زادت أسعارها بشكل مبالغ فيه
سوء الإدارة والأزمات تعصف بسوق الدواء في مصر
شهد سوق الدواء في مصر خلال الفترة الأخيرة، ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الأدوية المصنعة محليا، وأخرى يتم جبلها من الخارج، ووصل الأمر لقيام الشركات بزيادة أسعار عدد كبير من الأدوية عدة مرات خلال فترة وجيزة لا تتعدى الثلاثة أشهر، لتصبح تلك الأدوية موجودة داخل الصيدليات مدون عليها 3 أسعار وجميع التشغيلات صالحة للاستخدام، وهذه الظاهرة لم تحدث في مصر إطلاقا، فضلا عن بعض الأدوية التى تعالج الأمراض المزمنة والتي لا يمكن الاستغناء عنها؛ فهي أيضا خضعت للزيادة الجدية.
ولذا الجميع يتسائل لماذا هذه الزيادات المفرطة لمعظم الأدوية رغم تردي الأوضاع المعيشية للمواطن المصري والتى شهدتها البلاد خلال الفترة الأخيرة بسبب الأزمات المتلاحقة، منذ تفشي فيروس كورونا خلال العامين الماضيين،ومؤخرًا وحرب روسيا على أوكرانيا وما قبلها من أزمات تعرضت لها البلاد.
أسعار الأدوية في مصر والعالم
وفي هذا السياق، أكد الدكتور محفوظ رمزي رئيس شعبة الأدوية، أن سبب زيادة أسعار الأدوية خلال الفترة الاخيرة؛ يرجع إلى عدة عوامل؛ منها الأزمات التى تعرض لها العالم خلال الفترة الأخيرة بسبب تفشي فيروس كورونا وحرب روسيا على أوكرانيا، الأمر الذي تسبب في غلق عدد كبير من المصانع في الهند والصين التي تنتج المواد الخام وتصنع منها الأدوية.
وأضاف “رمزي" لـ"النبأ" أنه بافتراض وجود 100 مصنع، تنتج المادة الخام التي تدخل في صناعة وإنتاج الأدوية، وأغلق منها 70 مصنعا، بسبب الأزمة العالمية، فسيبقى 30 مصنعا مازالت تعمل، وبالتالي يؤثر ذلك بالسلب على سوق الدواء، وهو ما يكون سببا في لجوء الشركات لرفع سعر الأدوية على مستوى العالم، وليس في مصر فقط.
وأشار الدكتور محفوظ رمزي، إلى أن ارتفاع سعر الدولار وتعويم الجنيه المصري كان سببًا رئيسيًا في زيادة أسعار المواد الخام التي يتم جلبها من الخارج بالدولار، وهذا أنعكس على أسعار الأدوية والمستحضرات في مصر، أيضا ارتفاع سعر البنزين والذي زاد من تكلفة صناعة وإنتاج الأدوية وبالتالي انعكس أيضا بالسلب على أسعار الأدوية التي تصنع محليا.
وأوضح “رمزي” أن جميع الأدوية في مصر تخضع للتسعيرة الجبرية، عدا منتجات مستحضرات التجميل والمكملات الغذائية فهي ليست مسعرة، كل شركة ولها نظام في ووضع السعر المناسب لمنتجها.
ولفت إلى أن منتجات "الكولاجين"، لا تخضع للتسعيرة الجبرية الموجودة حاليا، لكونها تعتبر مكملات غذائية وليست علاجا، وهي موجودة في الصيدليات، بأكثر من سعر، بحسب منتج كل شركة.
وأضاف الدكتور محفوظ رمزي، أن زيادة أسعار الأدوية جاءت بسبب التكلفة المباشرة لسعر الدواء في مصر، ولذا الدولة قامت بزيادة أسعار الأدوية تجنبا لغلق المصانع، مؤكدًا أنه بالنسبة للزيادة الأخيرة فهناك زيادة بالفعل كبيرة لبعض الأدوية، ولكن هناك البعض منها الزيادة كانت بسيطة وخاصة الأدوية التي تعالج الأمراض المزمنة.
وقال صبحى عياد صاحب مخزن أدوية، كائن بمنطقة حدائق حلوان جنوب محافظة القاهرة، بإنه لا شك أن هناك زيادات في المواد الخام التي يتم جلبها من الخارج بالدولار والتي تدخل فى صناعة الأدوية، ولذلك زادت تكلفة جميع الأدوية، وبالتالي جميع الشركات بدأت بزيادة أسعار الأدوية سواء أدوية مصنعة محليا أو يتم جلبها من الخارج.
وأضاف “عياد” ل "النبأ"، أن كل هذه الأمور والأزمات ليست مبررا لزيادة بعض الأدوية بهذا الشكل المبالغ فيه، متابعًا: “لو حسبنا تكلفة المنتج من أى دواء؛ بداية من تكلفة المادة الفعالة مرورا بجميع مراحل التصنيع والعمالة وسعر تكلفة العلبة وطباعتها وتغليفها والدعاية..ألخ، إلى أن تصل إلى المستهلك، سوف نجد أن جميع الشركات تتربح بشكل كبير وقوي من صناعة الأدوية”.
وأشار إلى أنه بصفة عامة تكلفة أي نوع دواء لا تتخطى 20% من سعرها الأساسي، ولذا من الواجب أن يتم الرقابة على تلك الشركات ووضع تسعيرة جبرية على جميع الأدوية وليس أنواع معينة من الأدوية، لأن الموضوع أصبح مطلقا والجميع يزود سعر الدواء "على المزاج"؛ لدرجة أن هناك بعض الأدوية زادت بنسبة 70% وهذا يشكل عبئ ثقيل على المواطن في ظل هذه الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد.
وتابع "صبحى" بأنه ليس هناك ضوابط في تسعيرة الأدوية، وذكر بأن هناك دواء كان سعره 10 جنيهات وخلال فترة وجيزة زاد سعره 3 مرات إلى أن أصبح سعره 50 جنيها، مستطردًا: “أيضا هناك دواء كان سعره 4 جنيهات أصبح سعره 50 جنيها،ودواء آخر كان سعره 1.25 بعد زيادة سعره عدة مرات وصل إلى 9 جنيهات وغيره من الأدوية التى ارتفعت أسعارها بشكل كبير ومبالغ فيه”.
وأوضح صبحي عياد، أن هناك بعض الشركات تدعي بأنها تخسر من إنتاج بعض الأدوية، على سبيل المثال عقار "أسبوسيد" الذي كان سعره 1.25 قرشا وأصبح سعره حاليا 9 جنيهات يعنى الزيادة حوالى 80% ورغم ذلك يقولون إن الشركة تخسر، متابعًا: “لو حسبنا تكلفة العلبة بالمادة الفعالة التي تدخل في صناعتها مرورا بالتصنيع والدعاية والتوزيع، سوف نجد تكلفتها حوالى 3 جنيهات، ونسبة إنتاجها وتوزيعها سنويا تقدر بحوالي 300 مليون علبة سنويا، ولو خصمنا نسبة الصيدلى منها وهى 20% سوف نجد أن علبة الدواء مكسب الشركة منها حوالى 2.5 قرشا نضرب هذا الرقم في عدد المنتج من الدواء سوف تجده معدي المليار جنيه من صنف واحد رخيص يتم تصنيعه”.
وأضاف: “قيس على ذلك باقي الأدوية وما أكثرها التي تصنعها هذه الشركة، فليس منطقيا لو حسبنا سعر العلبة مع تكلفتها أنها تقول بتخسر، طبعا كلام غير منطقي ويجب الرقابة على هذه الشركات لوقف هذه الزيادات العشوائية”.
وتابع بأن بعض شركات الأدوية، تعاني من سوء إدارة، بمعنى أن الشركة لو محتاجة عدد معين من العمالة، بيتم زيادة هذه العمالة المطلوبة، وبالتالي الأعباء والمتطلبات بتزيد وهذا يزيد من تكلفة وسعر المنتج والذي يتحمل ذلك المواطن.
وأشار "عياد" إلى أن تعدد سعر الأدوية للصنف الواحد يسبب مشاكل عديدة للموزعين وأصحاب المخازن، أيضا الأمر لا يقتصر على هؤلاء بينما الصيدلي نفسه يعاني من تعدد سعر الدواء، اما عن المشاكل والإضرار التى يتسبب فيها لأصحاب المخازن، فتعدد سعر الصنف بيعمل لخبطة في الأرصدة؛ لأن الموظفين بالمخزن بيتلخبطوا في الأسعار عند تحضير الأصناف وبالتالي هذا الأمر ينعكس على مبيعات المخزن.
أما عن المشاكل المتعلقة بالصيدلى فبعض الصيدليات لا تلتزم بالتسعيرة الموجودة على علبة الدواء، على سبيل المثال علاج سعره 50 جنيها وسعره زاد وأصبح 60 جنيها الصيدلي بيبيعه للمريض بسعره الجديد، فهناك مرضى ترفض ذلك، والبعض الآخر لا يفرق معه الأمر.
وأكدت الدكتورة “هبة” مدير صيدلية بمنطقة البساتين بالقاهرة، أن زيادة أسعار الأدوية المتكررة خلال الفترة الأخيرة تسببت لهم في العديد من المشاكل مع المرضى المترددين على الصيدلية، ودائما ما يحدث صدام مع المرضى، وخاصة وأن معظم الأدوية شهدت العديد من الزيادات خلال فترة قصيرة.
وأضافت ل "النبأ" أن تلك المشكلة تحدث بشكل يومى، متابعة: “احنا تعبنا من الزباين.. اللي داخل واللي طالع يلوم فينا وكأننا احنا اللي بنزود الأسعار”.
وأشارت إلى أن هناك زيادة كبيرة حدثت مؤخرا بجميع أنواع الألبان وأغذية الأطفال "السيريلاك" ورغم ذلك معظم الألبان غير متوفرة في الصيدليات، ولفتت إلى أن هناك صنف دواء يسمى أوبلكس زاد 3 مرات خلال شهرين تقريبا، وقيس على ذلك معظم الأدوية.
وقالت هند معاذ ربة منزل، إن أسعار الأدوية زادت بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، بنسب تخطت 50% وارجعت هذه الزيادة لأسباب عدة، منها على سبيل المثال لا الحصر ارتفاع أسعار الخامات تزامننا مع ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، بسبب الحرب الدائرة، علاوة على ارتفاع تكلفة الشحن بجانب تراجع الإنتاج، خاصة بعد غلق العديد من المصانع التي تنتج الأدوية على مستوى العالم بعد جائحة كورونا.
وأضافت، بأنه للآسف هذه الزيادة تأثرت بها مصر بشكل أكبر كونها من ضمن الدول الأكثر استيرادا للأدوية والمواد الخام رغم امتلاكها عدة مصانع في مصر، لذلك لا بد من أن الحكومة في مصر وضع حد لاستمرارية هذه الارتفاعات في الأسعار بصفة عامة وأسعار الدواء بصفة خاصة، وأشارت إلى أن بعض الأدوية زادت بشكل كبير ومبالغ فيه، رغم شدة الطلب عليها، مثل أدوية الضغط والسكر والقلب التي تعالج الأمراض المزمنة.