بالملايين.. أسرار بيزنس «اختبارات القدرات» داخل الجامعات
انطلق ماراثون تنسيق اختبارات القدرات للكليات التي تشترط القبول بها اجتياز هذه الاختبارات، الاثنين الماضي، وتستمر حتى اليوم السبت 6 أغسطس.
وتجرى اختبارات القدرات لكليات (التمريض – السياحة والفنادق – الإعلام – الفنون الجميلة – الفنون التطبيقة – التربية النوعية – التربية الرياضية – التربية الفنية – التربية الموسيقية – الكليات التكنولوجية) عبر الموقع الإلكتروني للتنسيق وأداء الاختبارات بالكليات.
وتحولت اختبارات القدرات لرواج كبير للكليات سنويًا لتحقيق مكاسب مادية سنوية تساعد في ميزانية الكليات والجامعات، الأمر لم يقتصر على ذلك بل تحول لوسيلة نصب واحتيال على أولياء الأمور والطلاب من خلال انتشار مراكز وسناتر غير مؤهلة وهمية للنصب على المتقدمين للاختبارات بحجة تأهيلهم وتدربهم على الاختبارات بل تدعي البعض بيع الامتحانات بالإجابات، كل ذلك مقابل أتعاب مختلفة تصل ما بين ألفين و30 ألف جنيه للطالب الواحد.
وهناك شكاوى عديدة تقدم بها المؤسسات المهتمة بأخبار التعليم، كذلك نواب البرلمان من تحول اختبارات القدرات على بيزنس كبير، ودخل مادي للكليات بجانب استغلال بعض المراكز والسناتر إلى استغلال تلك الاختبارات لتحقيق دخل مادي كبير بحجة تدريب الطلاب ومساعدتهم على النجاح في اختبارات القدرات على طريق الالتحاق بالكليات العسكرية والشرطة.
ووفقًا لبعض الإحصائيات فإن نصيب كليات وزارة التعليم العالي، من بيزنس اختبارات القدرات كبير جدًا، فيكفي أن عدد من تقدم لاختبارات القدرات بجامعة حلوان العام الماضي وصل إلى نحو 53 ألف طالب، دفع كل طالب نحو 450 جنيهًا لتكون حصيلة جامعة حلوان فقط، نحو 23 مليونا و850 ألف جنيه، وهناك 11 كلية تجري اختبارات القدرات، وفقًا لبيان وزارة التعليم العالى فينتظر وصول عدد المتقدمين لاختبارات القدرات نحو 200 ألف طالب على الأقل، أى أن دخل الكليات من تلك الاختبارات تصل إلى الملايين.
جامعة الأزهر دخلت هي الأخرى على خط بيزنس الاختبارات القدرات، من أجل توفير ميزانية للجامعة، حيث حددت الجامعة الكليات التي يتطلب الالتحاق بها ذلك (32) شعبة (قسم) في (13) كلية من كليات الجامعة، أما عن بيزنس المراكز التى تدعي التاهيل للنجاح في اختباراتا لقدرت، فهي منتشرة أمام الجامعات والأماكن التى تجري تلك الاختبارات.
ملصقات إعلانية في كل مكان وعلى الحوائط، يوزعها شباب على المارة، بعضهم قام بإلقائها أرضًا عقب النظرة الأولى إليها، والبعض الآخر احتفظ بها ربما يحتاجها قريبًا، بعدما جذبته كلمات: «معانا هتضمن القبول بنسبة 100%»، واسم أحد المراكز المتخصصة في تأهيل الطلاب لامتحانات القدرات، ببعض الكليات التي يخضع طلابها لتلك الاختبارات قبل الالتحاق بها.
العبارات التالية في تلك الأوراق، تشرح محتوى الدورة، وكيف يوفر المركز تدريب الطلاب على كل الأسئلة الموجودة في الاختبار، ومحاكاتها ليتمكن الطالب من حلّها، بالإضافة إلى التعريف بالكلية والأقسام ليكون لدية نظرة شاملة عنها وما سيتم دراسته بها.
ورغم عدم قانونية هذه المراكز التي تعمل من الباطن، وتوهم الطلاب بفكرة تأهيلهم لامتحان قدرات الكليات، ومحاولة وزارة التعليم العالي غلقها أكثر من مرة، إلا أنها ما زالت تعمل في الخفاء لا سيما في تلك الأيام التي تفتح بها بعض الكليات أبوابها للطلاب لأداء اختبارات القدرات.
طلاب كثيرون حصلوا عليها العام الماضي، ولم ينجح منهم سوى 8% فقط، في حين أن نسبة النجاح من المتقدمين عمومًا كانت 70%.
وقامت وزارة التعليم العالي العام الماضي بضبط عدد من الكيانات الوهمية لأكاديميات ومعاهد خاصة، ومراكز للدروس الخصوصية في إطار خطة الوزارة لمتابعة تلك الكيانات واستخدام الضبطية القضائية لغلقها، وضبطت الوزارة العام الماضي حسب بيان صادر عنها نحو 117 كيانًا وهميًا.
من جانبها قالت وليّ أمر طالبة، إن مراكز التأهيل لامتحان القدرات وهم لجمع أموال من الطلبة فقط، موضحة أنه خلال أيام الامتحانات كان يوجد بعض العاملين في الدعاية لهذه المراكز، وقاموا بأخذ أسماء ابنائهم وهم ينتظرونهم أمام اللجان مع أرقام التليفونات، وبعد أيام قليلة بدأوا يتصلون بهم حتى يلتحقوا بتلك الدورات».
تضيف: «لأن نتيجة الثانوية العامة غير مضمونة، ولا أعلم هل ستحصل ابنتي على أي مجموع، اشتركت بالفعل في كورسات لقسم عمارة بكلية الفنون الجميلة، وكلية الفنون التطبيقة ودفعنا حوالي 2000 جنيه ثمن الكورسات فقط غير المذكرات والملازم والمواصلات من وإلى المركز».
وتابعت: «علمت أنهم مجموعة من المحتالين، عندما أكدوا لنا أن المركز معتمد من الجامعة ويدرس فيه مجموعة من أساتذتها، لتفاجئ ابنتى بأن من يعيطها الدورة طلاب مازالوا يدرسون في الجامعة، وفي النهاية لم تستفد من هذه الكورسات شيئا ودخلت ابنتي كلية تخطيط عمراني».
وطرحت ولية أمر طالب بالثانوية العامة، سؤالا حول أسعار اختبارات القدرات بتنسيق الجامعات، قائلة: «فوجئنا مطلوب أن نسدد مبلغ مالي يصل لـ450 جنيها لاختبار القدرات للكلية الواحدة من يستطيع دفع هذه المبالغ لكل كلية لها قدرات، وهل الطالب يضمن النجاح في أي منهم، أو حتى يلحق مجموعهم، الفلوس تذهب هباءا لعدم انتظار النتيجة الرسمية؟».
وقالت: «أثناء توتر وقلق انتظار نتيجة الثانوية العامة، نجد تسابق وتسارع الطلبة لحجز كورسات امتحانات القدرات التى بدأت دون أي انتظار للطالب لمعرفة المجموع الذي سيحصل عليه الطالب من النتيجة».
واستطردت: «مثلا أنا مقدمة فنون جميلة رسم يجي لى أسئلة ليه عن السينما والأفلام والإخراج.. لازم يكون في تأجيل امتحانات القدرات لحين ظهور النتيجة، قائلة: «لا طاقة لنا لكل هذه التكلفة».
وفى خطوة من البرلمان لمنع انتشار هذه المركز غير المرخصة، تقدم عدد من النواب بطلب إحاطة موجه إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزيري التعليم والتعليم العالي عن انتشار هذه المراكز.
وأوضحت تلك الطلبات: «يتم توزيع أوراق دعائية تروج لمراكز تأهيل الطالب للكليات بعد الانتهاء من الثانوية العامة، دون أي رقابة من الحكومة والجهات المعنية، ويصل سعر التدريب بمراكز التأهيل إلى 600 جنيه على الأقل».
وطالبت ملاحقة سماسرة مراكز تأهيل الطلاب للكليات، ووقف استغلال رغبة وخوف الطلاب في تحديد مصيرهم الجامعي، وكذلك تطبيق الرقابة الكاملة على أماكن تلك المراكز، وضبطها على الفور قبل وقوع ضحايا آخرين.
وكشف الدكتور السيد عطا المشرف العام على التنسيق بوزارة التعليم العالي، تفاصيل الرسوم المقررة على اختبارات القدرات، موضحا أنها توزع 300 جنيه كحصة للكلية التي يؤدى بها الطالب اختبارات القدرات، و100 جنيه كحصة لصندوق رعاية المبتكرين بأكاديمية البحث العلمي، و50 جنيها للمجلس الأعلى للجامعات مقابل اختبار القدرات عن كل طالب مقدم لأداء هذه الاختبارات تكون لتغطي مصاريف بناء الاختبارات الإلكترونية التي تعتمد على أساتذة متخصصين بالإضافة إلى مكافآت تسيير الامتحانات من إدخال بيانات لبنك الأسئلة ومراجعة وإصدار اختبارات وطباعة وتغليف وتسليم ومتابعة طوال فترة الامتحانات.
وطالب «عطا» الطلاب بالابتعاد نهائيًا عن المراكز الوهمية التي تدعي نجاح الطالب في الاختبارات، فهذه المراكز ما هي إلا نصب واحتيال على الطالب، مؤكدًا أن الوزارة قامت بغلق الكثير منها وإبلاغ الأجهزة الأمنية بشأنها.
وأشار إلى أن وزارة التعليم العالى تنشر يوميًا تفاصيل كاملة عن اختبارات القدرات وشكلها وطريقة أدائها وليس هناك داع لذهاب الطلاب لمراكز تأهيل، وغير ذلك.