مخاوف دولية من انهيار وقف إطلاق النار
الصراع على السلطة يقود ليبيا إلى سيناريو الحرب الأهلية بعد تأجيل الانتخابات
سود حالة من الترقب الحذر، الأجواء السياسية والعسكرية في ليبيا، بعد تصاعد الصراع على السلطة، ووصوله إلى عمليات حشد عسكري متبادلة، بين حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، التي يقودها عبد الحميد الدبيبة، ونظيرتها حكومة الاستقرار، التي يرأسها فتحي باشاغا.
تطورات خطيرة
الساعات الماضية شهدت انتشارا واسعا للكتيبة "55 عسكرية"، التي يقودها معمر الضاوي، في منطقة “صياد” جنوب غرب العاصمة طرابلس، مع تمركز مكثف للسيارات العسكرية، المحملة بالأسلحة المتوسطة فوق كوبري الزهراء.
في الوقت نفسه سُمعت أصوات الرماية الكثيفة بالأسلحة المتوسطة، في اتجاه المدينة الرياضية بطرابلس، ردا على تحرك الرتل العسكري التابع إلى باشاغا باتجاه العاصمة أمس الخميس.
التشكيلات العسكرية الموالية لرئيس الحكومة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، أغلقت الطريق الساحلي، عند بوابة الشرطة العسكرية، بمدينة الخمس، وأطلقت أعيرة تحذيرية، في محاولة لعرقلة تحرك الرتل التابع لباشاغا، ومنعه من بلوغ العاصمة.
انسحاب غير متوقع
وفي خطوة، وصفها مراقبون بأنها يمكن أن تفضي إلى تهدئة مؤقتة، وكبح حالة الصراع على السلطة، أعلن القيادي بعملية بركان الغضب، فرج اخليل، أن باشاغا أصدر تعليمات بانسحاب جميع الآليات التابعة له، وعودتها إلى ثكناتها، وذلك منعا للفتنة والاقتتال حسب وصفه.
وكشف اخليل عن أن الانسحاب تم بضمانات قدمتها قيادات في طرابلس ومصراتة، بشأن وضع حل نهائي يسمح لباشاغا بدخول طرابلس سلميا دون قوة مرافقة.
إعلان اخليل انسحاب قوات باشاغا، جاء بعد وصولها إلى القره بولي ومنها إلى تاجوراء، على مشارف العاصمة.
حكومة باشاغا أوضحت أن القوة التي اتجهت إلى العاصمة، تعد قوة للتأمين، وليست قوة حرب، وأن انسحابها يأتي شريطة توقف حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، الدبيبة عن أية إجراءات تتعلق بقفل الأجواء، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الانسحاب جاء استجابة لمطالبات، من وصفتهم بالأصدقاء الدوليين والإقليميين، ونزولا على رغبة العديد من الشخصيات الوطنية.
الموقف الدولي
وفي ظل حالة الصراع على السلطة، التي تسود المشهد في ليبيا، دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إلى الامتناع عن أي عمل من شأنه إحداث مواجهات مسلحة، معبّرة عن قلقها إزاء التقارير المتعلقة بحشد قوات وتحركات أرتال كبيرة من المجموعات المسلحة، ما أدى إلى زيادة التوتر في طرابلس وما حولها.
وحثّت البعثة كل الأطراف على التعاون مع مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، استيفاني وليامز، في مساعيها للتوصل إلى سبيل للخروج من الانسداد السياسي الراهن عبر التفاوض.
في السياق ذاته أيّد السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، الدعوة الأممية للتهدئة، داعيا الجانبين إلى اغتنام الفرصة لمتابعة حل سياسي، بدلًا من المخاطرة بالتصعيد.
وأكد نورلاند أن رئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، مستعد للدخول في مفاوضات من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة بين الحكومتين، كاشفا عن أنه أجرى مشاورات مع جميع الأطراف، بمن فيها فتحي باشاغا، بهدف العمل على تهدئة التوترات، وحل الخلاف السياسي الحالي بالمفاوضات وليس بالقوة.
وشدد السفير الأمريكي على أنه لا يمكن الحفاظ على استقرار ليبيا ووحدتها، إلا من خلال الحوار واحترام حق حرية التنقل في جميع أنحاء البلاد.
بدوره أكد السفير الهولندي في ليبيا، دولف هوخيوونيخ، أن التوقف عن الأعمال الاستفزازية، من قبل جميع الأطراف يمثل مفتاح حل الأزمة الحالية، كاشفا عن أنه ناقش مع وليامز، وزيننغا، الوضع السياسي الحالي، وكيفية دعم جهود البعثة الأممية.
تأجيل الانتخابات السبب
وأرجع عبد الله حميد، الباحث السياسي، الخبير في الشأن الليبي، التوترات الراهنة في ليبيا، وحالة الصراع على السلطة، إلى قبول جميع الأطراف لتأجيل الانتخابات، التي كان من المزمع إجراؤها عند الـ24 من ديسمبر الماضي.
وأوضح في تصريح خاص أدلى به إلى “النبأ”، أن تراجع حكومة الاستقرار برئاسة باشاغا، عن استكمال الحشد العسكري، لا يعني انتهاء الأزمة، لأن هذا التراجع مرهون بضغوط تعرض لها باشاغا، بالإضافة إلى وعود بإيحاد حل سياسي، وهو ما يقابله رئيس حكومة الوحدة المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، بمزيد من التمسك بالبقاء، خاصة أنه يرى في خروجه من المشهد حاليا، نهاية لمستقبله السياسي.
وحذر حميد من أن استمرار الصراع على السلطة، يفاقم الأوضاع في ليبيا، ويجعلها معرضة للاشتعال في أية لحظة، وهو ما يضيف عبئا جديدا على حالة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع تصاعد الآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية.