5 أسباب تحرم مصر من مليارات صناعة النباتات الطبية والعطرية
تعد مصر من أكثر الدول التى تتميز بزراعة أجود أنواع النباتات الطبية والعطرية والزهور؛ ورغم هذه الميزة، إلا أن هناك أزمة كبيرة تتعلق بتصديرها كمواد خام، مما يحرمها من أموال ضخمة واستثمارات كبيرة حال تصديرها كمنتج.
ويشير كثير من الخبراء في مجال الزراعة، إلى أن مصر تفتقر كثير من الإمكانيات التى تؤهلها للريادة في مجال تصنيع ما تصدره كمواد خام للاتحاد الأوروبي، وكذلك بعض المشكلات، المرتبطة بالمنتج والتربة.
وفي دراسة أجراها، الدكتور أيمن محمود حمودة، أستاذ النباتات الطبية، ومدير معهد بحوث البساتين، بعنوان اقتصاديات زراعة النباتات الطبية والعطرية، والآفاق المستقبلية للتوسع فى زراعتها، كشف ماهية تلك النباتات، وأماكن تركز صناعتها.
وتعرف الدراسة النباتات الطبية بأنها «أي شيء من أصل نباتي وله استخدام طبي» كما أنه يتضمن أي جزء من أجزاء النبات سواء كان عشب أو أوراق أو أزهار، نورات، أو قشور، بذور، ثمار، جذور وريزومات.
وأكدت الدراسة أن الاهتمام بزراعة النباتات الطبية، بغرض الحصول على العقاقير يعتبر من ضرورات القرن الحالي ونظرًا لزيادة الطلب والاستهلاك من الأدوية الطبيعية (من أصل نباتي) نتيجة الزيادة السكانية، وتجنب استخدام الأدوية التخليقية لما لها من تأثيرات ضارة، كما تعتبر من المحاصيل ذات العائد النقدي السريع، خاصة بالنسبة لشباب الخريجين وصغار المزارعين مما يساعد على رفع مستوى دخل الفرد وبالتالي رفع مستوى المعيشة.
ولفتت الزراعة إلى أن مصر أكثر من 30 نباتًا طبيًا بصورة اقتصادية وتعتبر محاصيل الحبوب العطرية (الكزبرة – الكمون – الشمر – الينسون- الكراوية – الشبت- حبة البركة) من أهم هذه المحاصيل التى تزرع فى مصر من حيث المساحة حيث تقترب أو تزيد مساحتها السنوية من نصف المساحة الإجمالية للنباتات الطبية والعطرية المنزرعة فى مصر ويليها محصول البابونج.
وتتراوح مساحة النباتات الطبية والعطرية المنزرعة فى مصر التى تصدرها وزارة الزراعة بحوالى 70 إلى 80 ألف فدان خلال السنوات الخمس الأخيرة وهذه المساحة تمثل حوالى 0.75% من إجمالي المساحة المنزرعة فى مصر وتتوزع هذه المساحة فى عدد من محافظات الجمهورية إلا أنها تتركز فى محافظات الوجه القبلى والتى تمثل حوالى 80.6% من إجمالي مساحة النباتات الطبية والعطرية.
وأشارت الدراسة إلى أن مصر تعتبر من أهم الدول المنتجة للنباتات الطبية والعطرية على مستوى دول العالم المنتجة لهذه النوعية من المحاصيل، وتحتل النباتات الطبية والعطرية فى المحاصيل المرتبة الخامسة فى القيمة التصديرية وتصدر مصر سنويًا ما يزيد عن 62 ألف طن من النباتات الطبية والعطرية بقيمة بلغت نحو 118 مليون دولار، أهمها الحبوب العطرية (الشمر – الكزبرة – الكراوية)والبردقوش والبابونج والنعناع الفلفلى.
وذكرت الدراسة، أنه بالمقارنة مع المحاصيل التقليدية، فإن النباتات الطبية والعطرية ذات ميزة نسبية للأسباب الآتية:
1- ارتفاع العائد من وحدة المساحة بالمقارنة بالمحاصيل الأخرى بشرط اتباع كافة التوصيات الفنية الخاصة بزراعة وإنتاج المحصول لضمان محصول وافر وجودة عالية.
2- الجانب التصنيعى لمعظم النباتات الطبية والعطرية (التقطير لإنتاج الزيوت العطرية والمياه العطرية – استخلاص الزيوت والعجائن بالمذيبات العضوية – التجفيف – الجرش – الغربلة – التعبئة.. إلخ) يعتبر جانبًا أساسيًا وهامًا فى عمليات إنتاج هذه النوعية من المحاصيل حيث يرفع قيمة الإنتاج ويسهل عملية تداوله وتسويقه، فضلًا عن أنه على المستوى القومى يهيئ فرصًا أكبر للعمالة.
وقال الدكتور أيمن حمودة، إن النباتات الطبية، تحتاج معاملة خاصة وتصديرية من الدرجة الأولى، فما يتم إنتاجه من حوالى 80 ألف فدان موزعة على 5 محافظات رئيسية ومنتجة لهم، وهم الفيوم، بنى سويف، المنيا، أسيوط والغربية، مشيرًا إلى أن 95% منه يتم تصديره.
وأضاف، أن الـ5% الباقين استهلاك محلى، مشيرًا إلى أن قلة المستهلك ترجع إلى أن الشعب ثقافته لا تعتمد كثيرًا على الأعشاب الطبية، وهو ما يعد من ضمن العيوب والمشكلات التى تواجه هذه الصناعة، مشيرًا إلى أنه من الممكن إضافة قيمة له بصناعته في البلد.
وتابع، أن 50% من المساحات المنزرعة حبوب عطرية، الكمون الكزبرة الشمر اليانسون، والباقى نباتات كالنعناع والبردقوش، والمريمية، والكركدية، والعتر والريحان.
وأشار إلى أن هناك صناعة تقوم على النباتات الطبية، لأنه يستخدم في أكثر صورة وشكل، خاصة أن صناعة الأدوية أصحبت مافيا وبيزنس يحتاج إلى إمكانيات ضخمة، مضيفًا: «من الممكن أن تدخل مصر في هذه الصناعة ولكنها تحتاج لاستعدادات ومصانع».
من جانبه، قال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن أزمة تصدير المواد الخام واستيراده كمنتج بأضعاف سعره تتعلق بجميع الدول النامية، مشيرًا إلى أن مصر تصدر لدول الاتحاد الأوروبي منهم 5 مليون نص خضروات وفاكهة منهم 4 آلاف طن نباتات طبية وعطرية.
وأضاف في تصريح لـ«النبأ» أن هذه النباتات تحتاج إلى مواصفات خاصة لا يمكن توفيرها، بالإضافة إلى عدم وجود مناخ استثماري، وسياسات تشجع على التصنيع، مضيفًا أن مصر بحاجة للتوسع في هذا الصناعة، خاصة أن الفيوم بها ثلث النباتات الطبية.
ولفت إلى أن البيروقراطية، والأزمات الاقتصادية العالمية ستؤثر سلبًا على مستقبل هذه الصناعة، مطالبًا بدعم التصنيع وليس المصدر للمواد الخام كما يحدث حاليًا.
من جانبه، كشف مصدر رفض ذكر اسمه، أن هناك أزمة تتعلق بأن الفلاحين يتوجهون لزراعة هذا النوع لأن لديهم الخبرة الكافية في ذراعته من السبيعنيات، مشيرًا إلى أن هناك أزمة تتعلق بتلوث المياه في بعض المناطق وقلتها في أماكن أخرى.
ولفت المصدر في تصريح خاص لـ«النبأ» إلى أنه يتم التحايل على نسب التلوث، باستيراده من دول ثانية وخلطه به، وبعد الوصول لنسبة التلوث المسموح يتم تصديره، مشيرًا إلى أنه يجب أن تهتم الدولة بمعالجة نسب هذا التلوث، قائلًا: «لازم نبدأ صح عشان نصنع صح لأن فرق شاسع بين تصدير المنتج، وتصديره كمواد خام».
وأضاف، أن دول الاتحاد الأوربي لن تسمح بدخول منافس لها في الإنتاج، وهو ما يستدعى دعم من الدولة، ودراسة المناخ التسويقي، بالإضافة إلى عدم الاهتمام بدخل الفلاح المنتج الأساسى.