كواليس سيطرة الإمارات والسعودية وقطر على الممتلكات المصرية
أعلنت مصر قبل أيام استحواذ صندوق الاستثمارات السعودي على حصص أقلية مملوكة للدولة المصرية في أربع شركات رائدة ومدرجة بالبورصة بقيمة 1.3 مليار دولار، وأتى ذلك بعد أربعة أشهر من إعلان القاهرة بيع حصص في خمس شركات للصندوق السيادي الإماراتي مقابل 1.8 مليار دولار، وسبقها بيع حصص مصر في شركتين أخريين للصندوق الإماراتي.
وقالت وزيرة التخطيط المصرية، في بيان إعلان الصفقة الأخيرة، إنها تأتي وفق أهداف تحقق أعلى استفادة للدولة المصرية وتعظم من استغلال الأصول المملوكة لها وتضمن حقوق الأجيال القادمة.
وكان قد أثار تقرير نشرته وكالة «بلومبرج» الأمريكية، والذي تحدث عن اعتزام الحكومة المصرية بيع بعض من حصصها في الشركات المصرية التي تقدر بملياري دولار إلى صندوق أبوظبي السيادي، حالة من الجدل تسببت في انتشار الكثير من المعلومات المختلطة بين الصحيح والمغلوط بشأن سياسة خصخصة أو بيع حصص مملوكة للدولة في بعض الشركات المصرية إلى الخارج عمليات البيع.
وقالت وكالة «بلومبرج»، إن صندوق أبوظبي السيادي أجرى محادثات مع مصر على استثمار نحو 2 مليار دولار عن طريق شراء حصص مملوكة للدولة في بعض الشركات، وعلى رأسها البنك التجاري الدولي.
وأضافت أن الصندوق الإماراتي يسعى للاستحواذ على حصة 18% من البنك التجاري الدولي، كما يسعى الصندوق لشراء حصص في 4 شركات أخرى مدرجة في سوق الأوراق المالية في مصر، على رأسها شركة «فوري» للخدمات المصرفية وتكنولوجيا الدفع.
وتابعت أن هذا الاستثمار يحظى بموافقة مصرية، خاصة بعد إجراءات البنك المركزي المصري ورفع سعر الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2017، وتراجع العملة المحلية بشكل حاد.
وذكرت «بلومبرج» أن مصر والإمارات أقامتا منصة استراتيجية مشتركة بقيمة 20 مليار دولار في عام 2019 للاستثمار في مجموعة من القطاعات والأصول، حيث تتم إدارتها من خلال صندوق الثروة السيادي المصري وصندوق أبوظبي السيادي.
وكانت قد أعلنت صناديق سيادية سعودية وقطرية وإماراتية، عن ضخ استثمارات ضخمة في مصر خلال الفترة المقبلة في قطاعات وأنشطة اقتصادية متنوعة، وذلك بعد لقاءات حكومية رفيعة المستوى خلال الفترة الماضية لجمع تمويلات واستثمارات تساهم في التخفيف من تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري.
وخصصت الدول الخليجية 22 مليار دولار استثمارات وتمويلات لمصر، مقسمة بين 5 مليارات دولار أودعتها المملكة العربية السعودية في البنك المركزي المصري، و10 مليارات أخرى يضخها الصندوق السيادي السعودي، و5 مليارات دولار تعتزم قطر استثمارها في مصر، و2 مليار دولار من صندوق أبو ظبي السيادي لشراء حصص في شركات مدرجة بالبورصة المصرية.
من جانبه يرى الدكتور إبراهيم صالح الخبير الاقتصادي بالمعهد القومي للتخطيط سابقًا، أن بيع مصر لأصول مملوكة للدولة لدول الخليج كان اضطراريا للسعودية والإمارات لحاجة مصر إلى تسديد أقساط وفوائد ديونها المستحقة، مشيرًا إلى أن مصر ليست الدولة الوحيد التي قامت بعرض أصولها للاستثمار الخليجي، فهناك دول كبرى قامت بذلك مثل إسرائيل وتركيا والهند.
وتابع الخبير الاقتصادي بالمعهد القومي للتخطيط سابقًا: «إسرائيل مثلًا وضعت مكاتب البريد للاستثمار الخارجي، وذلك للهروب من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية».
وأكد «صالح»، أن مصر عرضت بعض الأصول التابعة للدولة للاستثمار وليس البيع، فالدولة مازالت تضع سلطتها على تلك الأملاك، والأهم من ذلك أن جميع تلك الأصول بعيدة كل البعد عن الشركات الاستراتيجية التي قد تتعلق بالأمن القومي المصري مثل شركات السلاح أو البنية الأساسية.
من جانبه كشف الدكتور محمود الشريف الخبير الاقتصادي، عن وصول الدين الخارجي لمصر إلى نحو 158 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام الحالي، مرتفعًا بنحو 13 مليار دولار خلال ثلاثة أشهر.
وتحتاج مصر إلى نحو 35 مليار دولار لتغطية عجز الحساب الجاري وتسديد فوائد وأقساط الديون خلال العام المالي الجاري 2022/ 2023، وفقا للجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، ويأتي ذلك في وقت تراجعت فيه موارد النقد الأجنبي من الصادرات والسياحة وخرجت فيه ما تعرف بالأموال الساخنة، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأوضح «الشريف»، أن الحكومة المصرية تواجه ضغوطًا من مؤسسات اقتصادية دولية للتخلي عن سيطرتها على جانب كبير من النشاط الاقتصادي في مصر.
وقال الخبير الاقتصادي، إن مصر تستهدف استثمارات أجنبية بقيمة 10 مليارات دولار خلال العام المقبل، في خطة تقوم على جذب عدد من الصناديق السيادية العربية، في الإمارات والسعودية وقطر والبحرين، وجهات أخرى.
وتابع: إن هناك اتجاها كبيرا للمؤسسات والصناديق الاستثمارية الكبرى السعودية والإماراتية لضخ استثمارات بالاقتصاد المصري، في ظل ما يتميز به من العديد من المقومات التنافسية على رأسها أكبر سوق استهلاكي في المنطقة العربية، إضافة إلى ذلك تنفيذ الدولة برنامجا للإصلاح الاقتصادي منذ عام 2016، وضخ استثمارات ضخمة في البنية التحتية ساهمت في حل العديد من المشاكل التي تواجه المستثمرين، ونجحت في توفير فائض من الكهرباء، في الوقت الذي تعاني فيه دول أوروبية من نقص في الطاقة والسلع الأساسية.
وأنفقت مصر 335 مليار جنيه (19.5 مليار دولار) استثمارات في مجال إنتاج الكهرباء خلال آخر 7 سنوات، لبناء 31 محطة إنتاج طاقة كهربائية ومجمع بنبان للطاقة الشمسية ساهمت في تحقيق فائض في الكهرباء 13 ألف ميغا وات في يونيو 2020.
وأشار «الشريف» إلى أن أبرز القطاعات التي تحظى بإقبال من الاستثمارات العربية وهي القطاعات الاستهلاكية بوجه عام، وقطاعا الرعاية الصحية والتعليم وتمثل نسبة 70 إلى 80% من الاهتمام استنادًا على أن مصر سوق استهلاكي ضخم يتجاوز 100 مليون نسمة.
واختتم الخبير الاقتصادي حديثه قائلًا إن مصر منحت العديد من الحوافز بقانون الاستثمار المصري الذي صدر في عام 2017 سواء المتعلقة بالضرائب مثل خصم على الوعاء الضريبي يصل إلى 50% من قيمة المال المستثمر، كما هناك حوافز أخرى متعلقة بأسعار الأراضي وإصدار التراخيص حسب حجم المشروع وأهميته للاقتصاد الوطني.