هل ستكون الحرب الأوكرانية بداية لنظام عالمي جديد؟
بلا شك أن الأزمة الأوكرانية ستكون بداية لتشكيل نظام عالمي جديد، بدأ مخاضه الحقيقي منذ حرب البلقان، ثم أحداث الثورات الملونة في شرق أوروبا والشرق الأوسط، ولكي نفهم ما يحدث في أوكرانيا، لا بد أن نعود بالذاكرة للوراء قليلًا، لكي نفهم سر الصدام المسلح بين الغرب والروس.
أوكرانيا تاريخيًا هي جزء أصيل من الإمبراطورية الروسية، ولكنها إستقلت عنها بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي عام 1991، وتتكون أوكرانيا من ثلاث عرقيات رئيسية:-
أولا: الشرق وهو يدين لروسيا بالولاء والثقافة واللغة والديانة، فهي تضم شعوب روسية أرثوذكسية يتبعون الكنيسية الشرقية الروسية الأرثوذكسية.
ثانيا: الغرب وهو يتحدث اللغة الأوكرانية وهو غربي الهوا ويدين بالديانة المسيحية الكاثولوكية ويتبع كنيسة روما الكاثوليكية.
ثالثا: الجنوب ومنها إقليم القرم وهو أصولة تترية ويتحدث اللغة التترية والروسية وهو يدين بالولاء إلى روسيا الأم.
ومع إنهيار الإتحاد السوفيتي وبالرغم من الوعد الأمريكى لروسيا الإتحادية وقتها، بعدم الإقتراب من حدودها الغربية، لكن الغرب كعادته في عدم إحترام الغير، خاصة لو كان في موقف ضعف، ومن هنا بدأت أمريكا تزحف على حدود روسيا، بضم جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق، إما بإستمالتها بالإقتصاد، أو عن طريق دعم المعارضين الموالين للغرب، إما بالدعم المالى أو بالثورات الملونة، والتي عرفت بـ "الثورات البرتقالية" ونجحت سنة 1999 في ضم (بولندا والتشيك والمجر)، ثم في سنة 2004 نجحت، في ضم 9 دول هي: ( إستونيا وبلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفانيا ولاتفيا وليتوانيا وألبانيا وكرواتيا)، أما التركيز الرئيسي فكان على أوكرانيا، لإنه ا أكبر دولة اوروبية من حيث المساحة، وصاحبة أكبر حدود كبيرة مع روسيا.
وفي نفس السنة بدأت أمريكا في تنفيذ خطتها لإبتلاع أوكرانيا، بعد إطلاقها للثورة البرتقالية هناك، واللى نجحت في استقطاب الشباب الذي نجح في اسقاط الحكومة ذات الولاء "الأيدولوجي" لروسيا، وصعود الثورة إلى الحكم، بشخصيات ذات ولاء كاثوليكي غربي بإمتياز، وكالمعتاد نتيجة لفشل الغرب في إختيار شخصيات سياسية ضعيفة، فقد فشل الموالين للغرب، في إدارة الملف الإقتصادي والسياسي، فكان همهم الأساسي هو تمرير إنضمام أوكرانيا للناتو والإتحاد الأوروبي، حتي لو على حساب الشعب الأوكراني، ولكنهم سقطوا في الإنتخابات مرة أخرى، ويعود نفس الرئيس الذي ثاروا عليه في 2004، ليرجع يمسك الحكم مرة تانية في 2010، وتستقر الأمور حتي نوفمبر 2013.
وعندما ألغي الرئيس الأوكراني إجراءات إنضمام أوكرانيا إلى الإتحاد الأوروبي، جن جنون أمريكا وبدأت تنفذ خطتها لإشعال أوكرانيا، فقامت أمريكا بدعم الشباب لنزول إلى الشوارع، ليقوم بثورة ملونة أخرى، ولكنها أصيبت بخيبة الأمل، بعد فشلها في استقطاب الشعب الأوكراني، ورغم التضخيم والدعم الإعلامي وعلى السوشيال ميديا، ولكنها كانت ثورة منزوعة الحماس، وتستطيع أن تقول عليها، أنها كانت مجرد تجمعات احتجاجية ضعيفة.
وحينما شعرت أمريكا أن الشعب الأوكراني رافض فوضي الثورة، قامت بدعم أكثر التنظيمات الكاثوليكية القومية تطرفًا، في الجانب الغربي وهم ما يطلق عليهم النازيين الجدد، ودعمتهم بالتمويل والسلاح، الذي نزلوا به إلى العاصمة وكل المدن، ليسحقوا جهاز الشرطة تمامًا بالقوة المسلحة، ويحتلون المراكز الحكومية، لتسقط الحكومة والسلطة المركزية مرة أخرى، ويعينوا حكومة غربية كاثوليكية مرة أخرى، ولكن النازيين لم يكتفوا بذلك، ولكنهم بدأوا يستهدفوا كل ما يمت للقومية الشرقية الأرثوذكسية، والثقافة الروسية بأي صلة، فقاموا بإستهداف الأقاليم الشرقية بالأسلحة الثقيلة، وعمل مجازر وحملات تطهير عرقية، ومنع إستخدام اللغة الروسية، سواء في المدارس أو التعامل أو الغناء أو الفن الروسي أو العملة الروسية، لدرجة أن المواطن هناك، لو دخل صيدلية يطلب دواء أو مستشفي ووصف للدكتور أعراض مرضه وهو بيتكلم الروسية، يتم طرده وعدم تقديم الخدمة له.
وبما أن النازيين دايما أصحاب فكر خاص، لم ينتهي الموضوع عند هذا الحد، بل قاموا بحملات عسكرية إرهابية إنتقامية منظمة، ضد المدنيين في الأقاليم والمدن والقري، ذات الأكثرية الأرثوذوكسية، ترتقي إلى جرائم الحرب، فكانت التفجيرات وقصف المدارس، والأسواق التجارية وحرق الكنائس، والهجوم على القرى وقتل وإغتصاب النساء، وحرق البعض أحياء من الأمور اليومية، التي كانت تحدث هناك وعلى نطاق واسع، وللأسف كانت الميديا الغربية تكتفي، بوصف ضحايا الأقاليم الشرقية المعتدي عليها بالإرهابيين، وأنها تدعم الإرهابيين النازيين، وتوصفهم بالسلطة التي تحاول القضاء على الإرهاب، نفس السيناريو الذي كانت تقوم بتنفيذه في مصر، فكانت بتمويل الإرهاب لتفجير الكنايس، والقنابل والإرهاب يحصد دماء المصريين، وكان الإعلام الغربي يتكلم على الحقوق السياسية للإرهاب ويطالب بعدم القبض عليهم.
ولذلك تدخلت روسيا لحماية مواطنيها الأصليين، الموجودين في شرق أوكرانيا، وتدعمهم بالسلاح وتدخل وتضم إقليم القرم، ويقف القتال بإتفاق منسك، الذي أعطي الأقاليم الشرقية صيغة للحكم الذاتي، بالتعهد بعدم طلبهم الإنفصال عن أوكرانيا، والإنضمام لروسيا في مقابل تعهد سلطة أوكرانيا، بعدم الهجوم على هذه الأقاليم، وطبعًا طوال تلك الفترة الماضية، لم يحترم المتطرفين الكاثوليك هذا الإتفاق، فكان يتم قصف هذه الأقاليم بشكل شبه يومي، وكان يموت العشرات من المدنيين نساءً وأطفالًا، في ظل تجاهل تام من الإعلام الغربي والعالمي، الذي يتحكم في إعلام الكره الأرضية عن بكرة أبيها، فهذه السطور كانت مجرد مقدمة تاريخية مبسطة، عن أصل النزاع الغربي الروسي على الأراضي الأوكرانية.
وقد شاهد الجميع عبر وسائل الإعلام المختلفة، الهجمات بالصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، ذات الدقه العالية، والتي استهدف منشآت لشركة أرامكو في السعودية، وقد وصفت هذه الضربات بالموجعة والدقيقة والعدائية والانتقامية، والتي تبناها الحوثين في اليمن، ببيان رسمي صادر عنهم، ولكن من يبحث بين السطور يجد، أن استهداف أرامكو أوجع أمريكا ا والمعسكر الغربي ككل، أكثر من السعودية صاحبة المصاب، وأفرح المعسكر الشرقي(روسيا والصين وإيران)، ومن يتابع الأحداث جيدًا، يجد أن أمريكا والمعسكر الغربي، طلبوا من السعودية، التي تحتل المركز الأول عالميًا، برفع سقف إنتاجها من النفط، لسد فجوة نقص النفط الروسي، ولكن قوبل هذا الطلب بالرفض السعودي، ثم تراجعت مجبرة، وقررت رفع إنتاجها إلى 13 مليون برميل يوميًا، فجاءت الهجمات التي أوقفت الإنتاج السعودي، وجعلت أمريكا والمعسكر الغربي أمام "ثلاث خيارت" الأول مجبرة باللجوء إلى احتياطتهم النفطية، والتي ستكون غير كافية لوقت طويل.
وثانيا رفع الحصار عن النفط الروسي، الذي يحتل ثانيًا عالميًا،
وثالثًا رفع العقوبات عن النفط الإيراني.
كما أن الدقة العالية للهجمات تحتاج ألف علامة استفهام، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي اليد التي فرضت خيارات صعبة على المعسكر الغربي؟
من يدقق بالتواريخ المؤشرة ويبحث بين السطور، ويفكر بعقله لا بعاطفته، وأن يتجرد من اندفاعه لأحد المعسكرين، عندها سوف يعرف سر استهداف أربيل ضمن هذا السييناريو، وكفى الله العراق وأهله شر صراع القطبين، الغربي ( أمريكا ) والشرقي (روسيا).
ولم تقف روسيا مكتوفة الأيدي، في ظل تحدي معكسر الغرب، بل قامت بنشر خريطة للمختبرات البيولوجية الأمريكية السرية، وحددت أماكن انتشارها في العالم، وطالبت بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، لمناقشة الموضوع وكشف مدي خطورته على كوكب الكرة الأرضية.
وأوضحت روسيا من خلال خريطة المختبرات البيولوجية الأمريكية، واماكن تواجدها، في 25 دولة علي مستوي العالم، حيث قامت بعمل مختبراتها البيولوجية السرية، في دول يجب أن ينطبق عليها شرط من اتنين، إما حليفة مثل إسرائيل، أو فاقدة للسيادة الوطنية على أرضها بشكل كامل، وهذا وضح في الدول الفقيرة، أو الدول التي تعاني من انفلات أمني، ولذلك نجد أن أغلب مختبرات أمريكا، في دول أفريقية فقيرة، أو دول آسيوية، وطبعًا في أوكرانيا، باعتبارها على حدود روسيا.
وتتفق فكرة المختبرات البيولوجية ببساطة، مع قواعد الطب المدني الذي يدرس مناهج الطب العادية، لكن المختبرات البيولوجية هي النقيض في الغاية والهدف، ففي الطب المدني تدرس الفيروسات وتركيبها وأعراضها وتحليلها، لكي يتم تشخيصها، والبحث لها عن علاج، لحماية الناس من مخاطرها، أما في المختبرات البيولوجية التي تستخدم لأغراض مشبوهة، فيتم عمل نفس الدراسات، ولكن بهدف تطوير الفيروسات من أجل إستخدامها ضد البشرية، وبالتالي تستخدم كسلاح دمار شامل، ولذلك فإن كثيرًا من الفيروسات، تم انتشارها تم بفعل فاعل، وحتى الحشرات والقوراض، بيتم تطويرها واستخدامها لتخريب محاصيل في دول معينة، والفاعل دائمًا الشيطان الأعظم، الذي يسعي لكي يصبح هو القطب الأوحد الذي يتحكم في ثروات العالم.
ولكن الحرب الروسية الأكرانية، وبعد كشف كل هذه الأسرار التي تقوم بها الدولة العظمي، هل سيشهد العالم خلال الفترة القادمة، تغيير في قوي التوازن العالمية، وهل ستنجح روسيا في زعزعة عرش أمريكا، وهل ستنجح الصين في إحتلال مكانة عظمي علي خريطة العالم؟