كواليس هدم القرية الكونية بـ6 أكتوبر لإنشاء مدارس استثمارية تخدم الكبار
في أواخر شهر سبتمبر الماضي، كشف الصندوق السيادي عن استغلال أراضي القرية الكونية بأكتوبر في إنشاء مجمع تعليمي ومجمع مدارس ومجمع رياضي وسكن للطلاب والمُدرسين، إضافة لمنتزه وحدائق خضراء ومسرح ومنطقة تجارية، كما ستتم إعادة استغلال المدينة العلمية الاستكشافية في إقامة مجمع تعليمي ترفيهي.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى، أصدر قرار رقم 459 لسنة 2020، بنزع صفة النفع العام القرية الكونية ضمن بعض أملاك الدولة ونقل ملكيتها لصالح صندوق مصر السيادي.
وتقع القرية الكونية على طريق "الفيوم الواحات" بمدينة السادس من أكتوبر، حيث أُقيمت على مساحة 190 فدانًا، وتم بناؤها عام 2007 بتكلفة مالية تقترب من 355 مليون جنيه، وهي عبارة عن مجسم مصغر لكل المعالم الموجودة في العالم، وتعدّ أول قرية تعتمد على بناء مجسمات حقيقية يمكن لزائريها التحقق منها.
وبحسب أيمن سليمان، المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي، فإن القرية الكونية سيتم استغلالها في التعليم من خلال بناء مجموعة من المدارس بكافة المستويات، وستكون جزءا كبيرا من هذه المدارس لتقديم تعليم للطبقة المتوسطة، وسيقوم الصندوق السيادي المصري باستغلال أرض القرية الكونية في إنشاء 6 مدارس بالتعاون مع شركة "جيمس مصر" للتعليم.
وأضاف سليمان، أن الصندوق يسير وفق خطة استراتيجية عبر صناديقه الفرعية لتعظيم العوائد على أصول الدولة، عبر نماذج شراكة مبتكرة، حيث سيتم استغلال جزء من أرض القرية الكونية لإنشاء مدرستين بالشراكة مع مستثمر مالي وطني، وبإدارة شركة عالمية متخصصة في المجال التعليمي، وهو النموذج الذي نسعى لتكراره في محافظات متعددة.
وأشار سليمان إلى أنه تم تحقيق المعادلة المناسبة في هذه الشراكة التي تتمثل في، أرض غير مستغلة ومستثمر وطني طموح وإدارة عالمية محترفة، لتحقيق عوائد مالية جيدة مناسبة لمتوسط عوائد شركات الاستثمار المحترفة.
ولفت إلى أن قطاع التعليم في مصر من القطاعات الواعدة التي تحقق عوائد جيدة ومستقرة في ذات الوقت، بما يمثل عامل جذب لرؤوس الأموال المحلية والدولية، وكذلك تقديم مناهجنا الوطنية المتميزة وفقًا لأفضل المعايير الدولية، مما يشكل دعمًا للطبقة المتوسطة في مواجهة ظواهر مثل قوائم الانتظار، وأعباء وصعوبات الدروس الخصوصية، كما أن هذه المدارس ستقدم خدمات تعليمية متميزة بأسعار معتدلة لتخاطب القاعدة العريضة من الشعب المصري وزيادة التنافسية مما يدفع رواد هذا القطاع إلى تقديم خدمات تعليمية أفضل بمصاريف معتدلة.
ما هي مجموعة جيمس مصر؟
جيمس مصر هي شركة استثمار تعليمية مشتركة بين المجموعة المالية هيرميس المصرية، ومجموعة جيمس للتعليم الإماراتية، جرى الإعلان عنها لأول مرة في مايو 2018، بحسب بيان سابق من هيرميس.
وتستهدف الشركة إنشاء محفظة متميزة من المدارس الخاصة "لغات ودولية" بأبرز المدن المصرية على مدار خمس سنوات، بدءا من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر الدراسي أي نهاية التعليم الثانوي بحسب نظام التعليم المصري، وفقا لبيان هيرميس للبورصة المصرية يوم 20 مايو 2018.
وتعدّ هيرميس أحد أبرز بنوك الاستثمار في الشرق الأوسط، ولديها أعمال في 12 دولة، كما أنها مدرجة في البورصة المصرية ضمن مؤشرها الرئيسي EGX30، بحسب موقع الشركة وموقع البورصة المصرية.
وتأسست مجموعة جيمس الإماراتية عام 1959، والمجموعة تعمل في أكثر من 13 دولة حول العالم، وبها أكثر من 200 ألف طالب في بلاد مثل الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا وفرنسا وبريطانيا وماليزيا وسنغافورة بالإضافة إلى العديد من دول الشرق الأوسط، بحسب بيان سابق من المجموعة المالية هيرميس.
وتمتلك جيمس للتعليم 4 مدارس في مدينة مدينتي التابعة لمجموعة طلعت مصطفى، وتبني حاليا مدرسة دولية خامسة في مدينة الرحاب التابعة أيضا لمجموعة طلعت مصطفى، والتي من المقرر بدء تشغيلها في 2021.
ويبلغ عدد الطلاب في مدارس جيمس مصر حاليا أكثر من 6 آلاف طالب، ويعمل بها نحو ألفين من المدرسين والإداريين، وتسعى الشركة للوصول إلى استيعاب ما بين 25 إلى 30 ألف طالب من خلال الاستحواذ على مدارس أو بناء مدارس جديدة.
وكانت مجموعة جميس كشفت العام الماضي اعتزامها ضخ استثمارات في السوق المصرية بقيمة 300 مليون دولار خلال 30 شهرًا، عبر تدشين 30 مدرسة على مستوى الجمهورية.
ووفقًا لبيان صادر عن البورصة المصرية، دخلت المجموعة المالية هيرميس وجيمس للتعليم، في تحالف مع مجموعة طلعت مصطفى في نهاية مايو 2018، بهدف تشغيل وتطوير مجموعة من المدارس الدولية واللغات لتقديم خدمات تعليمية لساكني مدينتي الرحاب ومدينتي، وبموجب هذا التحالف استحوذت جيمس للتعليم على مجموعة مدارس مملوكة لطلعت مصطفى في مدينتي، والتي تديرها حاليًا، مقابل مليار جنيه.
إلى ذلك قال الدكتور طلعت عبدالحميد، الخبير التربوي، إن هذه أزمة كبيرة جدًا، خاصة وأن القرية الكونية لم يمضي على بناءها 20 عامًا، وكانت قرية تعليمية تهتم ببناء الفكر والثقافة.
وأضاف، أن أزمة المسئولين حاليًا هو الاتجاه للقطاع الاستثماري، وتحقيق الأرباح بات الهدف الأول لكل وزارة، موضحًا أن إنشاء مدارس استثمارية خاصة على أرض هذه القرية "أزمة"، خاصة وأنها لن تكون متاحة إلا لفئة معينة من المواطنين الذين يستطيعون تحمل تكلفة إدخال أبنائهم إلى هذه المدارس.
وأشار إلى أن هذه المدارس الخاصة من المتوقع أن تكون مصروفاتها تتراوح بين 30 إلى 60 ألف جنيه للتلميذ الواحد سنويًا، لافتًا إلى أن وجود أزمة في العملية التعليمية ككل، بدءا من المناهج إلى مستوى المدرسين إلى البنية التحتية في المدارس.
ووصف الخبير التربوي، وزير التعليم بـ"وزير رابعة ابتدائي"، موضحًا أن كل ما يشغل بال الوزير حاليًا سواء في وسائل الإعلام أو حتى التصريحات الرسمية هي أزمة الصف الرابع الابتدائي، متسائلًا: "أين بقية الصفوف التعليمية؟".