رئيس التحرير
خالد مهران

بيزنس «الشهادات المضروبة» لتطعيم كورونا بالمستشفيات الحكومية

كورونا
كورونا


انتشرت خلال الفترة الماضية، الشهادات الطبية المزورة، وخاصة شهادات كورونا، وقائع التزوير كشفت عنها بعد إعلان الكشف عن وجود قرابة 2 مليون تخلفوا عن الحصول على الجرعة الثانية، ورغم عدم صدور تقرير رسمي من الحكومة بشأن الشهادات الخاصة بكورونا المباعة أو المزورعة التى تم رصدها حتى الآن، إلا أن تقارير تفيد بوجود نحو 50 ألف مواطن قاموا بدفع أموال للحصول على شهادات موثقة تفيد بالحصول على لقاحات كورونا، بعضها مسجل بالفعل على موقع الصحة الخاص بكورونا، وذلك للتقديم للمصالح الحكومية.

1200 شبكة احتيال
وبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، توجد نحو 1200 شبكة احتيال في جميع أنحاء العالم، تبيع الشهادات المزورة، مقابل أقل من 25 جنيهًا إسترلينيًا (35 دولارا).

وفي الولايات المتحدة، ظهرت بطاقات التطعيم المزيفة التي يُزعم أنها صادرة عن المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) للبيع على مواقع مثل إيباي، وأمازون، وإتسي.

وفي مايو الماضي، أوقفت السلطات الأمنية صاحب حانة في كاليفورنيا بتهمة بيع بطاقات تطعيم مزيفة تكلف كل منها 20 دولارًا، وفق «وول ستريت جورنال».

أسرار خطيرة
رغم إعلان جامعة القاهرة عدم رصد شهادات طبية مزورة خاصة بكورونا، إلا أن الواقع وما رصدته "النبأ" أن هناك طلابا بعدد من الجامعات، حصلوا على تلك الشهادات التي تم بيعها من مراكز تلقي اللقاحات بالمستشفيات والمراكز الطبية مقابل الحصول على رشوى تقدر بـ50 جنيها ووصلت في بعض الأحيان 150 و200 جنيها، وفقا لتصريح الطالبة "م.ن"، فإن الحصول على الشهادات الطبية المباعة يتم في اكثر من مكان ومتاح في العيادات الطبية المتنقلة بالقرى والمراكز، حيث يقوم الموظف المرتشي بتسجيل الرقم القومي على موقع وزارة الصحة، ويتم ملء كافة البيانات المتعلقة بالجرعة الأولى، ونوع اللقاح، على أن يكتب ذلك على بطاقة اللقاح، وبيحدد كذلك موعد الجرعة الثانية ويتم تسجيلها على الموقع بأنه تم الحصول عليها، ولكن على أرض الواقع تم إعطاء اللقاح على الورق فقط، مؤكدا أن هناك حالات كثيرة من المواطنين قاموا بفعل ذلك دون الحصول على اللقاح خاصة الموظفين والطلاب، خاصة وأن هناك شائعات وجهها المستفيدون من بيع شهادات كورونا، بأنها قد تسبب العقم للبنات المقبلين على الزواج.

وأوضح بيان صادر عن وزارة الداخلية المصرية أن "معلومات وتحريات قسم مكافحة جرائم الأموال العامة بمديرية أمن الغربية أكدت قيام سيدة تبلغ من العمر 40 عاما، سبق اتهامها وضبطها فى 7 قضايا "تزوير"، بمزاولة نشاط إجرامي فى مجال ترويج الشهادات الطبية المزورة والمنسوب صدورها لنقابة أطباء الغربية وبعض الأطباء، لراغبي الحصول عليها من المواطنين.

وتم ضبط المتهمة أمام مجمع محاكم طنطا، وبحوزتها 313 شهادة طبية منسوب صدورها لنقابة أطباء الغربية ممهورة بخاتم النقابة على ورقة بيضاء ومن الخلف تصديق النقابة الفرعية ممهور بنفس الخاتم ومرفق بكل منهما ايصال استلام نقدي، منسوب صدوره لنفس النقابة.

كما عثر بحوزتها على شهادتين طبيتين مزورتين، ومنسوب صدورهما لنقابة أطباء الغربية، و8 شهادات طبية منسوب صدورها لأحد الأطباء ممهورة بختم الطبيب وبختم منسوب صدوره لنقابة أطباء الغربية، من بينهم 3 شهادات مدون بهم تشخيص الطبيب، و5 شهادات طبية بيضاء مزورة، ومنسوب صدورها لأحد الأطباء، و7 وصفات طبية مزورة منسوب صدورها لأحد الأطباء وعليها ختم طبيب آخر، وخطابين مزورين منسوب صدورهما لنقابة أطباء الغربية، ويتضمنان تعليمات بشأن الشهادة الطبية المعتمدة لدى النقابة.

ووفقا للبيان، اعترفت المتهمة بحيازتها للمضبوطات وقيامها بمزاولة نشاطها الإجرامي فى تزوير وترويج الشهادات الطبية مقابل مبالغ مالية.

وضبطت مباحث الأموال العامة، الخميس، تشكيلا عصابيا بالإسكندرية تخصص في تزوير وتقليد المحررات والأختام المنسوب صدورها للجهات الحكومية المختلفة خاصة التقارير الطبية، وترويجها على عملائهم.

وتقدر وزارة الصحة أعداد التقارير الطبية المزيفة التي تصدر في مصر سنويًا بأكثر من 750 ألف تقرير، يستخدم لتبرئة متهمين في قضايا الجنح والجنايات، والهروب من أحكام العدالة، وتلفيق التهم لآخرين أبرياء.

بينما تقدر دراسة صدرت عن مركز الجبهة للدراسات الاقتصادية والاجتماعية (غير حكومية)، أعداد التقارير الطبية المزورة التي تصدر في مصر سنويًا بأكثر 100 ألف تقرير طبي مزيف.

الدراسة وصفت التقارير الطبية المزورة بالتجارة الرائجة، التي يتم استغلالها في تلفيق الاتهامات الباطلة، والضغوط على الأبرياء وإقامة الدعاوى الكيدية، وكذلك استخدامها في عمليات الاختلاس والابتزاز.

دار الإفتاء
وعن مدى تحريم ذلك، قالت دار الإفتاء المصرية، إن تزوير الشهادات المُثبتة لتلقي لقاح فيروس كورونا محرم شرعا لما اشتمل عليها من كذب ومفاسد عدة، ويقع به الإثم على صاحبها، وعلى من زوَّرها له.

وأوضحت الدار -في أحدث فتاواها- أن الإثم على صاحب الشهادة المزورة لأنه وقع في كذب وإخبار بغير الحقيقة، وقد أمر الله تعالى عباده بتحرِّي الصدق؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119]، والأمر بالكون مع أهل الصدق يقتضي أن يلازم الإنسان الصدق في الأقوال والأعمال.

في الوقت نفسه، أعلن المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، حسان عبد الغفار، أن تزوير شهادة تلقي اللقاح "سيعاقب عليها القانون وفقا للوائح والمواد المختصة بذلك"، منوها إلى أن هناك تشديدا لرصد أي عملية تزوير خلال الفترة الحالية.

وحددت وزارة الصحة عدة شروط للتأكد من سلامة شهادة تطعيم كورونا، تتمثل هذه الخصائص في "متانة الورق الذي طبعت عليه الشهادة، والعلامة المائية الموضوعة عليها، ورمز الكيو آر كود، والختم الرسمي بالوزارة الذي لا يبهت أو يتلاشى".

ودشن رافضو اللقاح، عددا من المجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي، التى تدعو المواطنين لعدم التطعيم بسبب ما وصفوه بآثاره السلبية.

اللافت للأمر، أن هذه المجموعات تحولت سوقًا للترويج لبيزنس تزوير شهادات اللقاح للمواطنين، فلا يكاد يكتب شخص منشورا يستنجد من خلاله بمخرج لعمل تلك الشهادة، حتى يجد الكثير ممن امتهنوا التزوير للتواصل.

ويرفض الشخص القائم بالتزوير، التحدث علنًا عن تفاصيل عمل الشهادة، خوفا من تتبعه أمنيا، فيطلب من الشخص الرافض للقاح محادثته بشكل خاص، وبعد التأكد من صدق طلبه يرسل له رقم التليفون، ولم تقف تداعيات موجة رفض اللقاح عند الطرق غير المشروعة، ولكن امتدت لتصل لساحات القضاء.

دعوى قضائية
وتقدم المحاميان أسعد هيكل، ومحمد إسماعيل الزنط ممثلين عن مجموعة من المواطنين المصريين بطعن أمام مجلس الدولة على قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٢٧٥٠ لسنة ٢٠٢١ بحظر دخول العاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة لمقار أعمالهم إلا بعد تلقي لقاح كورونا أو تقديم شهادة كل ثلاثة أيام بسلبية تحليل PCR وذلك بدءا من ١٥ ١١ ٢٠٢١.

وطلب هيكل بصفة مستعجلة الحكم بوقف القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه وذلك لمخالفة القرار للدستور ومبادئ حقوق الإنسان وحرياته لكون اللقاح "تجربة طبية جديدة" وفقا لما جاء في نموذج الإقرار بالموافقة على تلقي اللقاح الذي تقدمه وزارة الصحة المصرية إلى كل متقدم للتطعيم وهو ما يخالف المادة ٦٠ من الدستور والتي تنص على الآتي: "لجسد الإنسان حرمة، والاعتداء عليه أو تشويهه، أو التمثيل به جريمة يعاقب عليها القانون، ويحظر الاتجار بأعضائه، ولا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية عليه بغير رضاه الحر الموثق ووفقا للأسس المستقرة في مجال العلوم الطبية على النحو الذي نظمه القانون".

وجاء في عريضة الدعوى أن المادة ١٦٧ من الدستور التي حددت صلاحيات مجلس الوزراء لم تنص على إجبار المواطن أو الموظف على تلقي اللقاح كما لم تمنح مجلس الوزراء سلطة إصدار قرارات تخالف نصوص الدستور، وأن القرار المطعون عليه يخالف التزامات مصر الدولية إذ يخالف الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتي تصدق عليها مصر.

وأضافت عريضة الدعوى أنه لا توجد ضرورة صحية عاجلة في مصر تبرر لمجلس الوزراء فرض التلقيح الإجباري على المواطنين والموظفين ومنعهم من مباشرة أعمالهم وهو حق أساسي من حقوقهم الدستورية ويشكل مصدر دخلهم وأساس معيشتهم نظرا لأن الواقع العملي يشير لهبوط مستمر في عدد الوفيات والإصابات الناتجة عن فيروس كورونا قبل القرار بأشهر طويلة، وعدم وجود نص قانوني يجيز صراحة لرئيس مجلس الوزراء إجبار الموظف على تلقي اللقاح ضد كورونا واعتباره متغيبا عن العمل في حالة عدم التلقيح.

وأوضحت العريضة أنه على الرغم من أن قرار رئيس الوزراء في ظاهره أن التطعيم ليس إجباريا وأن في إمكان المواطن إجراء اختبار المسحة الطبية لكورونا ويقدم ما يفيد بذلك كل ثلاثة أيام إلا أن القرار في مضمونه يحمل تعسفا شديدا وقهرا صريحا نظرا لأن المسحة الطبية أيضا مرخصة فقط للاستخدام الطارئ، كما أن إجراء المسحة الطبية أسبوعيا يحمل المواطن تكاليف مالية لا يطيقها بالإضافة إلى أن تقنية فحص كورونا الحالي عن طريق مسحة الأنف PCR يشوبها عيوب كثيرة وتفتقد للدقة في تحديد الإصابة بالعدوى من عدمها فضلا عن تسجيل أضرار صحية نتجت عنها وبالتالي يصبح شرط إجراء المسحة بمثابة شرط تعجيزي لإجبار المواطنين على تلقي اللقاح، وحملت الدعوى رقم ٤٩١٢ لسنة ٧٦.

وقال المحامي، محمد إسماعيل الزنط، إن هذه الدعوى التى تم تجديد جلسة يوم 25 من الشهر الجاري ضد إجبار الحكومة على تلقي اللقاح، مشيرًا إلى أن الأزمة تتلخص في ضرورة التلقيح بشكل جماعي دون الأخذ في الاعتبارات اختلافات الحالة الصحية لكل مواطن عن الآخر الأمر الذي يكشف عن عدم المعرفة الكافية عن تاثيره.

وأضاف في تصريح خاص لـ"النبا" أن التلقيح اختياري كما جاء في إقرار وزارة الصحة الذي يوقع عليه المواطن الملقح، ويقضي بتحمل مسؤولية تأثيراته، في الوقت الذي تجبر فيه المواطنين وربطه بدخول المصالح، والحصول على الخدمات، وهو ما يكشف عن وجود تعارض.

وعن اتجاه البعض لتزوير شهادات تطعيم لقاح كورونا، قال إن هذا الفعل مُجرم، ومع الدولة في إقرار العقوبة، ولكن في الوقت نفسه فكرة الإجبار مرفوضة، وهو ما يجعلنا نسلك الطرق الشرعية، أو الامتناع عن أخذه، ولكن لا لعلاج الخطأ بخطأ أكبر والوقوع تحت طائلة القانون.

وتابع: هناك كثير من الأطباء والباحثين يدعمونا بالدراسات الخاصة باللقاح، والأبحاث، مشددا أن الهدف الرئيسى هو رفض فعل الإجبار.

وواصل: هناك عدد من الدول منعت الإجبار على أحذ اللقاح كأمريكا وروسيا وغيرها من الدول.