الوحيد من خارج السعودية.. خطبة الشيخ الشعراوي على جبل عرفات
القى الشيخ محمد متولي الشعراوى إمام الدعاء خطبة على جبل عرفات عام 1976، ويعد أن العالم الوحيد من خارج السعودية، الذي حظي بهذا الشرف.
وبدأ الشعراوي، الخطبة بالقول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.. هذا هو شعار اليوم ونشيد الساعة فلترددوه طوال يومكم".
نص الخطبة
وبصوته المميز وأدائه الخطابي المختلف استهل الشيخ الشعراوي خطبته الشهيرة وسط ملايين من كل صوب وحدب «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، ثم قال: هذا هو شعار اليوم ونشيد الساعة فلترددوه طوال يومكم، وانطلق في الحديث عن أفضال يوم وقفة عرفات وصيامه لدى المسلمين، ففيه تصبح لغة القرآن هي السائدة في ذلك اليوم، فلا ترد لأي عبدٍ دعوة مهما كانت، ولا ترد مغفرة لمؤمن مهما بلغت ذنوبه عنان السموات، فتلك هي دعوة من الرب لعباده المخلصين فاستجابوا لها، ليكون جزاؤهم المغفرة والرحمة».
وتحدث الشيخ الشعراوى عن إعجاز آيات القرآن الخاصة بالحج: «كان الإعجاز الخالد في القرآن مصدقًا لقوله: «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق»، فالله يعلم أن مجرد النداء في الناس بالحج سيأتون من كل صوب وحدب كي يلبوا ذلك النداء، فسبحان ربي خصصت هذا الركن العظيم في حج بيتك الحرام، والوقوف في تلك الساحة العظيمة من بيتك، فهذا ركن الوقوف فيه جزاؤه عظيم في حياة الإنسان طوال عمره إلى أن تقوم الساعة».
ويواصل الشيخ الشعراوى الراحل كلامه عن الركن الأعظم: «وكذلك حكمت في هذا الركن إذا أذنت للحج يأتيك القوم رجالًا ونساءً من كل فج عميق، فتلك الرقعة العظيمة تعد ظاهرة عجيبة نرى فيها أناسًا تسير على منهج الله، ويتخلقون بعبودية التكبير، نراهم يحرصون على هذا الركن ويزدادون إقبالًا يضيق به كل توسع، اللهم فقد أذنت وقلت يأتوك فأتى القوم، سبحانك يا رب حين تريد أن يكون لا مرد لما تريد أن يكون».
فضائل يوم عرفة
ويستكمل الشعراوى فضائل يوم عرفة: «قد كلفت ربي عبادك بالصيام والزكاة والصلاة وتركت العبيد أخيارًا يختارون الطاعة التي تقربهم منك، أو المعصية التي تبعدهم عنك».
وعن سبب وجود ذلك الركن في الحج وأهميته يقول الشعراوي: «يا رب جعلت عبيدك يزورون بيتك، ويقفون بعرفات وأنت تريد لهم الخير والرحمة، فذلك التكريم وتلك الاستجابة لهما ثوابهما عندك، لأن الداعي هو الرب الذي يقدر على كل شيء».
وتابع الشعراوي: «في ذلك اليوم لو سألوك قضاء حوائجهم أعطيتها لهم، فما نقص ذلك عندك يا رب، فكلماتك ورحمتك لا تنفد، وعلى المؤمن أن يكون على ثقة في يوم عرفات أن الإجابة آتية لا محال، فالعبيد يتذللون لك لتأتيهم الخير وتستجيب لهم، فاليوم نحن نبتهل بالدعاء لنا ولأزواجنا وأحبابنا والمؤمنين والمؤمنات، فالملائكة بحفاوتها تحيط بهم على جبل عرفات في ذلك الزحام الذي يشع بياضًا، ملائكة الله في عليائها وعبوديتها المكرمة يتلقون إقبال الحجاج بالعناق ويتلقون الصائمين بالمصافحة، فالله يكافئ على قدر الجزاء».
وعن ثواب ذلك اليوم أكّد الشعراوي في خطبته: «كان جزاء الإنسان أن يخرج الحاج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ولكن بعد وقفته بعرفات، فأنت يا رب حين تكلف العباد تكلفهم بالفعل، وتترك لهم حرية الزمان أو المكان، وهذا هو الركن الوحيد الذي اجتمع فيه الأمر والنهي بالفعل في مكان برحابك اخترته أنت».