رئيس التحرير
خالد مهران

على الهواري يكتب: هل مصر مؤهلة للعب دور الوسيط في الأزمة الأوكرانية؟

هل مصر مؤهلة للعب
هل مصر مؤهلة للعب دور الوسيط في الأزمة الأوكرانية؟

صرح السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي أجرى اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تناول التباحث وتبادل الرؤى بشأن آخر التطورات على صعيد الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث أكد الرئيس على ضرورة تغليب لغة الحوار مع دعم مصر لكافة المساعي الدبلوماسية التي من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسيًا من أجل الحد من تدهور الموقف، والحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، واستعداد مصر لدعم هذا التوجه من خلال تحركاتها الحثيثة في هذا الصدد سواء ثنائيًا، أو على الصعيد المتعدد الاطراف.

الرئيسين السيسي وبوتين

 

البعض فسر جملة « استعداد مصر لدعم هذا التوجه من خلال تحركاتها الحثيثة في هذا الصدد سواء ثنائيًا، أو على الصعيد المتعدد الاطراف»، بأنه عرض من القاهرة للوساطة في حل الأزمة الأوكرانية.

والسؤال هو: هل مصر مؤهلة للقيام بدور الوساطة في الأزمة الأوكرانية؟، وهل يمكنها نزع فتيل الأزمة التي تهدد العالم أجمع؟.

الإجابة عن هذا السؤال قولا واحد هي، نعم.

والأسباب كثيرة منها:

أولا: وقوف مصر على الحياد في الأزمة الأوكرانية، فرغم تصويت مصر ضد الضربات العسكرية الروسية في أوكرانيا في الأمم المتحدة، إلا أن الموقف المصري من الأزمة جاء محايدا ومتوازنا إلى حد كبير.

وهذا ما عبر عنه، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة فى نيويورك، السفير أسامة عبد الخالق، الذي أكد، على أن مصر تتابع بقلق بالغ التطورات الأخیرة، والتي باتت تنذر بالمزيد من التصعيد وخروج الأمور عن السيطرة والقدرة على الاحتواء.

وشدد وفد مصر خلال جلسة مجلس الأمن، على ضرورة العمل على التهدئة، وعدم التصعيد وتغليب الحلول الدبلوماسية وتكثيف المساعي السياسية وإبداء المرونة الواجبة من جانب كافة أطراف الأزمة، بهدف سرعة تسوية الأزمة سياسيًا بما يخاطب شواغل كل الأطراف، محذرا من مغبة الآثار الإنسانية والاقتصادية والسياسية للأزمة.

الرئيسين السيسي وبايدن

وناشدت مصر عبر ممثلها كل الأطراف المعنية إعلاء صوت الحكمة والرشد والتحلي بالمسئولية الواجبة، لخلق المناخ المواتي لإيجاد تسوية للأزمة الراهنة.

كما أعلنت وزارة الخارجية، برئاسة وزير الخارجية سامح شكري، الأسباب التي دفعت مصر إلى التصويت في الأمم المتحدة، بإدانة الضربات الروسية في أوكرانيا.

وأوضحت الوزارة أن مندوب مصر الدائم في نيويورك شرح تصويت مصر حول القرار الصادر عن الجمعية العامة بشأن أوكرانيا، قائلا إن «تصويت مصر جاء انطلاقا من إيمانها الراسخ بقواعد القانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة».

وأوضح البيان أن البحث عن حل سياسي سريع لإنهاء الأزمة عبر الحوار وبالطرق السلمية ومن خلال دبلوماسية نشطة يجب أن يظل نصب أعيننا جميعا، والهدف الأساسي للمجتمع الدولي بأسره في التعامل مع الأزمة الراهنة، ومن ثم يتعين إتاحة الحيز السياسي الكفيل بتحقيق ذلك الهدف الأساسي.

وأكدت مصر أنه لا ينبغي غض الطرف عن بحث جذور ومسببات الأزمة الراهنة، والتعامل معها بما يضمن نزع فتيل الأزمة وتحقيق الأمن والاستقرار.

وأكدت مصر رفضها نهج توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولي متعدد الأطراف، من منطلق التجارب السابقة، والتي كان لها آثارها الإنسانية السلبية البالغة، وما أفضت إليه من تفاقم معانات المدنيين طوال العقود الماضية.

وذكرت أنه من الواجب أن تتحلى كل الأطراف بالمسؤولية الواجبة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية لكل محتاج، دون أي تمييز أي كفالة مرور المقيمين الأجانب بانسيابية عبر الحدود، حيث وردت بعض التقارير عن معاملات تمييزية.

وجددت مصر التحذير من مغبة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الراهنة على الاقتصاد العالمي برمته، والذي ما زال يعاني من تداعيات الجائحة، ولعل الاضطراب المتزايد في سلاسل الإمداد وحركة الطيران الدولي أبلغ دليل على ذلك، حسب البيان.

وذكر البيان أن فاعلية ومصداقية قدرة آليات العمل الدولي متعدد الأطراف في مواجهة التحديات والأزمات المتلاحقة إنما يعتمد على تناول جميع الأزمات الدولية، وفقا لمعايير واحدة وثابتة متسقة مع مبادئ الميثاق ومقاصده، دون أن تمر عقود تم خلالها تكريس الأمر الواقع والمعاناة الإنسانية.

الرئيسين السيسي وماكرون

ثانيا: أن مصر ترتبط بعلاقات سياسية واقتصادية وعسكرية قوية واستراتيجية مع كل أطراف الأزمة الأوكرانية، فمصر حليف رئيسي للولايات المتحدة الأمريكية، كما أنها دولة حليفة أيضا لروسيا، وتربطها علاقات قوية واستراتيجية أيضا مع دول الاتحاد الأوربي، لا سيما الدول المؤثرة على المسرح العالمي مثل، فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وهذه العلاقات القوية مع جميع أطراف الأزمة يجعلها مقبولة من الجميع، ويجعلها وسيط موثوق به.

ثالثا: أن مصر من الدول المؤسسة لحركة عدم الانحياز، فحسب الهيئة العامة المصرية للاستعلامات، تعتبر مصر إحدى أهم الدول المؤسسة لحركة عدم الانحياز، ولها دورها المحوري المشهود له في تأسيس، وبناء الحركة، وتطويرها، وفى دعم بقائها واستمرارها لما تتمتع به من ثقل إقليمي ودولي كبيرين باعتبارها تضم ما يقرب من ثلثي دول العالم الأعضاء بالأمم المتحدة، وتمثل الإطار الأهم، والأوسع نطاقًا لتنسيق مواقف الدول النامية إزاء مختلف القضايا السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية المطروحة على أجندة النظام الدولي‏.

وكما كان لمصر إسهامها الواضح في تحويل الأفكار المرتبطة بعدم الانحياز إلى واقع ملموس عند نشأة الحركة، وكما استضافت قمتها الثانية في عام 1964، والقمة الخامسة عشر لقادة ورؤساء دول الحركة بمدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 11 إلى 16يوليو 2009، وتعد هذه القمة نقلةً نوعيةً في مسيرة حركة عدم الانحياز في القرن الحادي والعشرين مثلما كانت قمة القاهرة عام 1964.

الرئيس السيسي ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون

رابعا: أن مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي اصبحت تلعب دورا مهما ومحوريا في حل أزمات المنطقة والعالم، كما حدث في ليبيا وسوريا واليمن وفلسطين والسودان، ترجمة لما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي من إن مصر تدير علاقاتها الخارجية إقليميًا ودوليًا بثوابت راسخة ومستقرة قائمة على الاحترام المتبادل والجنوح للسلام وإعلاء قواعد القانون الدولي.

كما أن مصر لعبت دورا مهما في وقف الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، حيث نجحت مصر بسبب علاقتها المتوازنة مع كل الأطراف على وقف الحرب التي فشل العالم في وقفها، حيث لعبت الوساطة المصرية دورًا حاسما في المفاوضات. 

التي تكللت بوقف اطلاق النار بعد 11 يوم  من الحرب الإسرائيلية المسعورة على قطاع غزة.

وقد اشاد الكثير من زعماء العالم بالدور الذي قامت به القاهرة في وقف الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، وعلى رأس الزعماء الذين أشادوا بالجهود المصرية لوقف الحرب على قطاع غزة كان الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي عبر عن امتنانه للرئيس السيسى والمسئولين المصريين لقيامهم  بدور كبير في هذه الدبلوماسية.

الرئيس جمال عبد الناصر مع زعماء دول عدم الانحياز

خامسا: تاريخ الدبلوماسية المصرية، في بناء جسور السلام وتدعيم ركائز الأمن والاستقرار في العالم، يؤهل القاهرة أن تلعب دور الوسيط النزيه والموثوق به في الأزمة الأوكرانية.

  فكما أكد وزير الخارجية سامح شكري، أن أحد أهم مُرتكزات دبلوماسية مصر أن لها سياسةً خارجية مستقلة تستند إلى مبادئ وأسس واضحة تهدف من خلالها إلى الدفاع عن حقوق وشعب مصر الكريم، وتُساند بعزم صادق لا يلين الحقوق المشروعة لشعوب منطقتها العربية والإفريقية بل والإنسانية جمعاء؛ وذلك استنادًا إلى ما تتمتع به القاهرة من رصيد ضخم من المصداقية الدولية، ووفاءً للثقة التي أولتها إياها شعوب حاضنتها العربية والإفريقية والإسلامية، واضطلاعًا بدور قُدِّر لها أن تضطلع به منذ أن بزغ فجر الحضارة الإنسانية.

وأضاف أنه وإذا كانت الدائرتان العربية والإفريقية مثلتا دوائر اهتمام رئيسة في مجال الدبلوماسية المصرية، إلا أن ذلك اقترن بدبلوماسية واعية استشرفت أهمية تنويع محاور التحركات الخارجية آسيويًا وأوروبيًا وأمريكيًا، وتوظيف هذه المحاور لخدمة مصالحنا القومية، والمُساهمة بفاعلية في بناء جسور السلام وتدعيم ركائز الأمن والاستقرار لمصر ودول المجتمع الدولي.