الجالية المصرية في كييف تبعث رسائل طمأنة
بالتفاصيل.. مصير الطلاب المصريين في أوكرانيا على وقع تصاعد الحسم العسكري في «الأزمة الأوكرانية»
تسود حالة من القلق والخوف والفزع بين صفوف الطلاب الأجانب الذين يدرسون في أوكرانيا بسبب تصعيد الوضع العسكري بين روسيا والغرب، وما بات يعرف بـ«الأزمة الأوكرانية»، والحديث عن غزو روسي محتمل لأوكرانيا واندلاع حرب عالمية ثالثة، وهذا دفع العديد من الدول إلى الطلب من مواطنيها بمغادرة أوكرانيا حفاظا على سلامتهم، حيث حثت أكثر من 12 دولة، مواطنيها على مغادرة البلاد، بعد التصعيد الأخير على الحدود مع روسيا.
رئيس الجالية المصرية في أوكرانيا: الأمور مستقرة ولا داعي للقلق
وبالنسبة للطلاب المصريين، قال علي فاروق رئيس الجالية المصرية في أوكرانيا في تصريحات صحفية، إن الأمور في أوكرانيا مستقرة، وأنه لاداعي للقلق بشأن الطلاب المصريين..
وأكد أنه تم إعداد قاعدة بيانات لجميع المصريين في شرق المدن وغربها، مناشدا من لن يقم بتسجيل بياناته من أبناء الجالية بسرعة تسجيلها حتي يتسني الوصول إليهم حال حدوث أي تطورات.
وأكد "فاروق"، أن الجالية المصرية في أوكرانيا بخير، وهناك تواصل مستمر مع الأهالي في مصر لطمأنتهم، وكذلك هناك تنسيق كبير مع الجهات المعنية المصرية، مشيرا إلى أنه لم يصدر أي تعليمات حتي الآن باتخاذ إجراء للمغادرة، مشيدا بدور وزارتي الهجرة والخارجية المصرية في التواصل والمتابعة بشكل مستمر، والاطمئنان على أحوال أبناء الجالية المصرية.
وذكر "فاروق" أنه تم فتح باب التطوع للراغبين من أبناء الجالية المصرية بأوكرانيا والمقيمين هناك، لاعتمادهم من إدارة الجالية والسفارة المصرية كممثلين لهما في ظل هذه الظروف الاستثنائية.
وكشف «فاروق»، عن أعداد أفراد الجالية المصرية فى أوكرانيا، قائلا: "العدد ليس كبيرا، ويبلغ نحو 5000 – 6000 ما بين طالب ومقيم، والنسبة الأعلى للطلاب حيث تصل لنحو 60%".
وأضاف فاروق، فى مداخلة هاتفية لبرنامج "كلمة أخيرة" مع الإعلامية لميس الحديدى، على قناة ON، أن التعاون وثيق مع السفارة المصرية، لإجراء حصر شامل لجميع المصريين فى أوكرانيا، وبالأخص فى المدن التى تشهد صراعات، متابعا: "حتى الآن لم تصل إلينا أى تعليمات من القاهرة، وهناك تعاون وثيق مع السفارة المصرية ووزارة الهجرة لحصر جميع العاملين".
وحول أعداد المصريين الموجودين فى مدن الصراع المحتملة، قال: "عدد المصريين الموجودين فى مناطق النزاع أكتر من 2000 طالب وأولياء الأمور فى حالة قلق شديدة، ونحن غير قلقين وهناك خطة إجلاء ستطبق عند حدوث حرب".
رئيس الجالية المصرية في أوكرانيا: لا نية لعودة المصريين من أوكرانيا في الوقت الراهن
وفي وقت سابق، قال الدكتور وليد عطية، رئيس الجالية المصرية في أوكرانيا، إن الصخب الإعلامي حول إمكانية الاجتياح الروسي لأوكرانيا، شيء مبالغ فيه، والجالية المصرية تأثرت سلبا؛ بسبب تضخيم الإعلام لهذا الملف، مثل باقي المواطنين الأوكرانيين، حيث انتشرت حالة فزع بين الطلاب ورجال الأعمال المصريين، علاوة على تأثرهم اقتصاديا.
وأوضح عطية، أن أعداد الجالية المصرية في أوكرانيا تتراوح ما بين 3 – 5 آلاف مواطن، بينهم 3 آلاف طالب يدرسون في الجامعات الأوكرانية، وجميعهم مستمرون في دراستهم بشكل طبيعي، وكل جامعة تدير الخطة الدراسية؛ طبقا لظروف تفشي فيروس كورونا، فبعضها تُدرِّس للطلاب عن بعد، وبعضها تُدرِّس لطلابها حضوريا.
وبعث رئيس الجالية المصرية في أوكرانيا، برسالة طمأنة إلى أولياء أمور الطلاب المصريين في أوكرانيا، قائلا: إن الأمور مستقرة، والدراسة تسير بشكل طبيعي، والأمور في أوكرانيا أهدأ بكثير مما يحاول الإعلام الأمريكي تصويره، والجالية المصرية موجودة لخدمة جميع المصريين.
وفيما يتعلق بعودة المصريين في أوكرانيا؛ أكد أنه عدم وجود نية لعودة المصريين من أوكرانيا في الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن الجالية تتواصل مع السفارة المصرية لمتابعة المستجدات أولا بأول.
تعرض العشرات من الطلاب المصريين لعمليات احتيال
وكانت وزارة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج قد صرحت في شهر سبتمبر 2019، أن الوزارة تشعر بالقلق إزاء مصير العشرات من الطلاب المصريين، الذين تعرضوا لعمليات احتيال في إحدى الجامعات الأوكرانية.
وصرحت السفيرة نبيلة مكرم عبد الشهيد، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، أن الوزارة تتابع بقلق تطورات الأزمة التي يواجهها الطلبة المصريين في جامعة الدونيتسك الطبية في مدينة كيرفوغراد في أوكرانيا.
وقالت الوزيرة في بيان "إن الطلبة تقدموا بشكاوى من تعرضهم للنصب على نطاق واسع من وسطاء التعليم الذين قاموا باستقدامهم من مصر للدراسة بالجامعة في أوكرانيا، دون توافر طاقم تدريس أو مقومات للدراسة الجادة بتلك الجامعة، وأن الجامعة وشركائها من وسطاء وسماسرة الطلبة يقومون حاليًا بتهديد الطلبة بالفصل والترحيل من البلاد إن حاولوا التحويل من الجامعة إلى جامعات أخرى غير الجامعات التي يسيطر على ممارساتها سماسرة الطلبة ذاتهم، والتي تقع في أوديسا وخاركوف ومدن أخرى".
وأضافت الوزيرة "تهدف محاولات الترحيل تلك إلى إجبار الطالب بعد العودة لمصر على شراء دعوة دراسية جديدة بآلاف الدولارات من السماسرة ليعود لأوكرانيا للدراسة بجامعة تخضع لسيطرتهم، ليتم النصب عليه واستغلاله من قبل سماسرة الطلبة مجددًا، في حلقة مفرغة لا بد من كسرها لحماية الطلبة المصريين".
وأكدت الوزيرة أنها تواصلت مع السفير المصري في العاصمة الأوكرانية كييف، حسام علي، لمتابعة تطورات الأزمة، والتي قامت بإحاطة الوزيرة بالإجراءات التي اتخذتها السفارة والاتصالات التي تجريها للدفاع عن الطلبة المصريين.
وقال ممثل الجالية المصرية في أوكرانيا، صالح عطية، في تصريح لوكالة "نوفستي" الروسية،إن الحديث يدور عن 400 طالب مصري تعرضوا للاحتيال في جامعة دونيتسك الطبية في كيروفوغراد "لقد طلب منهم دفع فواتير الدراسة التي تم دفعها بالفعل... تدخلت السفارة سابقا، لكن هذه المشكلة ظهرت مرة أخرى".
دراسة تكشف عدد الطلاب المصريين في أوكرانيا
وفي ديسمبر 2019، أظهرت دراسة قامت بها مؤسسة "إينفوريسورس" الحكومية الأوكرانية أن أكبرعدد من الطلاب الأجانب الذين يتلقون التعليم في المؤسسات التعليمية الأوكرانية في السنوات الدراسية 2019-2020 هم من الهند وتليها المغرب.
وأشارت الدراسة إلى أن عدد الطلاب المغاربة بلغ في الفترة المذكورة 6430 طالب، وأن عدد الطلاب المصريين بلغ 3243 وشغلت المركز السادس في قائمة الدول العشرة الأوائل من حيث عدد الطلاب الأجانب في أوكرانيا.
الجامعات الأوكرانية تمنع الطلاب الأجانب من مغادرة البلاد
وحسب تقارير صحفية، اختار العديد من الطلاب المنحدرين من دول نصحت مواطنيها بمغادرة أوكرانيا مثل ألمانيا وهولندا والولايات المتحدة والمغرب وغيرها بمغادرة أوكرانيا خوفا على سلامتهم. بالمقابل، اختارت بعض الجامعات الأوكرانية التصدي لمغادرة طلابها بتكذيب كل الشائعات حول الغزو الروسي المحتمل، وأيضا بتحميل الطلاب مسؤولية قرار مغادرة أوكرانيا. يقول محمد سعد "هناك جامعات هددت الطلاب بالطرد في حال تغيبهم عن الدروس ومغادرة البلاد".
وقال موقع «المهاجر»، أن عماد، طالب مصري تستقر عائلته في الكويت، يتواجد بمدينة أوديسا الأوكرانية منذ 5 سنوات، قدم إليها لدراسة الطب في جامعتها الوطنية. لا يستطيع حاليا مغادرة أوكرانيا نحو بلد إقامة أسرته الكويت، لأنه لا يتوفر على جواز التطعيم رغم تلقيه جرعتين. يقول في تصريح لمهاجر نيوز "إلى الآن لا يوجد إعلان عن حالة حرب، والجامعة تهددنا بالطرد إن غادرنا، ولم يقبل المسؤولون داخل الجامعة بحل التعليم عن أونلاين، نحن في وضع صعب".
يخاف عماد مثل باقي الطلاب في حالة الحرب من الانفلات الأمني، يقول "حينها لن نسلم من مختلف أنواع الأذى، الوضع حاليا ليس مستنفرًا كليا داخل أوكرانيا، لكن هناك حالة خوف وفراغ غريب بالشوارع، وهو ما يخلق الرعب فينا". إضافة لذلك، أكد المتحدثان أن الوضع على الحدود الأوكرانية الروسية حسب التقارير الإعلامية، فيه تأهب واضح وهو ما يزيد من مخاوفهم.
سفير روسيا بالقاهرة: خريطة انتشار الطلاب المصريين في أرجاء روسيا أمر مثير للدهشة
أما عن وضع الطلاب المصريين في روسيا، فقد أكد السفير جيورجي بوريسينكو، سفير روسيا بالقاهرة، أن العلاقات الروسية – المصرية متميزة في كافة المجالات.
وقال السفير – بمناسبة احتفال روسيا بيوم الطالب الشهر الحالي – إن تطبيق التبادل الطلابي بين مصر وروسيا انطلق منذ ستينيات القرن الماضي وشهد تطورًا هائلًا خلال السنوات العشر الأخيرة. واليوم تحتل مصر مكانًا ثابتًا في قائمة الدول العشر الأوائل من حيث عدد الطلاب الذين يقع اختيارهم على روسيا للحصول على المؤهل الجامعي، سواء كان المؤهل الأول أو الثاني.
أضاف السفير جيورجي بوريسينكو أنه الطلاب يمكنهم الالتحاق بالجامعات والمعاهد الروسية إما بنظام الدراسة مدفوعة الأجر، وإما بالحصول على إحدى المنح الدراسية الحكومية المقدمة سنويًا، حيث خصصت الحكومة الروسية لمصر 110 منح دراسية مجانية للعام الدراسي 2022 – 2023، وقد يرتفع هذا الرقم ليتناسب مع حجم الإقبال على الدراسة في روسيا لدى الطلاب المصريين.
قال إن الإحصائيات تؤكد إن الشباب المصري يبدون اهتمامهم بروسيا - كالمعتاد - من أجل دراسة التخصصات الطبية (وفي مقدمتها الطب البشري وطب الأسنان)، وهندسة البترول والغاز الطبيعي، وهندسة البرمجيات، والاقتصاد. كما أن هناك العديد من الطلاب المصريين الذين يدرسون في تخصصات البناء والتشييد، والإلكترونيات، وعلوم الحاسب، وتكنولوجيا الروبوتات.
لافت للنظر أن أعدادًا كبيرة من المتقدمين من مصر يفضلون الدراسة باللغة الروسية. وفي السنوات الأخيرة أصبحت الفيزياء النووية واحدة من التخصصات الأكثر إقبالًا لدى الطلاب المصريين؛ حيث إن مصر وروسيا تتعاونان معًا في مجال الطاقة النووية. خاصة وأن هيئة "روساتوم" الحكومية الروسية تقوم في الوقت الحالي ببناء أول محطة للطاقة النووية بمصر بمنطقة "الضبعة" على ساحل البحر الأبيض المتوسط، والمتخصصون الذين سوف يعملون بهذه المحطة في المستقبل يتلقون تعليمهم في روسيا، حيث تتوفر التخصصات والبرامج التعليمية ذات الصلة في الجامعة الوطنية للبحوث النووية، وجامعة تُومْسِك للبوليتيكنيك، وجامعة الأُورال الفيدرالية، وجامعة سان بطرسبورج المتعددة التقنيات "بوليتيكنيك"، وغيرها من الجامعات الروسية الأخرى.
وكشف السفير الروسي النقاب عن عملية إرساء أسس للتبادل الطلابي في المجال النووي قائلا في يناير الحالي تم البدء في إرسال طلاب الجامعات الهندسية والتقنية في روسيا لإجراء التدريب العملي بموقع إنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية. فقد شارك المتدربون الأوائل - وعددهم ستة - لمدة شهر كامل في التحضير لبدء بناء المحطة، حيث يشرفون على الأعمال الإنشائية، وإعداد الوثائق الخاصة بالمستودعات، وإعداد الأرشيف.
وهناك بعض الجامعات الروسية التي تقوم بتأهيل متخصصين في مجال الطاقة النووية بالتعاون مع الجامعات المصرية. فعلى سبيل المثال تمنح جامعة تُومْسِك المتعددة التقنيات "بوليتيكنيك" شهادة جامعية مزدوجة من خلال الدراسة ببرنامج "محطات الطاقة النووية: التصميم والتشغيل والأعمال الهندسية" بالشراكة مع الجامعة المصرية الروسية، حيث يدرس الطلاب المصريون الأعوام الثلاثة الأولى بمصر ثم يأتون إلى روسيا لثَقْل معارفهم من خلال التدريب العملي في مفاعل الأبحاث النووية، وهو بمثابة مركز علمي تعليمي بمدينة تُومْسِك الروسية، ويحصل الخريجون على شهادة من كلا الجامعتين: جامعة تُومْسِك المتعددة التقنيات "بوليتيكنيك" والجامعة المصرية الروسية.
أوضح السفير جيورجي بوريسينكو إن خريطة انتشار الطلاب المصريين في أرجاء روسيا - على اتساع مساحتها - هو أمر مثير للدهشة. فبالإضافة إلى وجودهم في المدن الكبيرة بمنطقة وسط روسيا يمكننا أيضًا أن نري بعضهم في أقصى الشمال الروسي. ففي عام 2020 التحق 10 طلاب مصريين بجامعة "سورجوت" الحكومية لدراسة التخصصات الطبية. وقد قال هؤلاء الطلاب إن الأمر استلزم بعض الوقت لكي يعتادوا على أجواء البرد القارس في إقليم "خانطي مانسيسك"، حيث من المعتاد هناك أن تكون درجات الحرارة في الشتاء 20 درجة مئوية تحت الصفر، إلا أن استقبال زملائهم الروس لهم بالحفاوة والترحاب ودفء المشاعر.
ووفقًا لبيانات وزارة التعليم الروسية عن عام 2021 فإن هناك أكثر من 12،400 طالب مصري يتلقون تعليمهم في روسيا في الوقت الحالي. وبالنظر إلى الحجم المتزايد في طلبات الحصول على تأشيرات الدراسة التي تتلقاها القنصليات الروسية بمصر فإن هناك مؤشرات بأن اهتمام المصريين بالدراسة في روسيا سيستمر بالنمو في المستقبل.