رئيس التحرير
خالد مهران

بعد عقود طويلة من التأجيل والتسويف..

نكشف نية الحكومة لطرد سكان قانون الإيجار القديم بخطة «الخروج الآمن»

قانون الإيجار القديم
قانون الإيجار القديم

عادت أزمة قانون الإيجار القديم إلى الواجهة من جديد بعد عقود من الشد والجذب بين الملاك والمستأجرين، ليبدو أنها ستتخذ مسارًا جديدًا بعد تصريحات الحكومة بشأن تشكيل لجنة لحل الأزمة.

وتستهدف تعديلات قانون الإيجار القديم  التى تعتزم الحكومة تقديمها لمجلس النواب خلال الفترة القادمة، حل مشكلة الإيجار القديم بشكل كامل يشمل الشقق السكنية والوحدات الإدارية والمحال التجارية سواء المؤجرة لأشخاص طبيعية، أو اعتبارية.


وكان الإعلان عن عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا لمتابعة ملف الإيجارات القديمة؛ بهدف الوصول إلى صيغة تعيد التوازن بين المالك والمستأجر، كالحجر الذى حرك المياه الراكدة التى ظلت لعقود طويلة تدور في متاهات التأجيل والتسويف.

وشهد الاجتماع الموسع نقاشًا مكثفًا حول الأزمة، حيث وجه «مدبولي»  بتشكيل لجنة مشتركة من الحكومة والبرلمان  تستهدف صياغة مشروع قانون يتم طرحه أولًا على الرأي العام، بهدف إجراء حوار مجتمعي بشأنه، قبل إقراره من قِبل مجلس النواب.

من جانبه، كشف السفير نادر سعد المتحدث باسم رئاسة الوزراء، أن هناك مشروع قانون جاهز، وسيتم طرحه بصفة استرشادية على اللجنة التي تم تشكيلها، وهناك مشروعات قوانين أخرى سواء من مجلس النواب الحالي أو السابق، مؤكدا أن هناك غزارة في مشروعات القوانين.

مصطفي مدبولي رئيس الحكومة

فترة انتقالية للخروج الآمن

وأضاف، أن رئيس الوزراء شدد على ضرورة وجود فترة انتقالية آمنة لإعطاء فرصة جيدة للمستأجرين في القانون القديم، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية تسعى منذ توليها مقاليد الأمور لحل العديد من المشكلات القديمة وتقديم حلولًا جذرية.

وتابع، أن الحكومة سعت لإيجاد توازن في العلاقة بين المالك والمستأجر، موضحًا أنها مشكلة مُلحة، ومجلس الوزراء قرر التصدي لتلك المشكلة، وسيتم إجراء مناقشات بين الحكومة والبرلمان من خلال اللجنة التي شكلها رئيس مجلس الوزراء للاتفاق على مشروع قانون، مشددًا على أن هذا القانون بعد أن يتم الاتفاق عليه سيتم طرحه من أجل الحوار المجتمعي، مضيفًا: «الموضوع معقد ولكنه ليس مستحيلًا على الحل، والحكومة لديها إرادة قوية لحل تلك المشكلة المزمنة».

عاصم الجزار

صندوق تكافل بمساهمة المنتفعين

وكشفت تصريحات الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، عن خطة الحكومة بشأن المستأجرين، أن أحد سيناريوهات الحلول المطروحة هي شقق الإسكان الاجتماعي التى تنفذها الدولة.

واقترح «الجزار»، إنشاء صندوق تكافل للسكن للحالات الأكثر احتياجًا، يساهم فيه المنتفعون من هذا القانون، على أن ينظم هذا القانون ذلك في حالة الإيجار للأغراض السكنية.


وأكد أن الوزارة تنفذ حاليًا، ووفقًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، برنامجًا لإيجار الوحدات السكنية، ضمن وحدات الإسكان التي يتم تنفيذها، لافتا إلى إمكانية أن تكون هذه الوحدات إحدى آليات حل هذه المشكلة.

وأثار إعلان الحكومة عن فتح هذا الملف، ردود أفعال، وجدلا واسعا، ما بين فرحة عارمة من قبل الملاك، الذين يعتبرونه بمثابة استجابة لمطالبهم وحزن وقلق من قبل المستأجرين.

العقارات القديمة

مطالب الملاك

وتتركز مطالب الملاك على أن يكون هناك قانون يساعدهم على الاستفادة من الوحدات الخاضعة للقانون القديم واستعادتها من الورثة، أو التوافق على أوضاعها وقيمتها الإيجارية بما يتناسب مع معطيات الواقع الاقتصادي والمعيشي، بمعنى أن يتم تحرير القيمة الإيجارية لتصبح متوافقة مع القيمة السوقية الحالية، وأن يكون هناك تفعيل للقانون في حالات عدم سداد القيمة الإيجارية أو عدم الالتزام بمدة العقد.

وقال أحمد البحيري المستشار القانوني لجمعية المتضررين من قانون الإيجار القديم، إنه تقدم بمشروع قانون للبرلمان بشأن قانون الإيجار القديم، مشيرا إلى أن التحركات الأخيرة للحكومة كانت متوقعة.

وأشار «البحيري» في تصريح خاص لـ«النبأ» إلى أن مشروع القانون  ينص على أن تكون الأجرة للوحدة السكنية اعتبارًا من سريان العمل بالقانون 150 جنيها لكل غرفة، وبالنسبة للوحدات التجارية والإدارية تكون القيمة 5 أمثال القيمة الحالية للإيجارات، كما يتم إنشاء صندوق خاص للإيجارات السكنية المشمولة بأحكام هذا القانون تحت مسمى صندوق دعم المستأجرين.
وأضاف أن المادة الأولى من مشروع القانون تنص على أن تنتهي عقود الإيجار المُبرمة قبل 1/2/1996، بالنسبة للوحدات السكنية بانقضاء 3 سنوات من تاريخ سريان هذا القانون.

أما الوحدات التجارية والإدارية المؤجرة لأشخاص اعتبارية أو طبيعية فتنتهي بانقضاء سنة من وقت سريان هذا القانون، أما العقارات الآيلة للسقوط فتنتهي مدتها بعد 6 أشهر.

اجتماع الحكومة

حكومة قوية ورئيس «ابن بلد»

واعتبر المستشار القانوني للملاك، الحديث عن تهديد السلام المجتمعى حال تعديل القانون، بـ«الأسطوانة المشروخة» التى يرددها بعض المنتفعين الذين يعتبرونها «سبوبة»، مشيرًا إلى أن نسبة مؤجري الوحدات السكنية بالإيجار القديم لا تتعدى نسبة الـ6%، وستقوم الدولة بتوفير وحدات الإسكان الاجتماعي لهم.

وتابع: «كنت متوقعا أن أزمة القانون القديم سيتم فتحها آجلًا أم عاجلًا ولكنه كان بحاجة لرئيس «ابن بلد» وحكومة قوية، وهذا ما توقعته من الرئيس من خلال تصريحاته السابقة التى تناول فيها قانون الإيجار القديم.

في المقابل، أعلنت رابطة المستأجرين، عن رفضها لأى تحركات من شأنها التدخل في قانون الإيجار القديم، مؤكدة على تمسكها بما وصفتها بحقها القانوني.

وذكرت في بيان لها، أن المستأجرين بعموم الجمهورية وهم بالملايين، يعلنون عن تمسكهم بحقوقهم القانونية والدستورية المنبثقة عن عقودهم الشرعية والأحكام الدستورية.

وقالت: «نتمسك بهذه الحقوق، وننتظر المقترحات التى يمكن أن تطرح فى هذا الشأن من اللجنة التى تتولى دراسة الأمر المستقر منذ سنوات لطرحها للحوار المجتمعى فى وجود كافة أطراف الموضوع».

وتابعت: «ونعتبر أيضا أن أية مقترحات قد تتجاوز مقتضى الأحكام الدستورية ستكون هى السابقة الأولى فى الحياة البرلمانية وربما ستمثل أزمة دستورية، مشددة على أنها ستتخذ كافة الإجراءات الشرعية والمشروعة للحفاظ على حقوق المستأجرين».

محمد عبد العال

سابقة خطيرة فى الحياة البرلمانية

وقال محمد عبد العال المستشار القانوني لرابطة المستأجرين، إن أي مقترحات ستتجاوز الأحكام التى أقرها الدستور ستمثل أزمة دستورية، لأنها ستكون السابقة الأولى في الحياة البرلمانية التى يتم مخالفة خلاله حكم قضائي.

وأضاف في تصريح لـ«النبأ» أن قانون الإيجار القديم غير قابل للتعديل لأنه وصل للحد الأقصى لإمكانية التعديل وأي تدخل يعتبر إنهاء بشكل تعسفي، خاصة أن العقود تم توقيعها بشكل رضائي، متسائلًا: «كيف وضعت التصورات الأولية قبل أن تقوم الدراسة؟، خاصة أنها كشفت عن ملامحه في تصريحات لها».

وعن تحركات الرابطة خلال الفترة المقبلة، قال «عبد العال»، إنه حتى الآن لم يصدر أي قرار رسمى، متابعًا: «وبالتالي نحن في انتظار ما تسفر عنه تلك الاجتماعات ومن ثم وضع الخطوات التى يتم التحرك على أساسها».