سري للغاية.. اسرار وخبايا «اتصالات الرؤساء».. أشهر «المقالب الهاتفية» التي تعرض لها الزعماء
في ظل الحرب المشتعلة والمحتدمة بين روسيا وكل من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب على الأراضي الأوكرانية، استدعى البعض فكرة «الهاتف الأحمر»، أو «الخط الساخن»، الذي يتم استخدامه بين روسيا والولايات المتحدة عندما يصل الخلاف بينهما إلى حد التهديد باستخدام السلاح النووي أو الحرب الشاملة.
وبصورة عامة يطلق مصطلح الهاتف الأحمر، على خط الهاتف المباشر بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ورئيس روسيا، فقد تم إنشاء هذا الخط بعد أزمة الصواريخ الكوبية سنة 1962؛ بهدف تمكين رئيسي الدولتين العظمتين من إجراء الاتصالات العاجلة في الأزمات الدولية الخطيرة؛ بهدف إزالة سوء التفاهم وتسوية الأمور المُلحّة.
و«الهاتف الأحمر» أو «الخط الساخن» الذي ظهر أول مرة في الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن ليس هاتفًا كلاسيكيًا حقيقيًا كما يعتقد البعض، لكن هو خط ساخن يسمح بإرسال الرسائل النصية والصور والخرائط والرسوم البيانية، ويسمح بالاتصال الفوري بين الرئيسين، وهو محاط باحتياطات أمنية بالغة القوة.
وهذا طرح الكثير من الأسئلة حول «اتصالات الرؤساء»، وكيف تتم، وهل يمكن اختراقها والتجسس عليها، وكيف يتم حمايتها من القرصنة والتنصت، وهل الاتصالات الهاتفية التي تُجرى بين زعماء ورؤساء دول العالم، تختلف عن الاتصالات التي يجريها الأشخاص العاديون بين بعضهم، وما هي الخطوات والإجراءات التي يتم اتخاذها على المستوى الدبلوماسي والسياسي والأمني لهذه الاتصالات؟.
كيف تجري الاتصالات الهاتفية بين رؤساء العالم؟
نشرت «بي بي سي» تقريرًا عن الخطوات والإجراءات التي تتم لتحضير مكالمة هاتفية بين رؤساء وزعماء العالم للتواصل على الصعيدين الدبلوماسي والسياسي.
التقرير يوضح بأن الاتصالات الهاتفية بين زعماء العالم محكومة تمر عبر عدد كبير من القواعد الموجهة لتفادي سوء الفهم اللغوي، وطبعا للحماية من اتصالات الدخلاء والمشاغبين والذين ينتحلون شخصيات مزيفة.
وتُجرى المكالمات الهاتفية بين رؤساء العالم وفق بروتوكولات معروفة ونظم وترتيبات خاصة، تختلف بشكل جذري عن المكالمات الشخصية للأشخاص العاديين.
وأشار تقرير «بي بي سي»، إلى أن الاتصالات الهاتفية بين الرؤساء تمر عبر عدد من القواعد والخطوات، تفاديًا لسوء الفهم اللغوي، وبلا شك للحماية من اتصالات الدخلاء والمشاغبين الذين ينتحلون شخصيات مزيفة.
وتسبق المكالمة تدابير تتعهدها إدارة الدولتين، وبحسب ما أوضح ستيف إيتس، الذي كان يتولى منصب نائب مستشار لشؤون الأمن لدى نائب الرئيس الأمريكي الأسبق جووج بوش، فإنها قد تكون مبسّطة إذا كانت العلاقات بين البلدين وثيقة وراسخة؛ فالعاملون في أحد مراكز الاتصال يتصلون بنظرائهم في البلد الآخر قائلين: «رئيسنا يريد التحدث مع رئيسكم».
وقال «إيتس»: «أما إذا لم تكن العلاقات وثيقة بالقدر الكافي فيقدم سفير إحدى الدولتين التماسًا باسم رئيسه، وبعد ذلك يتولى الطرفان التحضير، ويتم إيضاح الأسباب ومدى ضرورة الحديث الهاتفي، وتنسق إدارتي الزعيمين بشأن موعدٍ محددٍ للاتصال الهاتفي».
وتابع: «ومن الإجراءات الاستباقية، يتلقى زعيم كل دولة المعلومات الكافية من مساعديهما، وفي هذا الصدد، يزوّد مجلس الأمن القومي الرئيس الأمريكي بملف متكامل يحيطه فيه بشؤون الأمن والسياسة الخارجية ذات العلاقة».
وأضاف: «وفي حال كان الاتصال تشريفيًا، فالملف يكون صغيرًا نسبيًا؛ يُذكر فيه من طلب أولًا الاتصال الهاتفي، ويرفق أيضًا بمقترحين أو ثلاث للمسائل التي يمكن أن تثار أثناء المكالمة. وإضافة إلى ذلك، يتضمن الملف معلومات شخصية عن أحوال المتحدث على الطرف الآخر».
واستكمل: «وإذا كان موضوع المحادثة الهاتفي أكثر حساسية فالرئيس الأمريكي يحصل على معلومات إضافية بالخصوص؛ بل ويستمع أعضاء مجلس الأمن القومي إلى حديث الزعيمين».
ويستمع إلى المكالمات الكثيرون من إدارة الرئاسة في الدول، منهم المساعدون والمستشارون المترجمون؛ وحتى لو كان زعيما الدولتين يتحدثان بطلاقة للغات الأجنبية فمن المعتاد أن يفضل الأشخاص الذين يتولون مناصب عليا الحديث في المناسبات الرسمية بلغتهم الأم.
يمر المترجمون بعدة اختبارات أولها «جهاز كشف الكذب»
ويمر المترجمون في الولايات المتحدة بعدة اختبارات؛ أولها «جهاز كشف الكذب»، بالإضافة إلى فحص دقيق لسيرتهم الذاتية؛ حيث يجاز لهم الاطلاع على معلومات غاية في السرية.
ووفق موقع «بي بي سي»، يمد المسؤولون الأمنيون رئيس البلاد بملف معلومات شخصية حول المسؤول الذي سيتم الاتصال به، ويتضمن الملف بعض المحاور التي سيتم الحديث فيها، كما يتضمن معلومات خاصة جدًا حتى لا ينساها الزعيم، مثل تذكيره بأن زوجة الرئيس مريضة حتى يسأل عن صحتها.
ننشر أشهر «المقالب الهاتفية» التي تعرض لها الزعماء
ويقع رؤساء البلدان كذلك في المقالب الهاتفية، ولعل من أشهر هذه الحوادث عندما قام أحد المذيعين بالاتصال برئيس الوزراء الإسباني مقلدًا صوت زعيم كتالونيا الانفصالي الجديد.
ونجح المقدم الفكاهي جون ميليندز في انتحال شخصية السيناتور الديموقراطي من نيو جيرسي روبرت منديز ليقيم مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عندما كان الأخير على متن الطائرة الرئاسية “اير فورس وان”.
وقد بثّ الفكاهي ملفا رقميا صوتيا على منصته “ذي ستاتيرنغ جون بودكاست” يسمع فيه صوت يبدو أنه صوت دونالد ترامب.
وجاء في التسجيل “مررتَ بمرحلة عصيبة وأظن أنه كان في الأمر بعض الإجحاف، لكن تهانينا”، في سياق ما يبدو حديثا موجها إلى “السيناتور” الذي لوحق في فترة من الفترات بتهمة الفساد قبل التخلي عن الملاحقات في حقه.
وواصل الرجلان الحديث متطرقين إلى مسائل مثل الهجرة وخلف القاضي أنتوني كينيدي في المحكمة العليا.
وكشف المقدم الفكاهي أنه اتصل بالبيت الأبيض مدعيا أنه أحد معاوني السيناتور بعد أن ترك رقم هاتفه وفي نهاية المطاف رُبط الاتصال بالرئيس الأميركي الذي كان على متن طائرة “اير فورس وان”.
المكالمات الهاتفية بين رؤساء العالم تُجرى وفق بروتوكولات معروفة
وتجتاز المكالمات الهاتفية الموجهة لزعيم البلاد فلاتر أمنية عدة من أجل التأكد من نيات أصحابها، وأحيانًا تكون التعقيدات الأمنية مثيرة للمشاكل بالنسبة لبعض المتصلين، ومن ذلك عندما وقعت هيلاري كلينتون في موقف كهذا عندما كانت وزيرةً للخارجية، فقد أرسلت رسالة إلكترونية تقول فيها «أنا أتشاجر الآن مع موظف الهاتف في البيت الأبيض لأنه يعتقد أنني لست هيلاري كلينتون».
ورغم أن الزعيمين يكونان هما المتصلان، إلا أن ذلك لا يعني أنهما وحدهما، إذ تستمع مجموعة من الأشخاص إلى المكالمة، بينهم المساعدون والمترجمون.
ولا يتصل الرؤساء ببعضهم بشكل مباشر، فغالبًا ما يسبقهم اتصال من المساعدين حتى يضعوا المكالمة في جداول أعمال الزعماء المزدحمة. وتتناقص التعقيدات وتتزايد وفق مدى العلاقة بين الدولتين.
وتقليديا، يقدم مسؤولون من مجلس الأمن القومي الأمريكي إحاطة للرئيس، قبل إجراء مكالمة مع رئيس دولة أجنبي. ثم يجلس هؤلاء في المكتب البيضاوي مع الرئيس، بينما يتحدث هاتفيا مع الزعيم الأجنبي.
«يحضر عضوان على الأقل من مجلس الأمن القومي خلال المكالمة»، وفقا لصحيفة «يو إس توداي» الأمريكية.
وسيكون هناك أيضا مسؤولون يجلسون في غرفة آمنة، في جزء آخر من البيت الأبيض، يستمعون إلى مكالمة الرئيس ويدونون الملاحظات. تُعرف ملاحظاتهم بأنها «مذكرة محادثة هاتفية»، ومثل العديد من الأشياء في واشنطن، يوجد اختصار لها باسم «memcon».
كما يتم نسخ مكالمات الرئيس مع القادة الأجانب بواسطة أجهزة كمبيوتر، بعد ذلك، وكما أوضح مسؤولون سابقون في البيت الأبيض، يقارن مدونو الملاحظات انطباعاتهم بالنسخ الإلكترونية من المكالمة.
ويتم دمج الملاحظات من المسؤولين ومن النسخ المحوسبة في وثيقة واحدة، قد لا يكون هذا النص مثاليا، لكنه تتم صياغته بعناية فائقة، حسبما يسمح الوقت والظروف.
كيف يتم تصنيف مكالمة على أنها سرية أو سرية للغاية؟
المسؤولون الذين يعملون في مكتب السكرتير التنفيذي لمجلس الأمن القومي الأمريكي هم من يقررون مستوى تصنيف محضر المكالمة، وذلك وفقا لمسؤولين سابقين في البيت الأبيض.
وإذا كانت المكالمة تحتوي على معلومات، يمكن أن تعرض الأمن القومي الأمريكي أو حياة الأفراد للخطر، يتم تصنيف المحضر على أنه سري للغاية، ويتم حفظه في مكان محمي.
ماذا يحدث إذا تم تصنيف المكالمة «سرية للغاية»؟
يعني تصنيف محضر المكالمة بأنها «سرية للغاية» أن الأفراد، الذين يتمتعون بأعلى مستوى من التصريح الأمني في حكومة الولايات المتحدة، يمكنهم وحدهم رؤية المحتوى.
أما تصنيف محضر المكالمة على أنه سري -ولكن ليس سريًا للغاية- يعني أنه يمكن للمسؤولين مناقشة محتويات مكالمة الرئيس بسهولة أكبر، مع الأشخاص الآخرين الذين يعملون في الحكومة.
ويقول بريت بروين، مسؤول سابق في البيت الأبيض خدم في إدارة أوباما: «التصنيف الأمني مصمم بهدف حماية الأرواح، إذا أصبح فجأة وسيلة لحماية الموقف السياسي للرئيس، فهذا يعني أنه لم يعد لدينا نظام تصنيف للأمن القومي ذو مصداقية».
قصة تنصت «المخابرات الأمريكية» على الرئيس السادات في منتجع كامب ديفيد
في 2020، كشفت صحيفة واشنطن بوست، أن وكالة الاستخبارات الأمريكية تجسست لعقود على زعماء دول حول العالم من خلال شركة سويسرية متخصصة في مجال الحماية الإلكترونية، حيث امتلك الجهاز الأمريكي تلك الشركة سرًا، وزودته بمحادثات هامة لزعماء ودبلوماسيين خلال أحداث تاريخية منذ الحرب العالمية الثانية.
بدأت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن شركة «كريبتو إيه جي – Crypto AG» الوحيدة التي وثقت فيها حكومات على مدار عقود لحماية اتصالاتها من التجسس، كانت تعمل لصالح المخابرات الأمريكية.
ووفقًا لـ«واشنطن بوست»، فإن الرئيس الراحل أنور السادات عندما كان في منتجع كامب ديفيد خلال محادثات السلام مع إسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية، تعرض لتصنت من المخابرات الأمريكية على اتصالاته مع المسئولين في القاهرة خلال المفاوضات.
ذكر التقرير أنه بنهاية عام 1978، اجتمع قادة مصر وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في منتجع كامب ديفيد من أجل توقيع اتفاق سلام، وكانت وكالة الأمن القومي الأمريكي تراقب مكالمات الرئيس السادات بشكل سري.
وحصدت الشركة السويسرية على ملايين الدولارات من بيع معدات لأكثر من 120 دولة حول العالم في القرن الحادي والعشرين، من بينهم إيران والجارتان النوويتان الهند وباكستان، ودول في أمريكا اللاتينية.
وأشار التقرير، إلى أن هؤلاء العملاء لم يكونوا على علم أبدًا بأن الشركة مملوكة سرًا للمخابرات الأمريكية، وبدورها استطاع الجهاز الحصول على الشفرات الخاصة بالأجهزة الموزعة على دول وحكومات العالم من الشركة السويسرية، واختراق اتصالاتها.
وتشير الصحيفة إلى أن جهاز المخابرات في ألمانيا الغربية كان شريكًا للمخابرات الأمريكية في إطلاق الشركة السويسرية، وهو ما كشفت عنه «واشنطن بوست» بالتعاون مع شبكة «ZDF» الألمانية.
وتحدثت وثائق للمخابرات الأمريكية، التي كشفتها «واشنطن بوست»، عن أن عمل الشركة والمعلومات التي حصلت عليها المخابرات الأمريكية بالتعاون معها هي «انقلاب القرن في مجال المخابرات».
وأشارت إلى أن الحكومات الأجنبية كانت تدفع أموالا كبيرة إلى الولايات المتحدة وألمانيا الغربية ليمتلكوا بدورهم اتصالات سرية، يمكن لدولتين على الأقل (وربما خمس أو ست دول أجنبية) الاطلاع عليها.
أسرار فضيحة تجسس عالمية استهدفت رؤساء دول وحكومات
فجر تحقيق استقصائي لتحالف من المؤسسات الإعلامية فضيحة تجسس عالمية استهدفت رؤساء دول وحكومات، وصحفيين ونشطاء وحقوقيين ببرنامج خبيث للهواتف الخلوية طورته شركة إسرائيلية.
وأفادت صحف «واشنطن بوست» و«جارديان» و«لوموند» وغيرها من وسائل الإعلام ومنظمة «فوربيدن ستوريز» غير الحكومية بأن برنامج «بيجاسوس» الذي طورته مجموعة «إن إس أو» الإسرائيلية قد استخدم لأغراض التجسس.
وقالت منظمة «فوربيدن ستوريز» إن أرقام هواتف للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأعضاء في حكومته على قائمة الأهداف المحتملة لبرنامج «بيجاسوس» الذي يشتبه باستخدامه من بعض الدول للتجسس على شخصيات مؤثرة.
وذكرت صحيفة «لوموند» الفرنسية أن هاتف ماكرون استهدف بعملية مراقبة محتملة لصالح المغرب.
كما كشفت صحيفة «واشنطن بوست» أن رقم هاتف الرئيس العراقي برهم صالح كان على قائمة تضم 50 ألف رقم تم اختيارها للتجسس عليها باستخدام برنامج «بيجاسوس» الذي طورته شركة «NSO» الإسرائيلية.
وقالت الصحيفة الأمريكية، إنه لم يكن من الممكن تحديد ما إذا كان برنامج التجسس قد أصاب هاتف صالح أو ما إذا كانت هناك أي محاولة للقيام بذلك.
وفي مقال نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية، أفادت باستهداف شخصيات لبنانية من قبل برنامج التجسس الإسرائيلي، وتشمل طيفًا واسعًا من الأسماء بدءًا من رئيس الدولة ميشال عون، ورئيس الوزراء السابق سعد الحريري، وعدد كبير من الوزراء والصحفيين والسفراء، مرورًا بمدير الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم، ورئيس البنك المركزي رياض سلامة، ومسؤولين تنفيذيين من «حزب الله».
من جهتها ذكرت صحيفة «جارديان» أن قاعدة البيانات المسربة في قلب برنامج «بيجاسوس» تتضمن أرقام الهواتف المحمولة لكل من رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، من 13 رئيسًا، بالإضافة إلى مسؤولين دبلوماسيين وقادة عسكريين وسياسيين كبار من 34 دولة.
فضيحة التجسس الأمريكية على رؤساء أوروبا تتصاعد
في 2015، تصاعدت أزمة التجسس الأمريكية على الدول الأوروبية، بعدما طلبت ألمانيا توضيحا سريعا لمدى صحة أحدث التقارير عن أنشطة تجسس أمريكية على تليفون المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وقالت وسائل الإعلام الألمانية إن وكالة الأمن القومى الأمريكى تنصتت على عدد من الوزراء الألمان بينهم وزيرا الاقتصاد والمالية فضلا عن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
ولم تكتفِ الولايات المتحدة بالتجسس على حليفتها ألمانيا، لكنها قامت أيضًا بالتجسس على فرنسا التى تعد أحد حلفائها، حيث اعتبر وزير الزراعة الفرنسى والناطق باسم الحكومة ستيفان لوفول، أن التجسس الأمريكى على آخر ثلاث رؤساء فرنسيين، غير مقبول مع سعيه لتهوين الأمر، موضحًا: «من الصعب القبول بوجود مثل هذه الممارسات بين فرنسا والولايات المتحدة الحليفتين، خصوصا عندما يستهدف التجسس رؤساء الجمهورية».
وكشفت وسائل الإعلام الفرنسية أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تجسست على اتصالات الرؤساء الفرنسيين الثلاثة بين 2006 و2012، وهم جاك شيراك ونيكولا ساركوزى وفرنسوا هولاند.
وقامت الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا بالتجسس على رئيسة البرازيل ديلما روسوف لعدة سنوات، مما أدى إلى حدوث خلاف حاد بين البلدين، وقالت الإدارة الأمريكية إنها تأمل فى أن تنتهى صفحة تنصت المخابرات الأمريكية على الاتصالات الهاتفية لروسوف.
وكانت رئيسة البرازيل ألغت نهاية 2013 زيارة للولايات المتحدة إثر كشف الصحف عن تجسس المخابرات الأمريكية على مكالماتها الشخصية إضافة إلى ملايين البرازيليين، ومنذ ذلك التاريخ قام نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن بعدة زيارات إلى البرازيل فى مسعى لنزع فتيل التوتر الناجم عن اتساع نطاق عمليات التجسس الأمريكية.
برنامج بريسم
في 2013 سرب رجل الاستخبارات الأمريكي إدوارد سنودن عن برنامج «بريسم» وهو برنامج مراقبة أمريكي واسع النطاق عن طريق الهاتف والإنترنت تستخدمه المخابرات الأمريكية للتجسس على رؤساء وحكومات العالم.
فقد سرب «سنودن» موادا مصنفة على أنها سرية للغاية من وكالة الأمن القومي، منها برنامج «بريسم» إلى صحيفة «الجارديان» وصحيفة «الواشنطن بوست».
وفضح «سنودن» في عام 2013 أساليب المراقبة الإلكترونية السرية التي تستخدمها أجهزة المخابرات الأمريكية، بما في ذلك التنصت غير القانوني عل المفاوضات بين القادة الأجانب.
وكشفت وثائق سرية سربها المستشار السابق في الاستخبارات الأمريكية إدوارد سنودن، أن مسؤولا في الإدارة الأمريكية سلم وكالة الأمن القومي «إن أس إيه» قائمة بأرقام هواتف 35 زعيمًا حول العالم للتنصت عليها حسب ما نقلت صحيفة الجارديان البريطانية.
حماية هواتف الزعماء من الاختراق
وجاء في تقرير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستخدم هاتفًا مشفرًا أُزيلت منه الكاميرا ولا يستطيع إرسال رسائل نصية أو إلكترونية، بل لا يسمح الهاتف للرئيس بالاتصال بهواتف قليلة أخرى تستخدم التشفير نفسه.
وذكرت مجلة «جون أفريك» الفرنسية أن العديد من قادة دول غرب إفريقيا يعتمدون على التكنولوجيا الفرنسية لحماية هواتفهم من الاختراق، إذ استخدم رؤساء فرنسا السابقون جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند هاتف «تيورم» «Teorem»، وهو جهاز مؤمن بشكل كبير، ويتوفر على أزرار وليس شاشة لمس، وصنعته شركة «تاليس».
أغلب هواتف زعماء العالم مرصودة ومراقبة ومخترقة من قبل أجهزة مخابرات الدول الكبرى
من جانبه يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الخط الأحمر موجود في كل دول العالم، وخاصة الدول التي يكون بينها خلافات شديدة ويمكن أن يوقع الدولتين والعالم في صراع مسلح أو مواجهة شاملة، وموجود أيضًا بين الدول التي تجمعها مصالح اقليمية مثل مصر وبعض الدول العربية.
وأشار «رخا» إلى هذا الخط مخصص لتلقي اتصالات الرؤساء فقط، ويكون ضمن «سري للغاية»، لافتا إلى أن بعض الدول مثل أسبانيا وكوريا الشمالية وبعض دول أمريكا اللاتينية لا يتحدث رؤساء تلك الدول إلا بلغة الدولة نفسها ويتم ترجمتها إلى اللغات الأخرى، وإذا لم يكن هناك مترجم يتم الاتصال بين الزعماء بشكل مباشر.
وأضاف الدبلوماسي المصري السابق، أن خطوط تليفونات الرؤساء محمية من الاختراق ومؤمنة إلى حد كبير وخاصة في الدول الكبرى، مشيرًا إلى أن خطوط تليفونات الرؤساء في الكثير من الدول الصغيرة والنامية يتم اختراقها ورصدها ومراقبتها والتجسس عليها من قبل أجهزة مخابرات الدول الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا على أن الأجهزة الحديثة خطيرة جدًا.
هواتف رؤساء أمريكا مخترقة.. ومصر لديها أجهزة أقوى من جهاز «بيجاسوس» الإسرائيلي
ويقول السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن التليفون الأحمر مهم جدًا للمحافظة على عدم قيام الحرب عن طريق الخطأ، وهناك معاهدة دولية لمنع قيام الحرب عن طريق الخطأ، مشيرًا إلى أن الاتصال بين الرؤساء يخضع لبروتوكولات معينة، فمثلا عندما يكون الاتصال بين رؤساء الدول الصديقة، تقوم مراسم الرئاسة في الدولة الذي يريد رئيسها الاتصال برئيس دولة أخرى بالاتصال بمراسم الرئاسة في هذه الدولة وإخبارهم بأن الرئيس يريد الاتصال برئيسكم، فيتم تحديد موعد الاتصال.
كل السفارات مراقبة ويمكن الكشف عمليات التنصت بسهولة
وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أنه عندما كان في ألمانيا كان الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في زيارة لألمانيا وكان يتناول العشاء في بيت السفير، فجاءته مكالمة تليفونية من الملك حسين ملك الأردن، وقام بالرد عليها من التليفون الذي كان يستقبل المكالمات الدولية، موضحًا أن عدم الرد على مكالمات الرؤساء في العرف الدبلوماسي معناه رفض المكالمة، وليس كما يقال إن السكوت علامة الرضا.
ولفت إلى أنه يمكن الكشف التنصت أو التجسس على هواتف الزعماء من خلال صوت معين مثل الوش أو الغلوشة، منوهًا أنه كان يتم تدريبهم في الخارجية على كيفية تأمين المكالمات وكشف عمليات القرصنة والتجسس والتنصت عليها، موضحًا أن كل المكالمات الخاصة بالسفارات في أي بلد تتم مراقبتها من جانب الدولة المستضيفة، مؤكدًا على أن مصر لديها أجهزة أقوى من جهاز «بيجاسوس» الإسرائيلي الذي يتم استخدامه في عمليات التجسس، لافتًا إلى أن هواتف رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية مخترقة، وبالتالي لا يوجد مستحيل في مسألة الأمن.