المانيا تعارض ..وفرنسا تعتبره الخيار الاخير
استبعاد روسيا من نظام "سويفت" قنبلة نووية تخلخل الاقتصاد العالمي
هددت الدول الغربية باستبعاد روسيا من نظام سويفت SWIFT، ولا تزال الدول الغربية، تبحث مقترح إمكانية استبعاد البنوك الروسية من نظام سويفت (Swift) المالي العالمي، والذي سيكون له تأثير هائل عليها، والتي قد وصفها بعض الخبراء بأنها “قنبلة نووية” ستضرب الاقتصاد، بعد إعلان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، شن عملية عسكرية ضد أوكرانيا.
وقد تحدثت تقارير إعلامية مؤخرا عن إمكانية فصل روسيا عن منظومة "SWIFT" كواحدة من أشد العقوبات الغربية التي يمكن أن تفرض ضد روسيا.
أوكرانيا تطالب باستبعاد روسيا من نظام "سويفت" الأساسي للتعاملات المصرفية العالمية
وطالبت أوكرانيا باستبعاد روسيا من نظام "سويفت" الأساسي للتعاملات المصرفية العالمية، لمعاقبتها على غزوها أراضيها.
وكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تويتر بعد مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، "نطالب باستبعاد روسيا من نظام سويفت وفرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا".
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في تغريدة أن أولئك الذين يعارضون استبعاد روسيا من نظام سويفت، "ستكون أيديهم ملطخة بدماء الرجال والنساء والأطفال الأبرياء في أوكرانيا".
وأوضح وزير المال الفرنسي برونو لومير، أنّ خيار عزل روسيا عن نظام "سويفت" للمدفوعات العالمية بين البنوك يظلّ قائمًا، لكنه "الخيار الأخير".
وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إنه تقرر استبعاد البنوك الروسية من النظام المالي في لندن في إطار فرض مزيد من العقوبات بعد أن شنت موسكو غزوا شاملا لأوكرانيا برا وجوا وبحرا.
وقال جونسون للبرلمان "ستمكننا هذه الصلاحيات من استبعاد البنوك الروسية تماما من النظام المالي في المملكة المتحدة، وهو بالطبع الأكبر في أوروبا بفارق كبير، مما يحول دون وصولها إلى مدفوعات الجنيه الإسترليني والمقاصة عبر المملكة المتحدة"، مضيفا أن الولايات المتحدة تتخذ تدابير مماثلة.
وقال "ستمكننا هذه الصلاحيات أيضا من حظر الشركات الروسية الحكومية والخاصة من جمع أموال في المملكة المتحدة، وحظر التعامل في أوراقها المالية ومنحها القروض. سنحد من الأموال التي يمكن للمواطنين الروس إيداعها في حساباتهم المصرفية بالمملكة المتحدة".
ما هو نظام سويفت؟
أشارت صحيفة، لوفيغارو، الفرنسية إلى أن اسم سويفت قد لا يكون معروفا لدى عامة الناس، ولتقريب المفهوم قالت الصحيفة "إذا سبق لك تقديم طلب تحويل إلى البنك الذي تتعامل معه -على سبيل المثال لحجز منزل عطلتك في إيطاليا- فقد استخدمت سويفت دون معرفة ذلك".
إنه نظام مراسلة آمن تستخدمه آلاف البنوك حول العالم في بورصاتها من أجل إجراء تحويلات بسيطة لتسوية معاملات عملائها أو تبادل الأوراق المالية أو الأسهم أو السندات.
ومن الناحية الرسمية، يعتبر سويفت جمعية تعاونية بموجب القانون البلجيكي، تأسست في السبعينيات، ويتيح هذا النظام إمكانية تأمين وأتمتة عمليات التبادل، وبالتالي توفير وقت كبير مقارنة بأجهزة الفاكس القديمة.
ولتوضيح أهميته لروسيا، ضربت لوفيغارو المثال التالي: إذا اشترت مجموعة النفط الروسية "نوفاتيك" (Novatek) مضخة لآبارها من مورّد ألماني فإن رسالة سويفت من بنك نوفاتيك الروسي المرسلة إلى البنك الألماني للمورّد ستؤمّن الدفع تلقائيا، لذلك، فإن "سويفت مادة تشحيم ثمينة لميكانيكا الأعمال التجارية في العالم".
وقالت إن هناك نحو 11 ألف عضو في نظام سويفت، بما في ذلك قرابة 300 بنك روسي، فإذا تم فصل البنوك الروسية بقرار من الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة عن رسائل سويفت فسيتعين عليها تنفيذ معاملاتها مع شركائها الأجانب بالطريقة القديمة، أي عن طريق الفاكس، وهو أمر يستغرق وقتا طويلا للغاية.
كما يمكن أن يتم ذلك عبر تبادل رسائل بريد إلكتروني أو رسائل من نوع "تليجرام" (Telegram)، لكنها تتطلب تدخلا بشريا ولا تقدم نفس ضمانات الأمان، وستكون تلك المعاملات أيضا "مملة وخطيرة، وسوف تنطوي على مخاطر قانونية، لذلك سيكون هناك تأثير على الاقتصاد الحقيقي"، حسب مصدر حكومي.
وتذكر الصحيفة أن روسيا أخذت العبرة من العقوبات التي فرضت على إيران والتي حرمتها من هذا النظام منذ 2012، وكان تأثيره -حسب المسؤول الفرنسي- "هائلا".
وتنقل الصحيفة عن أوليفييه دورغانز -وهو محام متخصص في العقوبات الدولية- توضيحه أن "حوالي 400 مؤسسة مالية وبنك روسي مشتركة فيه و8 بنوك أجنبية فقط"، مما يعني أن البديل المحلي لسويفت لن يسمح بالتبادلات السلسة والآمنة مع الدول الأجنبية، كما يؤكد دورغانز أن "حجب سويفت سيجعل البنوك الروسية منبوذة".
وأضاف أن "روسيا تعتمد بشكل كبير على سويفت بسبب صادراتها الهيدروكربونية التي تبلغ مليارات الدولارات".
وسيقلص فصل البنوك الروسية عن سويفت حجم المعاملات الدولية، وسيؤدي إلى تقلبات أسعار العملات، وهروب رؤوس أموال هائلة إلى الخارج.
وتستخدم البنوك نظام SWIFT لإرسال رسائل موحدة حول عمليات تحويل المبالغ فيما بينها، وتحويلات المبالغ للعملاء، وأوامر الشراء والبيع للأصول.
وتستخدم أكثر من 11000 مؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة شبكة SWIFT، مما يجعلها العمود الفقري لنظام التحويل المالي الدولي.
ووفقًا لجمعية روسيفت الوطنية، تعد روسيا ثاني أكبر دولة بعد الولايات المتحدة من حيث عدد المستخدمين، حيث تنتمي حوالي 300 مؤسسة مالية روسية إلى النظام.
وأضافت أن أكثر من نصف المؤسسات المالية الروسية أعضاء في سويفت.
وتمتلك روسيا البنية التحتية المالية المحلية الخاصة بها، بما في ذلك نظام SPFS للتحويلات المصرفية ونظام Mir لمدفوعات البطاقات، على غرار أنظمة Visa و Mastercard.
من الناحية العملية فإن الإزالة من SWIFT تعني أن البنوك الروسية لا يمكنها استخدامها لإجراء أو تلقي المدفوعات مع المؤسسات المالية الأجنبية للمعاملات التجارية، وسيصبح من المستحيل للمؤسسات المالية إرسال الأموال إلى داخل أو إلى خارج البلاد.
البعض يعارض طرد روسيا من نظام سويفت.. لماذا؟
يحذر الكثير من الخبراء والساسة من فصل روسيا من نظام «سويفت»، حيث يقول الخبراء أن الحرمان من نظام "سويفت" ستكون له آثار مدمرة على روسيا، فإن هناك نظاما بديلا، يعرف باسم CFPS، أنشأته روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم عام 2014. كما أن الصين هي الأخرى أنشات نظاما موازيا يعرف باسم CIPS.
وفي شهر يناير الماضي، وبينما كانت الأزمة ألأوكرانية في بدايتها، ونقلت صحيفة Handelsblatt عن مصادر في الحكومة الألمانية أن المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين يتشاورون على مدار الأسابيع الأخيرة في كيفية الرد على "العدوان الروسي المحتمل" ضد أوكرانيا، وأن سيناريو فصل موسكو عن نظام "سويفت" وجده أطراف المحادثات "حساسا" جدا لأنه قد يقود إلى زعزعة استقرار الأسواق المالية في الأجل القريب وإنشاء نظام بديل للتفاعلات المصرفية لن يكون للغرب اليد الطولى فيه.
وذكرت الصحيفة أن أطراف المحادثات تخلت عن فكرة تعليق عضوية روسيا في نظام "سويفت" لصالح إمكانية فرض عقوبات اقتصادية على البنوك الروسية الكبرى في حال إقدام روسيا بـ "غزو أوكرانيا".
ويقول الخبراء، أنه من المرجح ألا يؤدي طرد روسيا من نظام سويفت إلا إلى مزيد من التقارب من الصين، ويخدم أهداف إدارة الزعيم الصيني شي جينبينغ، التي تسعى حثيثا إلى تخليص النظام المالي العالمي من هيمنة الدولار الامريكي. وعقاب روسيا بالاستبعاد من نظام "سويفت" سوف يسرع السير في هذا الاتجاه وتحقيق طموح الصين.
وحذر زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ألمانيا فريدريخ ميرتس من مغبة فصل روسيا عن نظام الدفع المصرفي الدولي "سويفت" في العقوبات المحتملة ضدها إن "هاجمت" أوكرانيا.
وقال ميرتس لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) : "جعل "سويفت" موضعا للتساؤل قد يمثل انفجار قنبلة ذرية بالنسبة لأسواق المال والسلع والخدمات"، ودعا إلى ترك "نظام "سويفت" وشأنه".
وأضاف: "أتوقع انتكاسات اقتصادية هائلة لاقتصاداتنا إذا حدث شيء من هذا القبيل. سيضرب روسيا، لكننا سنلحق الضرر بأنفسنا بشكل كبير".
وتابع أنه يخشى تداعيات سلبية كبيرة ليس فقط على التجارة الأوروبية الروسية في السلع والخدمات، بل وعلى التجارة العالمية.
وأضاف أن تعليق عضوية موسكو في النظام المذكور "سيؤدي بشكل أساسي إلى قصم ظهر حركة المدفوعات الدولية".
وأكد رئيس اللجنة الشرقية للاقتصاد الألماني أوليفر هيرميس أن فصل روسيا عن نظام "سويفت" للتعاملات المصرفية سيخلق مشاكل كبيرة لاقتصادات الغرب، وسيكبده مليارات الدولارات.
وقال في تصريح لـWirtschaftsWoche: "روسيا أكثر اندماجا في الاقتصاد العالمي من إيران على سبيل المثال، ولذا فإن فصلها عن نظام "سويفت" سيخلق مشاكل كبيرة لنا في السوق".
وأضاف: "في حال تم فصل روسيا عن نظام الدفع الدولي فإن موسكو وبكين ستشددان عقوباتهما الاقتصادية ضد الغرب، ونتيجة لمثل هذا التطور في الأحداث، فإن الغرب لن يحصل على أي مكاسب".
وأشار هيرميس إلى أن المؤسسات المالية العاملة مع روسيا ستعاني من أضرار اقتصادية خاصة وأن "البنوك والمؤسسات الائتمانية الغربية ستخسر المليارات، وستصبح الاتصالات التجارية معقدة للغاية لدرجة أن العديد من التعاملات ستفقد معناها".
وأشارت مسؤولة رفيعة في البنك المركزي الروسي إلى أن فصل روسيا عن نظام "سويفت" للتعاملات المصرفية لا يصب في مصلحة أحد.
وقالت أولغا سكوروبوغاتوفا إن المؤسسة المسؤولة عن "سويفت" لم تصدر أي تصريحات حول احتمال استبعاد روسيا من صفوفها، وهذا السيناريو من حيث المبدأ غير موات لجميع المشاركين في هذا النظام.
وأعربت المسؤولة عن أملها في ألا يتم اتخاذ مثل هذه الخطوة بحق روسيا.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس إن فصل روسيا عن نظام سويفت العالمي للمدفوعات بين البنوك ينبغي ألا يكون جزءا من حزمة العقوبات ضد روسيا.
وردا على سؤال بشأن سويفت، أبلغ شولتس الصحفيين عند وصوله إلى قمة طارئة لمناقشة الغزو الروسي لأوكرانيا "من المهم جدا أن نوافق على تلك الإجراءات التي تم إعدادها.. وأن نُبقي كل شيء آخر حتى نصل إلى وضع قد يكون فيه من الضروري الذهاب إلى أبعد من ذلك."
كما رفض البيت الأبيض بشكل قاطع في الأسابيع الأخيرة استبعاد إمكانية منع روسيا من النظام الدولي الذي تستخدمه البنوك لتحويل الأموال، وهي خطوة من شأنها أن تشل قدرة روسيا على التجارة مع معظم دول العالم.