رئيس التحرير
خالد مهران

علي الهواري يكتب: إبراهيم عيسى والشيخ الشعراوي و«وعاء الشهوة»

النبأ

بعد واقعة ذبح طالبة المنصورة على يد زميلها، هاجم الإعلامي إبراهيم عيسى، أراء الشيخ محمد متولي الشعراوي حول المرأة.

وقال "عيسى"؛ خلال تقديمه برنامج "حديث القاهرة"؛ المذاع عبر فضائية "القاهرة والناس"، أن الشيخ الشعراوي نظر إلى المرأة من خلال تفسيراته على أنها وعاء للشهوة، معلقا: "البعض سيهاجمني من أجل الحديث عن الشيخ الشعراوي، لكن هذا أمر لا أزعم به بل معروف عنه في تصريحاته".

وأضاف الإعلامي: "دخلنا في الغميق دلوقتي هلاقي الدنيا داخلة تكلمني ليه الشيخ الشعراوي بتتكلم عليه بس أنا بتكلم بتحليل الأمر، اللي بيحصل في مصر حاليا نتيجة 50 سنة من الفكر السلفي الوهابي".

طبعا الأستاذ إبراهيم عيسى لم يذكر تصريحا واحدا من تلك التصريحات التي يزعم أنها تعتبر المرأة «وعاء للشهوة».

لذلك نحن نذكر الأستاذ إبراهيم عيسى بما قاله الشيخ الشعراوي وعلماء الإسلام الثقات عبر التاريخ عن المرأة، وموقف الإسلام منها، وما قالته الأديان والثقافات والحضارات الأخرى عن المرأة، من باب الإنصاف والأمانة العلمية. 

كيف أنصف الشيخ الشعراوى المرأة؟

أولا: إبراهيم عيسى لم يذكر أن الإمام الراحل الشيخ محمد متولى الشعراوى قال أيضا، إن الله عز وجل كرم المرأة بأن جعل سورة النساء هو الإسم المختار لها فهذه السورة تتعلق بأحكام كثيرة للنساء أيضا تكلم سبحانه وتعالى عن النساء فى سور كثيرة منها المائدة والأحزاب والممتحنة والمجادلة والطلاق والتحريم.

وأضاف «الشعراوى»، أن سورة النساء جاءت لتتكلم عن الوعاء الحاضن للنفس البشرية وهى المرأة لأن الرجل يتعامل مع إجناس الدنيا فى الحياة فيتعامل مع الجماد فى المعمل والنبات والحيوان، أما مجال المرأة فيكون مع الإنسان فقط، قائلًا " فهل هناك تكريم للمرأة أكثر من أن الله جعلها الحاضنة لأكرم مخلوقاته وهو الإنسان.

وفي مقال تحت عنوان «كيف أنصف الشيخ الشعراوى المرأة؟»، منشور على موقع «مصراوي»، كتب الدكتور عيد حسن، مدرس الحديث وعلومه بجامعة الأزهر: إن الناظر بعين الإنصاف في تراث الشيخ محمد متولى الشعراوي – رحمه الله - يستطيع بسهولة ويسر أن يقف على مظاهر الوسطية والاعتدال في فكره، كما يدرك قطعًا مقدار ما بذله إمام الدعاة من جهود حثيثة في نصرة قضايا الدين والوطن، والأمن المجتمعي، بأسلوب عصري جمع بين براعة الإيجاز ونبل المقصد.

والحق أن الشيخ الشعراوي - رحمه الله- كان نصيرًا لقضايا المرأة العادلة، وأسهم من خلال كتاباته في تصحيح كثير من المفاهيم المغلوطة التي علقت في ذهن بعض الرجال عن حقوق المرأة، فتراه أخي القارئ في كتابه القضاء والقدر:(ص 162) يقرر أن الرجل والمرأة صنوان؛ لكل منهما مهامه التي تُكمل مهام الآخر في حياة تتعطر بالمودة والرحمة، مشفقًا في الوقت ذاته على المرأة من الدعوات التي تريد لها القيام بأعباء مهمة الجنسين تحت راية المساواة.

كما أعلن - رحمه الله- في ذات الكتاب (ص 164) أن الإسلام كفل للمرأة – الزوجة - حرية الاعتقاد دون إكراه من الرجل أو قهر، فيقول - رحمه الله-: «المرأة مطلوبة أن تعتقد العقيدة التي تقتنع بها، فلا يمكن للرجل أن يفرض عقيدته على المرأة... فالرسل الذين جاءوا ليحملوا الناس على منهج الله أولى بهم أن يحملوا زوجاتهم على منهج الله، ومع ذلك قدم لنا القرآن هذا العرض: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } [التحريم: 10]. إذن الرسول يأتي لكي يهدي الناس ويعلمهم منهج الله، ولكنه لم يجبر زوجته بمنهجه وظلت مخالفة لذلك المنهج، فللمرأة أن تعتقد ما ترى كإنسان له حرية الاعتقاد».

وتجدر الإشارة إلى أن إمام الدعاة قد أنكر الأعراف والتقاليد التي تسلب المرأة حقوقها، فيقول - رحمه الله- في كتابه الماتع، المرأة في القرآن:(ص 14) «قد نجد أن في بعض بلداننا الإسلامية تُحرم المرأة بحكم العادة من حقها في إبداء رأيها في الزواج أو الميراث، أو التصرف في أي شيء تملكه كأنها فاقدة القدرة على التمييز، وحسن التصرف، وأن الرجل هو من له الحق في كل هذه الأمور، ونحن- أي الشيخ- نقول: إن هذا لم يكن من الإسلام في شيء، بل هو جور على حقها الذي كفله لها الإسلام وعظمه، وما قدمه للمرأة من حقوق، ورفعها مكانة عالية».

كما أبان - رحمه الله- الفهم الصحيح لبعض النصوص التي يوهم ظاهرها انتقاص من المرأة ومكانتها، كما في حديث:« مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذِي لُبٍّ مِنْكُنَّ».

فقال - رحمه الله- في كتابه المرأة في القرآن:(ص 62) معقبًا: «إنها هي التي تحنو، وهي التي تمسح الدموع، وتضع مكانها الابتسامة، وهي التي تمسح تعب اليوم وشقاؤه عن زوجها وأولادها، ولا يتم هذا بالعقل، ولكن يتم بالعاطفة، وهذا لا يعني طعنًا في فكر المرأة وذكائها ».

ثم أشار إلى ما كان لعقل المرأة ومشورتها وحسن تصرفها من دور هام في حسم الخلاف والجدل، وذلك في موقف أم سلمة- رضي الله عنها- مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في صلح الحديبية، والذي كان من آثاره انتشار دعوة الإسلام في أرجاء الجزيرة العربية، ووضع لبنة قوية في بناء القوة الإسلامية.

كما تصدى لعدد من قضايا المرأة التى حاول البعض أن يشوش من خلالها على مبدأ العدل والإحسان في الإسلام: كقضايا القوامة، وشهادة المرأة، والميراث، وتعدد الزوجات، مبينًا أن سبب الإشكال هو سوء الفهم للنص القرآني الشريف، وعدم الوقوف على الحكمة في كثير من الأحيان.

فأين الرجعية في فكر هذا الإمام كما يرميه بذلك مناوؤه ؟

المرأة هي الركن الأهم في بناء الأسرة الصالحة والمجتمعات المتحضرة

لم يذكر «عيسى»، ما قاله شيوخ وعلماء الإسلام الكبار والثقات مثل، الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذي قال، إن المرأة هي الركن الأهم في بناء الأسرة الصالحة والمجتمعات المتحضرة.

وأضاف في منشور له على صفحته الرسمية عبر "فيسبوك"، أن الإسلام أوجب تقدير المرأة واحترام حقوقها، مشددا على أن علاقة الزوج بزوجته يجب أن تسودها المحبة والمودة والاحترام المتبادل والرحمة والتكامل، فهي أمُّ أولاده، وأمينة سرِّه، ومصباح منزله، ومصدر سعادته.

والشيخ محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر السابق، الذي يعد نصير المرأة فى المجتمع المصري، فهو أول من أجاز للمرأة شرعا تولى رئاسة الدولة، وأكد أن المرأة لها حق الترشح والانتخاب وولاية القضاء، وأنه لا يتفق مع من ينكر على المسلمات حقوقهن السياسية، وقال إن من حق المسلمة البالغة العاقلة فى الشريعة أن تباشر الانتخاب وأن تنتخب من تشاء، بل إن لها أن ترشح نفسها للمقاعد النيابية العليا، وأكد حق المرأة فى تولى القضاء، قائلا: "لم أجد نصا يمنع المرأة من ولاية القضاء".

كيف كرم الإسلام المرأة.. أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن النساء

لم يذكر الاستاذ إبراهيم عيسى خديث واحد من مئات وربما ألاف الأحاديث التي رويت عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن النساء، ومن الأمثلة على ذلك: 

قال أبو هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ، فلا يُؤْذِي جارَهُ، واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا، فإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا».

ورُوِي عن المقدام بن معد يكرب الكندي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إنَّ اللهَ يُوصِيكُم بالنساءِ خيرًا، إنَّ اللهَ يُوصِيكُم بالنساءِ خيرًا، فإنهنَّ أمهاتُكم وبناتُكم وخالاتُكم، إنَّ الرجلَ من أهلِ الكتابِ يتزوجُ المرأةَ وما تُعلَّقُ يداها الخيطَ، فما يرغبُ واحدٌ منهما عن صاحبِه حتّى يموتا هَرمًا».

وعن أبيّ بن كعب، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «ألا واستَوْصُوا بالنِّساءِ خَيرًا؛ فإنَّهُنَّ عَوَانٍ عندَكُم، ليس تَمْلِكون مِنهُنَّ شيئًا غيرَ ذلكَ، إلَّا أنْ يأتِينَ بفاحشةٍ مُبَيِّنةٍ، فإنْ فَعَلْنَ فاهجُروهُنَّ في المَضاجعِ، واضرِبوهُنَّ ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ، فإنْ أَطَعْنَكُم فلا تَبْغوا عليهِنَّ سبيلًا. ألَا إنَّ لكُم على نسائِكُم حقًّا، ولهُنَّ عليكُم حقًّا؛ فأمَّا حقُّكُم على نسائِكُم فلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُم مَن تَكرَهون، ولا يَأْذَنَّ في بُيوتِكُم لمَن تَكرَهون، ألَا وإنَّ حقَّهُنَّ عليكُم أنْ تُحْسِنوا إليهِنَّ في كِسْوَتِهِنَّ وطَعامِهِنَّ».

وعندما سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حقّ الزوجةِ على الزوج، قال: «أن تُطعمها إذا طَعِمتْ، وتكسُوها إذا اكْتَسيتَ، ولا تُقبّحْ، ولا تَهْجُرْ إلا في البيتِ».

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَرَ، أَوْ قالَ: غَيْرَهُ».

وممّا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العدل بين الزوجات: «منْ كان لهُ امرأتانِ يَمِيلُ لإحداهُما على الأُخرَى، جاء يومَ القيامةِ أحَدُ شِقَّيْهِ مائلٌ شَكَّ يَزِيدُ».

وعن الأم، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: «جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَحَقُّ النَّاسِ بحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أَبُوكَ. وفي حَديثِ قُتَيْبَةَ: مَن أَحَقُّ بحُسْنِ صَحَابَتي وَلَمْ يَذْكُرِ النَّاسَ».

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ، ثُمَّ رَغِمَ أنْفُهُ قيلَ: مَنْ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مَن أدْرَكَ والِدَيْهِ عِنْدَ الكِبَرِ، أحَدَهُما، أوْ كِلَيْهِما، ثُمَّ لَمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ».

وهناك مئات الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، تؤكد على تكريم الإسلام للمرأة ووضعها في مكانة مساوية، إن لم تكن أعلى من الرجل.

توقفوا عن الخلط بين العادات الثقافية وبين الإسلام.. أفعال المسلمين ليست حجة على الإسلام

ولم يذكر «عيسى»، الفرق بين ما جاء به الإسلام عن المرأة، وبين العادات والتقاليد التي تظلم المرأة وتحرمها من حقوقها التي كفلها لها الإسلام، وهنا أسوق له ما قالته الصحفية البريطانية، إيفون ريدلي، التي اعتنقت الإسلام، بعد أن كانت من أشد المعادين له، حيث قالت بالنص« يعشق السياسيون والصحفيون الكتابة عن اضطهاد المرأة في الإسلام، من غير أن يتسنى لهم الحديث ولو لمرة إلى النساء اللاتي يرتدين الحجاب. إنهم ببساطة ليس لديهم أدنى فكرة عن الاحترام والحماية التي تنعم بها المرأة المسلمة في التشريع الإسلامي الذي نشأ منذ ما يزيد على 1400 عام. إضافةً إلى ذلك هم يظنون خَطَأً أنهم بكتاباتهم عن القضايا ذات البُعد المتصل بثقافة المجتمع، مثل: القتل من أجل الشرف، والزواج بالإكراه إنما يكتبون عن معرفة، ولقد أصابني الملل من كثرة الاستشهاد بالمملكة العربية السعودية، حيث النساء يُمنَعْنَ من قيادة السيارات كمثال على العبودية التي يرزحن تحتها. هذه القضايا ببساطة ليس لها أي صلة بالإسلام، على الرغم من استمرار هؤلاء في الكتابة والحديث عنها بأسلوب سلطوي متعجرف موجهين اللوم إلى الإسلام ظلمًا وعدوانًا. من فضلكم توقفوا عن الخلط بين العادات الثقافية وبين الإسلام».

وما قاله الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، إن في العصر الحاضر خلط كثير من الناس بين تصرفات الصوفية وبين التصوف،‏ كما خلط كثير من الخلق بين أفعال المسلمين وبين الإسلام،‏ وأفعال المسلمين في أي مكان وفي أي زمان،‏ لم تكن أبدا حجة على الإسلام.

وأوضح جمعة، أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر الناس من فساد الزمان ومن البعد عن السنة،‏ وفي حديث حذيفة رضي الله عنه الذي أخرجه البخاري ومسلم،‏ يبين رسول الله ﷺ أن الشريعة هي الأساس،‏ وأننا سنرى فتنا،‏ وسنرى مخالفة‏، وسنرى اختلافا بين الناس،‏ يقول حذيفة‏:‏ كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير،‏ وكنت أسأله عن الشر،‏ مخافة أن يدركني،‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله،‏ إنا كنا في جاهلية وشر،‏ فجاءنا الله بهذا الخير،‏ فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال‏:‏ نعم قلت‏:‏ وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال‏:‏ نعم وفيه دخن،‏ قلت‏:‏ وما دخنه؟ قال‏:‏ قوم يهدون بغير هديي،‏ تعرف منهم وتنكر، قلت‏:‏ فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال‏:‏ نعم،‏ دعاة إلى أبواب جهنم،‏ من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت‏:‏ يا رسول الله،‏ صفهم لنا،‏ فقال‏:‏ هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت‏:‏ فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال‏:‏ تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت‏:‏ فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال‏:‏ فاعتزل تلك الفرق كلها‏، ولو أن تعض بأصل شجرة،‏ حتى يدركك وتابع: "فالحق أن المسلمين ليسوا حجة على الإسلام،‏ ولما أمر ﷺ أمير الجيوش قال له‏: "..‏وإن حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله،‏ فلا تنزلهم على حكم الله،‏ ولكن أنزلهم على حكمك،‏ فإنك لا تدري،‏ أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟ ‏(أخرجه أحمد‏).

ولذلك،‏ فإننا عندما نتفاوض،‏ نتفاوض باجتهادنا،‏ فليس هذا هو كلام الله ولا كلام رسوله،‏ إنما هذا ما فهمناه من كلام الله ورسوله ﷺ، ومن أجل ذلك،‏ فإن العلماء من أهل التصوف تقيدوا بالكتاب والسنة،‏ واجتهدوا كما اجتهد الفقهاء،‏ وكما اجتهد أهل العقيدة والمتكلمون،‏ اجتهدوا في هذا الفهم،‏ لكنه مقيد بالكتاب والسنة‏.

المرأة قبل الإسلام كانت تباع وتشترى

الأستاذ إبراهيم عيسى لم يذكر كيف كانت حالة المرأة قبل الاسلام، وكيف أعاد الإسلام للمرأة كرامتها وشخصيتها المستقلة، ووضعها في مكانة عالية، عندما كانت المرأة في قوانين اليونان تدخل ضمن ممتلكات ولي أمرها سواء أكان أبًا أم أخًا أم زوجًا، ولم يكن لها حرية تصرف في نفسها؛ فهي تُباع وتُشْتَرَي ويقبض الثمن ولي الأمر. وفي القانون الروماني كانت المرأة تُعَامَل كالطفل أو المجنون فاقد الأهلية، وتظل تحت سلطان ولي أمرها حتى الموت، ولولي الأمر حق بيعها ونفيها وتعذيبها، بل وقتلها إذا استلزم الأمر.،وعند بعض فرق اليهود تعتبر المرأة في منزلة الخادم، وتُحرَم من الميراث، وفي قوانين الأحوال الشخصية للإسرائيليين، إذا تُوُفِّي الزوج ولا ذكور له، تصبح أمرأته زوجة لشقيق زوجها أو لأخيه من أبيه ولا تحل لغيره إلا إذا تبرأ منها، ورفض الزواج بها،  وفي القانون الصيني كانت القاعدة أن النساء لا قيمة لهن، ويجب أن يعطين أحقر الأعمال، أما في القوانين الهندية فتظل المرأة تابعة لوالدها ثم زوجها ثم أبنائها وليس لها أي إرادة حرة.

أما عن أوروبا التي تتفاخر الآن بالحريات، فقد كانت المرأة فيها - وقت ظهور الإسلام – عبارة عن سلعة تباع وتشترى وتقوم بأشق الأعمال بأقل الأجور. وقد كتب الفيلسوف الإنجليزي «هربرت سبنسر» في كتابه «علم الاجتماع »: "إن الرجال كانوا يبيعون زوجاتهم في إنجلترا فيما بين القرن الخامس والقرن الحادي عشر الميلادي "، ولقد وضعت المحاكم قانونًا يعطي الزوج الحق في منح زوجته لرجل آخر لمدة محددة بأجر أو بغير أجر، وظل هذا القانون مطبقًا حتى ألغي عام 1933م. كما لم يكن للمرأة الأوروبية - حتى فترة قصيرة - حق الحضور أمام القضاء، أو حق إبرام العقود أو البيع أو الهبة بغير موافقة الزوج؛ فقد كان الزوج هو المتصرف في أموال زوجته بالكامل حتى عام 1942م. وتبرهن الأمثلة السابقة على أن الإسلام هو أول من أعطى المرأة حقوقها، وأعاد إليها كرامتها وحريتها؛ فمنحها الحق في اختيار زوجها بحرية، وألا تُزوَّج دون استئذانها، وأباح لها طلب الطلاق إذا استحالت الحياة مع زوجها، كما تحتفظ المرأة في الإسلام بشخصيتها القانونية المستقلة؛ فلها حق التملك والتجارة والهبة.

المرأة جنس متدنٍّ في البشرية.. ضعيفة ومسلوبة الإرادة

لم يذكر الاستاذ إبراهيم عيسى، أن المرأة في المجتمع اليوناني كانت ضعيفة ومسلوبة الإرادة. كانت "ملكية" خاصة لأبيها، ثم لزوجها، ولا يجوز لها الخروج من المنزل إلا بإذن "مالكها"، وإنْ خرجت كان لزامًا عليها أن تضع شيئًا على وجهها ليكون بمثابة إعلان عن أنها ملكية خاصة، ولا يحق للناس النظر إليها، وذلك وفقًا لما ذكره أستاذ الفلسفة المصري إمام عبد الفتاح إمام، في كتابه "أفلاطون والمرأة".

لم يذكر «عيسى»، أن الفيلسوف اليوناني أفلاطون أعتبر أن المرأة جنس متدنٍّ في البشرية، وأنها تحمل نقائص وتتسبب في فساد المجتمع، واحترامها مرتبط باحترامها لزوجها، والمرأة عنده غير حرة في اختيار زوجها، ولا تستطيع المشاركة في المجتمع إلا بعد سن الخمسين، وبعد أن تتجرد مما أسماه بالنقائص الأنثوية.

لم يذكر ما قاله الفيلسوف أرسطو، كما جاء في كتاب «أرسطو والمرأة»، للدكتور إمام عبد الفتاح إمام، ففي كتابه "السياسة"، قال أرسطو أن الطبيعة خلقت المرأة في صورة متدنية، فهي مجرد وعاء لإنجاب طفل، وطفل ذكر بالأساس، وإنْ جاءت المولودة أنثى فهذا دليل على انحراف الطبيعة، أما عن علاقة المرأة بالعالم الخارجي، فقد أكد أن عليها الجلوس في المنزل، والطاعة الدائمة لزوجها، وألا تشكو ولا تتذمر، ولا تلومه على أخطائه.

لم يذكر الاستاذ إبراهيم عيسى، ما ذكره الفيلسوف جان جاك روسو في كتابه "إميل أو عن التربية" عندما أكد  أن المرأة خُلقت لأجل الرجل، وعليها دائمًا أن تثير إعجابه وترضيه، فالرجل قائد ومتحكم للنساء بحكم قانون الطبيعة الذي يقتدي أن تكون النساء تحت حكم الرجال من أجل أنفسهن وأولادهن.

ولم يذكر «عيسى»، ما قاله نيتشه، عن المرأة، في كتابيه "إنسان مفرط في إنسانيته"، حيث قال أن المرأة خلقت ليسكن الرجل إليها، ولكنها غير قادرة على فهم قوته، وهي قادرة على التضحية بكل شيء في سبيل حبها، لكن سعادتها متوقفة على الرجل، بخلاف الرجل الذي تتوقف سعادته على إرادته، كما أنه اعتبر أن روح المرأة أقل من روح الرجل، فهي سطحية شفافة، ولكنها إذا تحوّلت إلى الإنسان الكامل، تصبح أرقى بكثير من الرجل.

الفقه اليهودي: المرأة نجسة ومصدر للإثم

لم يذكر الكاتب الكبير، وضع المرأة في الديانة اليهودية وعند اليهود، وأن الديانة اليهودية اعتبرت المرأة مصدرا للإثم، وحملتها التوراة غواية آدم، وإخراجه من الجنة، وجعلته يتملص من المسؤولية، حسبما يقول كاظم حجاج فى كتابه "المرأة والجنس بين الأساطير والتراث" كل تلك التصورات انعكست على الفقه اليهودى، الذى شهد تشديدات كبيرة على الحائض والمستحاضة والنفساء، فيعتبرها نجسة، وكل ما يتصل بها نجسا إلى المساء "وإذا كانت امرأة لها سيل، وكان سيلها دما فى لحمهاـ فسبعة أيام تكون فى طمثها، وكل من مسها يكون نجسا إلى المساء، وكل ما تضجع عليه فى طمثها يكون نجسا وكل ما تجلس عليه يكون نجسا، وكل من مس فراشها يغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء. وكل من مس متاعا تجلس عليه يغسل ثيابا ويستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء، وإن اضجع معها رجل فكان طمثها عليه يكون نجسا سبعة أيام وكل فراش يضجع عليه يكون نجسا، وإذا كانت امرأة يسيل سيل دمها أياما كثيرة فى غير وقت طمثها أو سال بعد طمثها فتكون كل أيام سيلان نجاستها كما فى أيام طمثها أنها نجسة، كل فرش تضجع كل أيام سيلها يكون لها كفراش طمثها وكل الأمتعة التى تجلس عليها تكون نجسة كنجاسة طمثها، وكل من مسهن يكون نجسا فيغسل ثيابه ويستحم بماء ويكون نجسا إلى المساء" (اللاويين 15: 19-27).

الزنا بالمرأة لا يعتبر جريمة لأنها من نسل الحيوانات

لم يذكر «عيسى»، أن كتب اليهود المقدسة تعتبر المرأة مجرد متعة جسدية، والمرأة في التلمود وهو الكتاب الثاني من كتب اليهود بعد التوراة يقول: إن المرأة من غير بني إسرائيل ليست إلا بهيمة لذلك فالزنا بها لا يعتبر جريمة لأنها من نسل الحيوانات وكذلك يقرر التلمود أن المرأة اليهودية ليس لها أن تشكو من زوجها إذا ارتكب الزنا في منزل الزوجية..

كما ينقل عن اليهود أنهم إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤكلوها، ولم يشاربوها ولم يجامعوها ـ أي يجتمعوا معها ـ في البيت، وان الحد الأدنى لاتمام صلاة الجماعة في الديانة اليهودية هو عشرة ذكور، لا يصح أن يدخل بينهم النساء، ولو تجاوز عددهن المئات!

وأنه لا يجوز للنساء تلاوة التوراة أمام حائط المبكى، وليس لهن الحق في المشاركة في العبادة!، ويجب على الآباء عدم تعليم بناتهم التوراة، لأن معظم النساء ليست لديهن نية تعلم أي شيء، وسوف يقمن بسبب سوء فهمهن بتحويل التوراة إلى هراء!، وان شهادة مئة امرأة تعادل شهادة رجل واحد!، وان المرأة كائن شيطاني، وأدنى من الرجال!، كما ورد في التلمود كتابهم المقدس: «أن المرأة هي حقيبة مملوءة بالغائط»!.

المرأة لعنة ووسيلة للإفساد ونشر الرذيلة

لم يذكر الاستاذ إبراهيم عيسى، أن بعض فلاسفة اليهود يصفون المرأة بأنها ” لعنة ” …. وكان يحق للأب أن يبيع ابنته إذا كانت قاصرًا وجاء فى التوراة: « المرأة أمر من الموت … وأن الصالح أمام الله ينجو منها».

ولم يذكر «عيسى» أن بروتوكولات حكماء صهيون التي تُعتبر المرشد الأول للتصرفات الخبيثة التي يقوم بها اليهود والصهاينة حول العالم؛ تؤكد على دور المرأة في الإفساد ونشر الفساد والرذيلة والقيام بكل عملٍ يتعارض مع الأخلاق من أجل تحقيق غاياتهم، وذلك بطرق مختلفة أبرزها ممارسة الرذيلة مع حكام ومسئولين وشخصيات ذات سلطة أو نفوذ، وهو ما حدث فعلًا، والشواهد على كذلك أكثر من الحصر.

ويذكر البروتوكول العاشر أن "ستمهد السبيل لإفساد الحماسة والنخوة والانحلال الأخلاقي وخاصة بمساعدة النساء اليهوديات المتنكرات في صور الفرنسيات والايطاليات، وأن هؤلاء النساء أضمن ناشرات للخلاعة والتهتك في حيوات Lives المتزعمين  على رؤوس الأمم. ويضيف أن "النساء في خدمة صهيون يعملن كأحابيل ومصايد لمن يكونون بفضلهن في حاجة على الدوام إلى المال...".

أما في وقتنا الحاضر فيستخدم اليهود نساءهم وفتياتهم في إسقاط الشباب العرب، وهذه مهمة لا دخل لها بالأخلاق من قريبٍ أو من بعيدً، لأن الفيصل في الأمر هو ضمان الأمن القومي لدولة إسرائيل، وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك.