رئيس التحرير
خالد مهران

أسرار فشل مبادرات الحد من تكاليف الزواج فى القرى والنجوع

أسرار فشل مبادرات
أسرار فشل مبادرات الحد من تكاليف الزواج فى القرى والنجوع

أطلق الأزهر الشريف مبادرة «لتسكنوا إليها»؛ لخفض تكاليف الزواج والحد من المصاريف غير الضرورية، لتحتوي المباردة على خطوات هامة يجيب على الأسرة والزوجين الترشيد فيها.

وشهدت السنوات الماضية خروج مبادرات وحملات شبابية؛ لمواجهة العادات والتقاليد التي أصبحت تمثل بركانا أمام الشباب المقبلين على الزواج؛ بسبب التكاليف الباهظة والمبالغ فيها، التي يضعها أهل العروسة أمام طارقي الأبواب للزواج، فهناك العديد من المبادرات للمناداة بضرورة خفض تكاليف الزواج في أغلب محافظات الجمهورية.

مرحلة الخطوبة

وقسم الأزهر الشريف مبادرته إلى ثلاث مراحل تبدأ بالخطوبة، مطالبًا بضرورة  قصر مراسم الخطوبة على قراءة الفاتحة وحضور درجات القرابة الأولى ودبلة فقط، وضبط اللقاء بين المخطوبين بحضور الأهل وعقد جلسة نقاشية أسبوعية بين الجانبين في إدارة أسرة المستقبل، بالإضافة إلى التقليل من الهدايا المتبادلة، لتظل رمزًا للمودة لا للمفاخرة، ولا لتكون ضغطًا على أحد الطرفين وعدم تطويل فترة الخطوبة بشكل يجر إلى مشكلات والاتفاق على كل مصروفات وتكاليف الزواج خلال فترة الخطوبة وقبل كتب الكتاب.

وتأتي المرحلة الثانية وهي الإعداد للزواج، فطالب الأزهر خلالها بضرورة الحصول على دورة مكثفة للزوجين في التأهيل الأسري، والاقتصار على كتابة المنقولات الفعلية التي يؤسس بها بيت الزوجية، دون مبالغة، واختيار مسكن الزوجية بالتوافق بين طرفي الزواج فقط، وعلى حسب الاستطاعة، دون تدخل الأسرتين، ودون شروط غير ضرورية، والاتفاق على الذهب بالقيمة وليس بالجرامات، ويثبت في قائمة المنقولات القيمة، علاوة على تأجيل ما يمكن تأجيله من أثاث؛ حرصا على التخفيف والتيسير، والاقتصار على الأجهزة الضرورية للبيت، دون اشتراطات خاصة، وكذلك الاقتصاد فيما يسمى بـ«الكسوة» وأن يكون الكساء للعروسين بعدد منطقي من الملابس، وإلغاء الأجهزة الكهربائية غير الضرورية والتي ينتج عنها مزيد من التكاليف في الفواتير الشهرية.

مرحلة الزواج

فطالب الأزهر، إقامة مراسم الأفراح بصورة بسيطة على قدر الاستطاعة، وعدم التقيد بمظاهر ومغالاة مرهقة، على أن يقتصر نقل جهاز العروسة على سيارة واحدة فقط وبدون حضور مدعوين تجنبًا للتكاليف الإضافية، إلغاء عادات تكاليف الضيافة الباهظة أثناء الفرح، وإلغاء اشتراط كسوة الأهل من الجانبين، وإلغاء ما يسمى بـ«سيشن التصوير» وإلغاء اشتراط السفر لقضاء ما يسمى بـ«شهر العسل»، وعدم المبالغة في الزيارات اليومية والعزومات المتبادلة والهدايا المرهقة أثناء التهنئة بالزواج.

بني سويف

وشهدت مصر في السنوات الأخيرة، انطلاق عدد كبير من المبادرات المماثلة لدعوة مشيخة الأزهر، ففي محافظة بني سويف أطلق عدد من المواطنين مبادرة «زواج دون ذهب»؛ وذلك بعد ارتفاع أسعار الذهب ووصول الجرام إلى 1088 جنيهًا، ومطالبات بعض العائلات المصرية للعريس بتقديم ما لا يقل عن 100 جرام ذهب كشبكة للعروس.

ودشن عدد من شباب مركز ومدينة المنشأة بمحافظة سوهاج، مبادرة لتحديد 20 جرام ذهب فقط و«قايمة» بقيمة 150 ألف جنيه لتيسير الزواج في ظل غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، خاصة الذهب الذي تجاوز سعره الـ1000 جنيه للجرام عيار21.

وفي الجيزة خاصة قرية المزاريق انطلقت مبادرة «العودة للأصول» في محاولة لتخفيف أعباء الزواج؛ لعدم المغالاة فى المهور والجهاز والشبكة، حيث ذهبت بعض المبادرات لإلغاء الشبكة بالكامل بينما أقر البعض بكتابة كمية الذهب بـ60 جراما فقط بقائمة المنقولات حفاظا لحق الزوجة.

واتفق كبار القرية، أن تكون قائمة العروسة عبارة عن كشف لما أحضرته لبيت الزوجية، هي بالفعل تشمل الجهاز الحقيقي وجرامات الذهب بلا مبالغة، وأن يقتصر الفرح على يوم واحد بلا إسراف، على أن يقتصر تجهيز العروسة على الاحتياجات الضرورية لكل منزل مثل، الثلاجة والغسالة والبوتجاز وبعض أدوات المطبخ فقط، مشيرا إلى أن الجمعيات الخيرية تشارك بدور كبير لغير قادرين والأيتام.

«بلاش دهب.. هات فضة»

كما ظهرت مبادرة «بلاش دهب خليها خليها فضة»، لمطالبة أهل العروس بمحاولة التخفيف عن الشباب وكسر نمط العادات التي لا تتناسب مع الظروف الاقتصادية هذه الأيام.

وتقول رضوي سرور مؤسسة المبادرة، إن لشباب دائمًا يقف عاجز أمام السؤال عن كم الذهب الذى سيشتريه لعروسته، متابعة: «حتى البنات والسيدات اللاتى تفكرن فى شراء ذهب للزينة لا تستطيع بسبب التكلفة ومش عارفه بسبب التكاليف».

ومن المنيا أطلق أحد شباب قرية دير سمالوط، التابعة لمركز ومدينة سمالوط، مبادرة «من غير سفرة ولا نيش»،  لتيسير الزواج على الشباب والفتيات، ولأهل العروسين، وتهدف المبادرة إلى تيسير الزواج والحد من المغالاة، واستجاب لها الكثير ووضع لها شروط.

عقود الزواج في مصر

ووفق اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن عقود الزواج في مصر بلغت أضعاف الطلاق في عام 2020، إذ وصلت إلى 876 ألف حالة زواج، مقابل 213 ألف حالة طلاق في العام ذاته، مشيرًا إلى أن حالات الخلع كانت 10 آلاف في 2019، وتراجعت في عام 2020 بنحو 3600 حالة.

وتشير الإحصائيات والتقارير، إلى ارتفاع مخيف في نسبة الجرائم في النطاق العائلي بسبب تكاليف الزواج، ووفقًا لآخر تصنيف لقاعدة البيانات العالمية «نامبيو»، الخاص بتصنيف الدول حسب معدلات الجريمة بها، جاءت مصر فى المرتبة الثالثة عربيًا، والـ24 عالميًا.

وكشفت دراسات أخرى بجامعة عين شمس، عن أن جرائم القتل الأسري في مصر نتيجة أزمات تكاليف الزواج تُشكل من ربع إلى ثلث إجمالي جرائم القتل وهو معدل ضخم للغاية.

وأكدت دراسة سابقة للمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن نسبة 92% من الجرائم الأسرية بين الزوجين  نتيجة تداعيات الازمات المالية نتيجة تكاليف الزواج المرتفعة، وما يترتب عليها من ديون لدى الزوج، وأسرة الزوجين الشك وسوء الظن والشائعات.

وفقًا للمعلومات فإن الأزهر لجأ إلى تلك المبادرة، تنفيذًا لتوصيات الرئيس السيسي بالحد من تكاليف الزواج، وتسعى المؤسسات الدينية في مصر إلى الحد من ظاهرة تكاليف الزواج، حيث سيشارك في الحملة نحو «307» أعضاء هيئة التدريس على مستوى 8 جامعات، كذلك تدريب 25 ألف طالب و75 ألف طالبة بالجامعات وأعضاء الحملات الشبابية بالكليات، كما سيتم تخصيص دروس المساجد لهذا الأمر فيما سيشارك نحو 20 ألف واعظ وإمام بالتوعية بتلك المبادرة، وعقد لقاءات جماهيرية داخل القرى والنجوع.

الإعلام الديني

من جانبه قال الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن المبادرة سوف يتولى نشرها بين الناس والدعوة إليها وعاظ وواعظات الأزهر في جميع محافظات مصر من خلال متابعة الأمانة العام للدعوة والإعلام الديني.

وأكد «نظير»، أن الأزهر مشتبك مع قضايا المجتمع، ووجد أن أكثر شيء يسبب المشاكل في الزواج هي المغالاة في تكاليف الزواج والاهتمام بالمظاهر وما يسببه ذلك من إرهاق وديون للطرفين.

وأضاف أن هذه الأمور ينتج عنها أسرة غير مستقرة من البداية وإذا حدث وتم الزواج دون أن تلغيه تلك المشكلات، فإنه ينتهي في الغالب بالطلاق وهذا يفسر زيادة عدد حالات الطلاق مؤخرًا.

العادات المسيطرة على المجتمع

من جانبها قالت إلهام شاهين الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، إنها لا تتوقع استجابة سريعة أو سهلة مع مبادرة مجمع البحوث، ومن المؤكد أنه ستكون هناك مواجهة من جانب من أصبحت تلك العادات مسيطرة عليهم.

وأشارت إلى أن الأزهر سيعمل على نشر المبادرة بشتى الوسائل المتاحة سواء من خلال الصحف التليفزيون والراديو ووسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال واعظي وواعظات الأزهر الذين يجوبون كل القرى حاليًا.

وكشفت أن تطبيق المبادرة سيبدأ من قرية شطورة التابعة لمركز طهطا بسوهاج في الصعيد حيث ينشط فيها وعاظ وواعظات الأزهر حاليًا، وبعد رؤية مدى الاستجابة في تلك القرية سيتم الانطلاق لبقية القرى.