بمناسبة يوم الشهيد.. سر استحباب دفن الشهيد مكان قتله
تحتفل مصر اليوم بذكرى يوم الشهيد، وهو اليوم الذي استشهد فيه الفريق أول عبد المنعم رياض، ومعروف أن للشهيد فضائل كثيرة، منها ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم.
مكان استحباب دفن الشهيد
من جانبه، أكد الدكتور محمد سعيد أستاذ الفقة جامعة الأزهر،أن للشهيد منزلة كبيرة، فعن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للشهيد عند الله سبع خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في سبعين إنسانًا من أهل بيته.
وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم خص الشهيد بأن يدفن في مكانه الذي مات فيه، حيث قال: ادْفِنُوا الْقَتْلَى فِي مَصَارِعِهِمْ. رواه أبو داود، والترمذي، وغيرهما، وصححه الألباني. وقال العلماء: هذا الأمر على الاستحباب، لا الوجوب.
جاء في المغني لابن قدامة: ويستحب دفن الشهيد حيث قتل، قال أحمد: أما القتلى فعلى حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ادفنوا القتلى في مصارعهم.وعلى ذلك يكون الأفضل للشهيد أن يدفن في المكان الذي استشهد فيه
وأضاف الدكتور محمد سعيد، أن الشهادة قد لا تتاح لكل شخص؛ لأن الجهاد من أصله يتطلب من الشروط ما قد لا يتوفر في كل وقت، ولكن المرء إذا صدق الله في نية الجهاد في سبيله، فإن الله يبلغه ذلك بفضله وكرمه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه. أخرجه مسلم
وتابع: الشهيد يشفع لسبعين من أقاربه وهو رفيق الأنبياء في الجنة، وصاحب الروح الطاهرة التي ضحت بنفسها لأجل إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى، فالشهادة شرفٌ لا يناله إلا من تمكن الإيمان في قلبه، وجعل حب الله تعالى هو الحب الأول والأخير بالنسبة له، ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى للشهيد كرامات عدة.
في السياق ذاته، قال الشيخ مصطفى، إن الواعظ بالأزهر، أن للشهيد أجر عظيم، أولها أن الله يغفر ذنوبه جميعًا بأول دفقةٍ من دمه، كما يُرى منزلته العظيمة التي أعدها الله سبحانه وتعالى له في الجنة، ويشفع لسبعين من أقرابه، فيا له من شرفٍ ليس بعده شرف، خص الله به الشهيد دون الجميع، لأن التجارة مع الله سبحانه وتعالى هي دائمًا تجارة رابحة ولا تبور أبدًا. الشهيد لا يموت أبدًا، بل هو حيٌ يُرزق عند ربه، يتنعم في نعيم الجنة المقيم،
ويفرح بما أعد الله تعالى له.يقول جل وعلا في محكم التنزيل: " وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)"، فمن يخرج مضحيًا بنفسه وماله وحياته يستحق هذه المكانة بأمرٍ من الله تعالى، فلولا تضحية الشهيد لضاعت الأوطان، ولسُلبت الثروات، واستبيحت المحارم، وانتهكت الأعراض.
فضل الشهادة في الإسلام
مؤكد، أن الشهيد هو الدرع الحصين الذي نصّب نفسه لصون العِرض والقضاء على الظلم وإخماد نار الفتن وهو ملاذ الخائفين ورئة الوطن ورأس ماله، فالأوطان بلا شهداء مضحين بحياتهم تسقط ولا تصمد أبدًا. من حكمة الله سبحانه وتعالى أنه جعل في أمتنا أعدادًا لا تُحصى من الشهداء، ومنهم الصحابة والتابعين عليهم السلام، وذلك ليكونوا قدوةً لمن بعدهم من جيل الشباب والأطفال وحتى الكبار، ولتفعل مثلهم الأجيال المتتابعة جيلًا بعد جيل.
وذكر الواعظ بالأزهر، أن نيل الشهادة لا يأتي بسهولةٍ، وإنما يحتاج إلى نيةٍ صادقةٍ ونفسٍ مؤمنةٍ تعرف ما تريد، وتطلب الحياة ولا تخشى الموت، فالشهيد قبل أن يهمّ بالدفاع عن مبادئه السامية التي أمره الله تعالى بها، يجعل في نيته النصر أو الشهادة، وكلاهما خيرٌ وبركة.
ولفت إلى أن الشهيد يصنع مجد الأمم وكرامتها، ويُحلق بالأوطان إلى أعلى المراتب، فمن يُقدم دمه فداءً، يُخيف الأعداء حتى وإن رحلت روحه إلى الرفيق الأعلى، لأنه يؤدي لأعدائه رسالةً واضحةً بأن الشهيد سيتلوه شهيد، وأن الخير باقٍ ما دامت النفوس تأبى الذل والمهانة وتبحث عن عزتها وتضحي بدماء أبنائها الطيبين، فالتراب الذي لا يختلط بدم الشهيد لا يمكن أن يكون ترابًا عطرًا، والأرض التي لا يُدفن فيها شهيد لا يمكن أن تدوم، فالشهيد هو القنديل المضيء في ظلمة الحياة، وهو رجل المهمات الصعبة، وهو زوادة الوطن ومستقبله المشرق.