رئيس التحرير
خالد مهران

هل انتهت كورونا فى مصر؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

هل تراجع انتشار فيروس كورونا من مصر، أم اختفى إلى غير رجعة؟
طبقا لبيانات وزارة الصحة التى تعلنها نهاية كل يوم، فإن معدل الإصابات تراجع إلى أقل من مائة حالة فى الأيام الأخيرة، وعدد الوفيات تراجع إلى أقل من عشر حالات، وعلى سبيل المثال فإن بيانات أمس الأول الخميس كانت الأقل على الإطلاق، منذ أكثر من سنة مسجلة ٤٧ إصابة وخمس وفيات فقط.
وزارة الصحة لم تزعم فى أى وقت من الأوقات، أن البيان اليومى يعبر عن حالات الإصابات والوفيات الحقيقية، بل إن وزيرة الصحة د. هالة زايد، قالت ذات مرة إن العدد الحقيقى ربما يبلغ عشرة أضعاف الحالات الرسمية.
ثم أن ما تعلنه الوزارة يعكس فقط الحالات التى دخلت المستشفيات الرسمية، وثبت إصابتها أو وفاتها بالفيروس. وبالتالى فإن هذا البيان، لا يشمل أولئك الذين يصابون ويتلقون العلاج أو يتوفون فى بيوتهم، أو فى مستشفيات خاصة.
ورغم ذلك فإن واقع الحال يؤكد أن مصر ربما تعيش أفضل أوضاعها الآن منذ انتشار الفيروس فى يناير ٢٠٢٠.
لا أتحدث عن البيانات سواء الرسمية أو غير الرسمية، بل أتحدث عن الواقع المعاش.
فى الأسابيع الأخيرة سألت كل معارفى سؤالا واضحا ومحددا: هل تعرف مصابين أو متوفين بالفيروس فى محيطك الخاص؟
سألت كل المحيطين بى نفس السؤال فى جريدة «الشروق»، وبعض أعضاء مجلس الشيوخ، وأصدقائى وزملائى فى الصحف والفضائيات المختلفة، وأقاربى وجيرانى، وكانت النتيجة هى أقل من ١٠٪ تقريبا من عدد الإصابات المسجلة والمعروفة قبل حوالى شهرين.
زملائى ومعارفى الذين سألتهم قالوا لى نفس الإجابة تقريبا: حالات قليلة جدا مصابة.
أحد الذين سألتهم قال لى إنه يعرف إصابة لسيدة فى قريتى بالصعيد، لكنها أصيبت بالفيروس منذ أكثر من شهرين ونصف، وتعانى من مشكلة قديمة فى الصدر ولم تتعاف حتى الآن.
أحد المقاييس المهمة لمعرفة حقيقة الإصابات فى مصر هو الفيسبوك.
كتبت قبل شهور، وكتب غيرى أيضا أن موقع الفيسبوك قد تحول إلى دفتر عزاء لضحايا كورونا. فى بعض الأوقات قبل شهور قليلة كان «التايم لاين» الخاص بكل شخص هو فقط للإعلان عن مصابين أو متوفين. شخصيا ظللت أياما كثيرة، لا أدخل الفيسبوك، إلا لأكتب عزاءات لأقارب أو أصدقاء أو زملاء أو معارف، أو لأقرأ لأحدهم يعلن إصابته، ويدعو الباقين للدعاء له، كى يرزقه الله الشفاء العاجل. الآن هناك منشورات كثيرة تتحدث عن موضوعات مختلفة مثل أفراح أو الامتحانات أو القضايا اليومية المثارة.
أحد المقاييس أيضا أننى زرت قريتى بأسيوط خلال إجازة العيد وسألت كل من أعرف، هل من حالات كورونا هذه الأيام، وكانت الإجابة بالنفى، وخلال ثلاثة أيام هى مدة بقائى فى القرية لم أر أى شخص كبيرا أو صغيرا، رجلا أو امرأة يرتدى الكمامة.
لا أقول ذلك استنكارا فهؤلاء لم يكونوا يرتدونها فى عز انتشار كورونا!! وبالتالى سيكون من الغريب أن يرتدوها الآن. وبالطبع فإن غالبية سكان الريف يرفعون دائما شعارات من عينة «الله هو الحامى»، و«خليها على الله».
عدم ارتداء الكمامة صار موضة مصرية. غالبية من حضروا انطلاق مبادرة «حياة كريمة» الخميس قبل الماضى فى استاد القاهرة، لم يكونوا يرتدون الكمامة، وحينما سألت بعضهم عن السبب، قالوا إن لديهم مناعة حيث أصيبوا بالفيروس ثم تلقوا اللقاح.
ويوم أمس صليت الجمعة فى مسجد السيدة زينب بالقاهرة، وعدد من كانوا يرتدونها قلة، لكن للموضوعية كان هناك تباعد، وتم إخلاء المسجد بعد الصلاة مباشرة للتنظيف والتعقيم.
السؤال المهم مرة أخرى: هل انتهت كورونا من مصر؟! الإجابة هى لا بالقطع، فقد عشنا فترة مثل تلك التى نعيشها الآن فى الصيف الماضى، ثم عاد الفيروس بقوة فى الشتاء، وهناك إعادة انتشار واضحة للفيروس فى بلدان أوروبية وآسيوية كثيرة، بل هناك إصابات لبعض ممن تلقوا اللقاح، ولكن بأعراض خفيفة.
وزارة الصحة قالت قبل أيام إنها مستعدة للموجة الرابعة للفيروس أوائل أكتوبر المقبل. الحالة المصرية محيرة إلى حد ما، ولا أملك لها تفسيرا علميا. وبالتالى علينا أن نحمد الله عليها وندعوه أن تستمر، وفى نفس الوقت علينا أن نستعد ونحترس ونتخذ كل الإجراءات الاحترازية خوفا من هجوم مفاجئ لهذا الفيروس الغامض وتحوراته المتعددة.

نقلا عن "الشروق"