طقوس الصحابة والسلف الصالح فى استقبال العشرة الأوائل من رمضان
يستعد المسلمون في مصر وباقي بلاد المسلمين لاستقبال العشرة الأوائل من شهر رمضان، وهناك دروس دينية كبيرة قدمها النبي محمد والصحابة للمسلمين جميعا في مسألة استقبال الشهر الكريم.
من جانبه قال الدكتورعبد الغني سعد أستاذ الفقة بجامعة الأزهر، إنه يجب استقبال شهر رمضان بعدة أمور منها: تنظيم اليوم والرجوع إلى تقسيمه إلى يوم وليلة، ومنها التدريب على الصيام، والتلاوة، والقيام، والذكر، والدعاء، وغير ذلك من العبادات والطاعات.
وأشار إلى أمر آخر للاستعداد لاستقبال الشهر المعظم، وهو القرآن الكريم ومدارسته وتلاوته ومحاولة ختم المصحف في شهر رمضان، فقراءة القرآن عبادة نيرة، تعين المسلم على باقي العبادات في شهر رمضان وغيره، وهي تنير قلب المسلم وتشرح صدره، فلا ينبغي للمسلم أن يتركها ولا يقصرها على رمضان، إلا أنه يزيد منها فيه لاستغلال هذه الدفعة الإيمانية والنفحة الربانية ولا ننسى أن نذكر بأهم ما يعين على ذلك كله ألا وهو ذكر الله -عز وجل-، وقد ورد الحث على الذكر في كتاب الله وسنة النبي ﷺ، فمن القرآن قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} ويقول رسول الله ﷺ نصيحة عامة: «لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ».
وأكد، أن خير استقبال للعشرة الأوائل من رمضان، هو الإكثار من الذكر والصلاة وقراءة القرآن، وزيارة الأقارب، والصدقات، وحسن معاملة الجار، ومن فضائل شهر رمضان العظيم أنه شهر الصيام، والتهجد، والصبر، والدعاء، ولذلك ينبغي لكل مسلم الاستعداد لاستقبال الشهر المبارك، واستغلاله بالطاعات، والعبادات.
وطالب أستاذ الفقة بجامعة الأزهر، الاقتداء بحال السلف في الاستعداد لرمضان، ومن صور استعداد السلف الصالح -رحمهم الله- لاستقبال رمضان أنهم كانوا يقضون ما عليهم من صيام قبل دخول رمضان، وثبت أيضًا أنهم كانوا يستعدون لاستقبال شهر رمضان المبارك بالدعاء، كما قال يحيى بن أبي كثير -رحمه الله-: "كان من دعائهم: اللهمّ سلّمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلّمه مِني متقبّلًا. وكان السلف الصالح يفرحون لقدوم شهر رمضان المبارك فرحًا شديدًا.
وكشف أستاذ الفقة بجامعة الأزهر، أن الصحابة كان لهم طقوس خاصة في استقبال رمضان، فقد كان ابن عمر رضي الله عنه يصوم نهار رمضان، ويفطر مع الأشخاص المحتاجين فقط، وإذا مر عليه سائل وهو يتناول طعامه، يأخذ نصيبه من الوجبة، ويعطيه له.
وذكر عبدالله بن أبي بكر عند استقبال رمضان أن والده كان يقول على الناس أنهم يتركون قيام الليل في رمضان، ويسرعون إلى تناول الطعام خوفًا من أن يحين وقت الفجر.
في السياق ذاته قدم الدكتور أحمد على عثمان الداعية بالأوقاف، روشتة دينية استعدادا لشهر رمضان، مؤكدًا أن الصائم مطالب في أوائل رمضان باستحضار بعض النيات والأعمال الصالحة التي يمكن القيام بها في رمضان، والعمل الدائم على صلة الرحم وتواصل مع الآخرين، مساعدة الفقراء والمساكين من أفضل الأعمال القريبة لله تعالى، والإكثار من ذكر الله والأعمال الصالحة، وعدم التخاذل فى العمل أو التجاوز مع الآخرين بحجة الصيام.
وأشار إلى أن الاستقبال الأهم للشهر الكريم، يجب أن يكون الصائم متمثلا في الطاعة وتدريب النفس عليها، كذلك المحافظة على الطاعات، واجتناب المنكرات، فلا بُد من استغلال تلك الفُرصة العظيمة التي منحها الله -سبحانه وتعالى- للذين أسرفوا على أنفسهم بالمعاصي والذنوب؛ ليتوبوا، ويستغفروا ربّهم، فيندموا على تفريطهم وتضييعهم لأمر الله -سبحانه وتعالى.
وذكر الدكتورعثمان، أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يستقبل شهر رمضان بصورةٍ خاصة؛ فلم يكن استقباله كاستقبال سائر الشهور، بل كانت له مكانة خاصة عند النبي -صلى الله عليه وسلّم-، وعند الصحابة -رضي الله عنهم-، وكان -صلى الله عليه وسلم- يُبشرهم بقدومه؛ فقد رُوي عنه أنّه كان يقول: (أتاكم شهرُ رمضانَ، شهرٌ مبارَكٌ، فرض اللهُ عليكم صيامَه، تفتحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ، وتُغلَق فيه أبوابُ الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطينِ، وفيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ).
ومما يدل على عِظَم مكانة شهر رمضان المبارك في قلوب الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم كانوا يدعون الله -سبحانه وتعالى- ستة أشهر أن يُبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أخرى أن يتقبل أعمالهم فيه، وقد كان السلَف الصالح -رحمهم الله- يستعدون لاستقبال شهر رمضان بالدعاء، والتضرع إلى الله -سبحانه وتعالى-.