رد الأزهر على مطالبة "القومي للمرأة" بتقييد تعدد الزوجات
حملت رؤية المجلس القومي للمرأة بشأن قانون الأحوال الشخصية الجديد المطالبة بتنظيم تعدد الزوجات واشتراط موافقة الزوجة وتنظيم استعمال هذه الرخصة لمنع الانحراف، وأشارت الدكتورة مايا مرسي رئيس المجلس إلى أن القومي للمرأة بذل جهودًا كبيره علي مدار ست سنوات، وقد انتهى من اعداد مجموعة من المحددات والمتطلبات التي يحرص على تضمينها وتحقيقها في خروج قانون للأحوال الشخصية "الأسرة" الجديد.
منح القاضي سلطة التصريح بالزواج الثاني
وفيما يخص تعدد الزوجات، جاء اقتراح المجلس كالتالي: “رغم كون الأصل أن يكون الزواج بواحدة فبالتالى، يتعين تنظيم تعدد الزوجات وذلك بتحقق القاضي من شرط علم الزوجة برغبة الزوج في الزواج بأخرى وموافقتها وضمان استيفاء العدل بينهن، ومنح القاضي سلطة التصريح بالزواج الثاني بعد تحقق الشروط بهدف تحقق استقرار الأسرة وضمان حقوق الأبناء والزوجة علمًا أن النص على تنظيم التعدد لا يتعارض مع حق الرجل في التعدد ولا يتعارض مع الشريعة وإنما إجراء تنظيمي لحفظ حقوق الطرفين وعدم الانحراف في استعمال رخصة التعدد ”.
كما نص المقترح على “اشتراط الزوجة عدم الزواج بأخرى في عقد الزواج، يعتبر قرينة على وقوع الضرر ما لم تكن تعلم به ورضيت بإقرارها أو بانقضاء اجل محدد وتقضى لها المحكمة بالتطليق بطلقة بائنة دون الحاجة لإثبات الضرر ”.
رأي شيخ الأزهر في تعدد الزوجات
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إن رخصة تعدد الزوجات لم تأت في آية منفصلة أو حكم مطلق دون تقييد، وإنما وردت في سياق آية قرآنية تدافع عن اليتيمات من الظلم الذي قد يتعرضن له من قبل بعض الأولياء عليهن، وهو ما يجعلنا نستحضر الظلم الذي قد تتعرض له الزوجة الأولى بسبب التعدد، إذا لم يتم الالتزام بالشرط المتعلق به وهو العدل.
ولفت خلال برنامجه على القناة الفضائية المصرية، إلى أن هذا المنظور في التعامل مع رخصة التعدد ليس بالجديد، فهو موجود في تراثنا وقرره علماؤنا، لكن أهيل التراب على هذا التراث، وساد فهم آخر أدى إلى هذه المآسي التي نعاني منها، والتي دفعت البعض لاتهام الإسلام بأنه هو الذي فتح باب التعدد، مع أن التعدد كان موجودًا في المجتمع العربي قبل الإسلام، وجاء الإسلام ليضع حدا لفوضى التعدد التي كانت سائدة، ويضع سقفا للتعدد، بعدما كان مطلقا.
وحول لماذا لم يحرم الإسلام التعدد بشكل مطلق؟، قال إن هذا المنع كان سيوجد حرجا لدى البعض، فالتعدد في بعض الحالات هو حق طبيعي للرجل، فمثلًا إذا كانت الزوجة لا تنجب والزوج يريد أن تكون له ذرية، فمن حقه أن يتزوج بأخرى، فهذه غريزة وليس من حق أحد أن يقوله له: "عش هكذا دون ذرية"، لكن عليه ألا يظلم زوجته الأولى، وأن يحرص على أن تنال نفس الاحترام الذي كانت تلقاه قبل أن يتزوج عليها، كما أن لهذه الزوجة أن تطلب الطلاق للضرر إذا لم تقبل العيش مع زوجة أخرى، ولا يجوز للزوج أن يحبسها.
واستشهد شيخ الأزهر بما ذكره الإمام محمد عبده حول التعدد، من أن "إباحة تعدد الزوجات في الإسلام أمر مضيق فيه أشد التضييق كأنه ضرورة من الضرورات التي تٌباح لمحتاجها بشرط الثقة بإقامة العدل"، كما يضيف الإمام محمد عبده: "وإذا تأمل المتأمل، مع هذا التضييق، ما يترتب على بعض صور التعدد في هذا الزمان من المفاسد جزم بأنه لا يمكن لأحد أن يربي أمة فشي فيها فوضى التعدد، ولو شئت تفصيل الرزايا والمصائب المتولدة من فوضى تعدد الزوجات العاري من العدل؛ لأتيت بما تقشعر منه جلود المؤمنين فمنها السرقة والزنا والكذب".
وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن العدل بين الزوجات يكون في كل شيء حتى في بشاشة الوجه، وليس في الأمور المادية فقط والمعاشرة والمبيت، فهذا فهم خاطئ وقاصر ولا ينجي الزوج من العذاب يوم القيامة إذا مال ولم يعدل، مشددًا على أن الزوج الذي يقصد من الزواج بأخرى قهر الزوجة الأولى وإلحاق الضرر بها، عذابه عند الله شديد، وينطبق عليه قوله تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ".
كتمان الزواج له مشاكل وسلبيات كثيرة
فيما قال مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، إن الإسلام يبيح للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، ولكن إباحته مشروطة بالعدل بين الزوجات، وبالقدرة المالية والجسدية، وألا تكون الثانية على حساب الأولى في النفقة والسكنى وغير ذلك من حقوق الزوجة على زوجها، يقول تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً".
وأضاف المركز أن الإسلام لم يجعل علم الزوجة الأولى شرطًا من شروط صحة الزواج بالثانية، فإذا ما تم الزواج بالثانية يكون صحيحًا، وتترتب عليه جميع الآثار الشرعية للزواج.
ونصح الزوج بأن يكون واضحًا وألا يخفي زواجه بل يعلنه أمام الجميع؛ لأنه لا يفعل منكرًا، ولأن إخفاءه لزواجه قد يضر بالزوجة الثانية، وقد توجد عداوة بين أولاده؛ ولأنه-أيضًا- يهدم الثقة المتبادلة بين الزوجين، فكتمان الزواج له مشاكل وسلبيات كثيرة، هذا من الناحية الشرعية.
وتابع: "أما من الناحية القانونية: فقد نصت المادة 11 مكرر (مضافة إلى القانون 25 لسنة 1929) الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية: على أن الزوج أن يُقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجًا فعليه أن يُبين في الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثِّق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب محل مقرون بعلم الوصول".