دراما كابول تتصل بنا!
الحديث عن الدراما السياسية الحاصلة فى أفغانستان هذه الأيام هو فى حقيقته حديث عن شأن يتصل بنا نحن هنا فى المنطقة، وليس حديثًا عن بلد بعيد يقع شرق إيران!.
ذلك أن المسألة فيما يجرى هناك ليست أن الولايات المتحدة الأمريكية قررت سحب قواتها الموجودة فوق الأراضى الأفغانية من عشرين سنة.. والمسألة ليست أن الرئيس الأمريكى جو بايدن قرر سحب قوات بلاده دون مقدمات ودون تمهيد.. والمسألة ليست أن قواته المنسحبة أحرقت كل الوثائق المهمة فى السفارة الأمريكية، حتى لا تقع فى أيدى عناصر حركة طالبان التى تتقدم بسرعة الصاروخ نحو العاصمة الأفغانية كابول!.
المسألة ليست فى هذا كله.. ولا هى فى أن المدن والمحافظات فى أفغانستان تسقط فى أيدى طالبان بسهولة لافتة ومدهشة!.
القضية الأساسية هى فى حقيقة موقف إدارة الرئيس بايدن من الحركات المتشددة فى المنطقة.. والقضية هى فى حقيقة موقفها من التطرف فى منطقة الشرق الأوسط بمعناها الواسع الذى يضم أفغانستان فى أقصى الشرق، بمثل ما يضم المغرب فى أقصى الغرب!.
إن واشنطن تعرف أن طالبان حركة دينية سياسية متشددة، وتعرف أن أفكار هذه الحركة متطرفة، وتعرف ماذا تحمل الحركة للمرأة من أفكار سوداء، وتعرف ماذا تحمل طالبان للمجتمع الأفغانى فى مجمله!.. ومع ذلك.. فإنها تفتح أمامها الطريق واسعًا للاستيلاء على السلطة فى البلاد!.
تعرف إدارة بايدن أن وصول طالبان إلى العاصمة كابول معناه أن يجلس التشدد فى الحكم، ومعناه أن يتربع التطرف فوق الكرسى، ومعناه أن يغيب الاعتدال وتتوارى الوسطية، ومعناه أن يحل الظلام فى مكان النور، ومعناه أن ينطفئ كل شعاع يمكن أن يكون قد أضاء فى بلاد الأفغان طوال السنين الماضية!.
تعرف العاصمة الأمريكية هذا، وتعرف ما هو أكثر منه، ومع ذلك تعطى ظهرها للحكومة فى أفغانستان، وتخذل القوات النظامية الأفغانية!!.. وعندما يحدث هذا فى العلن، وحين يجرى ما يجرى أمام الجميع، ثم يتمسك بايدن بقرار سحب القوات المفاجئ، فمن حق كل واحد يسكن هذه المنطقة من العالم أن يطرح هذا السؤال: هل تقاوم واشنطن التطرف فى منطقتنا أم تشجعه؟!.. سؤال فى أشد الحاجة إلى إجابة أمينة، لنعرف حقيقة موقف الإدارة الأمريكية الحالية من التشدد فى المنطقة بكاملها، وليس فى أفغانستان وحدها!.
نقلا عن "المصري اليوم"