علي جمعة يكشف عن أعمال العشر الأول من ذي الحجة
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن شهر ذي الحجة الحرام هو شهر فرض الله فيه الحج، موضحًا أن الأيام العشر تنتهي بعيد الأضحى المبارك.
شهر فرض الله فيه الحج
وتابع علي جمعة من خلال منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: اليوم هو من تلك الأيام التي أخرج الإمام البخاري، والترمذي، وأبو داود، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن سيدنا النبي ﷺ أنه قال فيها: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر».
ولفت إلى أن هذا معناه أننا الآن في نفحة ربانية صمدانية، وفي نقطة انطلاق يجب علينا أن ننتهزها، وأن نعمل العمل الصالح ظاهرًا وباطنًا، لعبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس، في هذه الأيام العشر المباركة.
وتابع علي جمعة: «ما من أيام» فهي أفضل أيام السنة، كما أن ليلة القدر، هي أفضل ليالي السنة على الإطلاق، «العمل الصالح فيهن»، -وفي رواية البخاري: «فيها» - «أحب إلى الله من هذه الأيام»، وفي رواية الترمذي: «من هذه الأيام العشر»، فحددها، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد؟! قال: «ولا الجهاد».
وشدد علي جمعة: إذن، نحن نعلم قيمة الجهاد، وفضل الجهاد، الجهاد هو ذروة السنام، الجهاد هو أعلى الأعمال، إذن، فرسول الله ﷺ يريد أن ينبهنا لفضل هذه الأيام؛ لأنه قارنها بأفضل شيء في الإسلام، وهو الجهاد في سبيل الله، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء»، هذا يكون قد جاد بنفسه في سبيل الله، وليس بعد أن تجود بنفسك في سبيل الله من عمل، فهو أعلى من هذه الأيام ومن غيرها، وجاد مع نفسه بماله، وترك أهله لله، توكلًا وثقةً ورضًا بما عند الله، وتسليمًا وتوكلًا على الله جل جلاله، فهو مؤمن حق، يخلفه الله سبحانه وتعالى في ولده وأهله وأبناءه وأحفاده؛ لأنه جاد بنفسه لله وبماله لله، وتوكل على الله، ورضي بما عند الله، وسلم لأمر الله. «إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء»، يعني استشهد في سبيل الله، وخرج بماله كله، فأنفق في سبيل الله في ذلك الجهاد.
ويقول سيدنا النبي ﷺ: «إن في أيام ربكم نفحات فتعرضوا لنفحات الله»، فنحن في هذه الأيام نعيش في نفحة من نفحات ربنا سبحانه وتعالى، فهى أيام عبادة، وهى أيام ذكر، وهى أيام فرحة، وهى أيام وحدة، وهى أيامٌ يعتز بها المسلم فهى من أيام الله.
من جانبه ذكر الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بعضا من فضائل العشر من ذي الحجة، وذلك تزامنًا مع اليوم الثاني من ذي الحجة 1443 هـ.
فضائل العشر من ذي الحجة
وقال وزير الأوقاف: لقد فضل الله (عز وجل) بعض الأيام على بعض، وبعض الشهور على بعض، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): " إنَّ لربِّكُمْ في أيامِ دهرِكُمْ نفحاتٌ ألا فتعرَّضوا لها" (المعجم الكبير للطبراني)، موضحا أن من هذه الأيام المباركات العشر الأول من ذي الحجة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم):" ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ. قالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ؟ فقال رسولُ اللهِ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجلًا خرج بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ" (صحيح البخاري).
وتابع وزير الأوقاف: هذه العشر المباركات هي التي وصفها القرآن الكريم بالأيام المعلومات، في قوله تعالى: "لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ " (الحج: 28). وذكر سيدنا عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) أنها الليالي العشر التي أقسم بها رب العزة (عز وجل) في كتابه العزيز فقال: " وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ " (الفجر: 1، 2).
وشدد وزير الأوقاف على المسلم أن يغتنم ما أتيح له من أبواب الخير في هذه العشر من الإكثار من الصيام، وقيام الليل، والذكر، وتلاوة القرآن، وإطعام الطعام، والحرص على شعيرة الأضحية، وصلة الأرحام، والإكثار من الصدقات، فإن لم يكن له من المال ما يتصدق به فأبواب الخير واسعة، وقد سئل نبينا (صلى الله عليه وسلم) من أين لنا صدقة نتصدق بها كل يوم ؟ فقال: "إن أبواب الخير لكثيرة: التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتميط الأذى عن الطريق، وتسمع الأصم، وتهدي الأعمى، وتدل المستدل على حاجته، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث، وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف ؛ فهذا كله صدقة منك على نفسك".
وأكمل وزير الأوقاف: يستحب في هذه الأيام التوسع في الصدقات، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلاءِ الدُّعَاءَ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبِحُ العِبادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا" (متفقٌ عَلَيْهِ).
وأردف في عشر ذي الحجة يأتي يوم عظيم، خير يوم طلعت فيه الشمس، وهو يوم عرفة، من صامه إيمانا واحتسابا فإنه يكفر السنة الماضية والسنة الباقية، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ " (صحيح مسلم)، ويستحب الإكثار في هذا اليوم من الذكر والدعاء، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (سنن الترمذي).
وأردف: فيه يوم النحر يوم الأضحية التي هي سنة نبينا (صلى الله عليه وسلم) وأبينا إبراهيم (عليه السلام)، وفيها يقول: " مَا عَمِلَ آدَمِىٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ (عز وجل) مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ إِنَّهَا لَتَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا " (سنن الترمذي).
وللأضحية مقاصد سامية فهي من جهة طهرة للمال وصاحبه، ومن جهة أخرى إغناء للفقراء، وتوسعة على الأهل والأصدقاء والجيران والأحباب، وهي سنة مؤكدة عن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد ضحّى (صلى الله عليه وسلم)، حيث قال سيدنا أنس (رضي الله عنه): "ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ" (متفق عليه) .
واختتم وزير الأوقاف: كما تتحقق الأضحية بالذبح تتحقق بالصك، ولا شك أنه يعظم من نفع الأضحية، وبخاصة لمن لا يملك آلية لتوزيعها على الوجه الأمثل، مما يجعلها تصل عبر منظومة الصكوك إلى مستحقيها الحقيقيين، وهو ما يزيد من نفع الأضحية وثوابها في آن واحد، كما أنه يحقق إيصال الخير إلى مستحقيه بعزة وكرامة وآلية لا تمتهن آدمية الإنسان أو تنال منها.