التطبيقية لعلم النفس وملامسته لواقع الحياة وتناول مشكلاتها وواقعها.

وتحاول الدراسة استخدام العلاج بالعمل من خلال كمدخل لعلم النفس العلاجي في إضافة أسلوب جديد لتأهيل متعاطي المخدرات وتقوية الإرادة وتحقيق دافعية ومقاومة قوية تساعدهم على منع الانتكاسة في محاولة لاستحداث فرع من فروع علم النفس تحت مسمى علم النفس التأهيل وذلك للباحث.

ارتفاع نسبة العائدين إلى تعاطي المخدرات
ومع ملاحظة أن الهيروين يسبب إدمانا عضويًا ونفسيًا وبالتالي فلا بد أن يشمل العلاج الجانبين الطبي والنفسي الاجتماعي في الوقت نفسه، ولأن فترة ما بعد العلاج في المصحة من أهم وأكثر فترات العلاج حساسية فقد لوحظ أن أكثر من 80% من المرضى لا يترددون على المستشفى أو المصحة بعد خروجهم لعملية التأهيل والعلاج النفسي، وبالتالي يكون المريض أكثر عرضة للنكسات، وتلاحظ أن ارتفاع نسبة العائدين إلى تعاطي الهيروين أو الترامادول بعد علاجهم حيث تصل حالات العودة إلى 15 مرة وتبلغ نسبة المنتكسين أو العائدين إلى التعاطي بعد العلاج إلى 90% مما يستدعي التدخل للتأهيل والوقاية من الانتكاسة أكثر من مرة ولذلك يهتم الباحثون أن التأهيل عملية دينامية متكاملة تهدف إلى استثمار قدرات الفرد المتعاطي إلى أقصاها لاكتساب أنسب المهارات المهنية ليتمكن بها من المعيشة والاستقلالية وعلى درجة مناسبة من التوافق الاجتماعي واشغال وقته بعيدا عن سلوك التعاطي.

لذلك ينبغي أن يكون هناك تجربة تناسب طبيعة الشخصية المصري والعربية لتسعدهم في التأهيل النفسي والاجتماعي القائم على العمل ورفع الإرادة حتى يتخلص من السلوكيات التي ترجعه إلى التعاطي مرة أخرى والتعامل مع الضغوط النفسية والاجتماعية ولا شك أن أنفع الدواء أن تشغل نفسك بما يعنيك عما لا يعنيك فالفكر فيما لا يعنيك باب كل شر أي أن تغتنم أوقات الفراغ في شغل النفس بما ينفعك فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.