مخاوف من استيراد القمح الهندي بسبب الفطريات المحجرية
دفعت أزمة ارتفاع أسعار القمح عالميًا الحكومة لاعتماد الهند كدولة استيراد أقماح، رغم المخاوف التي ساقها الخبراء من وجود فطريات محجرية، إضافة لانتشار مرض الروبيلا «الحصبة الألمانية» في الهند.
وبحسب الدكتور محمد معيط وزير المالية، فإنه مع تحديد سعر طن القمح في الموازنة الجديدة 2022/ 2023 بسعر 500 دولار للطن «9.4 آلاف جنيه»، وذلك يعني مضاعفة فاتورة الاستيراد، إذ كان سعره في الموازنة الحالية 250 دولارًا للطن فقط، وتستورد مصر حوالي 12 مليون طن سنويًا مقسمة بالتساوي بين مشتريات القطاعين العام والخاص.
تخوف من فطريات القمح الهندي
معظم القمح الهندي من النوع الصلب المرتبط بالأماكن الحارة أو المشمسة ويحتوي على نسبة بروتين يتراوح بين 10% إلى 13%، وكذلك جلوتين أكبر من القمح اللين، الذي يكون مناسبا أكثر من المنتجات المخمرة مثل الحلويات وأيضا في إنتاج من المكرونة الطازجة.
ووفقًا لخبراء الزراعة، يحتاج القمح الهندي إلى 120 كجم من النيتروجين و60 كجم من الفوسفور و30 كجم من البوتاسيوم لكل 2.4 فدان، لتحقيق إنتاج مثالي، ومع ذلك فإن جودة القمح الهندي تعاني بسبب نقص المغذيات الدقيقة مثل الزنك والحديد والنحاس والكبريت.
ولا تتوقف المخاوف فقط عند مخاطر الجودة، فبحسب تجار هنود فإن تكاليف الشحن ستشكل تحديًا للموردين الهنود، إضافة إلى أن أقل تكلفة شحن بلغت 70 دولارًا للطن.
وقال راجيش باهاريا جين، وهو تاجر مقيم بنيودلهي، إن تكلفة شحن القمح الهندي إلى مصر ستكون حوالي 70 دولارًا للطن مقابل 30: 40 دولارًا للإمدادات من منطقة البحر الأسود.
لكن السعر الأرخص يعطي القمح الهندي أفضلية إذ تم توقيع صفقات التصدير الأخيرة من الهند بما يتراوح بين 330 دولارًا و335 دولارًا للطن على متن السفينة، وهو أرخص بأكثر من 100 دولار من العروض الأوروبية المشتراة من قبل الهيئة العامة للسلع التموينية في أحدث مناقصة لها من روسيا وبلغاريا وفرنسا.
ورغم ذلك توجد مخاوف من الجودة ومرض فطر النخر الهندي والإفراط في استخدام المبيدات الحشرية التي أصابت سابقًا صادرات القمح الهندي لكنه خيارًا أرخص لمصر أكبر مستورد في العالم.
رفض شحنة قمح هندي مصابة بالروبيلا
إلى ذلك، قال الدكتور أحمد العطار، رئيس الحجر الزراعي، إن مصر رفضت طلب تسلم شحنات قمح هندية بكميات تصل إلى 55 ألف طن لعدم مطابقتها للمواصفات، موضحًا أن تلك الشحنات رفضتها قبل ذلك تركيا.
وأضاف أن الشركة المالكة للقمح الهندي تقدمت لمصر بطلب تسلمها بعد أن رفضتها تركيا، لكن اتضح عدم مطابقتها لاشتراطات الحجز الزراعي المصري ما دفعنا لرفضها، نافيًا أن تكون الشحنة دخلت الموانئ المصرية، لأن مصر رفضت الطلب المقدم من قبل ملاك الشحنة.
وأشار «العطار» إلى وصول شحنة قمح هندي إلى ميناء الدخيلة في 3 يونيو الجاري، وهذه الشحنة سليمة، قائلًا: «الشحنة دي سليمة وأنا كشفت عليها بنفسي في الهند قبل الموافقة على استيرادها، وهي توافق جميع الشروط».
وفي نفس السياق، قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة ومستشار وزير التموين الأسبق، إن مصر رفضت شحنة قمح قادمة من الهند، مشيرًا إلى أن الهند ليست من الدول الكبرى المُصدرة للقمح رغم أنها ثاني أكبر مُنتج عالمي للقمح بعد الصين وهى تنتج نحو 105 ملايين طن سنويًا يكفيها ذاتيًا لعدد سكان يتجاوز 1.4 مليار نسمة.
وأضاف، أنه أحيانًا تحقق الهند فائضا تصديريا لا يتجاوز الـ5 ملايين طن كل عدة أعوام تقوم بتصديرها لدول الجوار ولا يمكن الاعتماد على القمح الهندي لسد احتياجات مصر والدول العربية التي تستورد حاليًا نحو 55 مليون طن سنويا، والتي سترتفع إلى 84 مليون طن سنويا عام 2030 بسبب الزيادة السكانية الكبيرة في المنطقة العربية.
وأشار إلى أنه من أهم اشتراطات استيراد القمح هي عدم زيادة نسبة القمح الكسر عن 3 إلى 5%، وألا تزيد نسبة الأتربة والقش عن 0.1%، وأن تكون خالية من فطريات وسموم «الأفلاتوكسين» السامة وأيضًا خالية من بذور الحشائش خاصة الغريب منها وغير الموجود في الأراضي المصرية والعربية.
وأوضح «نور الدين»، أنه بالنسبة للفطريات المتحجرة فالمقصود بها فطريات «الإرجوت Ergott»، وهي فطريات متحجرة وشديدة الضرر بالإنسان وتحتفظ بخواصها السامة بعد الطحن والخبز حيث لا تتأثر بالمعاملات الحرارية أو الكيميائية أو حتى الإشعاعية، وتسبب أوراما خبيثة للإنسان وتسبب مشاكل صحية خاصة أصابع اليدين والقدمين.
وتابع: «ولذلك تمنع العديد من البلدان الأوروبية استلام القمح في حال احتوى على أي نسبة ولو قليلة من فطر الأرجوت المتحجر، والذي يسود في البلدان شديدة البرودة شتاء، وتشترط مصر وبعض الدول العربية ألا تزيد نسبة الأرجوت عن 0.05% من إجمالي شحنة القمح، وإلا ترفض الشحنة كاملة».
وكشف مستشار وزير التموين الأسبق، أن مصر كانت حتى عام 2010 تمنع استلام أي شحنة قمح تحتوي على أي كميات من الأرجوت مهما كانت قليلة، ولكن تحت ضغوط المستوردين سمحت بوجود هذه النسبة القليلة منذ عام 2014 نظرًا لخطورتها على صحة الإنسان.
واختتم الدكتور نادر نور الدين حديثه قائلًا: «وأعتقد أن شحنة القمح الهندي تحتوى على نسب أكبر من المسموح بها الفطريات والذي يأخذ شكل حبة القمح الصلبة ولكن بلون أسود، وقد يكون سبب الرفض أيضا وجود بذور حشائش غريبة أو وجود نسبة من مرتفعة من فطريات وسموم الافلاتوكسين، بالإضافة إلى القش والأتربة نظرا لاستخدام المزارعين الفقراء في الهند آلات درس بدائية لفصل القمح عن القش».