بعد اختياره رئيسا للحكومة الليبية خلفا للدبيبة.. من هو فتحى باشاغا وعلاقته بمصر وتركيا والإخوان؟
أعلن مجلس النواب الليبي، اليوم الخميس، أن المجلس صوت بالإجماع على اختيار فتحي باشاغا رئيسا للحكومة.
وقال المتحدث الرسمي إن "مجلس النواب يصوت على منح الثقة للسيد فتحي باشا آغا رئيسا للحكومة بإجماع السادة الحاضرين".
جاء ذلك خلال ترؤسه الجلسة العامة التي عقدت، اليوم الخميس، وخصصت للنظر في تعديل الإعلان الدستوري واختيار رئيس وزراء جديد، حيث قال صالح إن "البرلمان تسلم رسالة من المجلس الأعلى للدولة تؤيد تزكية المرشح فتحي باشاغا لتولي رئاسة الحكومة، كما تمّ إبلاغه باعتزام المرشح الثاني خالد البيباص الانسحاب من المنافسة على هذا المنصب".
اختيار فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الليبية يتوقع أن يثير الكثير من الجدل خلال الفترة القادمة لأسباب كثيرة منها، أن باشاغا متهم من قبل جميع الأطراف السياسية الفاعلة في المشهد الليبي، فالبعض يقول أنه محسوب على تركيا والبعض يؤكد أنه محسوب على مصر، فيما يذهب البعض إلى أنه مرشح الإخوان المسلمين في ليبيا.
الدبيبة يرفض تسليم السلطة
تأتي هذه التطورات في الوقت الذي أكد فيه رئيس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا، عبد الحميد الدبيبة التنحي وتسليم السلطة.
وقال الدبيبة، في خطاب هذا الأسبوع، إنه لن يسلم السلطة إلا بعد إجراء الانتخابات. وقالت مستشارة الأمم المتحدة الخاصة بشأن ليبيا ودول غربية إن شرعية حكومة الوحدة الوطنية ما زالت قائمة.
وتقول حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا، والتي جرى تنصيبها قبل نحو عام من خلال عملية سلام مدعومة من الأمم المتحدة، إن التفويض الممنوح لها ما زال ساريا وإنها لا تعتزم التنحي.
نواب يطالبون بتغيير حكومة الدبيبة وإحالتها للتحقيق في شبهات الفساد المثارة حولها
وكان اثنان وعشرون نائبا من المنطقة الغربية في ليبيا قد طالبوا رئيس البرلمان بتنصيب فتحي باشاغا رئيسا للحكومة بديلا عن عبد الحميد الدبيبة.
كما طالب 15 عضوا بالبرلمان الليبي، بتغيير الحكومة التي يقودها عبد الحميد الدبيبة وإيقافها عن العمل ثم إحالتها على التحقيق، في شبهات الفساد المثارة حولها والمخالفات القانونية التي ارتكبتها.
جاء ذلك في بيان أصدره الـ15 نائبا، ودعوا من خلاله رئاسة البرلمان بتضمين بند اختيار رئيس حكومة جديد لجدول أعمال الجلسات القادمة، لتشكيل حكومة تكنوقراط مختصرة ذات مهام محددة أهمها الترتيبات الآنية لرفع القوة القاهرة وتوحيد المؤسسات ووقف الفساد لتهيئة الساحة الليبية للانتخابات، معلنين تبرؤهم من "حكومة الفساد برئاسة عبدالحميد الدبيبة".
المجلس الأعلى للدولة الذي يتزعمه خالد المشري يؤيد ترشيح فتحي باشاغا لرئاسة الحكومة الجديدة
وقد أيد المجلس الأعلى للدولة، الذي يتزعمه خالد المشري المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، ترشيح وزير الداخلية السابق، فتحي باشاغا لرئاسة الحكومة الجديدة، وفق ما أعلن رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، اليوم الخميس، وهذا من تناقضات المشهد الليبي.
من هو فتحي باشاغا
وُلد فتحي علي عبد السلام باشاغا في 20 أغسطس 1962 في مدينة مصراتة، ليبيا. بعد إتمام المرحلة الثانوية تخرَّج من الكلية الجوية برتبة مُلازم ثان طيار مقاتل واختُير ضمن 5 ضُباط للاستمرار بتدريب الطلبة بعد اجتيازه لدورة التدريب وبقي فيها إلى أن استقال من السلاح الجوي عام 1993 وانتقل لتجارة الاستيراد وعمل في هذا المجال. وبعد قيام الثورة الليبية 2011، تشكلت وقتها اللجنة القضائية وهي اللجنة التي استدعت الضباط العاملين والمُستقيلين لتكوين لجنة عسكرية وكان أحد أعضاء المجلس العسكري لمصراتة.
في 2011، التحق بالمجلس العسكري رئيسًا لقسم المعلومات والإحداثيات، ثم ناطقًا باسم المجلس العسكري لمصراتة. وانضم إلى اللجنة الاستشارية في هيئة المصالحة الوطنية. وعمل عضوًا بمجلس الشورى مصراتة في 2012.
انتخب لعُضوية مجلس النواب عن مدينة مصراتة 2014. قرر مُقاطعة مجلس النواب ضمن مجموعة من نواب مصراتة. ورُشِّح في 2015 لرئاسة مجلس الدفاع والأمن القومي بحكومة الوفاق واعتذر عن قَبول المنصب. في 2016، شارك في لجنة الحوار السياسي عن مجلس النواب. وفي أكتوبر 2018، قررت حكومة الوفاق تكليفه بمهام وزير الداخلية.
في 28 أغسطس 2020، تم إيقاف باشاغا عن العمل كوزير للداخلية وسط احتجاجات في طرابلس، ثم تمت إعادته بعد تحقيق إداري على صلة بإطلاق النار على تظاهرات شهدتها العاصمة طرابلس.
من هم رجال تركيا في ليبيا؟.. باشاغا وتركيا والإخوان
ويتهم البعض باشاغا بأنه محسوب على تركيا، حيث قال المحلل السياسي الليبي أبو يعرب البركي، في تصريح لـ "العربية.نت" و"الحدث.نت" من خلال تقرير تحت عنوان «العربية.نت تبحث في أصولهم.. من هم رجال تركيا في ليبيا؟» أن من الأسماء الأخرى التي تتصدر المشهد السياسي في ليبيا وتعول عليها تركيا لشرعنة تدخلها في ليبيا، وزير الداخلية فتحي باشاغا المحسوب على تنظيم الإخوان المسلمين، الذي رغم أن لقبه يوحي بأنه من أصل تركي، إلا أنه ينتمي لقبيلة أولاد الشيخ البدوية بمدينة مصراتة، وهو من أشدّ المدافعين على قانونية الاتفاقين البحري والأمني الموقع مع تركيا، والمروّجين للعلاقة المتميزة مع تركيا والتعاون الكبير بين البلدين، كما سوّق أن "الموقف التركي لا يعتبر تدخلا في ليبيا"، وهو على تواصل دائم مع المسؤولين الأتراك، وكان من أهم مهندسي الدعم العسكري الذي حصلت عليه قوات الوفاق.
وفي شهر سبتمبر الماضي، شدد وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا، خلال لقاء مع مفكرين وأكاديميين وصحفيين أتراك في إسطنبول، على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد من أجل توحيد ليبيا وتنميتها، مؤكدًا نيته الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة.
ودعا باشاغا في لقائه تركيا إلى فتح قنوات حوار مع الشرق الليبي قائلًا: "كان دور تركيا إيجابيًا في المنطقة الغربية، ونأمل لها أن يكون لها دور إيجابي في المنطقة الشرقية عبر فتح قنوات الحوار معها، نريد أن تشهد المنطقة نهضة كبيرة وعلمية لنتمكن من النهوض بليبيا".
وتابع باشاغا قائلًا: "توقفت الحرب حاليًا وهناك تقارب بين الشرق والغرب وبدأ يتم تأسيس نوع من الأمن عبر بدء حركات الطيران وفتح الطرق الساحلي، يجب على تركيا أن تنظر بعيون أخرى وتفتح جسور العلاقات مع المنطقة الشرقية"، مشيرًا إلى تحسن العلاقات مع مصر قائلًا: "تحسنت العلاقة مع مصر وهناك سفير لمصر في الغرب ولهذا نطلب من تركيا أن تكون في الشرق والغرب، الليبيون تهمهم مصر أكثر من الإمارات لأنها جارة ودولة كبيرة بخلاف الإمارات البعيدة نريد تقليل أعداد أعدائنا".
وحول الاتفاقيات مع تركيا شدد وزير الداخلية الأسبق على "ضرورة الحفاظ على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا لما فيها من مصلحة للبلدين".
وحول ملف الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المنتظرة في ديسمبر قال باشاغا: أنّ الشرق الليبي يدرك أنّ الانتخابات الرئاسية يصعب الفوز بها، فيركز على الانتخابات البرلمانية، بينما القوى الغربية تركز على الانتخابات الرئاسية، لافتًا إلى أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر "فقد شعبيته بين الشعب في المنطقة الشرقية لأنه فقد مشروعه، والناس فقدوا أولادهم، واعتدى على العاصمة وخسر بقية المناطق، والناس دائمًا يبتعدون عن الخاسر".
وأكد على أنّ "ليبيا بحاجة لرئيس قوي يتخذ القرار السليم وينتقل للتنمية قائلًا: "لكن لا نريد حكمًا دكتاتوريًا وعسكريًا، كيف يمكن أن نحصل على رئيس قوي دون أن يكون دكتاتوريًا؟ لا بد من أن يتم الانتخاب من الشعب مباشرة وتصبح لديه سلطة مستمدة من الشعب ومن كل مناطق ليبيا".
وفي شهر نوفمبر الماضي، عقد المرشح الرئاسي الليبي، فتحي باشاغا، اجتماعًا مع السفير التركي لدى ليبيا، كنعان يلماز، لبحث دعمه في الانتخابات المقبلة.
ومن جهته، قال باشاغا على حسابه الرسمى على تويتر، «التقيت اليوم بسعادة سفير تركيا لدى ليبيا كنعان يلماز، للحديث حول آخر تطورات الوضع السياسي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية نهاية العام»، على حد قوله.
وأضاف وزير الداخلية السابق بحكومة الوفاق الليبية باشاغا أن ذلك جاء «في إطار التعاون المشترك مع الدول الصديقة لدعم تطلعات الشعب الليبي في التعبير عن إرادته عبر انتخابات نزيهة وعادلة وشفافة».
وفي تقرير بعنوان «الدفع بباشاغا.. هل يسعى الإخوان لوأد الانتخابات في ليبيا؟»، تم نشره على موقع «العين» الإماراتية، جاء فيه، «يحاول تنظيم الإخوان في لجنة الحوار السياسي الليبي بتونس، الدفع بفتحي باشاغا لتولي منصب رئيس الحكومة الانتقالية لحين الانتخابات».
خبراء سياسيون ليبيون أكدوا بدورهم لـ "العين الإخبارية"، أن تنظيم الإخوان جهز باشاغا لهذا المنصب من خلال إظهاره في ثوب المصلح وصديق الجميع.
وحسب الخبير العسكري والاستراتيجي الليبي العميد الركن شرف الدين العلواني، إن تنظيم الإخوان سيستميت على الوصول للحكم في بلاده، خلال المرحلة الانتقالية، لوأد التجربة الانتخابية قبل ميلادها.
وأوضح العلواني، في تصريح لـ "العين الإخبارية"، أن ليبيا تعد بالنسبة للإخوان "البقرة الحلوب" وبوابة إفريقيا والمنطقة العربية ومن المستحيل أن تتجه بها إلى انتخابات، خاصة أن التجارب الانتخابية السابقة رفضتهم مثلما حدث في مجلس النواب 2014.
وأضاف أن إصرار تنظيم الإخوان على الدفع بمرشحها للحكم لعام واحد انتقالي قبل الانتخابات، خاصة باشاغا يؤكد أنها لن توصل البلاد لهذا الحلم الذي ربما ينهي الأزمة.
وأشار إلى أن اختيار باشاغا عدو الديمقراطية المتهم في مذبحة غرغور ضد المتظاهرين العزل يؤكد ذلك، خاصة مع علاقته القوية مع تركيا.
علاقة باشاغا بمصر.. ملتبسة وغير واضحة
ومرت علاقة باشاغا بمصر بالكثير من التطورات والتغييرات الدراماتيكية، ففي شهر يوليو 2020: قال وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا إن بلاده “لن تقبل الانتقاص من السيادة وتجاوز الحكومة الشرعية”.
جاء ذلك في تغريدة عبر حسابه على موقع “تويتر”، غداة لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بممثلين عن قبائل ليبية في القاهرة، قال خلاله إن بلاده “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام مهاجمة مدينة سرت (شمالي وسط ليبيا)”.
وأضاف الوزير الليبي: “نتحفظ بشدة على ما حدث من مغالطات في اجتماع القاهرة، مع من يدّعون بأنهم يمثلون القبائل الليبية. لا نقبل بالانتقاص من السيادة الليبية، أو بتجاوز الحكومة الشرعية (المعترف بها دوليا)”.
وتابع باشاغا: “على القيادة في الشقيقة مصر أن تدرك بأن مصالحها هي مع الحكومة الشرعية في ليبيا، فاستقرار ليبيا من استقرار مصر”.
وفي شهر نوفمبر 2020، قام وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا بزيارة لمصر، حيث قالت وزارة الداخلية في بيان لها، أن الوزير فتحي باشاغا سيقوم بزيارة إلى مصر في إطار «التعاون بين البلدين والتحديات المشتركة التي تواجههما».
وأشارت الوزارة في بيان منشور على صفحتها بموقع «فيسبوك» إلى أن الزيارة تهدف إلى «تعزيز التعاون المشترك على الصعيد الأمني وتوحيد الجهود لمواجهة خطر الإرهاب والجريمة المنظمة وبما يحفظ الأمن القومي المشترك بين ليبيا ومصر».
وأعرب باشاغا عن «بالغ تقديره لمصر قيادة وحكومة وشعبا على هذه الدعوة، والتعاون البناء في مجال تعزيز الأمن والسلام والاستقرار في ليبيا»، مؤكدا تطلع وزارة الداخلية لـ«العمل الدؤوب بما يعزز العلاقات الاستراتيجية والمتميزة مع الشقيقة مصر بما يحفظ أمن واستقرار البلدين ويحقق الرفاه والازدهار للشعبين الليبي والمصري الشقيقين»، حسب البيان.
وكشفت مصادر مطلعة فى ليبيا، عن أن السفير التركى لدى ليبيا أبلغ وزير داخلية الوفاق فتحى باشاغا، انزعاج الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من زيارة باشاغا لمصر وفرنسا، والذى اعتبر أن هذه الزيارة لا تخدم مصالح أنقرة، حسبما أفاد تقرير لشبكة "العربية" الإخبارية.