كيف أدى السل إلى أحد أشهر صيحات الموضة في العصر الحديث؟
قبل مؤثري التواصل الاجتماعي والإعلانات، اعتمدت الموضة على عوامل غريبة مثل السل الفتاك، أحد أقدم الأمراض في تاريخ البشرية، والذي له آثار دائمة على العالم، ولكن كان لها أيضًا تأثير غير متوقع على الموضة الفيكتورية عندما بدأ الناس في إضفاء الطابع الرومانسي عليها.
فما هو أصل الحكاية؟
كان العصر الفيكتوري (1837–1901) عصر نمو صناعي هائل، وكانت المملكة المتحدة في عهد الملكة فيكتوريا خطت خطوات واسعة في إنتاج الفحم والحديد والصلب والمنسوجات، فضلًا عن الاختراقات والتأثيرات العلمية والفنية، وفي عهدها، أصبحت الأعجوبة الهندسية التي تمثلت في سكة حديد لندن وبرمنغهام حقيقة واقعة، وأدت هذه الابتكارات والتغييرات الصناعية إلى الثقافة الحديثة التي تعتمد بشكل كبير على التطورات في القرن التاسع عشر.
خلال هذا الوقت، افتتح المعرض الكبير لأعمال الصناعة لجميع الشعوب، كان معرضًا عالميًا عرض المساهمات الصناعية والمواد الثقافية المؤثرة من جميع أنحاء العالم، وأقامت الملكة فيكتوريا حفل الافتتاح بحضور 6 ملايين شخص لمشاهدة هذه المعروضات.
لكن العصر الفيكتوري لم يكن وقت نجاح واحتفال للجميع، خاصة بالنسبة للطبقات الفقيرة في لندن، حيث اتسعت الفجوة بين الطبقات فقط خلال هذا الوقت، وازدادت معدلات الفقر، حيث انتشرت الأمراض على نطاق واسع، واضطر الفقراء للعيش في أحياء ضيقة والعمل في أماكن خطرة مثل المناجم والمصانع، كما أنتشرت أمراض الكوليرا أو السل.
انتشار داء السل
يعتبر السل من أقدم الأمراض المعروفة، وحتى المومياوات أظهرت أدلة على المرض في العمود الفقري، ولا يزال موجودًا حتى اليوم، ويقدر أن أكثر من مليار شخص ماتوا بسببه عبر التاريخ.
عندما بدأ مرض السل ينتشر بحماسة خلال العصر الفيكتوري، كانت الطريقة التي تم بها الإصابة به لا تزال غير مفهومة تمامًا، وخلال هذا الوقت، قتل ما يقرب من 1 من كل 5 أشخاص، ونحو 40% من الوفيات في المدن المكتظة بالسكان بسبب المرض.
وكان أحد ألقاب هذا المرض أنه "المرض الرومانسي"، حيث أصبح الناس مفتونين بالآثار الجسدية للإصابة بالمرض، فيُنظر إلى الجلد الباهت، والخصر الرفيع، والشفاه والخدود المتوهجة من الحمى طويلة المدى على أنها مرغوبة تمامًا.
بل كان من يصاب بالمرض يتوجه إلى منطقة للاسترخاء مع الهواء النقي، وقضاء بعض الوقت في الشمس، وغالبًا ما كان المرضى يقومون بالتفكير طويلا، ويبدو أن لديهم الوقت للتحرك بوتيرة بطيئة؛ حتى أن الآخرين كانوا ينظرون إليهم بالغيرة.
وكان عدد النساء يمرضن أكثر من الرجال، وبسبب الشوارع المغطاة بالبصق التي تنقل المرض، تم تقصير الفساتين التي كانت ترتديها النساء، وهذا جعل من الأحذية أكثر أهمية، وبات الخصر النحيف علامة على الجمال.