تداعيات الأزمة الأوكرانية.. «الدولار الرقمي» يشعل حرب العملات.. خبير: العالم يتجه لكارثة.. تفاصيل
بالتوازي مع الحرب الأوكرانية العسكرية التي تدور رحاها على الأراضي الأوكرانية بالدبات والطائرات والصواريخ، هناك حرب أخرى لا تقل شراسة وأهمية، وهي الحرب الاقتصادية، كما تعمل روسيا، بعد فرض العقوبات الغربية عليها، إلى تخفيف اعتمادها على الدولار من خلال اتفاقات دفع ثنائية بالعملات الوطنية مع الصين والهند وإيران وغيرها.
هذه الحرب الاقتصادية طرحت الكثير من الأسئلة حول طبيعة النظام المالي العالمي الجديد الذي سيتمخض عن الحرب الأوكرانية ومستقبل الدولار الأمريكي والعملات المشفرة، وهل سيتغير الدولار الأميركي ومعه النظام المالي العالمي؟، لا سيما بعد قرار روسيا بتسديد ديونها بالعملة المحلية «الروبل»، وإعلان الولايات المتحدة عن إصدار الدولار الإلكتروني.
والدولار الإلكتروني، عملة رقمية مركزية تنوي الولايات المتحدة إصدارها، يعادل قيمته الدولار العادي، ويأتي في إطار التحول الرقمي الذي يتجه العالم إليه، حيث بات المستقبل المالي للمدفوعات الإلكترونية والفورية، بعيدًا عن المؤسسات المالية التقليلدية.
وحسب خبراء، فإن الدولار الأمريكي، قد يكون الضحية الاكبر للحرب الأوكرانية، ومعه نظام “سويفت” المالي الأمريكي في التعاملات المالية في المدى المتوسط، وبعض الخبراء يقدرون بأن العملة الامريكية ستفقد عرشها في غضون خمس سنوات ان لم يكن اقل.
مرسوم بسداد الديون المستحقة على روسيا بالعملة الوطنية«الروبل»
وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مرسوما يسمح بسداد المدفوعات لبعض الدائنين الأجانب من الدول التي فرضت عقوبات على موسكو بالعملة الوطنية الروسية.
وبحسب المرسوم فبإمكان الدائن التوجه إلى بنك روسيا بطلب فتح حساب باسمه بالروبل على أن يتم تحويل مدفوعات إلى هذه الحساب بالروبل على أساس سعر صرف العملات الأجنبية المحدد من قبل البنك المركزي.
وقال وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، إن العقوبات الغربية جمدت حوالي 300 مليار دولار من أصل 640 مليار دولار كانت تمتلكها روسيا من احتياطياتها من الذهب والعملات الأجنبية.
وذكرت وكالة الأنباء الروسية RIA، أن سيلوانوف قال أيضًا إن روسيا ستفي بالتزاماتها المتعلقة بالديون الحكومية، وستدفع لأصحاب الديون بالروبل حتى يتم إلغاء تجميد احتياطيات الدولة.
وتوقع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، انهيار الدولار الأمريكي، مضيفا: الثقة به تتضاءل بسبب سياسة الولايات الممتحدة الأمريكية.، نقلا عن تقارير إعلامية.
أمريكا تعلن إطلاق الدولار الرقمي «الدولار الإلكتروني»
وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية إطلاق الدولار الرقمي أو "الدولار الإلكتروني"، الذي سيكون العملة الرقمية المركزية للدولار الأميركي، والذي ستتم إدارته من قبل الحكومة.
وأعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأميركي جو بايدن، سيطلق في وقت لاحق، مشروع دولار رقمي في إطار جهود واسعة النطاق لفرض ضوابط على قطاع العملات المشفرة، حسب وكالة "فرانس برس".
وجاء في بيان الرئاسة الأمريكية، أن بايدن سيوقع، مرسوما يطلب فيه من إدارته "إيلاء أهمية قصوى للبحث والتطوير بغية التوصل إلى عملة رقمية للمصرف المركزي، في الولايات المتحدة التي تهيمن عملتها على قطاع المال في العالم.
وشدد مسؤول كبير في البيت الأبيض، طالبا عدم الكشف اسمه: "يجب أن نتوخى الدقة في تحليلنا لأن تأثير اعتماد دولار رقمي سيكون عميقا جدا في البلاد التي تعتبر عملتها عملة الاحتياط الرئيسية في العالم".
قال مسؤول أميركي، لصحيفة نيويورك تايمز، أن إصدار الدولار الرقمي بدأ قبل حرب أوكرانيا.
مستقبل العملات المشفرة بعد اصدار الدولار الأمريكي الرقمي
في خضم هذه الأزمة تساءل البعض عن مستقبل العملات المشفرة وعلى راسها، البيتكوين، إثيريوم، دوجكوين، بعد الحديث عن إصدار الولايات المتحدة الأمريكية للدولار الرقمي.
يقول الخبراء، أن نجاح مشروع الدولار الرقمي، يمكن أن يحدث ثورة في النظام المالي العالمي الذي يهيمن الدولار عليه، لكن المشروع ينطوي على مخاطر منها: التشكيك في النظام المصرفي التقليدي، وحماية خصوصية المستخدمين، والاستخدام لأغراض إجرامية، والمخاطر على أمن الدول. وشدد مسؤول كبير في البيت الأبيض،«يجب أن نتوخى الدقة في تحليلنا لأن تأثير اعتماد دولار رقمي سيكون عميقًا جدًا في البلاد التي تعد عملتها عملة الاحتياط الرئيسية في العالم».
لكنه أكد أن مشاريع اعتماد العملة الرقمية المتقدمة أكثر في بعض الدول الأخرى أو المناطق النقدية «لا تهدد» هيمنة الدولار التي تضمن موقعًا مميزًا للولايات المتحدة في قطاع المال العالمي، ولكنه أيضًا سلاح استراتيجي حقيقي للولايات المتحدة كما اتضح من العقوبات المفروضة على روسيا.
فالصين لوحدها، وعلى سبيل المثال، لديها ما يقارب 2 تريليون دولار. وعليه فإن مختلف البلدان، لا سيما التي لديها احتياطات كبيرة من الدولار ليس لديها مصلحة في التخلص منه بسرعة بشكل يسبب حالات ذعر في الأسواق ويؤدي إلى انهيار دراماتيكي في سعر الدولار بشكل يهدد قيمة احتياطاتها منه.
ومن هنا فإن تخفيف الاحتياطي منه بشكل تدريجي وهادئ لصالح بدائل أخرى من جهة، وإقامة مؤسسات مالية إقليمية ودولية تنهي نظام الهيمنة من جهة أخرى، قد يكون أحد أنسب السبل نحو بناء نظام نقدي دولي جديد يشكل الدولار أحد ركائزه بدلا من أن يكون المتحكم به.
وحسب بعض الخبراء، فإن هناك تنسيقا مكثفا يجري حاليا بين الصين وروسيا ودول منظمة شنغهاي، والاتحاد الاقتصادي الاوراسي للتخلي بشكل متسارع عن الدولار في التعاملات المالية والتجارية، مضافا إلى ذلك تأكيد القيادة الصينية بأنها لن تدعم العقوبات الغربية ضد موسكو، وستظل شريكة قوية لها (لموسكو) في المعاملات التجارية، بل ستعمل على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، خاصة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا، ومن المعروف ان الصين اكبر مستهلك للطاقة في العالم ويمكن ان تستوعب أسواقها غالبية انتاج روسيا من الغاز والنفط.
كما أن الصين وروسيا تعمل منذ خمس سنوات تقريبا على إقامة نظام مالي بديل مواز لنظام “سويفت” الأمريكي الغربي، عماده الاعتماد على العملات الوطنية والتخلي بشكل تدريجي عن العملة الامريكية (الدولار)، وحققت تقدما ملحوظا من المتوقع ان يتزايد بفضل العقوبات الامريكية الأوروبية على روسيا، وربما لاحقا على الصين.
كما أن العملة الوطنية الصينية «اليوان الذهبي» بات الآن العملة المتداولة في المعاملات النفطية والغازية، وانضمت دول عديدة إلى النظام البديل الروسي الصيني، مثل ايران والهند وفنزويلا، ودول أخرى في أمريكا الجنوبية وافريقيا.
خبير: أتوقع أن يحظى الدولار الرقمي بقبول رسمي واسع
قال ماجد فهمي، الخبير المصرفي ورئيس بنك التنمية الصناعية سابقًا، أنَّ العملات الرقمية، وأشهرها البيتكوين لم يكن مرغوب في اعتمادها من عدة بنوك مركزية، بسبب عدم خضوعها لرقابة الدول والحكومات، ما يجعلها مفضلة للصفقات المشبوهة وعمليات غسيل وتهريب الأموال، ما دام يتم إصدارها وتداولها خارج السيطرة الرسمية، وبالتالي تكون فرص أي إصدارات رسمية أفضل من غيرها.
واستطرد الخبير المصرفي: «مع بدء إصدار بنوك مركزية عالمية لها ثقتها للعملات الرقمية، مثل الدولار الرقمي، أتوقع أن تحظى بقبول رسمي واسع من الدول والحكومات الأخرى، من بينها مصر، ليتجه المستثمرون نحوها، مبتعدين عن الأصول الرقمية عالية المخاطر».
وائل النحاس: انهيار الدولار كارثة على العالم
يقول الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن انهيار الدولار سيمثل كارثة على العالم، مشيرا إلى أن اصدار الولايات المتحدة الأمريكية الدولار الرقمي أو الإلكتروني سيؤدي إلى إعدام كميات ضخمة جدا من الدولارات مصدرها غسيل الأموال والمخدرات وأموال الساسة المقربين من السلطة على مستوى العالم، وهذا سوف يؤدي إلى تقوية الدولار.
وأضاف «النحاس»، إلى أن نجاح روسيا التغلب على العقوبات الأمريكية يتطلب قيام الصين بتفعيل البنك الأسيوي، لأن ذلك سوف يتيح لـ67 دولة التعامل بعملاتهم المحلية، مشيرا إلى أن العالم يتجه إلى نظام عالمي جديد لن يكون فيه هيمنة لعملة أو دولة على النظام المالي العالمي، متوقعا أن تكون العملة المشفرة xrp المعترف بها من قبل البنوك المركزية في العالم هي العملة الموحدة في العالم، مشيرا إلى أنه بداية من شهر مايو القادم سوف يشهد العالم موجة كبيرة من الإفلاس للشركات والبنوك على مستوى العالم، مؤكدا على أنه سوف يتم مسح روسيا من الخريطة الاقتصادية في العالم، لافتا إلى أن 60 بالمائة من احتياطيات العالم بالدولار، و60 بالمائة من اجمالي التجارة العالمية بالدولار، وبالتالي انهيار الدولار سيكون كارثة على العالم.