رئيس التحرير
خالد مهران

كواليس تحركات البرلمان لإصدار تفسير عصري للقرآن بمباركة وزير الأوقاف والمفتي

وزير الأوقاف والمفتي
وزير الأوقاف والمفتي


شهدت الأيام الماضية حالة من الجدل بين رجال الدين بعضهم البعض واللجنة الدينية بمجلس الشيوخ بسب المطالبة بإعادة تفسير القرآن الكريم لمواكبة التغيرات في العصر الحديث، والرد على الجماعات الإرهابية، القضية نشبت في البداية داخل اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، حيث أيدت اللجنة الاقتراح المقدم من النائب يوسف السيد عامر، رئيس اللجنة، بشأن إعداد تفسير جامع لتقديم القرآن الكريم بأسلوب عصري يعبر عن وسطية الإسلام واعتداله في إطار مواجهة التطرف، موضحًا أن ذلك يرد على الأحاديث التي تتمسك بها الجماعات المتطرفة.

المفاجأة كانت في تأييد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ما طرحته اللجنة الدينية وطالب هو الآخر بالتجديد في تفسير القرآن الكريم بعيدا عن التفسيرات التراثية القديمة بحيث يكون التفسير الجديد متواكبا مع التغيرات العصرية التي نعيش فيها.

وأكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أنه مع تطور الزمان يحتاج الناس مزيدًا من كتب تفسير القرآن الكريم، موضحًا أنه تمت طباعة 3000 نسخة من ترجمة كتب التفسير باللغة الإنجليزية ويتم بيعها وتنفد جميعها.

وأضاف الوزير: "لا شك في أننا نختار من صحيح البخاري وصحيح مسلم ما يحتاج إليه الناس في الكتب، وهناك لجان تعمل على ذلك، بالإضافة إلى إنتاج موسوعة الأحاديث القدسية وموسوعات الفقه ونخاطب المواطنين بلغة بسيطة توصل المعلومات لهم".

وقال وزير الأوقاف: "نكتب في كتب الترجمة أن الترجمة تعبر عن الاجتهاد البشري لتوصيل معاني القرآن لأصحاب اللغات الأخرى"، مضيفًا أن إصدار كتاب بلغة بحثية يتم من خلال فريق عمل وفق منهج ضخم، كما أن الأهم أن نقف على ما انتهى إليه مجمع البحوث ودار الإفتاء.

المفاجأة الأخرى تمثلت في تأييد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، لمقترح إعداد تفسير معاصر للقرآن الكريم، مؤكدًا أن هذا الأمر يتواكب مع الجمهورية الجديدة.

جاء ذلك خلال اجتماع اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، لمناقشة الاقتراح المقدم من النائب يوسف السيد عامر رئيس اللجنة، بشأن إعداد تفسير جامع يعنى بتقديم كتاب الله تعالى بأسلوب عصري يعبر عن وسطية الإسلام واعتداله وذلك لمواجهة التطرف.

ووجه مفتي الجمهورية، الشكر والتقدير إلى الدكتور يوسف عامر رئيس اللجنة الدينية، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، موضحًا أن هذا الطرح له أهميته ويتماشى مع متطلبات الجمهورية الجديدة، مع مراعاة ما هو ثابت لا يقبل الاجتهاد وما هو متاح للاجتهاد وإعمال الفهم لمعالجة قضايا الزمن باحترافية ومهنية عالية حيث قدموا جهودا يحمدوا عليها.

وأضاف: "علينا أن نستمر على الطريق لنراعي زماننا باختلاف تفاصيله وسياقاته، فمسيرة العلماء تدعونا إلى مزيد من الجهد بجرأة المجتهد المنضبط الذي يعالج قضايا عصره لئلا يفونتا العصر بقضاياه والتي تتطور على مدار أسرع من الثانية، وما طرح في الأزمان السابقة كثيرا منه لم يعد مناسبا لقضايانا العصرية، ولا ننكر الجهود المبذولة في التفسير الوسيط أو المنتخب، ولكننا نحتاج إلى إعادة النظر هل يكفي هذا قضايانا الآن ام نحتاج إلى معالجة جديدة دقيقة".

وتابع: "عندنا مساحة مفتوحة لنستمر بمنهجية العلماء السابقين مع عقلنا الاجتهادي النقدي، وأثمن هذه المبادرة وجهودها التي تهدف للتطوير".

تفسير عصري
من جانبه قال النائب محمد سليم، وكيل اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، إن مقترح مجلس الشيوخ، الذي طالب خلاله بتفسير عصري للقرآن الكريم، يعبر عن وسطية الإسلام واعتداله، جاء نظرًا لانتشار بعض النسخ من القرآن الكريم، التي بها تفسيرات تنتمي للفكر المتطرف، مؤكدًا أن الإسلام دين الوسطية، وأي شيء صادر عنه بأنه غير وسطي، غير صحيح، إذ أن الدين الإسلامي يدعو للوسطية.

وأضاف سليم، أنه طالب بإصدار مصحف ورقي وإلكتروني، مزود بتفسير مختصر، يكون متفق عليه من جميع أطراف المؤسسات الدينية، مزودة بهوامش وتفسيرات عصرية منضبطة، موضحًا أن كل الأطراف وافقت على هذا المقترح، وأن الموضوع الآن قيد الدراسة، وسيكون في حيز التنفيذ بعد الموافقة رسميًا، لافتا إلى أن تفسير القرآن الكريم سيكون مترجمًا بعدد من اللغات وليس اللغة العربية فقط، وأن هناك دراسة أيضًا، لإصدار موسوعة لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لبيان الأخلاقيات.

فرض
المطالب بتفسير عصري للقرآن لم يتوقف بعد حيث قال الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن التجربة التى نمر بها الآن من محنة فيروس كورونا، تجعلنا بحاجة إلى إعادة تفسير القرآن الكريم مرة أخرى، لافتا إلى أن هذا الأمر أصبح الآن فرضا.

وأضاف الجندى، خلال حلقة برنامج «لعلهم يفقهون»، «مررنا باختبارات وتجارب عديدة خلال هذه الأزمة مما يتطلب إعادة تفسير، لما استجد من آيات كونية تجبر البشر على تقييم الإيمان القلبى بشكل مختلف، فمثلا لم نكن نعلم معنى قول الله عز وجل (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)، وكنا نتساءل ما هذه النعم الباطنة، والتى لم نكن نعلم التى منها الجهاز المناعى الذى يتصدى لفيروس كورونا وحدة الآن، وأيضا لم نكن نعلم قول الله تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)، حتى تغير كل النعم من قارات الدنيا الخمس، بما كسبت أيدى الناس».

رجال الإعلام والفضائيات دخلوا على خط الأزمة، وخرج العيدي من المنابر الإعلامية للمطالبة بتفسير عصري للقرآن الكريم، كما قالت استاذة دكتورة في وسيلة إعلامية وعلى الهواء مباشرة.

اعتراض
ورغم عدم خروج بيان رسمي من الأزهر على المطالب بتفسير القرآن الكريم بشكل عصريا، إلا أن هناك اعتراضا أزهريا خرج بشكل أوضح على المطالب بذلك، حيث تعجب الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف على الرواق الأزهري، من الدعوة التي طرحها البعض وهي المطالبة بتفسير عصري جديد للقرآن يتوافق مع معطيات واطروحات العصر، وأما التفسيرات المعروفة للقرآن الكريم فلتذهب إلى الأرشيف كما قالت استاذة دكتورة في وسيلة إعلامية أمس وعلى الهواء مباشرة.

وتساءل المشرف على الرواق الأزهري، ألا أدري ما المراد من هذا الطرح، وما معنى التفسير العصري للقرآن؟
وهل تفسيرات كبار أئمة الإسلام قديما كالطبري والرازي والقرطبي، والألوسي، وابن كثير، والبغوي، والبيضاوي، والنسفي وغيرهم، وحديثا كالمنار، والصابوني، وأبو زهرة، والشعراوي، وغيرهم يلقى بهم في الأرشيف أو في المتاحف كما تطالب الدكتورة على الهواء؟!، وما المدة الزمنية التي يصلح لها هذا التفسير العصري المطلوب؟ وهل هذا التفسير العصري أيضا سيبقى لكل العصور أو بعد سنوات سيلقى به في الأرشيف؟!.

وقال الدكتور عبد المنعم فؤاد، إننا كأزهريين لا نمانع من وجود اجتهادات في الفهم لكتاب الله تعالى، وتفسيرات متعددة، واستباطات متنوعة تجمع بين الأصالة والمعاصرة شريطة أن يكون هذا وفق ضوابط شرعية ولغوية، ولا تتصادم مع فهم سلفنا، وكبار علماء أمتنا في كل العصور وباب الاجتهاد والفهم الصحيح لديننا وكتاب ربنا لا يغلق أبدا،. ومن يرى غير ذلك فهو جاهل وجهول؛ (فمن يرد الله به خيرا يفقه في الدين ويعلمه التأويل).

وأشار إلى أن علماء الأزهر لا يدخرون جهدا في ذلك مع طلابهم وفي أروقة جامعتهم، ولكن المريب هو المطالبة السريعة، والملحة الآن بتفسير خاص لكتاب الله تعالى لأهل عصر معين بفهم معين ليسمح على ما يبدو بقبول اطروحات عجيبة نراها تلقى على كراسي الفضائيات في هذا العصر، ومن أقوام قد تكون لهم أيدلوجيات مغايرة أو فهم خاص - (وإن كنا نحسن الظن بالجميع وندعو بالهداية لنا ولهم) مثل زعم بعضهم تحت ستار مصطلح (تجديد الخطاب الديني) الاقتراب من ثوابت أقرها الدين والكتاب المبين مثل:المطالبة بتعديل الميراث، أو منع الطلاق الشفوي، أو عدم فرضية الحجاب، أو تعاطي البيرة، والكحوليات، والقول بفهم خاص للخمر، أو قضية تعدد الزوجات، أو التبني الذي ابطله الإسلام، أو زواج المثليين الذي يتنافى والفطر السليمة، أو اعطاء تبريرات، ورخص للانتحار، أو الموت الرحيم كما نرى في أوربا، وغيرها الخ؛ فهل هذه الأمور ستدخل في التفسير العصري أم ماذا؟ سؤال مشروع؛ وإلا فما معنى التفسير العصري الذي يتوافق مع متطلبات العصر غير هذه القضايا؟ وإلا، فما الذي لم يعرفه علماؤنا السابقون واللاحقون في تفسير القرآن حتى تهجر تفاسيرهم، وتلقى في الأرشيف، ويخترع تفسير جديد يسمى التفسير العصري لكتاب الله، ويروج لذلك على الهواء مباشرة؟!.