بعد واقعة علاء ولي الدين وعبد الحليم حافظ..
اللغز الخفى وراء عدم تحلل جثث بعض الموتى على مر السنوات
أثارت قصة عدم تحلل جثة الفنان الراحل علاء ولي الدين جدلًا واسعًا طوال الأيام الماضية، خاصة وأنها تصدرت محرك البحث جوجل ومنصات التواصل الاجتماعي، بعد التصريح المفاجئ لأحد أفراد أسرة الفنان عن رؤية جثة الراحل كاملة وليست متحللة عندما تم فتح المقبرة بهدف نقل الجثمان إلى مكان آخر بسبب غرق المنطقة المتواجد بها المدفن.
بعد مرور 19 عامًا على فاته
وكشفت تقارير إعلامية عن الجدل المثار حول عدم تحلل جثة الفنان «علاء ولي الدين»، بعد مرور 19 عاما على وفاته، حيث كشف «معتز ولي الدين» شقيق الفنان الراحل، عن أنه خلال شروعه في نقل جثمان أخيه من مكانه بمدينة نصر إلى مقابر العائلة في السيدة عائشة، بسبب غرق المنطقة التي يوجد بها المدفن، وذلك بعد حصوله على الموافقة من الجهات المختصة بنقل الجثمان من تلك المقبرة لمقبرة أخرى.
وعلق «معتز ولي الدين» قائلًا: «إن عدم تحلل جثة شقيقي يعود إلى أشياء خاصة بعلم التربة وأنا لا أفهم فيها والموضوع ده حصل قبل كده، لكن هذا الأمر الذي حدث مع شقيقي فيه روحانيات شوية، وخاص بالعائلة، وأنا مبحبش أتكلم في تفاصيل العائلة الخاصة».
وعلى الرغم من الحديث المثار عن قصة عدم تحلل جثة الفنان الراحل «علاء ولي الدين» إلا أنها تشبه قصة تمت إثارتها منذ فترة حول عدم تحلل جثة الفنان الراحل «عبد الحليم حافظ»، وهو الأمر الذي يطرح العديد من الاستفسارات وعلامات الاستفهام حول حقيقة هذا الأمر، وكيفية وأسباب حدوثه ومدى صحته من عدمه.
رئيس مصلحة الطب الشرعي يحسم الجدل
من جهته؛ حسم الدكتور أيمن فودة رئيس مصلحة الطب الشرعي الأسبق، الجدل الذي أثير في الأيام الماضية حول عدم تحلل جثة الفنان الراحل علاء ولي الدين رغم وفاته منذ 19 عامًا.
وقال رئيس مصلحة الطب الشرعي الأسبق، إن كل الجثث تتحلل وتتعرض إلى التعفن وذلك بعد الوفاة بمدة تتراوح بين اليوم ونصف والثلاث أيام، مشددًا على أن تحلل الجثة الآدمية يكون بعد حدوث الوفاة، ودخولها في مرحلة حالة التعفن بعد الوفاة بمدة ما بين 36 ساعة إلى 72 ساعة، ومن ثم التحلل الكلي الذي يحدث للجثة في غضون 6 أشهر بعد الوفاة حتى لا يظهر منها سوى العظام، نافيا صحة الحديث حول عدم تحلل جثة عن الأخرى.
حالتين فقط لا يحدث فيها التحلل للجثة
وأكد «فودة» معلقا على أنباء عدم تحلل جثمان علاء ولي الدين، أن هناك حالتين فقط قد لا يحدث فيهما التحلل، الأولى إذا تم دفن الجثة في الصحراء، وهو أمر مشروط أن تصل درجة حرارة المنطقة المدفون بها الجثة عند 60 درجة مئوية، وهي درجة حرارة غير مناسبة لتحلل البكتريا النافعة.
وأشار رئيس مصلحة الطب الشرعي الأسبق، إلى أن الحالة الثانية إذا تم غمر الجثة في المياه سواء في البحر أو النيل، حيث تتفاعل المياه مع الدهون الموجودة في الجسم مما يجعلها أشبه بالصابون ويصعب تحللها.
واستطرد الدكتور أيمن فودة حديثه قائلًا: إن متوسط درجة الحرارة في مصر بصفة عامة مناسب لعملية تحلل الجثث، بالإضافة إلى توفر عامل رطوبة الجو وتوفر الحشرات، وهو جو مناسب لحدوث عملية التحلل.
ويكمل كبير الأطباء الشرعيين الأسبق معلقا على عدم تحلل جثمان الفنان علاء ولي الدين: أنه فيما يتعلق باستخراج الجثث أو نقلها من مكانها فالمسؤول هنا وزارة الداخلية وليس الأزهر الشريف كما روج البعض، وذلك وفق قانون الجبانات.
مراحل تحلل الجثة
وأشار رئيس مصلحة الطب الشرعي الأسبق، إلى أن هناك تغييرات تحدث في جسم الإنسان بعد وفاته تنتهي بتحلل الجثة، والتغيير الأول الذي يحدث لجسم المتوفي يسمى بـ«عملية الترسيب» بمعنى أنه يحدث رسوب للدم في الجزء الأسفل من الجسم، ثم مرحلة التيبس وفي هذه المرحلة يبدأ الذباب في الهجوم على الجثة في أي مكان تتواجد به، ويبدأ في وضع البيض الخاص به ثم يفقس البيض بعد 3 أيام من تواجد الجثة إلى ديدان وتبدأ في التهام جسد الإنسان.
وأكد «فودة» أنه يسبق عملية الفقس وخروج الديدان قيام البكتيريا النافعة التي توجد في المعدة، بسبب عدم وجود غذاء لها بعد الوفاة، في التوجه للدم وتحلله إلى عناصره الأساسية في عملية تنتج عنها غاز ثاني أكسيد الكبريت، والذي يبدأ في التحرك داخل الأوعية الدموية، مما يتسبب في حدوث الانتفاخ.
وكشف كبير الأطباء الشرعيين الأسبق عن أن جثث الفراعنة باقية حتى الآن لأنها محنطة وتم غمرها في الملح لفترات طويلة، وعدم تحلل الجثة لا علاقة له بالدين، بل هو أمر علمي في الأساس.
خبير جيولوجي يكشف سر تحلل الجثث
من جانبه، يقول الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، إن الهيكل العظمي للإنسان بعد مماته يعيش مئات السنين في التربة، لكن لا يمكن أن يكون العظام «مكسوا لحما» فهذا أمر غير علمي على الإطلاق، مشيرًا إلى أن الفراعنة رغم أنه توفر علم التحنيط لديهم؛ إلا أن التحنيط نفسه يمكن أن لا يأتي بالنتيجة المرغوب فيها والهائلة المثارة حول عدم تحلل جثة الفنان.
وأضاف أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية كلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الفنان الراحل تم دفنه في نفس التربة التي يستخدمها الجميع وكذلك تم تكفينه بنفس الكفن الذي يستخدمه الجميع، ووضعه بنفس الغرفة، فلا يوجد اختلاف في المكان عن غيره لتحلل الجثث الموجودة في الغرفة عدا هذه الجثة، مؤكدًا أن هذا الأمر يدخل ضمن «الخرافات» ولا يوجد سند علمي لذلك، لأنه علميًا إذا وضعت جثة ما في ثلاجة لفترة طويلة سوف يحدث لها تغير كبير، وتحلل، ومهما يحصل لها سينتهي الأمر بتحللها.
وأضاف «شراقي» معلقًا على عدم تحلل جثة علاء ولي الدين أو غيره قائلًا: «إذا وجدنا شيئًا خارقًا بهذا الشكل يجب تبليغ الجهات الرسمية، ومن ثم تقوم جهات الطب الشرعي التابعة لوزارة الصحة بالتأكد أنه إذا كانت هذه الجثة للشخص الذي توفى منذ عشرات السنين ليقوموا بعد ذلك بإخضاع الجثة للتحليل والفحص والبحث ثم يتم استعراض النتائج لربما يتم التوصل إلى طريقة علمية ما تساعدنا في التقدم العلمي وتساعدنا في عملية حفظ الجثث بهذه الطريقة».
خرافات وتهيآت ولا يوجد سند علمي
وأكد أن مسألة عدم تحلل الجثة ليس حديث شخص عن أحد أقاربه المتوفين وأنه يقول إن هذا الأمر «كرامات» وخلافة، خاصة أن المكان ليس من نوعية خاصة ولا الطوب أو التربة التي تم دفنه بها، أو تم معالجته بطريقة معينة عند دفنه لعدم تحلل الجثة وكل هذا لم يحدث.
واستنكر أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية كلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة، قصة الحديث عن عدم تحلل جثة الفنان علاء ولي الدين واعتبر أنها «خرافات وتهيأت»، مؤكدًا أنه يمكن أن تكون هذه الجثة ليس جثة الفنان الراحل وتكون خاصة بشخص مدفون منذ وقت قريب في نفس المكان، متسائلًا: هل هذه التربة الذي دُفن بها الفنان الراحل تربة من نوع خاص غير المقابر المجاورة، وهل الفنان هو الجثة الوحيدة المدفونة في هذه المقبرة ولا يوجد بداخلها غيره، ومنذ وفاته لم يدفن بها أحد، وكيف كل المتواجدين في التربة اتحللت جثثهم ما عدا جثة الفنان؟!».
واستطرد قائلًا: إنه رغم أن عمليات التحنيط الدقيقة والتي تعمل على شيل أجهزة وإخلاء الهواء من الغرفة التي سيتم وضع الجثة بها وعمل تنقية ومعالجة للجثة والمكان وأشياء أخرى كثيرة إلا أن كل ذلك يكون لفترة محدودة، موضحًا أن الفراعنة كانوا يستخدمون غرف الدفن بمواصفات خاصة، ومع ذلك تجد معظم جثثهم متهالكة، والهيكل العظمي الخاص به متهالك أيضًا.
وأشار «شراقي» إلى أن جثة الملك رمسيس تم تسفيرها للخارج لمعالجتها ومع ذلك تشاهد جثة الملك في المتحف متهالكة، متابعًا: لكن تقول إن شخص عادي تم دفنه في تربة عادية وبعد مرور 10 سنوات وجدوا جثته كما هي فهذا أمر مستحيل، ولم يحدث هذا الأمر للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أو للأنبياء مؤكدًا أن هذا الأمر يخضع لقوانين الحياة والطبيعة.
أجساد الأنبياء
بدروه، قال الشيخ أحمد البهي الداعية الإسلامي، إن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء لحديث «إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» أخرجه أهل السنن، مشيرًا إلى أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء.
وأضاف «البهي» في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفي السماء خصوصا بموسى عليه السلام، وقد أخبره بأنه ما من مسلم يسلم عليه إلا رد عليه السلام، إلى غير ذلك مما يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما هو راجع إلى أنهم غيبوا عنا بحيث لا نراهم وإن كانوا موجودين أحياء.
وذكر الداعية الإسلامي أنه قيل إن الأرض لا تأكل أجساد الشهداء أيضًا ولكن لم يرد في ذلك نص صريح، إنما هناك بعض الوقائع كنقل جثامين شهداء أحد، وقد يقع ذلك لبعض الصالحين من الناس فتجد أن جثامينهم لم تأكلها الأرض ولم تتحلل بعد مرور فترة من دفنها، فهي علامة خير غالبًا.
ويكمل: «ليس في كل الأحوال تكون كذلك بل هناك بعض أنواع التربة تتسبب في حفظ الجسد دون تغيير ملحوظ ويكون هذا الأمر ظاهرًا في بعض المناطق دون بعض، والخلاصة أن غير الأنبياء لا يكون تآكل الجثث من عدمه علامة يقينية على صلاح صاحبها أو عدم صلاحه». أنواع التربة تتسبب في حفظ الجسد دون تغيير ملحوظ ويكون هذا الأمر ظاهرًا في بعض المناطق دون بعض، والخلاصة أن غير الأنبياء لا يكون تآكل الجثث من عدمه علامة يقينية على صلاح صاحبها أو عدم صلاحه».