«طوفان المهرجانات» يُغرق سوق الغناء.. ونجوم الزمن الجميل يتصدون
«المهن الموسيقية»: نتصدى لـ«حملة شرسة» على الفن المصري.. وخصصنا شعبة لـ«مطربي الراب»
حلمي بكر: تفسد الذوق العام.. والأطفال في «كارثة» بسببها
ناقد: الأغاني الشعبية في الشارع طول التاريخ.. و«عدوية» غنى «السح الدح امبوه» ومحدش منعه
علي الحجار: لا يصنف «فنًا».. و«لم أتربى عليه»
شهدت الساحة الغنائية، في الفترة الماضية، حالة كبيرة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، منذ إعلان نقيب المهن الموسيقية الفنان هاني شاكر عن سحب تراخيص الغناء من مجموعة من مطربي المهرجانات الشعبية، وهم: "حسن شاكوش، وحمو بيكا، وكزبرة، وحنجرة، ومسلم، وأبو ليلة، وأحمد قاسم فيلو، وأحمد موزة، وحمو طيخة، وريشا كوستا، وسمارة، وشواحة، وولاد سليم، والعصابة، والزعيم، وعلاء فيفتي، وفرقة الكعب العالي، ومجدي شطة، ووزة، وشكل، وعمرو حاحا، وعنبة".
وأصبح الحال عبارة عن معارك كلامية وسلاسل اتهامات متبادلة، وتراشق بالألفاظ، تخطى مرحلة النقاش البناء، وبات مجرد "شتائم"، حتى أن "السوشيال ميديا" انقسمت إلى فريقين؛ الأول يهاجم قرار النقيب ويراه تقييدًا للأذواق وللإبداع، ويقتنعون أنه ليس له حق في منعهم من الغناء، والثاني يؤيد القرار، ويصفه بأنه انتصار للفن ووسيلة لإنقاذ الذوق العام من الانحدار.
وبعدها بعدة أيام، أصدرت النقابة بيانًا تعلن فيه تبرؤها من فناني الراب، مشيرة إلى أن أغانيهم تضم كلمات منافية للآداب، وأن قطاعًا عريضًا من الجمهور لا يفهمها من الأساس، ما جعل الكثيرين يخمنون أن الدور اقترب عليهم في منعهم من الغناء أيضًا، وأن البيان السابق تمهيدًا لاتخاذ هذه الخطوة بشكل صريح.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل إن الفنان هاني شاكر وقف بالمرصاد لباقي مطربي المهرجانات، ولم يسمح لهم بأي تجاوز، وكان أكبر دليل على ذلك، ما فعله مع المطرب عمر كمال، والذي تمت إحالته للتحقيق، بسبب استبداله كلمة "خمور وحشيش" في أغنية "بنت الجيران" بـ"تمور وحليب"، أثناء غنائه لها في إحدى حفلاته في الرياض.
وبرر "عمر" ما قاله، بأنه "واقف على أرض طاهرة"، الأمر الذي أغضب هاني شاكر، وفسره بأن "مصر" ليست طاهرة، من وجهة نظر عمر كمال، لاسيما أنه يغنيها كما هي في حفلاته بداخلها.
"النبأ" حملت كل هذا "القيل والقال"، وتحدثت فيه مع أصحاب المهنة الأصليين، الذين حرصوا على توضيح الصورة كاملة حول قضية "أغاني المهرجانات"..
من جانبه، قال الملحن الكبير حلمي بكر لـ"النبأ"، إن أغاني المهرجانات تفسد الذوق العام، وإنها للأسف تحقق ملايين المشاهدات على موقع "يوتيوب"، مشيرًا إلى أن كل ما يقال فيها خارج وغير مقبول.
وتابع أنه من أساسيات دور نقابة المهن الموسيقية، الحفاظ على مستوى الذوق العام والثقافة المصرية.
كما أوضح أن النقابة والمعارضين لا يرفضون هؤلاء الأشخاص لشخصهم، ولكن لأنهم يقدمون محتوى ساقطا ومنافيا للآداب العامة، بحسب كلامه، مؤكدًا على أن فئة كبيرة من مستمعيهم، عبارة عن أطفال، يرددون الكلمات دون أن يعرفوا معناها، واصفًا ذلك بـ"الكارثة".
ولفت حلمي بكر بأنه إذا كان المطربون الممنوعون من الغناء، لديهم موهبة حقيقية وأصوات جيدة، فإنهم عليهم أن يقدموا فنًا هادفًا، وأن يتقدموا بأوراقهم إلى النقابة، منوهًا بأن وقتها سيكون للنقابة الشرف في أن يكونوا أعضاء بها.
وأكمل حديثه قائلًا إنه يدعم قرار هاني شاكر عن ظهر قلب، وإن تراجعه عن هذا القرار، سيكون بمكانة انهيار للنقابة وعدم احترام أحد لها بعد ذلك.
وقال الفنان علي الحجار لـ"النبأ"، إن هذا اللون من الأغاني لم يمكن أن نسميه "فن"، وإن الفن موهبة ودراسة، وإنه يسمعها، أحيانًا، من باب العلم بالشيء فقط ليس أكثر، وإنه وجيله لم يتربوا عليها.
أما الناقد الفني عمرو الكاشف، فجاء رأيه معارضًا لرأي "بكر، والحجار"، وأوضح أنه لا يمكن معالجة الأمور بهذه الطريقة، وأنه يرى أن تقنين حال هؤلاء المطربين، أفضل من منعهم من الغناء.
وكشف عن أن مطربي المهرجانات من الممكن أن يلجأوا في مثل هذه الحالات، إلى الغناء على موقع "يوتيوب" وإحياء حفلات "لايف"، وأن النقابة ليست لها الحق في منع أغانيهم من العرض عليه.
وأضاف أنه لا يقتنع أبدًا باحتكار الذوق العام، وأن الفن الشعبي موجود منذ أيام نجوم الطرب الجميل، ويتغنى به الناس في الشارع طول التاريخ.
وقال: "أحمد عدوية غنى السح الدح امبوه، ومنيرة المهدية غنت تعالى قابلني بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة، وسيد درويش غنى وأنا مالي هي اللي قالتلي تعالى أسكر وقابلني"، مؤكدًا على أن مثل هذه الأغاني لم تمنع، رغم أنها كانت وقتها خادشة للحياء.
في سياق متصل، رد طارق مرتضي المتحدث الرسمي باسم نقابة المهن الموسيقية على كل هذه الانتقادات، وقال، في تصريحات خاصة لـ"النبأ"، إن الفن المصري يتعرض لحملة هجوم شرسة وعنيفة، بهدف الانحدار والتخلف، مؤكدًا على أن ذلك لن يحدث طالما أن النقابة تعرف أهدافا وأغراضا هذه الحملة، وتتمكن من التصدي لها، وطالما هناك كُتاب ومثقفون ومبدعون.
وعن المطربين المنتشرين على "السوشيال ميديا"، أوضح أن النقابة لا سلطة لها في الحكم عليهم، لأنهم ليسوا أعضاء بها، مستشهدًا بمهرجان "شيماء"، الذي انتشر، مؤخرًا، على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفه بأنه "قلة أدب".
وأعرب "مرتضى" عن استغرابه الشديد ممن يدعمون مثل هؤلاء المطربين ويشجعونهم على الغناء، وتساءل "هل يرضون أن تكون هذه الأغاني هي ثقافة أولادهم، وأن تكون هذه هي ثقافة شباب مصر؟".
وتابع أنهم يبذلون قصارى جهدهم لعدم عرض الأغاني التي تشتمل على ألفاظ خارجة، على موقع "يوتيوب"، وأن النقابة تحاول التواصل مع كافة الجهات المعنية بالأمر، لتنفيذ هذا الإجراء سريعًا.
وحول مصير مطربي أغاني الراب، أوضح طارق مرتضى أنهم يقدمون لونًا مختلفًا من الموسيقى، وأن النقابة خصصت لهم شعبة وحدهم، وأن ذلك إن دل على شىء، فهو يدل على احتواء النقابة لكل المواهب الجديدة والاعتراف بها، طالما يلتزمون بالشروط والآداب العامة المحددة.