رئيس التحرير
خالد مهران

بعد مذبحة الزمالك ودفن طالب الرحاب..

خريطة أبشع جرائم القتل في «الأحياء الراقية»

خريطة أبشع جرائم
خريطة أبشع جرائم القتل في «الأحياء الراقية»

شهدت مصر في السنوات الأخيرة العديد من جرائم القتل والتي دارت أحداثها في عدد من الأحياء الراقية بالعاصمة، حيث شغلت الرأي العام على مدار شهور، نظرًا لبشاعتها من ناحية ولكثرة عدد ضحاياها من ناحية أخرى.

وتستعرض «النبأ الوطني» في هذا الملف أبشع جرائم القتل التي دارت أحداثها بالأحياء الراقية بمصر، وكان آخرها «مذبحة الزمالك» والذي أقدم خلاها شاب على قتل «زوجته وحماته وشقيقته وطليق شقيقته باستخدام بندقية آلية ثم انتحر القاتل عقب ذلك بمسرح الجريمة في شقة سكنية بمنطقة الزمالك.

مذبحة الزمالك

مذبحة الزمالك

وأصدرت النيابة العامة بيانًا توضيحيًا للجريمة في اليوم التالي، قالت فيه إن النيابة تلقت إخطارًا بمقتل 4 أشخاص، وإصابة سيدة تُوفيت بعد نقلها للمستشفى، جراء إطلاق أحد المتوفين أعيرة نارية صوب الباقين قبل أن يقتل نفسه داخل وحدة سكنية بالزمالك، فتولت النيابة العامة التحقيقات. 
وكانت النيابة العامة قد استمعت لأقوال سبعة منهم ثلاثة شاهدوا وقوع الجريمة، وانتهت التحقيقات معهم إلى أن المتهم كانت تربطه علاقة بسيدة من المتوفين نشأ بسببها نزاعٌ بينهما، وتحدَّد لقاء في يوم الواقعة بمسكن شقيقة المتهم بالزمالك لإنهاء هذا النزاع في حضور ذوي الطرفين.

وأحضر المتهم حقيبةً كبيرة يومها أخفاها بالمسكن قبل انعقاد اللقاء، ولما ثار النقاش بينهم بشأن النزاع استشاط المتهم غضبًا وأخرج من الحقيبة التي كانت معه بندقية آلية أطلق منها عيارًا ناريًّا أصاب السيدة طرف النزاع معه، وعندما حاول الحضور ردعه أطلق صوبهم أعيرة نارية فقتلهم، وإذ حضرت الشرطة وحاولت دخول المسكن أطلق أعيرة نارية أخرى صوب السيدة ووالدتها فقتلهما، ثم قتل نفسه بعيار ناري، وقد قررت شقيقة المتهم في محضر بلاغ الواقعة سابقةَ إيداعه بإحدى مصحات العلاج النفسي منذ حواليّ ثلاثة أشهر، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

جثة

مقتل طبيبة بالتجمع الأول

لم تكن «مذبحة الزمالك» هي الجريمة الأولى من نوعها التي دارت أحداثها في الحي الراقي بل سبقتها بأيام قليلة الواقعة التي شهدتها منطقة التجمع الأول خلال الشهر الماضي، وتمثلت في مقتل طبيبة على يد صديقها، بعدما نشأت علاقة عاطفية بينهما بدأت عن طريق موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بسبب تهديدها بصور فاضحة.

البداية كانت بتعارف شاب بطبيبة عبر «فيس بوك»، وأصبحا صديقان، حيث تبادلا المحادثات بينهما وتطورت العلاقة، وتعرف كل شخص عن حياة الآخر، وأرسلت الطبيبة لصديقها صورًا شخصية لها، وأخبرها صديقها بأنه يعيش ويعمل في مدينة الغردقة، بينما كانت الطبيبة تعيش بمفردها في شقتها بمنطقة التجمع الأول، وطلبت من صديقها مقابلتها في الشقة. 

وفى يوم الحادث نشبت مشادة كلامية بين المتهم والطبيبة داخل شقتها بمنطقة التجمع الأول، بسبب تهديده للطبيبة بصور فاضحة والتي كانت أرسلتها له عبر «فيس بوك» أثناء تبادل الحديث بينهما، وابتزها بتلك الصور، وهو الأمر الذي تطور بينهما من مشادة كلامية إلى تشابك بالأيدي، مما دفع الشاب للاعتداء بالضرب على الطبيبة بـ«لكمة» في رقبتها، فقدت على أثرها الوعي، وأسقطها قتيلة، وأغلق المتهم عليها باب الشقة وفر هاربا.



خادمة تقتل مسنًا بالعجوزة

ومن التجمع الأول إلى العجوزة، ففي 16 مارس 2019، كشفت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، ملابسات مقتل عجوز يحمل جنسية أجنبية بحي العجوزة بالجيزة، وتبيّن أن خادمته و5 أشخاص آخرين، وراء ارتكاب الجريمة، وبناءً عليه، أمر النائب العام المستشار حمادة الصاوي بإحالة 6 متهمين محبوسين على ذمة القضية للمحاكمة الجنائية عقب توجيه لهم تهمة القتل العمد المقترن بالسرقة. 
وكشفت تحقيقات النيابة العامة عن أن المتهمين قد عقدوا اتفاقًا جنائيًا على سرقة مسكن المجني عليه لسابقة علمهم باحتفاظه بمبالغ مالية بالعملات المحلية والأجنبية بمسكنه مستغلين كونه طاعنا في السن فضلًا عن عمل المتهمة الخامسة كخادمة لديه. 
ونفاذًا لذلك المخطط الإجرامي؛ مكنت المتهمة الخامسة كلا من المتهمين الأول والثاني من الدخول لمسكن المجني عليه وبحوزتهما أسلحة بيضاء وأدوات لشل مقاومة المجني عليه، وقيداه بها وطرحاه أرضًا وتمكنا من الاستيلاء على المبالغ المالية وحال ذلك استغاث المجني عليه فانقض عليه المتهمان كاتمين أنفاسه بقصد ازهاق روحه ليتمكنا من إتمام السرقة والفرار بالمسروقات وذلك حال تواجد باقي المتهمين بمحيط العقار محل الواقعة لحين إتمام المخطط الإجرامي. 

قضية طالب الرحاب

«طالب الرحاب»

 وفي 29 أغسطس عام 2018، وقعت جريمة القتل المروعة التي دارت أحداثها بسبب خلاف بين المتهم «أشرف حامد»، و«بسام أسامة محمد»، طالب، (خطيب ابنته)، لكشف الأخير عن قيام الأول بتزوير بطاقة تحقيق شخصية للهروب من تنفيذ حكم قضاني بالسجن، فخطط المتهم بالاشتراك مع باقي المتهمين لقتل الشاب، وبيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك، واستأجروا إحدى الشقق السكنية بمدينة الرحاب، لتكون محل جريمتهم.

واستعان المتهم بابنته «حبيبة» المتهمة الثانية، لاستدراج خطيبها إلى تلك الشقة عن طريق صديقته بإحدى الجامعات الخاصة، ثم قاموا جميعا بالاشتراك في قتله، وأخفوا جثته بدفنها بحفرة أعدها المتهم الأول بالشقة المستأجرة بمدينة الرحاب، وقاموا بسرقة ما كان بحوزته من متعلقات عقب الواقعة، وبسؤال المتهم الأول اعترف تفصيلًا بارتكاب الجريمة، وقام بتمثيلها أمام النيابة العامة.

وأحالت محكمة جنايات القاهرة في 24 نوفمبر 2018،  في 13 يناير الماضي، المتهم الأول لفضيلة المفتي، لأخذ الرأي الشرعي في إعدامه بتهمة قتل خطيب ابنته، وحددت المحكمة جلسة 14 أبريل المقبل للنطق بالحُكم على المتهم وباقي المتهمين في القضية، بعد مرور أكثر من 3 سنوات على وقوع الجريمة.

«الأزهر»: الانتحار من أكبر الكبائر

ويعد الانتحار سلوكًا مرفوضًا مجتمعيًا، وهو محرم دينيًا، حيث تأمر جميع الأديان بالحفاظ على النفس البشرية، وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الإسلام يأمر بالحفاظ على النفس البشرية، بل جعلها من الضروريات الخمس التي يجب رعايتها، وهي: «الدِّين والنَّفس والنَّسل والمال والعقل»، وعلمها عند الأمة كالضروري، ولم يثبت لنا ذلك بدليلٍ معين، ولا شهد لنا أصل معين يمتاز برجوعها إليه، بل عُلمت ملاءمتها للشريعة بمجموع أدلةٍ لا تنحصر في باب واحد، ولو استندت إلى شيء معين لوجب عادة تعيينه.

وأكد أن الإسلام بذل الوسع في حفظ النفس مطلوب، ولو وصل الأمر في حالة الاضطرار إلى مواقعة محرم ليبقي على نفسه، ويحفظها من الهلاك، مضيفا أنه من العجيب أن يصل الحال بإنسان أن ينهى حياته بيده، وكأنها ملك خالص له، وكأن الموت سينهي معاناته ويريحه من كل مشاكله، ولا يخفى على ذي عقل أن هذا الظن خاطئ بيِّن الخطأ، فالله سبحانه وتعالى خلقنا واستعمرنا في الأرض، وأعلمنا أن الدنيا دار عناء وابتلاء، وقال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ، وقال عز من قائل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ).

اللواء رأفت الشرقاوي

تحليل أمني لمذبحة الزمالك

«بالنظر إلى حادث الزمالك الأخير نجد أن مرتكب الواقعة كان لديه طاقة هائلة من الإحباط والغضب والعنف»، بهذه الكلمات بدأ اللواء رأفت الشرقاوي مساعد وزير الداخلية  لقطاع الأمن العام السابق، حديثه لـ«النبأ الوطني» متابعًا: حيث تبين أن المذكور أرغم على الزواج من القتيله نتيجة قيامها بتقديم بلاغ ضده بالنيابة العامة تتهمه فيه بهتك عرضها، وتم تحديد جلسة 26 يناير الماضى لنظر القضية وخشية إدانته قام بعقد قرانه عليها قبل انعقاد الجلسة ليتم الصلح قبل الميعاد ولكنه نال قسط كبير من اللوم والتأنيب من زملائه وأصبح أمام الأمر الواقع».

ويوضح مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، السابق، أن المتهم بيّت النية وعقد العزم وأعد السلاح المطلوب أثناء استقبال العروس ووالدتها فى شقة شقيقته بالزمالك فى وجود زوج شقيقته الذى تبنى عملية الصلح ولكنه فاجأ الجميع بقتلهم والتخلص من حياته.

جرائم القتل لا ترتبط بمكان دون آخر

ويضيف «الشرقاوي» أن الجريمة التي تُرتكب فى المناطق العشوائية هي تلك التي تُرتكب فى الأحياء الراقية وإن كانت تختلف في الدوافع، موضحًا أنه لا بد أن يقف الجميع ضد جرائم العنف بكافة أشكالها من خلال المؤسسات الدينية والأسرة والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى ومراكز الشباب والأندية ومؤسسات المجتمع المدنى، فضلًا عن إعادة التربية الصحيحة للأبناء وإعادة شمل الأسرة المصرية التى تفككت نتيجة سفر الأباء وعدم مقدرة الأمهات على المتابعة الجادة والفعالة فى تربية الأبناء.

جرائم مشتركة تختلف في الدوافع

ويؤكد أن جرائم القتل لا ترتبط بمكان دون آخر كما لا ترتبط بالأماكن العشوائية دون الأحياء الراقية، فلن نستطيع الوصول إلى نتيجة مسلّم بها فى هذا التقسيم بين العشوائيات والأحياء الراقية، وإن كانت هناك جرائم مشتركة بينهما إلا أنها تختلف في الدوافع من مكان إلى آخر، مضيفًا أن خريطة أنواع الجرائم والسمة الأساسية فى العشوائيات، هى: (جرائم القتل المرتبط بجرائم المخدرات والسلاح والاغتصاب والسرقة والشرف والفقر والشهوة والشعور بالظلم والانتقام واللذة ومتاعب الحياة والتهور والطيش والاصدقاء والأقارب وتقليد الآخرين والشهامة والبطالة).

ويكمل: بينما تختلف خريطة أنواع الجرائم بالمناطق الراقية عن المناطق الشعبية في دوافعها من القتل للنصب والتزوير والرشوة والاختلاس والسطو المسلح وسرقة السيارات والمساكن والمتاجر الشذوذ والميراث وتلبية المطالب الترفيهية والخلافات الأسرية، والانتحار والجرائم الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعى والفعل الفاضح وإدارة مسكن للدعارة والفسق والفجور والألعاب الإلكترونية التى تحض على العنف والعالم الافتراضى ورفض الآخر وعدم التعايش الاجتماعى والانعزالية.

صفات الجريمة فى الأحياء الراقية

ولفت مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام السابق، إلى أن أهم صفات الجريمة فى الأحياء الراقية: (الاحترافية، التنظيم، الابتكارية، لها هدف محدد، معرفة مخاطر الفعل قبل ارتكابه)، مضيفًا أن هناك جرائم سياسية وجرائم ثقافيه وجرائم جنسية وجرائم إلكترونية.

واستطرد «الشرقاوي» قائلًا: إن أسباب ارتكاب الجرائم له عدة عوامل منها: (العوامل البيولوجية لجسم الإنسان نظرية لومبروزو، العوامل الجغرافية المناخ - الموسم - الحرارة، العوامل الاقتصادية الفقر والبطالة، العوامل النفسية، العوامل الاجتماعية)، مؤكدًا أنه لا بد أن ندرك أن كافة أنواع الجرائم لا تختلف كثيرًا بين العشوائيات والأحياء الراقية إلا في الدوافع فقط، خاصة فى ضوء تواجد العمالة من تلك المناطق العشوائية فى الأحياء الراقية للبحث عن لقمة العيش من كافة المهن الدنيا التى لا يعمل فيها سكان الأحياء الراقية وتكون دافع لارتكاب العديد من الجرائم بدافع الثراء السريع.

عقوبة الإعدام في هذه الحالة

ويشير مساعد وزير الداخلية السابق لقطاع الأمن العام، إلى أن معدل الجرائم فى مصر لا يصل إلى حد الظاهرة التى يتم حسابها مقارنة بعدد السكان، متابعًا: «وهنا تشير النسبة إلى عدد لا يذكر وفقا للمعاير المتبعة، فما زالت مصر من الدول المشهود لها بالأصالة، فهى بلد الأزهر والكنيسة الارثوذكسية المعتدلة».

ونوه أن قانون العقوبات المصرى رقم 58 لسنة 1937 وتعديلاته ينص على أن عقوبة الإعدام تكون فى جرائم القتل التي يرتكبها المتهم بشكل من الأشكال الآتية: القتل  العمدى مع سبق الاصرار والترصد، القتل بالسم، والقتل لغرض إرهابى، وإذا سبق أو ارتبط أو تلى جريمة القتل جريمة أخرى، وتختلف العقوبات إذا تمت دون سبق إصرار أو ترصد أو كانت ضرب أفضى إلى موت أو خطأ جسيم أو قتل بنوع الخطأ غير العمدى.

الدكتورة سامية خضر صالح

تحذير أستاذة علم الاجتماع

«احترسوا.. هذه الجرائم من صنع أيدينا نحن»، هكذا حذرت الدكتورة سامية خضر صالح، أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، من الجرائم البشعة التي تحدث في الأحياء الشعبية بشكل عام والأحياء الراقية بشكل خاص، مؤكدة أنه إذا أردت أن ترفع من شأن المجتمع، فلا بد من التوعية وتكثيف الثقافة المعتدلة، من خلال حملات توعية تقوم بها المؤسسات المعنية بالدولة.

وأشارت أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس لـ«النبأ»، إلى أن في السابق؛ عندما كنا نواجه إشكالية ما فكنا تجد حلها خلال عرض هذه الإشكالية في عمل درامي وطريقة حلها، فكان كل ذلك يتم دون تصدر مشاهد القتل والذبح على الفضائيات، لكن حاليًا تلاحظ إعلانات كثيرة عن الأفلام التي تحتوي على مشاهد القتل والذبح والكثير من مشاهد العنف والمشاهد الجنسية والاغتصابات وغيرها على المنصات الإلكترونية المختلفة مثل «شاهد أو نتفليكس»، لا سيما أن كل ذلك يعود بالسلب على المجتمع.

تأثير العولمة

وتستذكر «خضر» أنه كان في فترات سابقة ممنوع أن يظهر على الفضائيات أحد من خلال الأعمال الدرامية أو السينمائية يتناول المخدرات، فضلًا عن أنه ممنوع تصدير مشاهد العنف والقتل للمشاهدين مما يؤكد أنه كان يوجد رقابة صارمة وقتها، ولكن حاليا تجد هذه المشاهد متاحة على التليفزيون دون رقيب عليها، وهذا تقليد للعالم الخارجي ومن تأثير العولمة، مؤكدة على ضرورة تقليل مشاهد العنف في الدراما.

وترى أستاذة علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، أن سطوة المال جعلت بعض المناطق التي يعتبرها البعض أنها «مناطق هادئة» ويكون التعامل فيها «راقيا»؛ أصبحت في خليط من جميع الطبقات وكل المستويات وجميع المؤثرات في الحياة نتيجة أن المال حاليًا هو الذي يحدد الطبقات، مؤكدة أن الأغنياء هم الذين يعيشون في المناطق الراقية، عكس ما كان يحدث في الماضي بأن سكان المناطق الراقية يتسمون بالمعاملة الذوق والمحترمة وهو الأسلوب الذي ترسخ في أذهان الجميع عن أن سكان الأحياء الراقية والهادئة يتمتعون بالرقي والهدوء في معاملتهم نظرًا للبيئة التي يعيشون فيها، عكس الحياة في المناطق العشوائية وما يحدث فيها من مشاجرات ومشاحنات وردح في الشوارع وازدحام وتلوث سمعي وبصري بالشوارع.

سطوة المال

وتكمل: «فأصبحت المناطق الراقية غير منتقاة كما كنا نشير إليها في زمن بعيد، فالمناطق التي ما يجب أن تكون أنها (راقية) حصل عليها تداخل، فأصبح لا يستطيع فرزها أو تفرقتها، فتجد كثيرًا من الأشخاص الذين كانوا يعيشون في مناطق بسيطة وسافروا إلى دول الخليج واستطاعوا جمع المال الوفير حتى قرروا الانتقال إلى العيش بالمناطق الراقية، فأصبحت المناطق الراقية يعيش بها أصحاب المال حتى وصلنا إلى أن المال هو الذي يحدد الطبقات عكس ما كان يحدث في الماضي والتي كان يتم تحديدها على حسب التعليم والمناصب».

وذكرت «خضر» أن في السابق كانت المستويات الراقية تجدهم الأكثر تعليمًا في المجتمع وأصحاب المناصب العليا وكان يطلق عليهم صفوة المجتمع، فكانوا يعيشون بالمناطق الراقية، عكس ما يحدث حاليًا فتجد أن معايير الرقي اختلفت عن السابق فيتصف بالرقي من لديهم الأموال، لأن المال هو القادر على نقل شخص من مكان لآخر، أو من حياة لأخرى، فحدث خليط حتى أصبحت المناطق الراقية بها من هم كانوا يعيشون في المناطق العشوائية، وانتقلوا بعدما أصبحوا يملكون مالًا، إضافة إلى أن المناطق الراقية يوجد بها أيضًا من هو تعليم متوسط مع تربية متوسطة لكن الأصل في الموضوع هو المال فلا تستطيع فرز هؤلاء في المجتمع فهذا الخليط أصبح منتشرًا في المجتمع فتجد «الكومباوند» بعد الانتهاء من بنائه يتم تأجيره في اليوم التالي أو بيعه».

انتشار المخدرات بين الشاب

وأوضحت أن المناطق الراقية زادت بها الجرائم نتيجة انتشار المخدرات بين الشباب بشكل كبير، سواء بالمناطق الهادئة أو العشوائية، إضافة إلى انتشار المخدرات داخل النوادي حيث تم ضبط شاب يروج المواد المخدرة داخل نادي رياضي بمنطقة مصر الجديدة، وكل فترة تُعلن وزارة الداخلية ضبط العديد من الضبطيات الكبرى الخاصة بالمخدرات، فكل هذه عوامل تساهم في نشر الجريمة، إضافة إلى افتقاد القدوة في الدراما التي تقدم للمشاهدين خاصة أن المُشاهد لديه القدرة على التقليد، خاصة أن واقعة طالب الرحاب الذي قُتل على يد والد خطيبته هو مشهد مأخوذ من أحد الأفلام الأجنبية.

واستطردت قائلة: أصبح هناك خليط في المجتمع من السلوكيات والثقافات حتى أصبح المجتمع يتحدث بالمال، وابتعد عن النظرة على أساس التربية والتعليم، لكن يُنظر للولد والبنت ليس على أنهما «متربيين ومتعلمين» لكن يُنظر لهم على أساس أنهم أغنياء ولديهم المال الوفير، وهذا بفضل المال.

وتابعت: «وما زاد من الجريمة في المجتمع المصري، هو لأن المادة هي التي تتكلم -أي- استفحال (سطوة المال)، وظهور تناول المواد المخدرة في الدراما والسينما، إضافة إلى التخطيط لارتكاب أبشع الجرائم ومشاهد الذبح والتقطيع والقتل بمختلف أنواعه، وانتشار المخدرات بين الشباب في جميع المناطق سواء الراقية أو العشوائية، فضلًا عن أن هناك 25 % أمية».

الحل الوحيد لتقليل الجرائم في المجتمع

وأكدت أستاذة علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس، أنه إذا كنت تريد تقليل الجرائم فلا بد من بث الثقافة الراقية والمحترمة والثقافة الدينية والأسرية المعتدلة، ونشر الوعي في المجتمع، وإلا سوف تزداد هذه الجرائم خاصة أن الأماكن الراقية أصبحت بها خليط من كل المناطق في مصر، فعملية انتقاء السلوكيات مطلوبة، حيث يصبح لدينا القدرة على الخروج من الإشكاليات بطريقة سليمة، تكون بها نعومة، ولا يكون حل المشاكل بالعنف والدم والذبح والأساليب التي يأتي من ورائها المصائب.