الدكتور عبد الفتاح العواري
رئيس المركز العالمي للفكر الأشعري في حوار لـ«النبأ»: مسلسل «فاتن أمل حربي» عبث وافتراء على الشرع ومحمد صلاح صورة مشرفة
قال الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين سابقا، ورئيس المركز العالمي للفكر الأشعري بالأزهر الشريف حاليًا، إن ما يسمى بالدين الإبراهيمي فكرة خبيثة يروج لها الذين يخططون للاستيلاء على العالم، مؤكدًا على أن الحجاب فرض وأن صلاة التراويح سنة واجبة التنفيذ.
وأضاف «العواري»، في حواره لـ«النبأ»، أن كل ما جاء في مسلسل «فاتن أمل حربي» عبث وافتراء على العلماء والفقهاء والشرع ومؤلفه لا يملك سوى السباب والشتائم، لافتا إلى أن الذين يشككون في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- هم من «خوارج العصر الحديث».. وإلى تفاصيل الحوار
الدين الإبراهيمي فكرة خبيثة للاستيلاء على العالم وصلاة التراويح سنة واجبة التنفيذ
في البداية كيف ترى الجدل الدائر حول ما يسمى «الدين الإبراهيمي»؟
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في مؤتمر بيت العائلة حسم قضية الدين الإبراهيمي، وأكد للعالم أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هناك اندماج أو ذوبان للأديان، وأن هذا أمر مستحيل، لأن لكل دين ولكل عقيدة شخصية مستقلة لا يمكن أن يقبل الذوبان في الآخر، هذه ألعوبة يريد بها الذين يخططون للاستيلاء على العالم تمرير هذه الفكرة الخبيثة لكي ينطلقوا من خلالها لتحقيق أغراضهم ومآربهم التي لا يمكن أن يقبلها عاقل.
هناك جدل حول صلاة التراويح فهناك من ينكر وجودها وهناك من يقول إنها ركعة واحدة.. ما هو موقف الشرع من هذه القضية؟
هذا رأي يعد شذوذًا من قائله، وفي الحديث الصحيح الذي رواه أَبِي هُرَيْرَةَ عن رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، صلاة التراويح صلاها النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد كما في حديث البخاري، فاجتمع عليه المسلمون ليلة فليلة، ثم انتظره المسلمون فلم يخرج عليهم في الليلة الثالثة، فلما جاءهم قال إنما خشيت أن تفرض عليكم، فأخذ الناس يصلونها فرادى، فلما كان عهد سيدنا عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- جمع الناس عليها على إمام واحد، وصلاها المسلمون مجتمعين خلف سيدنا أبي بن كعب، ونحن نعلم أن هدى الصحابة -رضى الله عنهم- كهدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دون أدنى فرق، ألم يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»، فسنة الصحابة تأخذ حكم سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبالتالي سنة عمر بن الخطاب واجبة التنفيذ، ولا يمكن أن يتخلف عنها المسلمون لأن الأمة أجمعت عليها.
تعدد الزوجات لصالح النساء.. و«رُبع راجل للمرأة أحسن من لا رجل»
بعض العلماء قالوا إن المرأة التي تطلب الطلاق بسبب التعدد مصيرها جهنم.. تعليقكم على ذلك؟
يجب أن تعلم المرأة قبل الرجل، أن تشريع التعدد إنما هو لصالح المرأة وليس لصالح الرجل، وأن التعدد لا يضر المرأة التي يتزوج زوجها عليها، وتشريع التعدد في الإسلام هو مباح وليس واجبًا أو فرضًا، والمباح كما هو مقرر مأذون في فعله ومأذون في تركه، فالرجل إذا كان لديه القدرة ويثق في نفسه أنه سيحقق العدل بين زوجتين أو ثلاثة، فلا مانع من ذلك، أما إن خاف الجور وعدم العدل فلا يجوز له أن يسلك هذا المسلك، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين لنا الحديث: «من كانت لها زوجتان ولم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل على كتفه»، أي أنه يعرف أمام الخلائق يوم القيامة بأن هذا الذي كان يجمع بين زوجتين ولم يعدل بينهما، والمقصود في العدل، هو العدل في المبيت وفي أمر المعاش والإنفاق، والعدل في كل ما يتطلبه بيت المرأة من حقوق على الرجل، وليس المقصود بالعدل هنا الحب القلبي، لأن الرجل قد يحب امرأة من زوجاته أكثر من الأخرى بسبب حسن تبعلها وحسن عشرتها وقيامها بحقوق زوجها أكثر من الأخرى.
ومن هنا نرى النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتحرى العدل بين زوجاته، ومع تحريه للعدل المادي، كان يقول لربه: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك وأنت له تملك»، وهنا يقصد الرسول -صلى الله عليه وسلم- الميل القلبي، فالرجل لا يملك قلبه، فالقلوب في يد الله -تعالى-، والتعدد كما جاء في الآية الكريمة مقيد «وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم»، والكثير من مقتضيات الحياة تتطلب من الرجال أن يذهبوا إلى التعدد، كأن تكون المرأة قد مرضت مرضا لا يرجى الشفاء منه، وهناك الكثير من الأرامل والعوانس اللاتي يرغبن في الإعفاف، فمن يتزوج بيهن إذا لم يكن هناك تشريع تعدد؟، لذلك يقول بعض العلماء، لئن يكون للمرأة ربع رجل خير من لا رجل، فالتعدد تشريع لطيف خبير مقيد بقيود، منضبط بضوابط.
البعض يقول إنه ليست هناك حكمة من صوم رمضان؟
هذا القائل لو قرأ قول الله -عز وجل بإمعان- وتأمل صادق لعرف الحكمة «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»، نصت الآية الكريمة على الحكمة، من أجل أن تحققوا التقوى، فتلك هي حكمة الصيام، فضلا عن حكم أخرى يعرفها علماء الطب وعلماء النفس وغيرهم، فوائد لا حصر لها تحدث للصائم جراء صومه، أيضًا الله الخبير اللطيف حين يشرع لنا حكما ويلزمنا به ويأمرنا به ليس أمام المسلم إلا السمع والطاعة، ظهرت الحكمة له أو لم تظهر، فقد تكون الحكمة تعبدية، فليس من حقي كمسلم أن أسأل عن الحكمة ولا عن العلة، لأن الله تبارك وتعالى خاطبني بصفة الإيمان، فأنا آمنت به ربا فشرع لي ما يصلحني وما يؤدي بي إلى الفلاح في الدنيا والآخرة، فما علي إلا الامتثال لأمر الله «سمعنا وأطعنا»، «ومن يطع الله ورسوله فأولائك هم المفلحون».
وما تعليقكم على من يقول إنه لا وجود لعذاب القبر ولا الثعبان الأقرع؟
عذاب القبر ثابت بنصوص بلغت حد الشهرة والاستفاضة، مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقبرين فقال: «أنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بين الناس بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من بوله»، حديث آخر: «القبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار»، لأن القبر بداية منازل الآخرة، الحياة فيه برزخية، وشعور الجسد الذي طاع ربه واتقاه وأدى أوامره والتزم بتكاليفه الشرعية، شعوره بالنعيم أمر يكيفه الله، كذلك العاصي شعوره بالعذاب أمر يكيفه الله، وهناك نص واضح في سورة غافر في أن عذابا يتعلق بالقبر والحياة البرزخية، قال الله -تعالى- في حق آل فرعون: «النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ»، وهذا يعني أن آل فرعون لهم عذاب في الدنيا، كيفيته الله أعلم بها، ويوم القيامة يقول الله لملائكته «أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ»، وإذا الآية تدل على أن للقبر عذابا وأن في القبر نعيما، فعذاب القبر ونعيمه ثابت ومن ينكره كما قال علماؤنا فهو فاسق.
الحجاب فرض ورمز للعفاف والطهر ولا يكابر في ذلك إلا جاهل.. ومنكر عذاب القبر فاسق
البعض يزعم أن الحجاب ليس فرضا؟
الحجاب فرض على كل مسلمة بالغة، والحجاب له مواصفات شرعية، ألا يصف وألا يشف وألا يجسد، وتغطية الرأس والعنق من الحجاب، وإرخاء الحجاب على فتحة الجيب أي الصدر منه، يقول تعالى في كتابه العزيز: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ»، ويقول الله -تبارك وتعالى-: «وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ»، فالحجاب أن يكون مغطيا لجسد المرأة المسلمة، وهو رمز العفاف والطهر، إنما الذي يستثنى من الجسد الوجه والكفان، فوجه المرأة وكفيها ليس بعورة وليس داخلا في الحجاب، وفي ذلك محافظة وتكريم لتلك المرأة التي تلتزم بهذا الحجاب، فالحجاب فرض ولا ينازع في ذلك إلا مكابر جاهل.
الذين يشككون في سنة النبي صلى الله عليه وسلم من «خوارج العصر الحديث»
هناك فئة من المثقفين تطعن في السنة وتشكك في الأحاديث النبوية الصحيحة وغير الصحيحة وترفض الاعتراف بالسنة كمصدر للتشريع وتزعم أن القرآن الكريم هو المصدر الوحيد للتشريع؟
أقول لهؤلاء، سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- الثابتة بالنسبة إليه التكذيب بها هو تكذيب بالقرآن، لأن من نقل إلينا السنة هم نقلة القرآن، والله تبارك وتعالى بين لنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وظيفته البيان، وبيانه لكتاب الله إنما كان بسنته، سواء أكانت سنة قولية أو عملية، خلقية أو خلقية، صفة أو تقريرا، فتلك سنته، فالله -تبارك وتعالى- يقول: «وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ»، والله تبارك وتعالى يقول « وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا»، والله تبارك وتعالى يقول «يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ»، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تبيّن أن كل ما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو وحي من الله، سواء أكان قرآنا متلوا يتعبد به، أو سنة مبينة للقرآن، فالسنة مبينة لمجمل القرآن، مخصصة لعمومه، مقيدة لمطلقه، مبينة ومفسرة لمبهمة، فلولا السنة ما استطعنا أن نفهم الأوامر التي أتت على سبيل الإجمال في القرآن، أين قال الله تبارك وتعالى في القرآن أن الصلاة في الظهر أربع ركعات؟، وأين قال الله تبارك وتعالى في القرآن أن صلاة المغرب ثلاث ركعات؟، كل ذلك جاء في سنته -صلى الله عليه وسلم-، والذي قال «صلوا كما رأيتموني أصلى»، أين تفاصيل الحج في القرآن؟.. ألم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «خذوا عني مناسككم»، هؤلاء الذين يشككون في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- يريدون هدم المصدر الثاني للتشريع، فهم خوارج العصر، الخوارج في القديم أنكروا السنة فسموا قرآنيين، هؤلاء الذين ينكرون السنة في العصر الحديث هم خوارج العصر، فمن تجرأ على إنكار السنة فسيتجرأ على إنكار القرآن، فالذي جاءنا بالقرآن جاءنا بالسنة، والله -تبارك وتعالى- بين لنا عصمة نبيه -صلى الله عليه وسلم- في قوله: «ومَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى»، قال العلماء، أعلم أن الوحي نوعان، وحي متلو وهو القرآن، ووحي غير متلو وهو سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومتلو يعني يتعبد به في الصلاة، أقول للذين يطعنون في سنة رسول الله -صلى الله صلى الله عليه وسلم-، كفوا عن هذا الهراء وعودوا إلى رشدكم قبل فوات الأوان، فأنتم تحادون الله ورسوله، وأنتم تخاصمون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمن يحاد ويعادي رسول الله فقد عاد الله، والله -تبارك وتعالى- يقول: «قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»، والله -عز وجل- يقول: «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍۢ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَٰلًا مُّبِينًا»، إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على الوعيد الشديد مما يقفون موقف العداء من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
أقول للذين يهاجمون الأزهر وشيوخه: كفوا عن هذا العبث واعرفوا قدركم
كيف ترى الهجوم الذي يشنه البعض على الأزهر وعلمائه وشيوخه واتهامهم بضيق الأفق وعدم الاستنارة وعدم مخاطبتهم للعقل والمنطق؟
أقول لهؤلاء المهاجمين للأزهر وعلمائه، في الحقيقة لو عرفتم قدركم لبحثتم عن أصغر طالب علم في مؤسسة الأزهر لتتعلموا على يديه كيف تفكرون، فالعلوم التي تعلمها رجال الأزهر ربت لديهم ملكة، علماء الأزهر جمعوا بين صحيح المنقول وصريح المعقول، علماء الأزهر أتقنوا المنطق والفلسفة والأدب والشعر واللغة، أتقنوا أصول الفقه وعلم الكلام، أتقنوا الحديث والتفسير، علماء الأزهر الكثير منهم أتقن العلوم الدنيوية كالفلك والطب والتشريح والهندسة والفيزياء والكيمياء، مع كونهم كتبوا في العلوم الإسلامية بجانب ما كتبوه في هذه العلوم التي علمت الدنيا كلها، أقول لهؤلاء، كفوا عن هذا العبث، فالطعن في علماء الأزهر يفقد الأمة ثقتها في علمائها الذين يقتضى بهم، والذين يهتدى بعلمهم وعلومهم ومعارفهم، أقول لهم، ما ثقافتكم وما مؤهلاتكم التي جعلتكم تهرفون بما لا تعرفون، وترفعون عقائركم شامتين حاقدين حاسدين لعلماء ثقات وضعت الأمة ثقتها فيهم، تأخذ بيان حكم الله من كلامهم بلا تردد لأنهم يعلمون أن هؤلاء العلماء قد أفنوا أعمارهم وانزوت أعينهم في مطالعة العلوم والمعارف التي جعلتهم مؤهلين لأن يبينوا للناس مراد الله من كلامه على قدر طاقتهم البشرية ومراد رسول الله من كلامه على قدر طاقتهم البشرية، واعلموا أنكم مهما فعلتم ومهما صرحتم في وسائل إعلامكم من أجل أن تشككوا المجتمع وأن تزعزعوا ثقته في علمائه فإن الأمة تزداد إقبالا والتفافا حول علمائها.
ما هو تعليقكم على مسلسل «فاتن أمل حربي» ومؤلفه إبراهيم عيسى الذي يثير الكثير من الجدل؟
من ألف هذا المسلسل وكتب فصوله ومحاوره إنسان لا يوثق بما لديه من معرفة، ومعلوم لدى القاصي والداني أنه لا يملك سوى السباب والشتائم ومهاجمة العلم والشرع، فكل ما جاء في هذا المسلسل هو محض عبث وافتراء على العلماء وافتراء على الشريعة وافتراء على الفقه، ومثل هذه المسلسلات يجب أن تصادر، ويجب أن يحاسب من قام بعملها وتصنيفها ومراجعتها، نحن في دولة قانون ودستور، يجب أن يطبق القانون والدستور على كل من يخرج على قيم وأخلاقيات وعادات المجتمع الذي نعيش فيه، لأن الشريعة تعد صمام أمان لأي مجتمع مسلم يريد أهله أن يعيشوا فيما بينهم في أمن وسلام وطمأنينة.
كلمة توجهها إلى اللاعب محمد صلاح الذي يطلقون عليه فخر العرب وهو أصبح سفيرًا فوق العادة للعرب والمسلمين وغير الصورة الذهنية للكثير من الشباب في بريطانيا والعالم عن الإسلام؟
كل شاب مسلم يحسن أن يقدم الإسلام في صورته الوضاءة، هذا مما يجب أن يساند ويدعم، سواء أكان لاعب كرة أو مجيدا لأي حرفة أو تاجرا أو مهندسا أو طبيبا، فمثل هذا اللاعب الكابتن محمد صلاح يعد صورة مشرفة للشاب المسلم بسلوكياته وأدبه وأخلاقه، فحري بمن عرفه من خلال هذه الأخلاق أن يحب مثل هذا الشاب، وأتمنى أن يكون من شباب المسلمين نماذج نفاخر بها العالم من شتى مجالات الحياة وفي شتى العلوم والفنون، كي يعطوا الصورة الطيبة والنموذج الأمثل للشباب المسلم، فربما يكون سلوكهم وأخلاقهم دعوة لغيرهم للتعرف على هذا الدين الحنيف.
المنشغلون بالمسلسلات عن العبادة في رمضان «مساكين»
البعض حول شهر رمضان من شهر للعبادة إلى شهر للترفيه ومشاهدة المسلسلات والبرامج.. تعليق فضيلتكم؟
مسكين من يصوم وينقطع عن الطعام والشراب نهاره كاملا، حتى إذا حل المساء ضيع وقته وليله أمام مشاهدة المسلسلات والأفلام التي تنعقد سوقها في رمضان، وكأن شهر رمضان ميدان للتسابق في صناعة الدراما وإذاعة المسلسلات والأفلام التي تشغل الصائم عن الذكر وتلاوة القرآن وقيامه لله والتهجد بالليل، لذلك أقول أنه حري بالمسلم أن يحافظ على وقته ولا يشغل نفسه بمثل هذه التوراهات لأن الوقت الذي يضيعه أمام مشاهدة المسلسلات والأفلام هو من عمره، والله تبارك وتعالى سيسأله عن عمره فيما أفناه كما جاء في الحديث الشريف: «لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟».
التدخين «حرام» وكلمة كافر «شتيمة» ولا يجوز أن نخرج من قال بتحريم الربا من ملة الإسلام
البعض يقول أن التدخين والسجائر ليست حراما؟
هناك قاعدة شرعية تقول، أن الأصل في الأشياء الحل ما لم يجب التحريم من الشارع، لكن الدخان قد ثبت طبيا، أنه يضر بجسد المدخن، يفسد عليه الرئتين ويتأثر به الكبد والقلب وغير ذلك من الأمراض الفتاكة، ومن هنا قال الفقهاء بحرمته نظرا للاضرار المترتبة عليه، فالقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار، وفي القرأن«ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة»، وفي القرأن «ولا تقتلوا أنفسكم»، وفي الحديث، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر، قال العلماء شراح الحديث أن المفتر هو كل من يفتر الأعضاء، فالشرع يحرم ويجرم ما قال الطب عنه أنه يؤدي إلى فساد الجسد ويضر بالنفس، ونحن نعلم أن من مقاصد الشريعة المحافظة على النفس الإنسانية.
أحد الشيوخ قال أنه من يفتي بتحريم فوائد البنوك متعمدا فهو كافر وخارج عن الملة.. تعليقكم؟
قضية فوائد البنوك فيها خلاف طويل، والعلماء ما بين مجيز ومانع، اتفق الكل على أن الربا محرم، بنص قوله تعالى«وأحل الله البيع وحرم الربا»، انما اختلافهم في قضية التعامل مع البنوك حينما يودع المال، هذا المال تعود منه فوائد، هناك فريق يقول أن هذه الفوائد لو حددت سلفا أصبحت محرمة وليست من قبيل المضاربة، وينظر البعض الأخر أن تحديد الفائدة سلفا لا شئ فيه، لأن البنوك حينما تدخل مشاريع إنما تدخلها عن طريق دراسة جدوى، وهي تعرف مآلات هذه المشاريع، وهذا أمر قال به الكثير من الفقهاء والعلماء في العصر الحديث، وعلى رأسهم الشيخ على الخفيف رحمه الله وكان عضوا في مجمع البحوث الإسلامية، والبنوك أموالها من قبيل المال المختلط، والمال المختلط لا يدرى قدر الحل فيه من الحرمة، فالشخص الذي يريد أن يتعامل مع البنوك عليه أن يغلب جانب الحل على جانب الحرمة، ويتعامل مع الينوك ولا شئ في ذلك، المتعامل مع البنوك مسلم صحيح الإسلام، وتعامله مع البنوك لا يؤثر في دينه بأي حال من الأحوال، والأمر لا يتعلق بالعقيدة، ولا يجوز أن نخرج من قال بالتحريم من ملة الإسلام، هذا كلام خطير جدا ولا يقبله فقيه ولا عالم بأي حال من الأحوال.
هل كلمة كافر تعتبر شتيمة؟
نعم شتيمة، ولا يجوز أن يرمى بها إنسان، ولا يجوز سب اعتقاد الأخر، لأن الله حرم ذلك وقال« وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ»، فالله نهي عن سب من يستحق السب وهم عبدة الأصنام والأوثان حتى لا يسب من لا يستحق السب وهو الإله الواحد الأحد.
البعض يقول أن الفتاوى ليست صالحة لكل زمان ومكان؟
نعم، يجوز تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والأحوال، ونحن نعلم أن إماما كالإمام الشافعي كان له مذهبين، مذهب كان في العراق، ولما جاء إلى مصر نظر إلى واقع حال المصريين وعاداتهم وأعرافهم فكان له مذهب جديد في الفتوى، ومراعاة حال المستفتي واجبة، ومعرفة أحوال أهل البلد الذين يستفتون المفتي واجبة.
البعض يطعن في الآيات التي جاءت في القرأن الكريم على لسان بعض الشخصيات ويقول أنها ليس من كلام الله.. رد فضيلتكم؟
كل من حكاه الله تبارك وتعالى في القرأن الذي أنزله على قلب نبيه صلى الله عليه وسلم وشافهه به جبريل هو كلام الله، فما حكاه الله تبارك وتعالى عن أبليس وحواره معه كلام الله، وما حكاه الله تبارك وتعالى عن الملائكة حينما قالوا لربهم « أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ» كلام الله، وما حكاه الله تبارك وتعالى من حوار النمل« حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوْاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ» كلام الله، وما حكاه الله من ايحاءه إلى النحل « وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» هو كلام الله، وما حكاه الله تبارك وتعالى من حوار وقع بين سليمان والهدهد هو كلام الله، وما حكاه الله تبارك وتعالى من حوار وقع بين سليمان والجن هو كلام الله، فكل ما جاء في القرأن الكريم سواء يحكيه الله عن الأمم الماضية مع رسلها إيمانا أو كفرا، ويحكيه الله تبارك وتعالى عن الجن والملائكة والحيوانات والدواب والحشرات والطيور فهو كلام الله، ودعوة أن كلام الصالحين وغير الصالحين التي أتت في القرأن الكريم ليست كلام الله، في هذا دلالة على جهل هذا القائل، ولو كان يعتقد ذلك لخرج من ملة الإسلام، فعليه أن يتوب وأن يعود إلى الله، وعليه أن يسأل أهل الذكر من أجل أن يعلموه ويعلموه هذا الأمر، لأن القرأن الكريم هو كلام الله المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، المنقول إلينا تواترا، المتعبد بتلاوته، المتحدى بأقصر سورة منه، فأقول لهؤلاء، عودوا إلى رشدكم وتوبوا إلى ربكم قبل فوات الأوان.
سبب الحوادث الشنيعة التي تحد في المجتمع «ضعف الوازع الديني والمسلمون في فرنسا يمثلون قوة ردع
في الفترة الأخيرة هناك بعض الحوادث التي وقعت في المجتمع وتكاد تتحول إلى ظواهر وتميزت بالبشاعة في القتل وقطع الرءوس والتمثيل بالجثث في الشوارع.. كيف ترى ذلك من الناحية الشرعية؟
كل ما يقع في المجتمع من جرائم فيه دلالة على ضعف الوازع الديني لدى الأفراد المرتكبين لهذه الجرائم، ولو كان هؤلاء أصحاب إيمان قوي وخوف من الله تبارك وتعالى ما أقدموا على مثل هذه الجرائم الشنيعة، وشريعتنا الإسلامية تحافظ على النفس البشرية، وقد نهت عن قتل النفس « وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ»، والأحدايث في ذلك كثيرة، حتى مع غير المسلم، « من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة، لقي الله عز وجل مكتوبًا بين عينيه: آيس من رحمة الله»، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول «من أعطى ذميا عهدا ثم غدر به فأنا حجيجه يوم القيامه»، وفي رواية أخرى «أنا برئ من القاتل ولو كان المقتول كافرا»، إلى غير ذلك من النصوص التي تبين أن قتل النفس الإنسانية، مطلق النفس الإنسانية، دونما النظر إلى جنس أو عرق أو معتقد حرام شرعا وأن مرتكب هذا الفعل يستحق القصاص في الدنيا والعذاب في الأخرة، يقول تعالى « وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا»، وأعلم أن مخالفة الإنسان لأخيه الإنسان في العقيدة ليس مبررا وليس علة لقتاله أو قتله، فنفس الكافر معصومة لا يجوز الاعتداء عليها، والكفر ليس علة للاعتداء عليها، إنما شرع القتال في الإسلام من أجل دفع عدوان المعتدي، يقول تعالى « فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ».
لكن بعض المرتكبين لهذه الحوادث يبررون جرائمهم أنهم كانوا تحت تأثير المخدرات أو مختلين نفسيا أو عقليا؟
هذه مبررات واهية، لا تؤثر في تحقيق العدالة ولا تؤثر في القصاص من الجاني، فمن ارتكب جريمة سواء تحت تأثير مخدر أو تحت تأثير مسكر يؤخذ بجريرته ويطبق عليه أقسى العقوبة.
كلمة توجهها للمسلمين في فرنسا ومن يختاروا من بين المرشحين للرئاسة.. الرئيس الحالي ماكرون أم مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان؟
المسلمون في فرنسا لوبي قوي جدا ويمثلون قوة ردع في فرنسا، مركز حجة الإسلام الغزالي في باريس مبني على الأرض التي أقيمت فيها خيمة الحملة الصليبية التي غزت العالم الإسلامي، وعلى المسلمين في فرنسا أن يختاروا من يرونه يحقق لهم مصالحهم، فهم وطنيون فرنسيون يعرفون أين توضع الأمور.
لا أستمع للأغاني ولا أجلس على المقاهي ولا أشاهد برامج التوك شو ولا أشجع الكرة وهوايتي المفضلة «البحث ومذاكرة العلم»
ما هي هوايتكم المفضلة؟
هوايتي المفضلة بعد تلاوتي لكتاب الله هي انشغالي بالبحث ومذاكرة العلم، لكن لو كانت هناك مباريات تقام بين لاعبي مصر ودولة أخرى هنا تأخذني العصبية لدولتي، وأتمنى فوز فريق دولتي، وإن كنت في داخل مصر لا أشجع فريق على فريق.
هل تجلس على المقاهي؟
لم أتعود على ذلك منذ الصغر.
هل تشاهد المسلسلات أو الأفلام؟
لو كانت هناك أفلام تاريخية هادفة أو مسلسلات وطنية أشاهدها وأتابعها، أما غير ذلك فلا، كما أنني أشاهد أي حوار ثقافي أو أي خطاب سياسي أو ديني يصب في مصلحة الشعب والوطن، من كبار وقيادات الدولة.
هل تشاهد برامج التوك شو؟
لا أشاهد هذه البرامج، إنما يكفيني أن أسمع وأطمئن على أخبار بلدي من خلال النشرة الإخبارية التي يبثها التليفزيون المصري في تمام الساعة التاسعة كل مساء، وأقرأ الصحف القومية في صباح كل يوم.
هل تسمتع إلى الأغاني وهل لك مطرب مفضل أو أغنية مفضلة؟
الحقيقة لا، لا يسحرني سوى موسيقى القرآن والتواشيح الدينية، فاستمع إلى نصر الدين طوبار وعبد التواب البساتيني والفشني، وأستمع إلى عظماء القراء في العالم مثل القارئ الباكي الشيخ محمد صديق المنشاوي والشيخ محمود علي البنا والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ محمد رفعت والشيخ عبد الباسط عبد الصمد.