الأزهر: «قطف الرؤوس» استراتيجية جديدة للقضاء على التنظيمات الإرهابية
سلط مرصد الأزهر الضوء في تقرير له علي استراتيجية جديدة تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرًا تقتضي خفض الوجود العسكري في الشرق الأوسط، بدأت بالانسحاب من أفغانستان بعد العمليات العسكرية التي امتدت لمدة أطول مما وعدت به الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وحاليًا لا يتجاوز عدد القوات الأمريكية الحالية في سوريا الـ (700) جندي، ينحصر دورهم في تأمين المصالح الأمريكية، كحماية المنشآت النفطية ومواجهة أي تمرد محتمل أو أية عملية يمكن أن يقوم بها تنظيم داعش الإرهابي.
وتابع الأزهر: كذلك لم تتطلب العمليات الأمريكية ضد التنظيمات الإرهابية وجود عدد كبير من القوات والعناصر، وإنما اعتمدت العمليات الأخيرة ضد داعش مثلًا على توجيه ضربات بطائرات مسيّرة، وتحركات محدودة للغاية على الأرض. وتهدف هذه الاستراتيجية المعروفة باسم: "قطف الرؤوس" إلى القضاء على قيادات التنظيمات الإرهابية حول العالم، بغرض إحداث خلل وارتباك داخل التنظيمات التي يقودونها، ومن ثَمَّ إفشال خططها والتأثير سلبًا على عناصرها.
عملية اغتيال زعيم القاعدة أيمن الظواهري
وتعبر عملية اغتيال زعيم القاعدة "أيمن الظواهري" عن منحنى تصاعدي لاستهداف قيادات التنظيمات الإرهابية وفق هذه الاستراتيجية التي انتهجتها القيادة الأمريكية مؤخرًا، وهي استراتيجية تتسم، وفق تصريحات الرئيس الأمريكي "جو بايدن". بأنها أقل تكلفة وأكثر فاعلية. وتحت وطأة الهزائم المتكررة خصوصًا في سوريا والعراق، لم يعد أمام التنظيمات الإرهابية سوى التمدد والتوسع في مناطق أخرى، ولا أدل على ذلك من الزيادات الملحوظة في أعداد عناصر هذه التنظيمات في بعض البلدان الإفريقية، خاصة في منطقة الساحل والقرن الإفريقي. لكن مرونة هذه التنظيمات قد تدفعها للرجوع مرة أخرى إلى المناطق الساخنة وفق ما يستجد من أوضاع.
التنظيمات مخترقة من الداخل
وتابع مرصد الأزهر، أن الضربات الأخيرة تثبت أن هذه التنظيمات مخترقة من الداخل، وتعاني من حالة يأس وتخبط، بدليل أن الغارات التي نُفِّذت ضد قيادتها كانت دقيقة بشكل كبير يدعو للارتياب. كما تعكس هذه الانتصارات عزم الولايات المتحدة الأمريكية ودول التحالف على تصفية هذه القيادات الإرهابية. ومن ثم اتضح للجميع أن التنسيق الأمني بين الدول حقق نجاحات كبيرة في الحد من أنشطة هذه التنظيمات المتطرفة.
ويرى مرصد الأزهر، أن الضربات المتلاحقة ضد قادة داعش الإرهابي في سوريا والعراق كان لها تأثيرها الإيجابي في تحجيم نشاط التنظيم وانحساره بشكل ملحوظ وإبقائه في حالة من السبات. لكن هناك مخاوف أخرى، حيث تثير الأزمات الإقليمية والسياسية في سوريا والعراق وأفغانستان قلقًا من استمرار حصول التنظيمات الإرهابية على فرص للعودة إلى الظهور. كما أن عمليات التصفية لتلك القيادات لم تقض عليها تمامًا، فربما تكون قد أدت إلى إرباكها وسباتها لفترة ما، لكن ثمة احتمال قائم في أن تعود لمزاولة أنشطتها الإرهابية. ومن المثير للقلق وجود آلاف المقاتلين في السجون بسوريا والعراق ومنطقة الساحل وغيرها من المناطق التي تنشط فيها التنظيمات الإرهابية؛ إذ إن هناك مخاوف من أن تقوم التنظيمات المتطرفة بعملية جديدة لإطلاق سراح سجنائها، وهو ما سيكون له -بالتأكيد- عواقب وخيمة، كتلك التي وقعت مؤخرًا في سجن كوجي بنيجيريا في يوليو 2022م.
ودعا مرصد الأزهر إلى الحذر من الآثار السلبية التي يمكن أن تتشكل في القُصَّر الذين لا يزالون محتجزين في السجون ومخيمات اللاجئين، فقد يكون هذا هو الباب الخلفي لتطرفهم حاليًا أو مستقبلًا.