روسيا تعترف باستخدام «الصواريخ المجنحة» في أوكرانيا.. لماذا تتسابق دول الشرق الأوسط لإمتلاكها؟
رد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيغور كوناشينكوف على تصريحات كييف التي قالت إن الجيش الروسي يعتمد في عملياته في أوكرانيا على الصواريخ المجنحة.
وعلق كوناشينكوف خلال إيجاز صحفي اليوم الاثنين، على تصريحات ميخائيل بودولياك، مستشار مكتب الرئاسة الأوكرانية، بهذا الشأن قائلا: "أود أن أشدد على أن العملية العسكرية الخاصة ينفذها جيش مهني، بما في ذلك باستخدام الصواريخ المجنحة".
وأشار إلى أن هذا النوع من السلاح يستخدم "بأكبر قدر من الفعالية" لتوجيه "ضربات عالية الدقة إلى عناصر البنية التحتية العسكرية (الأوكرانية) وليس إلى منشآت مدنية".
وقال المتحدث إن المنشآت المدنية مستهدفة من قبل "القوميين وأفراد القوات المسلحة الأوكرانية أنفسهم"، موضحا أن هناك شهادات كثيرة تؤكد ذلك.
وأضاف المتحدث أن الجيش الروسي يستخدم في عمليته أيضا السلاح فرط الصوتي، بما في ذلك صواريخ "كينجال"، التي استخدمت مؤخرا لتدمير مستودعات القنابل الجوية والرؤوس القتالية لصواريخ "توتشكا - أو" في غرب أوكرانيا، ومخازن كبيرة للوقود في جنوب البلاد.
وأشار إلى أن إطلاق صواريخ "كينجال" جرى على مسافة تزيد عن ألف كم من الأهداف المذكورة.
وتابع أن استخدام الصواريخ فرط الصوتية أكد فعالية هذا النوع من السلاح في تدمير المنشآت الخاصة المحصنة للعدو وأن توجيه ضربات باستخدامها إلى المنشآت العسكرية الأوكرانية سيستمر.
الصواريخ المجنحة...لماذا تتسابق دول الشرق الأوسط لامتلاكها؟
ذكر تقرير بريطاني أن دول الشرق الأوسط تخوض سباق تسلح إقليمي لامتلاك وتصنيع الصواريخ المجنحة، مشيرة إلى أن انتشار هذا النوع من الأسلحة يمثل تحديًّا إقليميًّا لدول المنطقة وسلاح ردع إقليمي يمكن الجيوش الأقل تطورا من استهداف عمق العدو أيًّا كانت قوته العسكرية.
ويقول المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، الذي يتخذ من بريطانيا مقرًّا له، إن برامج الصواريخ المجنحة وحجم ترسانة كل دولة من هذا السلاح لا يزال غير واضح.
وتابع، في تقرير عن الصواريخ المجنحة في الشرق الأوسط: "بينما تعد الصواريخ الباليستية الموجودة في المنطقة محط أنظار العالم، فإن انتشار الصواريخ المجنحة في تلك المنطقة لا يزال غير واضح ويمثل تحديًّا جديدًا لدولها".
ويقول التقرير إن "إسرائيل، الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، تقود المنطقة في مسار الصواريخ المجنحة"، مضيفة: "خلال العقدين الماضيين لحقت بها كل من إيران وتركيا وأصبحت الدولتان ضمن الدول التي تطور وتصنع صواريخها المجنحة".
ذكر التقرير أن بعض الدول مثل الجزائر ومصر والكويت والسعودية وقطر، ربما اشترت فعلًا صواريخ مجنحة من الخارج أو أنها على استعداد للقيام بذلك في المستقبل القريب.
أهمية امتلاك الصواريخ المجنحة للجيوش
تكمن أهمية امتلاك الصواريخ المجنحة للجيوش في قدرتها على التخفي من رادارات العدو والتغلب على دفاعاته الجوية.
وأصبحت الصواريخ المجنحة أكثر أهمية لجيوش المنطقة بسبب زيادة امتلاك العديد من جيوشها لوسائل دفاع جوي متطورة ومجهزة بصواريخ "أرض - جو" يمكنها التصدي للأهداف الجوية التقليدية بسهولة سواء كانت طائرات هجومية أو حتى الصواريخ الباليستية، التي يمكن تعقب مسارها والتصدي لها في الوقت المناسب.
ويمكن للجيوش التي تمتلك قوات جوية متواضعة أن تعتمد على الصواريخ المجنحة في تنفيذ هجمات ضد أهداف في عمق أراضي العدو، حتى إذا كان العدو المستهدف يمتلك قدرات عسكرية أكثر تطورًا.
ويقول التقرير إن الصواريخ المجنحة يمكن اعتبارها أسلحة ردع إقليمية، خاصة إذا تم تجهيز الطائرات والسفن الحربية بها.
لماذا يتخوف أعداء روسيا من صواريخ "كاليبر" المجنحة؟
تحت هذا العنوان نشر موقع «روسيا اليوم» تقريرا قال فيه: استعرض تقرير أمريكي مميزات صواريخ "كاليبر" الروسية المجنحة والتي ظهرت في عمليات عسكرية فعلية عام 2016، لافتا إلى نجاح روسيا في نصبها على سفن صغيرة الحجم، دون غيرها.
وأكدت مجلة "المصلحة القومية" أن قدرة روسيا على نصب منصات لإطلاق صواريخ "كاليبر" المجنحة طويلة المدى على سفن صغيرة الحجم تشغل بال العسكريين الأمريكيين.
المجلة الأمريكية كتبت عن هذا السلاح الروسي تقول: منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، أطلقت الولايات المتحدة من السفن الحربية والغواصات مئات الصواريخ المجنحة "توماهوك" التي أصابت أهدافها في الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، ويوغسلافيا السابقة وأفغانستان.
سرعة هذه الصواريخ تبلغ نحو 885 كيلومترا في الساعة، وهي مماثلة لسرعة الطائرات، وبمقدورها إصابة أهداف على بعد 1600 كم.
هذه المواصفات جعلت من هذا الصاروخ، سلاحا غاليا الثمن، لكنه الأكثر شعبية لأنه سمح للولايات المتحدة بالقيام بعمليات عسكرية وتقليص الخسائر إلى أدنى حد ممكن، إلا أنه ليس فقط الولايات المتحدة وبريطانيا تمتلكان صواريخ مجنحة بعيدة المدى!
في السابع من أكتوبر أطلقت السفينة الصاروخية "داغستان" وثلاث سفن صغيرة بواسطة منصات رأسية 24 صاروخ "كاليبر"، واجتازت هذه الصواريخ التي يبلغ طولها 9 أمتار نحو 1500 كيلومتر فوق أراضي العراق وإيران وأصابت 11 مواقعا لتنظيم "داعش" وفصائل مسلحة أخرى في سوريا.
على الرغم من ادعاء البنتاغون بأن 4 صواريخ "كاليبر" سقطت على الأراضي الإيرانية (نفت طهران في حينها ذلك جملة وتفصيلا)، إلا أن استعراض الصواريخ المجنحة الجديدة عمليا تم بنجاح.
في أعقاب إطلاق 18 صاروخ "كاليبر" في نوفمبر من السفينة "داغستان" وقع إطلاق وابل من الصواريخ من غواصة الديزل "روستوف نا دونو"، التي أظهرت إمكانيات الغواصات الروسية الحديثة في إصابة اهداف في سوريا. في عام 2016 وجهت السفن الصاروخية الروسية ثلاث ضربات على الأقل ضد أهداف للإرهابيين في حلب وإدلب.
الطائرات القاذفة الروسية استعملت في سوريا في أولى الضربات عام 2015، وكان بإمكانها القضاء على الأهداف بسهولة، وبثمن أقل بكثير، ومع ذلك اختبار إمكانيات الصواريخ المجنحة الجديدة، لم يمكن موسكو فقط من توجيه الاهتمام إلى انجازاتها التقنية، بل واستعراض فعالية سلاحها أمام شركائها الأجانب الذين يمكنهم اقتناء نسخة صواريخ "كاليبر" التصديرية المسماة " Клаб".
وتوجد عدة نسخ معدلة لمنظومة صواريخ "كاليبر" التي تختلف في نوعية منظومات إطلاقها، ونوعية الهدف والسرعة والمدى، ويمكن أن تحمل عبوات تقليدية أو نووية.
ومدى إطلاق صواريخ "كاليبر" المضادة للسفن (يسميها الناتو SS-N-27 Sizzler) التي تطلق من السفن والغواضات تبلغ ما بين 430 – 700 كم. هذه الصواريخ لها مسار منخفض فوق سطح البحر، ما يجعل اكتشافها أمرا صعبا.
وصواريخ "كاليبر" المنطلقة من سطح السفن لا تتحرك إلى الهدف في خط مستقيم، بل تناور بمساعدة منظومة ملاحة نشطة، وحين تقترب من السفينة المعادية، تزيد من سرعته بشكل حاد من 0.8 متر إلى 3 أمتار وتحلق على ارتفاع لا يزيد عن 4.6 أمتار فوق سطح البحر، ما يجعلها عصية على المنظومات المعادية المضادة للصواريخ.
الصواريخ المجنحة المخصصة لإصابة أهداف على الأرض نوعي "3M14T - 3M14K " لا يمكنها الاندفاع بسرعة 3 أمتار، لكنها قادرة على اجتياز مسافة من 1600 إلى 2400 كم. وهناك نسخة معدلة من صواريخ "كاليبر" مخصصة للحرب ضد الغواصات ويمكنها إصابة الهدف على بعد 50 كم.
أظهرت روسيا أنها قادرة على استخدام أعداد كبيرة من السفن الصغيرة المزودة بالصواريخ المجنحة بعيدة المدى، وهي قوة متحركة. في عصلا الأسلحة الحديثة بعيدة المدى، قرار توزيع القوة النارية على اسطح إطلاق متحركة وعدم الاعتماد على قاعدة كبيرة واحدة مكلفة وقابلة للإصابة يبدو عقلانيا تماما. والبرنامج الأمريكي في الوقت نفسه بتوزيعه المثالي للقوة العسكرية بواسطة استخدام سفن ساحلية يعاني من بعض الصعوبات، علاوة على أن خصائص تسليح السفن الكبيرة في المناطق الساحلية تتخلف عن مواصفات التسليح الروسي لسفن المدفعية صغيرة الحجم.
صحيح أن روسيا تنتج أنواعا مختلفة من الصواريخ المجنحة للاستخدام البحري، إلا أن "كاليبر" تحديدا سيصبح السلاح بعيد المدى الأساسي في السنوات المقبلة. أما الصواريخ المخصصة لإصابة أهداف على الأرض، فمن الناحية النظرية لن تتخلف عن صواريخ "توماهوك" الأمريكية في مواصفاتها، فيما الصواريخ المضادة للسفن القادرة على الانطلاق بسرعة كبيرة تبدو حتى أكثر فعالية.
على الرغم من أن أعداد قطع الأسطول الروسي أقل من الامريكي، إلا أن قدرات روسيا على تزويد السفن صغيرة الحجم بمنصات صواريخ مجنحة بعيدة المدى تجبر العسكريين الأمريكيين على التفكير مليا.