هوس التيك توك يغزو مصر.. وأطباء نفسيون: وباء
مع التطور التكنولوجي في مجال مواقع التواصل والترفيه أصبحت هناك منافسة شرسة بين التطبيقات على الاستحواذ على اهتمام المستخدمين، بعدما أضحت السوشيال ميديا جزءا لا يتجزأ من يوميات البشر، وأمرًا أساسيًا في حياتهم وليس ثانويًا، لكن مؤخرًا تسبب أحد تلك التطبيقات وهو "تيك توك" في إثارة العديد من الأزمات التي أدت إلى حبس البعض، وأصبح هناك إقبال شديد أيضًا من قبل الأطفال على تحميل واستخدام تلك التطبيق، لذا قررت "النبأ" في هذا التقرير أن ترصد بورصة الرابحين والخاسرين من تيك توك..
قصة تحول Musically إلى TikTok
"تيك توك" هو عبارة عن منصة على الإنترنت، تعود إلى أصول صينية يطلق عليها اسم "Douyin"، ويقوم الأشخاص بتصوير أنفسهم بمقطع فيديو قصير ويضيفون إليه مؤثرات موسيقية مأخوذة من أفلام أو أغان وغيرها من المواد المتوفرة عبر الإنترنت.
وأطلقت الصين تطبيق "Douyin"أو "تيك توك" لأول مرة في عام 2016، وحصل خلال عام واحد على 100 مليون مستخدم، مع أكثر من مليار مشاهدة لمقاطع الفيديو يوميًا، ودفعت هذه الخطوة الشركة للعمل على إطلاق التطبيق بشكل عالمي.
ويتوفر "تيك توك" داخل 150 بلدًا ويدعم 75 لغة، إذ بلغت مرات تنزيله أكثر من مليار مرة حول العالم، بحلول فبراير 2019، وتصل نسبة مستخدميه داخل مصر، 7.2 مليون مستخدم نشط شهريا، 62% منهم ذكور، و38% إناث.
وينتشر التطبيق بشكل رئيسي في آسيا والولايات المتحدة، ثم إطلاق "تيك توك" في الأسواق الدولية، وهو ما دعا شركة "بايت دانس" وهي الشركة الأم للتطبيق، لدفع مليار دولار لشراء "Musically"، وهي شركة ناشئة مقرها مدينة شنغهاي، وذلك للاستفادة من قاعدة المستخدمين الشباب للمنصة الرقمية.
نصائح وخطوات لتصبح مشهورًا
قال هاني كامل، مدير محتوى "تيك توك" لشمال إفريقيا، إن هناك فريقا يراجع المحتوى الذي يتم نشره عبر التطبيق للتأكد من أن المحتوى غير مخالف للإرشادات والمعايير الخاصة بالمجتمع، مشيرًا إلى أن الفيديو يمر على 4 مراحل للتأكد من سلامته.
وأضاف "هاني كامل" خلال مداخلة عبر "سكايب" مع الإعلامية لميس سلامة، ببرنامج "صباح البلد" على قناة "صدى البلد"، أن هناك خطوات على المستخدم تطبيقها، ليصبح مشهورًا على تطبيق "تيك توك" أبرزها متابعة التحليلات الخاصة بأكثر وقت يكون هناك تفاعل على حسابه الشخصي، فضلًا عن متابعة تعليقات متابعيه والمحتوى المطلوب منه.
الهاشتاجات.. فرصة للظهور
وأوضح "كامل" أن المشاركة في "الهاشتاجات" أيضًا تمنحه فرصة للظهور أمام أكثر عدد من المستخدمين للتطبيق، بالإضافة إلى ضرورة تفاعله مع متابعيه، فضلًا عن تعاونه مع منتجي محتوى آخرين مشابهين لنفس المحتوى الذي يقدمه.
محاذير لمكافحة التنمر
وأشار مدير محتوى "تيك توك" لشمال إفريقيا، إلى أن هناك محاذير تم وضعها في تطبيق "تيك توك" لمكافحة التنمر، مشيرًا إلى أن هناك تعاونا مع جمعية خبراء الثقة والأمان الدولية، لمنح الفرق المسئولة عن المحتوى دورات تدريبية للتحسين من أداء عمل الفريق.
مخاطر التيك توك
وصف الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية التطبيقات مثل تيك توك بأنها "وباء اجتماعي" و"تلوث سمعي وبصري" وأنها مساحة للتمثيل والاصطناع وسلب الذات والتفكير عند أولادنا المراهقين بدرجة تدعو للاشمئزاز والحزن على أولادنا المخطوفين منا والمحرومين من التربية وغرس القيم وتهذيب النفس من قبل الأهل الذين افتقدوا لأساليب التنشئة الاجتماعية الحديثة والعصرية التي تجعلنا قريبين من أولادنا، وكل هذه العورات أظهرها التيك توك للأسف وانساق خلفه مشاهير الفن والرياضة وكافة المجالات الذين من المفترض أنهم رموز المجتمع ويساهمون في نشر القيم السامية في نفوس أولادنا كما كان يحدث، ولكن مؤخرًا بعض الفنانين هم من يظهرون على مثل هذه التطبيقات وبالتالي أولادنا يقلدونهم".
وأضاف وليد هندي في تصريح خاص لـ"النبأ": أن تيك توك من أكثر التطبيقات تحميلًا على الأندرويد وحوالي مليار ونصف مستخدم عليه، والهند بها حوالي 190 مليون مستخدم، أما مصر بها 7 ملايين مستخدم شهريًا وتلك الأعداد ضخمة جدًا، وأكثر الفئات العمرية استخدامًا لهذا التطبيق من عمر 13 لـ 17 عاما.
تيك توك يستغل الفراغ النفسي والعاطفي
وأوضح "هندي": "تيك توك إسقاط لفراغ الشباب النفسي والعاطفي وبديل لعدم وجود دفء أسري ولا رقابة والهشاشة النفسية، بالإضافة لامتهان للكرامة وأداء حركات مبتذلة وأصبح الجميع في "فاترينة عرض" للآخرين مثل الذي يظهر بوالدته وشقيقته وابنته، من أجل المتاجرة والشهرة".
موضحا أن تيك توك أظهر العورات الاجتماعية والنفسية في أولادنا، والاضطرابات النفسية الموجودة عند هذا الجيل، ومن المفترض على كل الآباء أن تكون لديهم وسيلة لدق جرس إنذار للأطفال وحمايتهم من التطبيق.
التجريس الاجتماعي
وأوضح "هندي" أن الأطفال المشتركين في تطبيق التيك توك من الممكن أن يعانوا من النبذ الاجتماعي، لأن هناك البعض يرفضون تلك هذه التفاهات، ومنهم الأقارب الذين يرفضون دخول مثل هذه النماذج منازلهم ووصف من يستخدمه بـ"التافه" فيجب على أولادنا أن يعلموا كل هذه السلبيات التي يتعرضون لها، ومنها اللايكات والإشادة الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي خلف الشاشة تختلف عن الواقع، لأن في الواقع يمكن أن تعاني من نبذ مجتمعي، ويمكن أيضًا أن تنحصر فرصك للحصول على عمل عند البحث عليك على مواقع البحث الشهيرة ويكتشفون أنك تقدم مثل هذا المحتوى على تيك توك وهذا يضر الشخص، ويؤدي إلى "التجريس الاجتماعي".
إبراز النماذج السلبية في تيك توك
وأشار وليد هندي لـ "النبأ": أنه يجب إبراز النماذج السلبية في تيك توك مثل مودة الأدهم ومنة عبد العزيز وحنين حسام وسما المصري، وتوضيح المنظور القانوني والإجراءات العقابية المترتبة على استخدام هذا التطبيق مثل جريمة التحريض على الفسق والفجور والاتجار بالبشر، بجانب تنمية مهارات الذات عند أولادنا.
لماذا يلجأ الشباب لتيك توك؟
كشف استشاري الصحة النفسية، أن بعض الشباب يلجأ دائما للاستعراض على السوشيال ميديا وهناك سباق محموم لركوب التريند لتحقيق أعلى نسب مشاهدات وإعجابات، حتى ولو كان على حساب مصداقيته ليلجأ للعديد من الحيل التي بها تزييف وخداع للحقيقة، وهذا يعود لعدة أسباب نفسية أهمها نمط الشخصية مثل "الشخصية الهيستيرية" وهي دائمًا تعمل على جذب الانتباه من قبل الآخرين وتتسم بالمباهاة وحب الظهور، ودائما ما تميل للأخبار المثيرة وتعرف بأنها شخصية استعراضية ولديها ميل كبير للتمثيل وتتسم أيضا بالقابلية بالمبالغة والكذب وتتلون حسب المواقف، وهم من يقومون بالظهور بقصات وألوان شعر غربية على السوشيال ميديا.
أما الشخصية البارانوية، فهي دائما تحب أن يشار إليه ولديها داء العظمة وأن تصبح حديث المدينة فهذا يقودهم لفعل أي شيء من أجل تلك الشهرة، بالإضافة إلى النمط الثالث وهي الشخصية المتمردة التي تسير عكس الاتجاه دائما ويحاول صاحبها أن يظهر كناقد أو يسخر من أشياء معينة، ويعاني من القلق الشديد في الظهور وجها لوجه لذا يستخدم التريندات ليظهر من خلالها.
تيك توك.. من الغناء والرقص إلى الحبس بتهمة الاتجار بالبشر
حنين حسام، طالبة بكلية الآثار في جامعة القاهرة، بدأت في الانتشار من خلال تطبيق "تيك توك" عندما كانت تظهر في مجموعة فيديوهات وهي تغني وترقص على بعض الأغاني، ومن هنا أصبحت معروفة لدى البعض على هذا التطبيق، ولكن لم تكن تعلم أن تلك الشهرة سوف تقودها إلى الحبس 10 سنوات وتغريمها 200 ألف جنيه.
وبدأت الواقعة عندما أحالت جامعة القاهرة الطالبة حنين حسام إلى الشؤون القانونية بها للتحقيق معها "لقيامها بسلوكيات تتنافى مع الآداب العامة والقيم والتقاليد الجامعية"، بحسب بيان رسمي أصدرته الجامعة العام الماضي، وقال رئيس الجامعة، محمد عثمان الخشت، إن عقوبة الطالبة قد تصل إلى الفصل النهائي.
وكانت حنين حسام، قد ظهرت في الفيديو المنسوب إليها وهي تقول إنها تطلب فتيات للعمل معها في وكالة أسستها عبر تطبيق Likee، على ألا تقل أعمارهن عن 18 سنة وأن يكن ذوات شكل لائق، وأن يصورن فيديوهات لأنفسهن بالبث الحي مقابل أموال، تتراوح بين 36 دولارا إلى ثلاثة آلاف دولار.
ولم توضح حنين طبيعة العمل الذي ستضم إليه الفتيات، لكنها أضافت في الفيديو أنها "لا تريد فتيات عاريات، ولن تقبل بتجاوزات في وكالتها، وأنها ستعمل استنادا إلى السمعة (الحسنة)".
لكنها أوضحت، في تصريحات تليفزيونية، أنها "طلبت 20 فتاة محترمة من أجل تطبيق جديد في مقطع فيديو من 3 دقائق"، لكن وسائل إعلام اختصرته إلى 10 ثوان فقط، مؤكدة أن والديها "موافقان على ما تنشره من مقاطع مصورة".
أما مودة الأدهم فقضت المحكمة بمعاقبتها بالسجن المشدد 6 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه، حيث كشفت التحقيقات أن المتهمة استخدمت الطفلة "ح. س" وشهرتها "ساندي"، والطفل "ي. م" واللذان لم يتجاوزا الثامنة عشر من العمر في تصوير مقاطع فيديو رفقتها ونشرها على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي مستغلة ضعفهما وعدم إدراكهما للحصول على ربح من ورائهم.
ونشرت "مودة الأدهم" مقاطع فيديو للطفلة "ساندي" والطفل الثاني على مواقع التواصل الاجتماعي وزينت لهما سلوكيات مخالفة لقيم المجتمع ومن شأنها تشجيعهما على الانحراف، وأيضًا استخدمت شبكة المعلومات لتحريض الأطفال على الانحراف والقيام بأعمال غير مشروعة ومنافية للآداب، وعرضت أمن وسلامة 3 أطفال للخطر بأن قامت بتصوير مقاطع فيديو مرئية لهم ونشرها على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت واستغلالهم تجاريا بأن تكسبت من ورائهم مبالغ مالية.
أطفال في مهب الريح
بسنت "تقصف جبهات".. اشتهرت تلك الطفلة ذات الـ8 سنوات من خلال تطبيق "تيك توك" بتقديم محتوى فيديو طريف بمشاركة "خالها" أحمد وصديقه "إسلام" وبحركاتها العفوية التي وصفها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأنها تبدو وكأنها في الأربعين من عمرها بسبب طريقة حديثها وجرأتها التي لفتت أنظار الجميع.
وكشفت الطفلة "بسنت" خلال لقائها مع الإعلامية ريهام سعيد، في برنامج "صبايا الخير" المذاع على قناة النهار، أنها تحب التمثيل وتتمنى التعاون مع الفنان أحمد حلمي، والفنانة ياسمين عبد العزيز.
عمار "الزعامة".. طفل الـ5 سنوات أثار ضجة كبيرة بعد فيديو ظهر من خلاله "شادي" ابن خالته يقول "اللي هيقولك هات بوسة هتقوله إيه؟" ليجيب عمار بخفة ظل وبراءة: "الكورونا"، ومن أشهر فيديوهات "عمار" هو الفيديو الذي حقق انشارًا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي والذي قال فيه "وحياة أمك سبلي حتة فرخة يا سادي" ويقصد "شادي" ولكن بحكم عمره الصغير ومخارج الحروف التي تحول الكلام إلى كوميديا عفوية، بالإضافة إلى كلمة "سفن" وهو مشروب عمار المفضل الذي أصبح نطقها له مذاق خاص على السوشيال ميديا عندما ينطقها في فيديوهاته.
ويحلم "عمار" بالشهرة والتمثيل أيضًا، وهو نفس حلم "شادي" بعدما أغلق باب احتراف كرة القدم في وجهه بسبب إصابة في كتفه منعته من اللعب واستكمال مسيرته الرياضية التي بدأتها وهو في الحادية عشر من عمره كحارس مرمى في عدة أندية منها: "وادي دجلة والترسانة والبنك الاهلى والشرقية للدخان".
تيك توك تتبرأ من التجاوزات وتصدر تقرير الشفافية
أصدرت منصة "تيك توك" تقريرها العالمي الخامس الذي تعرض فيه إجراءات تطبيق إرشادات المجتمع على المنصة لإلقاء الضوء على مجهوداتها في الإشراف على المحتوى ودعم إرشادات المجتمع عن طريق إزالة الحسابات والمحتوى الذي لا يلتزم بسياساتها، أو تنتهك حقوق المستخدمين أو تسبب لهم الإزعاج، وحذفت حوالي 62 مليون مقطع فيديو خلال الربع الأول من 2021، أما في الربع الماضي فأعادت حوالي 283 مليون و383 ألف و700 مقطع فيديو بعد أن تم استئنافها.
يذكر أن تطبيق "تيك توك" يصدر تقارير الشفافية الخاصة به منذ عام 2019، والتي تشمل معلومات أكثر عن التقارير السابقة ويتضمن ذلك إضافة معلومات تتعلق بالإجراءات التي تتخذها "تيك توك" لحماية سلامة ومصداقية المنصة، كما يتضمن الإبلاغ عن المحتوى الذي ينتهك سياسات التطبيق، بالإضافة إلى عدد الإعلانات المخالفة التي تم رفضها.
وحرص "تيك توك" على الاستماع لآراء المجتمع ومنظمات المجتمع المدني وصنّاع القرار لمعرفة فائدة هذه المعلومات في فهم آلية إدارة "تيك توك" للمحتوى.