«افتكاسة» جديدة لوزير التعليم تشعل ثورة أولياء الأمور
"نفكر في زيادة أيام الدراسة، الطالب بيدرس 100 يوم ويغيب 265 يوما، وهذا يُحدث فجوة تعليمية"، كلمات قالها وزير التعليم قبل أكثر من أسبوع مضى على جلسة استجوابه في البرلمان، والتي أثارت جدلًا واسعًا، وبين تصريح وآخر لوزير التعليم تتباين ردود فعل أولياء الأمور والمختصين في الشأن التعليمي، وإن كان مُعظمها ترفض قرارات الوزير غير المدروسة – بحسب وصفهم.
وأثار المُقترح تساؤلات عدة على رأسها، هل سيفاقم زيادة أيام الدراسة أزمة عجز المُعلمين؟ وهل ستحتاج الوزارة ميزانية جديدة لاسيما بعد زيادة جداول الحصص للمعلمين؟ وكيف يؤثر تطبيقه على سير العملية التعليمية بشكل عام؟ وأين تكمن المشكلة الرئيسية بشأن أيام الدراسة وما الحلول الواقعية لها؟
غياب دائم
"المهم العيال تروح، التلاميذ قعدوا في البيت من شهر ديسمبر، والمدارس مش بتفعل الغياب علشان الطلاب ما تروحش"، سلطت أسماء فخري، أثناء حديثها مع «النبأ»، الضوء على أزمة جديدة قديمة متعلقة بأيام الحضور الحقيقية للطلاب في المدارس.
"حضرتك إلغي الأعياد والإجازات الرسمية، واعمل للعيال مدارس في المصايف"، هكذا سخرت هبة محمود (ولية أمر) من زيادة أيام الدراسة..
"هو في طالب بيروح المدرسة أصلًا، الوزارة مغيبة"، هذا ما أكدته فوزية عبد السلام، مُستنكرة خلال حديثها مع «النبأ» الغفلة عن الأوضاع الموجودة بالمدارس، لا سيما أن الطُلاب معتمدون كُليًا على الدروس الخصوصية، "دي الدروس بتبدأ من 7 الصبح لـ11 بالليل، والمُدرس بيقبض مرتبه عادي جدًا".
حسبة بِرما
ويبدو أن البعض لم يستوعب «حِسبة» وزير التعليم لعدد أيام الحضور في المدارس، ووصفوها بـ«حِسبة بِرما» لاسيما وأنه بحسب بعض المختصين، أنه أيام الحضور الفعلية تقترب بالفعل من الرقم الذي أعلن عنه الوزير، بعد اقتطاع الإجازات الرسمية في الأعياد والمناسبات، والإجازة الأسبوعية يوم الجمعة بالإضافة للسبت في مدارس أخرى.
ورغم ذلك تجد عبدالرحمن أبوالخير، (ولي أمر)، يستنكر تصريح الوزير بشأن أيام الدراسة المائة، باعتبار أن الدراسة تبدأ من شهر أكتوبر وتنتهي في شهر يونيو؛ لتبدأ إجازة نهاية العام الدراسي، "تصريح غريب جدًا، الوزير بيقول 265 يوم إجازة، والسنة كلها 365 يوم، يبقى إجازة الدراسة 100 يوم بس، يعني 3 شهور، إزاي والدراسة بتبدأ في شهر 10 وتخلص في شهر 6، والعيال بتاخد إجازة نهاية السنة 4 شهور، يعني الدراسة 8 شهور مش 3".
"ارحمونا.. كرهتونا في الدراسة والمذاكرة، العيال ما عندهاش وقت تعمل أي حاجة بسبب المنهج"، وتعبر دينا الجوهري (ولية أمر)، عن معاناتها ومعاناة أطفالها، الذين لم يجدوا وقتًا للترفيه أو ممارسة أنشطة رياضية، "حرام ما بنعرف نودي تدريب ولا نخرج بسبب المنهج المليان والعيال اتعقدت وكأننا داخلين سباق طول الأسبوع".
زود براحتك
ورغم رفض السواد الأعظم من أولياء الأمور لزيادة أيام الدراسة، إلا أن كان للبعض رأي آخر مؤيدًا قرار الوزير لأسباب كثيرة.
"زود براحتك، ولم العيال من الشوارع، يا رب تخلي السنة الدراسة 10 شهور زي زمان، كانت الإجازة شهرين وكنا بنروح المدارس من السبت للخميس"، كان ذلك رأي محمود عباس (ولي أمر)، خلال حديثه مع «النبأ الوطني»، معتبرًا أن المدرسة أفضل من الشارع –بحسب وصفه.
لم يكتفِ "شوقي" بهذا التصريح فقط، وأشار إلى نقطة مهمة جدًا ومتصلة بصورة وثيقة بما وصفه الوزير فجوة تعليمية، -بحسب وصف المختصين- لاسيما وأنه أشار إلى أعداد الطلاب الجُدد التي تستقبلهم الوزارة سنويًا، والذي يصل إلى 800 ألف تلميذ، الأمر الذي يضاعف الاحتياج للفصول، بواقع 200 ألف فصل سنويًا، مع الإشارة إلى أن الفصل الواحد يُكلف 500 ألف جنيه.
الأزمة في قلة المدراس
"مشكلة أيام الدراسة الحقيقية ليست متوقفة على الواقع العملي للأيام الدراسية وحسب، ولكن قلة المدراس هي السبب الرئيسي في الأزمة"، بهذه الكلمات أوضح، ممثل المُعلمين المستقلين والخبير التربوي، مُحب عبود، أثناء حديثه مع «النبأ الوطني»، مشكلة قلة أيام الدراسة الفعلية.
"على سبيل المثال التلاميذ يتوقفون عن الدراسة عمليًا قبل إجازة نصف العام بأسبوعين، وذلك بسبب البدء في الامتحانات الأخرى سواء كانت عملية أو امتحانات صفوف أخرى، وهذه جميعها أيام دراسية مهدرة ولا نستطيع أن نستغلها بالفعل بالوضع الحالي مع العجز في عدد المدارس مقابل أعداد الطلاب، ولذلك لابد من بناء مدارس أكثر لاستيعاب الأزمة بدلًا من زيادة أيام الدراسة، حتى لا تنعقد لجان الامتحان في أماكن قاعات التدريس وبالتالي يُصبح هناك تعطيل دراسي"، بحسب «عبود».
لا يُسمن ولا يغني من جوع
ويرى محب عبود، أن الحديث حول زيادة أيام الدراسة دون التطرق إلى حديث واضح عن حل نقص أعداد المدارس، إنما هو "حديث لا يسمن ولا يغني من جوعٍ"، وفي حالة القرار لن تُحل الأزمة مُطلقًا، بينما سنجد أنفسنا أمام أيام دراسية مُهدرة أكثر، ليصبحوا شهرين أو ثلاثة مُهدرين، لأنه لم يتم زيادة عدد المدارس.
وبين تفاقم أزمة وخلق أخرى تقع خطوة زيادة أعداد أيام الدراسة، لاسيما وأنه في حالة تطبيقها، سيؤدي إلى تفاقم أزمة عجز المُعلمين للحاجة إلى معلمين لإسناد الحصص الجديدة إليهم، بينما في حالة التغاضي عن ذلك وتحميل المعلمين الحالين حصصا إضافية على نِصاب عدد الحصص، سيكون ذلك أمرا مرفوضا لدى المُعلمين، وسيؤدي إلى أزمة جديدة تضرب المنظومة التعليمية، وذلك لأن وزير التعليم يتعامل بطريقة إصدار الفرمان، وليس هناك حصص إضافية بالأجر ولن يلتفت إلى أن الحد الأقصى لعدد الحصص الأسبوعية 24 حصة، من وجهة نظر، الخبير التربوي مُحب عبود.
واختتم عبود حديثه مع «النبأ»، بالتأكيد على أن تطبيق كلمة السر لحل جانب كبير من المُشكلات التي تعانيها المنظومة التعليمية الآن، تتمثل في بناء مدارس جديدة، وقال: أؤكد، بناء مدارس وليس فصول، حتى لا يتم استغلال فناءات المدارس وتحويلها لفصول، وتتحول لمعتقلات، ولكن غير مفهوم أنه لم يتم إيجاد حل حقيقي للمشكلة، وتسعى الوزارة إلى زيادة عدد أيام الدراسة!
طبيعة خاصة
"مشكلة وزير التعليم، أنه دائما يُقارن بين نظام التعليم في مصر والدول الأوروبية"، من وجهة نظر الخبيرة التربوية، الدكتورة بثينة عبدالرؤوف، مُضيفةً أن التعليم في مصر له طبيعة خاصة، ولذلك تم اختيار إجازة نهاية العام لتكون في فصل الصيف، ما بين يوليو إلى آخر أغسطس، وهذا الاختيار لم يأتِ عبثًا، ولكن مراعاة لظروف الطقس الحار في تلك الفترة والتي يصعب معها استيعاب الطلاب والتحصيل الدراسي.
واختتمت «بثينة» تصريحاتها، بأنه من الأولى أن يحل وزير التعليم، أزمات المنظومة التعليمية أولًا، على رأسها عجز المُعلمين، ونقص أعداد المدارس والأبنية التعليمية، مؤكدة أن حل تلك الأزمات سيؤدي إلى تطوير التعليم، ويسمح للوزير بتطبيق مقترحه بزيادة أيام الدراسة.