تفاصيل تحركات مصر بعد بدء الملء الثالث لسد النهضة الإثيوبى
قامت مصر بسلسلة من التحركات على المستوى السياسي والدبلوماسي من أجل التصدي للتعنت الإثيوبي، والتوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي ملزم بخصوص ملء وتشغيل السد، بعد أن بدأت إثيوبيا الشروع في الملء الثالث لسد النهضة،
بدأت هذه التحركات عندما أكد الرئيس خلال لقاءه الرئيس الأمريكي جو بايدن، على هامش قمة «جدة للأمن والتنمية»، على موقف مصر الثابت من ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لعملية ملء وتشغيل السد، بما يحفظ الأمن المائي المصري ويحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث.
كما نجحت مصر في وضع بند في البيان الختامي لقمة جدة للأمن والتنمية، عبر فيه القادة المشاركون في هذه القمة، عن دعمهم للأمن المائي المصري، ولحل دبلوماسي يحقق مصالح جميع الأطراف ويسهم في سلام وازدهار المنطقة.
وأكد القادة ضرورة التوصل لاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد في أجل زمني معقول كما نص عليه البيان الرئاسي لرئيس مجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021، ووفقًا للقانون الدولي.
وعلق الإعلامي أحمد موسى، على البيان المصري الأمريكي، الذي صدر في قمة جدة بعد لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي بالرئيس الأمريكي جو بايدن، وقال «موسى»، إن البيان حمل العديد من النقاط المهمة، خاصة فيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة الأمريكية في ملفي سد النهضة وحقوق الإنسان في مصر.
وأضاف «موسى»، أن هناك تطورًا في الموقف الأمريكي في قضية سد النهضة، وهو ما أشار إليه البيان المشترك، بعد لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي جو بايدن، على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، حيث تم التأكيد على دعم الولايات المتحدة للأمن المائي لمصر وإبرام تسوية دبلوماسية تحقق مصالح جميع الأطراف وتساهم في أن تصبح المنطقة أكثر سلامًا وازدهارًا.
وأوضح الإعلامي أحمد موسى، أن الرئيسين جددا التأكيد على حتمية إبرام اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة دون مزيد من التأخير على النحو المنصوص عليه في بيان رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتاريخ 15 سبتمبر 2021، وبما يتوافق مع القانون الدولي.
وخلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في برلين، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن مصر مستمرة في سعيها لإيجاد حل عادل يراعي متطلبات أمنها المائي الذي لا تفريط فيها من خلال اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد.
حل من الخارج
وبعد زيارة بايدن للشرق الأوسط بساعات قليلة، أكدت جيرالدين جريفيث، الناطقة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أنه من المستحيل فرض الولايات المتحدة أي حل لأزمة سد النهضة من الخارج، موضحة أن أمريكا مستعدة لتقديم الدعم للدول الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا من أجل الحل.
وأضافت جيرالدين جريفيث، في تصريحات لوسائل الإعلام المصرية، أن الإدارة الامريكية تحث الدول الثلاثة مصر وإثيوبيا والسودان على التعاون فيما يخص أزمة سد النهضة.
وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تتفهم أهمية مياه نهر النيل لجميع البلدان الثلاثة، وتشجع الدول الثلاثة على استئناف الحوار لأن الحل لن ينتج إلا عبر المحادثات بين الدول الثلاثة.
وأوضحت أنه لا يمكن فرض حل من أي طرف خارجي، والولايات المتحدة لديها مناقشات مع البلدان الثلاثة، متابعة: «ونحن على استعداد لتقديم أي مساعدة فنية أو تقنية إذا قامت الأطراف الثلاثة بطلب ذلك وبصفتنا مراقبًا في العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي، فإننا نسعى إلى تسهيل الحوار المثمر والنهج البناء للمفاوضات من قبل جميع أطراف النزاع».
وتابعت المتحدثة الإقليمية للخارجية الأمريكية، أن الرئيس جو بايدن أكد خلال لقائه بالرئيس السيسي على دعم الولايات المتحدة للأمن المائي لمصر وصياغة قرار دبلوماسي يحقق مصالح جميع الأطراف ويساهم في منطقة أكثر سلامًا وازدهارًا.
المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي في القاهرة
والتقى المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي مايك هامر بمسؤولين حكوميين مصريين رفيعي المستوى في 25 يوليو لدفع الجهود الدبلوماسية لتسوية بشأن سد النهضة الإثيوبي، بما يدعم الاحتياجات المائية والاقتصاد ومعيشة كل مواطني مصر والسودان وإثيوبيا، وفقا لبيان من السفارة الأمريكية بالقاهرة اليوم الثلاثاء.
وصرح المبعوث الخاص مايك هامر قائلا: "جئت إلى القاهرة في أول رحلة رسمية لي للمنطقة لأستمع إلى آراء شركائنا المصريين بشأن القضية الهامة المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي، ولفهم احتياجات مصر المائية بشكل أفضل. نشارك بنشاط في دعم طريق دبلوماسي للمضي قدمًا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي للتوصل لاتفاق يوفر الاحتياجات طويلة الأجل لكل مواطن على امتداد نهر النيل."
الأضرار المائية والاقتصادية للملء الثالث
من جانبه قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة؛ إن هناك أضرارًا متعددة لقيام إثيوبيا ببدء الملء الثالث لسد النهضة.
وأوضح «شراقي»، أنه فيما يخص الأضرار المائية والاقتصادية، فأي كمية مياه تخزن فى السد قليلة أو كبيرة، هذا العام أو الأعوام القادمة هي مياه مصرية سودانية، وهي الخسارة الأولى المباشرة، والتي لو استغلت في الزراعة لجاءت بعائد اقتصادي قدره مليار دولار لكل مليار متر مكعب، بالإضافة إلى تحديد مساحة الأرز بحوالي 1.1 مليون فدان، والتكاليف الباهظة بعشرات المليارات من الجنيهات في إنشاء محطات معالجة المياه لإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، وتبطين الترع، وتطوير الري الحقلي، والتوسع في الصوب الزراعية وغيرها.
وقال «شراقي»، إن أضرار التخزين الثالث في سد النهضة، متعددة وهناك فرق بين وجود أضرار تعمل الدولة على عدم وصولها إلى المواطن، وعدم وجود أضرار على الإطلاق، وتقوم الدولة على ترشيد الاستهلاك، وإنفاق عشرات المليارات من الجنيهات على مشروعات تطوير الري والزراعة، وإعادة استخدام المياه، وتبطين الترع وغيرها حتى تحافظ على احتياطى مائي جيد في السد العالي يضمن الأمن المائي للمواطنين.
وتابع: «وتنقسم أضرار التخزين المائي في إثيوبيا إلى أضرار مائية واقتصادية، وسياسية، واجتماعية، وبيئية».
وأردف: «نتابع صور الأقمار الصناعية بشكل مستمر لأنها كاشفة عن حجم المياه فى مساحة البحيرة التي يمكن مقارنتها بين الملء الثانى العام الماضى والثالث العام الجاري حيث قامت إثيوبيا بتشغيل توربين فى فبراير الماضى بهدف تشغل كهرباء وصرف كميات من المياه من البحيرة بحيث يقل المياه عن المنسوب المُحدد ليتثنى له جفاف الحوائط العليا لاستكمال أعمال الإنشاءات، ولكن لم تعمل التروبينات بشكل جيد فاضطروا إلى فتح بوابات تصريف فى 12 مارس الماضى وهنا تم تصريف نحو 2 مليار متر مكعب مياه ذهبت لحصص مصر والسودان من ناحية، وجف الممر الأوسط من ناحية أخرى ليستكملوا الأعمال الإنشائية على الأجناب والمنتصف».
وأضاف «شراقي»، أنه بعد تصريف 2 مليار من السد يكون الباقي قرابة 6 مليارات متر مكعب فقط، تم تعويضها بعد الانتهاء من الإنشاءات ثم تخطت المياه المستويات التي جاوزتها العام الماضى واختفت بعض الجزر واقتربت المياه من سد السرج «السد الركامى» حيث تبعد عنه بحوالي 1 كم مثل العام الماضي، وستقترب أكثر حتى تلامسه.
وتابع: «من المتوقع أن يستمر التخزين الثالث حتى نهاية الشهر الجاري قرابة 5 مليارات متر مكعب من المياه، وذلك حسب القدرة الاستيعابية لأعمال الإنشاءات التى أعاقتهم العام الماضى حيث فاضت المياه وتسربت من فوق حوائط السد وكانت تمثل خطورة عالية وكان السد معرض للانهيار، وما قامت به إثيوبيا هو الخرق الرابع للاتفاقيات السابقة وقرار مجلس الأمن ولإعلان مبادئ سد النهضة نفسه 2015 وذلك لأنها تتخذ قرارات أحادية مثل التخزين 3 مرات وتشغيل التوربينات ما يعد 4 خروقات إثيوبية».
واستكمل حديثه: «أما الأضرار تتمثل في الضرر المائي، يتثمل في تخزين 5 مليارات متر مكعب من أصل 10 مليارات متر مكعب أعلنت عنها إثيوبيا تمثل خصم من الإيراد المائي الذي يصل لمصر ويختلف حجمه بين عام وآخر حسب درجات الفيضان يأتي 60% منها من النيل الأزرق وفقدانها تمثل خسارة مباشرة وخسارة زراعات ومحاصيل بقرابة مليار دولار».
وواصل «شراقي»: «تتحذ مصر كافة التدابير من تحلية مياه بحر أو معالجة مياه الصرف الزراعي والصحي وتبطين الترع وميكنة الزراعة للاستغلال الأمثل للمياه ولكنها بكلفة عالية من مليارات الدولارات وذلك لتقليل استهلاك المياه من بحيرة ناصر وعدم تقليل المخزون لمائى للسد العالي، وهنا المواطن المصري لن يشعر بأضرار السد».
حصة مصر المائية
ويقول الدكتور محمد نصر علام، وزير الري الأسبق، إن كل نقطة مياه يتم تخزينها خلف سد النهضة تعد خصما وانتقاصا من حصة مصر المائية، مشددًا على أن ذلك يتم من قبل إثيوبيا دون عقد اتفاق قانوني مُلزم كما أعلنت مصر مرارًا وتكرارًا بما يضمن لمصر استرداد هذه المياه وقت الجفاف.
وأوضح وزير الري الأسبق: «كل التأثير متوقف على المتغيرات الزمانية، فالمياه اللي هناخدها من بحيرة السد العالي لتعويض النقص بسبب الملء الثالث هي اللي كنا هنستخدمها خلال سنوات الجفاف».
وتابع «علام»: «من المفروض أنه يتم تأمين مخزون بحيرة السد العالي حتى يتم استخدامه وقت الحاجة إليه في فترات الجفاف، وليس لتعويض النقص في حصة مصر نتيجة الملء الإثيوبي، ومن المفترض أن نأخذ فارق هذه الكميات المخزنة من مخزون سد الأزمة».
واختتم وزير الري الأسبق: «إحنا بنحرم نفسنا من زراعات معينة بسبب المياه، مجددًا التأكيد على أن أي تخزين يتم خلف سد النهضة يمثل انتقاصًا من حصة مصر المائية».
كارثة محققة
من جانبه، أشاد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام المتخصص في منازعات الأنهار الدولية، بكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي الافتتاحية، بقمة جدة للأمن والتنمية، بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي استعرض فيها أهمية الأمن المائي المصري وضرورة تسوية نزاع سد النهضة للحفاظ على حقوق مصر في مياه النيل.
واعتبر الدكتور محمد مهران هذه القمة من أنجح اللقاءات الدبلوماسية التي سوف تؤثر على الجانب الإثيوبي، متوقعًا أنها ستخرج بنتائج هامة لصالح مصر قد يترتب عليها إعادة استئناف المفاوضات، وإلزام إثيوبيا بتسوية النزاع بشأن سد النهضة من خلال الوصول لاتفاق قانوني ملزم لكافة أطراف النزاع.
وأوضح «مهران» أن الرئيس السيسي يحاول الضغط على الجانب الإثيوبي من خلال لقائه مع نظيره الأمريكي جو بايدن، على هامش القمة، حيث أكد في كلمته على أهمية الشراكة بين البلدين فى تعزيز السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، وضرورة التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم لعملية ملء وتشغيل السد، بما يحفظ حقوق مصر المائية والمصالح المشتركة للدول الثلاث.
وشدد أستاذ القانون الدولي، على ضرورة استمرار مصر في حشد المجتمع الدولي ضد إثيوبيا وعرض القضية في كافة المحافل الدولية، لافتًا إلى وجود العديد من التحركات الخارجية للدولة المصرية في هذا الصدد جعلت الكثير من الدول تتضامن مع مصر ما ترتب عليه إصدار هذه الدول لبيانات ضد إثيوبيا تؤكد على حقوق مصر المشروعة في مياه النيل، مضيفًا أن مراحل الضغط قد تتطور بعد إحراجها أمام المجتمع الدولي وتكون بفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية.
وطمأن الشعب المصري قائلًا: «إثيوبيا فشلت في كل مراحل الملء السابقة ولم تحقق الكمية المستهدفة من الملء نظرًا لوجود عيوب فنية جسيمة بالسد»، موضحًا أن الخلاف مع إثيوبيا كان على مواعيد الملء والتشغيل حيث كانت ترغب الأخيرة في ملء كميات كبيرة بشكل سريع، وهو ما رفضه الجانب المصري حيث طالب بأن يتم الملء على فترات متباعدة وفقًا لاتفاق قانوني ملزم بين كافة الأطراف، مؤكدًا فشل إثيوبيا في ذلك وهو ما أدى إلى عدم شعور المصريين بآثار مراحل الملء، فضلًا عن قيام الدولة باتخاذ كافة التدابير الاحتياطية حتى لا يشعر المواطن بأي ضرر.
كما دعا «مهران»، الحكومة المصرية إلى ضرورة إخطار مجلس الأمن الدولي ببدء إثيوبيا في الملء الثالث لسد النهضة، وانتهاكها لقواعد القانون الدولي، فضلًا عن مخالفة توصيات المجلس باستئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقي للوصول إلى إتفاق قانوني ملزم لكافة الأطراف بشأن مواعيد ملء وتشغيل السد.
وطالب الدكتور محمد مهران، باستعادة مشروع القرار التونسي الذي ينص على أنّ يطلب مجلس الأمن وقف أي أعمال بالسد وأن يتم استئناف المفاوضات بين كلّ من مصر وإثيوبيا والسودان بناء على طلب كلّ من رئيس الاتّحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتّحدة، لكي يتوصّلوا، في غضون ستّة أشهر، إلى نصّ اتفاق ملزم لملء السدّ وإدارته.
وحذر «مهران» من كارثة محققة بالمنطقة تهدد الأمن والسلم الدوليين نتيجة عدم الوصول لاتفاق واتخاذ إثيوبيا قرارات أحادية الجانب وفرض سياسة الأمر الواقع، لافتًا إلى أن هذا الأمر قد يؤدي إلى سيناريوهات أخرى لا يمكن تداركها، وقد يشعل الحرب بالمنطقة إذا لم يتدخل مجلس الأمن والمجتمع الدولي، نظرًا لتهديده لسيادة مصر والسودان، ولأنه يمثل تهديدًا وجوديًا لأكثر من 150 مليون مواطن.
وأوضح أستاذ القانون الدولي العام، أن حقوق مصر المائية تحميها قواعد القانون الدولي، ومبادئ قانونية عامة، واتفاقيات ملزمة بين الجانبين؛ تتمتع بالقوة، بالإضافة إلى تطبيقات القضاء الدولي في منازعات الأنهار الدولية، مشددًا على أن جميعها استقرت في وجدان الدول، وأصبحت مُلزمة للكافة.
ولفت المتخصص في منازعات الأنهار الدولية، إلى أن إثيوبيا لم تخالف توصيات مجلس الأمن فحسب، بل أوضح أنها خرقت وخالفت كافة قواعد القانون الدولي، والاتفاقيات المبرمة بين الجانبين، والتي كان آخرها اتفاقية المبادئ لعام 2015، فضلًا عن مخالفة الجانب الإثيوبي لكافة نصوص الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن الاستخدامات غير الملاحية للأنهار الدولية لعام 1997، مشيرًا إلى أن إثيوبيا منذ البدء في بناء السد وحتى مراحل الملء الثلاثة وهي تخرق قواعد القانون الدولي التي كانت تستوجب إخطار الدول المشتركة في المجرى المائي بشأن أية أعمال على المجرى المائي، بالإضافة إلى تبادل المعلومات والتعاون وإعمال مبدأ حسن النية، وكذا عدم الإضرار بالدول المشتركة في النهر الدولي.
غرق 1% من مساحة مصر
في ظل هذه التحركات، قامت الحكومة المصرية بالانتهاء من إعداد التقرير المحدث للمساهمات الوطنية، وأحالته لسكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية، والذي أعده مشروع الإبلاغ الوطني الرابع لمصر وراجعته كافة الوزارات المعنية منها البيئة والصناعة والزراعة والنقل والخارجية.
وذكر التقرير المحدث أن مصر دولة نامية، حيث يتزايد عدد سكانها بسرعة، ويبلغ حوالي 102 مليون نسمة في يناير 2022، ويعيش حوالي 95٪ من السكان في وادي النيل والدلتا.
ومع توقعات النمو الاقتصادي الطموح، تضع هذه التركيبة السكانية ضغوطًا كبيرة على الموارد الطبيعية والتوظيف والبنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية.
وذكر التقرير الحكومي أن نهر النيل هو المصدر الرئيسي للمياه العذبة لمصر، حيث يزود مصر بـ55.5 مليار متر مكعب في السنة حسب الحصة المُتفق عليها في المعاهدات الدولية.
ويتم توفير كميات أخرى من خزانات المياه الجوفية العميقة غير المتجددة (2.1 مليار متر مكعب)، وهطول الأمطار (1.3 مليار متر مكعب)، وتحلية المياه (0.35 مليار متر مكعب) لزيادة إجمالي المياه المتاحة سنويًا من الموارد إلى 59.25 مليار متر مكعب، في حين يقدر إجمالي الاحتياجات المائية بـ114 مليار متر مكعب.
ولسد الفجوة تعتمد الدولة على إعادة استخدام الصرف الزراعي ومياه الصرف الصحي المعالجة بما يعادل 21 مليار متر مكعب، ومع النمو السكاني، كان هناك انخفاض حاد في الموارد المياه العذبة المتاحة للفرد حيث تقلصت حصته السنوية من 1972 مترا مكعبًا سنويًا في 1970 إلى 570 مترا مكعبا في عام 2018.
ومن المتوقع أن ينخفض إلى 390 مترًا مكعبًا في العام بحلول عام 2050، مما دفع البلاد إلى الاقتراب من عتبة ندرة المياه الشديدة، كما أن مصر بلغت مستويات الإجهاد المائي 117٪ اعتبارًا من عام 2017 نتيجة تغير المناخ وتلوث المياه، ومن المتوقع أن تؤدي العوامل الجيوسياسية إلى تفاقم الإجهاد المائي في مصر.
وحسب التقرير تشير السيناريوهات، إلى أن تدفق النيل إلى أسوان سينخفض نتيجة التأثير في جميع أنحاء حوض النيل، ومصر معرضة بشدة لمخاطر تأثيرات تغير المناخ، حيث إن دلتا النيل تعتبر واحدة من ثلاث بؤر ساخنة شديدة التأثر بمناطق الدلتا الضخمة بحلول عام 2050.
ووفقا لـ«IPCC.6» تشير التقديرات إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر «SLR» قد يصل حوالي 1.0 متر بحلول عام 2100؛ مما سيغرق العديد من المناطق الساحلية في دلتا النيل والساحل الشمالي وسيناء.
وسوف يؤدي ذلك إلى غرق ما لا يقل عن 1٪ من مساحة مصر، حيث يعيش معظم سكانها في 5.5٪ فقط من مساحتها الإجمالية.
كما أن تسرب المياه المالحة نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر وانخفاض معدلات إعادة الشحن ومعدلات تبخر أعلى مع ارتفاع درجات الحرارة، سيوسع مناطق تملح المياه الجوفية ومصبات الأنهار، مما يؤدي إلى انخفاض في توافر المياه العذبة المناسبة للشرب والري.
هذا، وأكثر من 30٪ من دلتا النيل عبارة عن أرض منخفضة (مستويات أقل من +2.00 م) وتواجه العديد من المخاطر مثل التعرية والفيضانات، علما أن دلتا النيل توفر حوالي ثلاثة أخماس إنتاج مصر من الغذاء.
وتتوقع الدراسات المصرية أنه سيتم تخفيض المساحة المزروعة إلى حوالي 0.95 مليون فدان (8.2 ٪ من المساحة المزروعة في مصر) بحلول عام 2030 بسبب تأثيرات تغير المناخ، من المتوقع أن تخسر الدلتا ما يصل إلى 30٪ كحد أدنى من إنتاجها الغذائي بحلول عام 2030.
كما يتوقع أن يتعرض الأمن الغذائي الوطني لمزيج من التأثير نتيجة زيادة وتيرة موجات الجفاف والفيضانات، مما يقلل بالتالي من إنتاجية المحاصيل والماشية، وهذا سيضاعف بالفعل حالة انعدام الأمن الغذائي في المنطقة.