قالت الحكومة الهندية إن تجريم بعض الدول الغربية لما يسمى "الاغتصاب الزوجي" لا يعني أن نتبعها "كالعميان".
الحكومة الهندية ترفض تجريم "الاغتصاب الزوجي".. ما علاقة مصر بالموضوع؟
قالت الحكومة الهندية إن تجريم بعض الدول الغربية لما يسمى "الاغتصاب الزوجي" لا يعني أن نتبعها "كالعميان".
وحسب مذكرة أرسلتها الحكومة الهندية إلى محكمة دلهي العليا، ونشرها موقع صحيفة هندوستان تايمز، فقد رفضت أن تنساق المحكمة خلف تلك الدعاوى، مشددة على أن "الهند لديها مشاكلها الفريدة الخاصة بها بسبب عوامل مختلفة، وينبغي النظر فيها بعناية قبل تجريم ما يسمى "الاغتصاب الزوجي".
وتنظر المحكمة العليا في الهند مجموعة من الالتماسات التي تسعى إلى تجريم الاغتصاب الزوجي في البلاد هذه الأيام، وهو ما استدعى من الحكومة الهندية تدخلا لتأكيد موقفها.
وعن العوامل المختلفة التي تحكم رؤية مثل هذه الامور داخل الهند، قالت الحكومة في مذكرتها: "الهند لديها مشاكلها الفريدة بسبب عوامل مختلفة مثل محو الأمية، ونقص التمكين المالي لغالبية الإناث، والتنوع الواسع، والفقر، وما إلى ذلك، مما يجب أخذها في الاعتبار بعناية قبل تجريم الاغتصاب الزوجي".
كما لفتت الحكومة مجددًا إلى موقفها السابق لعام 2017، مشيرة إلى أن هناك تنوعًا كبيرًا في ثقافات الولايات الهندية ومن الضروري مناشدة حكومات الولايات في هذا الشأن لمعرفة رأيها لتجنب أي تعقيدات في مرحلة لاحقة.
وقالت إنه حتى في تقريرها 172 المعنون مراجعة قوانين الاغتصاب، نظرت اللجنة القانونية في الأمر ولم توصِ بتجريم الاغتصاب الزوجي.
وقالت الحكومة أيضا إن المحكمة العليا ليس لديها سلطة التشريع في هذه القضية، مضيفة أن المحاكم لا يمكنها اغتصاب سلطة المجلس التشريعي.
وفي تكرار لتخوفاتها في 2017 من إساءة استخدام جريمة الاغتصاب الزوجي، قالت مذكرة الحكومة: "لا يمكن استبعاد الأمر نفسه" لافتة إلى إن "الضمانات الإجرائية الكافية يجب أن توضع في مكانها الصحيح".
وفي إفادة خطية في أغسطس 2017، قالت الحكومة إن المحكمة العليا ومختلف المحاكم العليا قد لاحظت بالفعل تزايد إساءة استخدام القسم 498A (مضايقة امرأة متزوجة من قبل زوجها وأقاربه) من قانون العقوبات الهندي، لافتة كذلك إلى أن الاغتصاب الزوجي لم يتم تعريفه في قانون، وبينما يتم تعريف جريمة الاغتصاب بموجب المادة 375 من قانون العقوبات الإسلامي، فإن تعريف الاغتصاب الزوجي يتطلب توافقًا واسع النطاق في المجتمع.
وفي منتصف يناير/ كانون الثاني الجاري، أبلغت الحكومة المحكمة العليا أنه لا يمكن تحويل الاغتصاب الزوجي إلى جريمة جنائية حتى اكتمال الاستشارات مع جميع أصحاب المصلحة، مما يمهد الطريق لتعديلات شاملة في القانون الجنائي بدلًا من التغييرات "الجزئية".
مصطلح «الاغتصاب الزوجي» ظهر في مصر الفترة الماضية وأثار الكثير من الجدل، بعد الفيديو الذي نشرته ندى عادل طليقة المطرب الشاب تميم يونس
وكان مصطلح «الاغتصاب الزوجي» قد ظهر في مصر الفترة الماضية وأثار الكثير من الجدل، بعد الفيديو الذي نشرته ندى عادل طليقة المطرب الشاب تميم يونس، والذي اتهمته فيه باغتصابها، معربة عن أسفها لعدم وجود قانون يحمي الزوجات من هذا السلوك، معبرة عن استيائها مما وصفته بتأييد بعض رجال الدين لهذا السلوك، مما دفع البعض للمطالبة بتجريمه.
من جانبه، رفض الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، استخدام مصطلح الاغتصاب الزوجي وفضل عليه استخدام "إكراه الزوجة على المعاشرة الجنسية".
وقال كريمة إن "إكراه الزوجة على المعاشرة الجنسية ممنوع ومحظور في الشريعة الإسلامية" وإن "المعاشرة الجنسية والحميمية بين الزوج وزوجته لا بد أن تتم بكامل الرضا والتوافق الوجداني".
من جهتها قالت رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، نهاد أبو القمصان في فيديو على صفحتها "حكايات نهاد" على فيسبوك" إن "الذى يغتصب امرأة تحت أي مبرر شخص مجرم وسادي"، ودعت لعدم استغلال مجال التفسير والتأويل في الأحاديث وأحكام الدين لخدمة مصالح خاصة.
وقد أجاب مرصد الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عن حكم الاغتصاب الزوجي في الإسلام، مؤكدا أن الحقوق الزوجية مرتبطة ومتشابكة ومرتبة على بعضها، وأنه لا دلالةَ في أي حديث شريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم على جواز إيذاءِ الزوجة؛ جسديًّا أو نفسيًّا، أو إغفال تضرُّرها من فُحشِ أخلاقِ الزوجِ أو سوء عِشرته.
وأضاف المرصد في حكم الاغتصاب الزوجي في الإسلام، أن هناك أدلة أخرى على أن الزوجَ مأمور بحسنِ عشرةِ زوجته، منها قولُه سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. [النساء: 19]، وقاله ﷺ: «استوصُوا بالنِّساءِ خيرًا». [متفق عليه].
وتابع في فتواه عن حكم الاغتصاب الزوجي في الإسلام: «يَنهى الشرعُ الشريفُ أن يُفرِّط أحدُ الزوجين في الحقِّ الإنساني لصاحبه أو في علاقتهما الخاصة، والذي يحصلُ به مقصودُ الزواج من المودةِ والرحمةِ والإعفافِ وإعمارِ الأرض، كما ينهَي الشرع عن إلحاقِ أحدِ الزوجين الضررَ بصاحبه، سواء أكان الضررُ حِسِّيًّا أم معنويًّا، لقوله ﷺ: «لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ».
واستكمل: كما حرَّم الشرعُ امتناعَ الزوجة عن زوجها بغير عُذرٍ؛ حرَّم على الزوج الامتناعَ عن زوجته بغير عذرٍ كذلك، وأوجب عليه إعفافَها بقدر حاجتها واستطاعته.
وأكد في حكم الاغتصاب الزوجي في الإسلام، أن علاقة الزواج علاقةٌ روحيّةٌ وإنسانيّةٌ قوامُها الدين، والرحمةُ، والاحترامُ المتبادل، وحفظُ الأمانات، ومراعاةُ الخصوصية، حتى حين البحث عن حلول للمشكلات، والزواج الشرعي مُكتمِلُ الشروط والأركان لا تُناسبُه أوصافُ الجرائم والانحرافات.
وأوضح أنه عند جمعِ النصوص والأحكام الشرعية المتعلقة بالزواج في الإسلام؛ نرى صورةً كاملةً من تشريعات حكيمة، قرّرت حقوقَ كل طرف، وحقوقَ صاحبِه عليه، وواجباتِه، وواجباتِ صاحبِه تجاهَه، في فقهٍ مَرنٍ ومُتكامل، يزيل الضَّرر، ويجعل لكلِّ حالةٍ حُكمًا يُناسبها، ولا يكون ذلك إلا بجمع الأدلة الواردة في المسألة الواحدة، وباعتبار مُقرَّراتِ الدين وضوابطِه ومقاصدِه من قِبل أهل الفُتيا والاختصاص.
وأشار المركز إلى أن له جهدٌ أيضًا في نشر التوعية الأسرية الصحيحة، وتأهيل المقبلين على الزواج من خلال برنامج التوعية الأسرية والمجتمعية، الذي بلغ عدد المستفيدين من دواراته وندواته في الجامعات ومراكز الشباب وقصور الثقافة وغيرها من الهيئات والمؤسسات في جميع المحافظات: 3،5 مليون مواطن خلال عامين ونصف.
وكانت دار الإفتاء المصرية ردت على الجدل المثار حول قضيةالاغتصاب الزوجي عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بأن «العلاقة بين الزوجين مبنية على المودة والرحمة.. وينبغي على الزوجين أن يحترم كل منهما نفسية الآخر».
ويقول الشيخ عبد الحميد الأطرش، عضو لجنة الفتوى السابق، أن النبي صلّ الله عليه وسلم، قال «أيما امرأة باتت هاجرة فراش زوجها، باتت تلعنها الملائكة حتى تصبح» مشيرا إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تمنع نفسها عن زوجها، ولو كانت على ظهر بعير أو أمام تنور، لافتًا إلى أن النبي صلّ الله علية وسلم، قال: «اجعلوا بينكم وبين نسائكم رسول، قالوا يا رسول الله ما الرسول، قال القبلة»، وعلية نهى النبي صلّ الله علية وسلم أن يأتي الرجل زوجته كالحمار، فعليه أن يقبل وأن يداعب، فالمعاشرة لا بد فيها من تهيئة الزوجة لزوجته نفسيًا قبلها، وإذا خلت الحياة الزوجية من المودة باتت بهيمية.
وتابع الأطرش، أن النبي حذر من ضرب المرأة، فقال «لا يكن أحدكم كالحمار يضرب بالنهار ويقبل بالليل»، فالحياة الزوجية سكن ومودة ورحمة، وقال عنها ربنا عز وجل «هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ»، مشيرًا إلى أن الحياة الزوجية إذا خلت من الرحمة والمودة أصبحت حياة بهيمية، لا حياة زوجية.
وأضاف رئيس لجنة الفتوى السابق، أن سبب خراب البيوت وفسادها، التلفون المحمول والإنترنت وغيرها من وسائل التكنولوجيا، التي استخدمناها على غير مرادها، فقد انشغل بها الزوج عن زوجته والزوجة عن زوجها، وكذلك الأبناء كل منهم في وادي، مما أدى إلى تقطع أواصر الأسرة، فلا شك أن وسائل التكنولوجيا تعبر عن تقدم هائل ولكننا نستخدمها بشكل غير صحيح، ولذلك نعيش هذه الأيام انفلات أخلاقي ليس بعده انفلات.
من جانبه، قال الدكتور مبروك عطية، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر في تصريحات خاصة لـ«الوطن»: «إن الاغتصاب الزوجي لا وجود له في شرع الله، فالزوجة شىء والأجنبية المغتصبة شىء آخر، وأرى أنه لا مشكلة في التعبير به من باب البلاغة، فالذي يدعو زوجته إثر إغضابها أو بعد التنكيد عليها لا يستمتع بها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه البخاري، «لا يضرب أحدكم زوجته ضرب العبد وقد يحتاج إليها بالليل» يعنى لا تنكد عليها بالنهار وتطلب منها أن تكون فرحة سعيدة مهيأة نفسيا».
وأضاف «عطية»: «لا يوجد اغتصاب زوجي فهي زوجته في كل الأحوال، لكن إذا نكد عليها وطلبها بعد النكد فهو غبي لأنه أشبه ما يكون بالمغتصب، ولن تعطيه ما يتمنى من إمتاع، إنما تعطي الإمتاع هي الزوجة المهنأة السعيدة، اللآكلة الشاربة المكسوة المعالجة إلى غير ذلك من حقوقها عليه».
وأكد أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أنه لا يحق للزوج أن يُجبر زوجته على المعاشرة الجنسية، فإذا كانت المرأة لا تجبر على الحياة معه؛ لأنه ليس هناك عيشة بالإكراه، وبالتالي فإجبار الزوج زوجته على العلاقة الجنسية توحش منه، ولا يصح ذلك، «ولا يليق أن تنكد عليها، لكن الزوج النكدي أو البخيل جلدة يجبرها على العلاقة الجسدية، ولكنه سيرى منها ما لا يخطر على بال من صدود وتأنيب وتكشير فهل هذه متعة؟»
من جانبه قال الدكتور سعيد عامر، الأمين العام المساعد للدعوة، إن الاغتصاب الزوجي أمر لا يجوز، حيث إن حال إعراض الزوجة عن العلاقة لأي سبب بدني أو نفسي، فإنه لا ينبغي على الزوج أن يُصر على ذلك ويصل به الأمر لاغتصابها، بل عليه أن يكون مقدرا للظرف.
وأضاف «عامر»، أن الاغتصاب الزوجي والإكراه مكروه شرعًا، مصداقًا لقول الله تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا»، وأن العلاقة الزوجية هي حق مشترك بين الزوج والزوجة والحق يُطلب بحقه، مؤكدا ضرورة أن يُحسن الزوج في معاشرة زوجته، وأن يمطرها بالكلام الطيب، ويقدم لها الهدايا الجميلة، وأيضا يُحسن هيئته، متابعا "لو طلب عينيها لن تتأخر".
واستشهد «عامر» بقول الرسول عليه السلام: «استَوصوا بالنِّساءِ خيرًا فإنَّهنَّ عندَكُم عَوانٍ»، وقال أيضًا «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»، مؤكدًا في الوقت ذاته، أن الحياة الزوجية ليست بالعنف والإكراه.