«الريف المصري» لـ«النبأ»: لا نعترف بأى عمليات بيع تتم بعيدًا عن الشركة
بالأسماء.. تورط كيانات وهمية فى بيع أملاك الدولة تحت ستار «استصلاح الأراضي»
تُولي الدولة اهتمامًا كبيرًا بمشروعات استصلاح الأراضي والاستثمار الزراعي، وذلك من خلال مشروع المليون ونصف مليون فدان الذي تديره شركة تنمية الريف المصري الجديد، بهدف توفير احتياجات مصر من المشروعات الزراعية، خاصة المحاصيل الإستراتيجية.
ومع اهتمام الدولة بمشروعات استصلاح الأراضي والاستثمار الزراعي، ظهرت على السطح كيانات وشركات وجمعيات تبيح لنفسها التعدي السافر على أراضي الدولة بالبيع لتحقيق مكاسب ومبالغ مالية غير مشروعة، وتلقي بضحاياها في الصحراء تحت وهم تملك أراض مستصلحة وهي في الأساس أرض ملك الدولة وليست ملكًا لتلك الكيانات الوهمية.
بل إن بعض الكيانات اتجهت دون خوف إلى جمع مبالغ مالية كبيرة من عملائها تحت وهم بيع أراض لهم بمشروعات شركة تنمية الريف المصري التابعة للدولة، برغم من أن الشركة هي الجهة الوحيد المنوط بها بيع وتخصيص الأراضي ولا يحق حتى للشركات المتعاقدة من شركة الريف التصرف في تلك الأراضي بالبيع.
وتلقي «النبأ» بظلالها على تلك القضية الشائكة التي راح ضحيتها عدد كبير من المواطنين، وهي قضية بيع أراضي الدولة من خلال كيانات وشركات وجمعيات تحت شعارات وهمية، كما ترصد موقف شركة تنمية الريف المصري الجديد من تلك المهازل التي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة.
«جمعية الفيوم» كيان وهمى يبيع الفدان بـ56 ألف جنيه دون سند قانونى
البداية مع الكيانات الوهمية المتورطة في بيع أراضي الدولة، وتأتي في المقدمة «جمعية الفيوم الجديدة لاستصلاح الأراضي والاستثمار العقاري»، حيث أنشأ القائمون على هذا الكيان الوهمي صفحة باسم الجمعية على مواقع التواصل الاجتماعي، وتبيّن أن هذه الجمعية لا وجود له أصلًا بل هي مجرد اسم فقط، لجذب الضحايا والحصول على أموالهم مقابل وهم تملك أراضي استصلاح أراضي، حيث قدم هذا الكيان الوهمي عروضًا جذابة تتمثل في بيع قطع أرض بـ«القرية البيضة» بمحافظة الفيوم، القطعة عبارة عن مساحة 16 فدانًا، مقام عليها 3 منازل استراحات مبنية بالطوب الـ«بلوك» وبسعر إجمالي 900 ألف جنيه، بواقع 56 ألف و250 جنيهًا للفدان الواحد.
المفاجأة أن الأراضي المعروضة من «جمعية الفيوم الجديدة» هي أراض مغتصبة من الدولة وليس لها أي أوراق ملكية، فعند التواصل مع القائمين على هذه الجمعية اتضح أن الجمعية اسم فقط للتسويق لبيع الأراضي، وأن هذه الأرض حصلوا عليها من أشخاص آخرين.
وعند سؤال أحد العملاء الراغبين في الشراء عن وضع الجمعية القانوني، وملف تقنيين الأرض، رد القائمون على الجمعية قائلين: «الجمعية اسم وضعناه عشان نبيع الأرض، والأرض أخذنها من أشخاص، ومن سيقوم بالشراء سيحصل على عقد مننا ولا علاقة لنا بالدولة، لكن من يشترى سيزرع ولن يسأله أحد، بل هناك مساحة أرض مجاورة من الممكن أن يزرعها مع نفسه ولن يسأله أحد من الدولة».
«مزارع بلدنا» تتخذ مقرًا مجهولًا بحدائق الأهرام لبيع «فدان العيلة» بـ45 ألف جنيه
وبالانتقال إلى شركة «مزارع بلدنا لتقسيم واستصلاح الأراضي»، نجد أنها تقوم ببيع أراضي استصلاح زراعي بمشروع يسمى «نيولاند» بالفيوم، والمشروع قريب من مدينة 6 أكتوبر ويقع على بعد 30 دقيقة من الهرم، ويبدأ الحجز داخل المشروع بمساحة 2.5 فدان بسعر 45 ألف جنيه للفدان.
ومن طرق الشركة للتسويق لبيع الأرض بمشروع «نيولاند»، أن الأرض يتوافر بها «محطة مياه خاصة، وكهرباء عمومية، وأعمدة إنارة، ومدخل خاص من الطريق الرئيسي، وأمن وحراسة، وسور خارجي»، لكن الغريب في الأمر أن الشركة تتجاهل الرد على استفسارات الراغبين في الشراء بشأن موقف تسجيل الأرض ونقل الملكية للمشتري، وتسارع فقط بالرد على الاستفسار حول سعر الأرض وطرق السداد.
كما اتخذت شركة «مزارع بلدنا» موقعًا آخر لبيع أراضي الاستصلاح الزراعي على بعد 38 كيلو من حدائق الأهرام بطريق مصر أسيوط الغربي منطقة العياط، وذلك تحت شعار «فدان العيلة»، حيث يبدأ البيع من مساحة فدان واحد فأكثر بسعر يبدأ من 45 ألف جنيه بالتقسيط بمقدم 50%.
وتسوق الشركة لعمليات البيع بأن المشروع يقع في أكبر منطقة تنموية في مصر بجوار مدينة طامية ومدينة العياط ومدينة الواسطى، وأن هناك مشاريع عملاقة بتلك المنطقة عبارة عن مشروعات «دواجن، ومواشي، وماعز، وخرفان، وحمام، وبط، وسمان، وأرانب»، وأن الشركة توفر «العمالة، والحراسة، والرعاية البيطرية، الإشراف الزراعي، وتوفير المواد الخام بأقل من سعر السوق، وعمل جميع المشروعات ودراسات الجدوى للعملاء، والتسويق، وعمل عقد حراسة وزراعة».
مسئول بشركة «مزارع بلدنا»، والذي يقوم بالرد على استفسارات العملاء، يقول: «الشركة لديها أرض بمواقع مختلفة، ويتم بيع الفدان بسعر 45 ألف جنيه للأرض غير التي لم تزرع من قبل، لكن الأرض التي سبق زراعتها يتم بيع الفدان بسعر 80 ألف جنيه».
وعن طريقة البيع وموقف تقنيين الأرض، يضيف المسئول بالشركة: «يتم البيع بعمل عقد من الشركة، ومن أراد التقنين يأخذ العقد مع توكيل من الشركة ويذهب إلى بنك التنمية الزراعي، حيث يتم تقنين الفدان بمبلغ 37 ألف جنيه على 7 سنوات».
لكن الشيء الغريب، أن مسئول شركة «مزارع بلدنا» أشار إلى أن الشركة لها مقر بحدائق الأهرام، لكنه تهرب من الإدلاء بعنوان المقر، وأفاد بأن المقر الرئيسي بالأرض نفسها، الأمر الذي أثار شكوك العملاء حول الموقف القانوني السليم لهذه الشركة فيما يتعلق ببيع أرضي الاستصلاح الزراعي.
«أمان» تجذب العملاء لأراض بالفرافرة بوهم «مشروع مزرعتى»
أما شركة «أمان للاستصلاح الزراعي بالفرافرة» فتقوم بالترويج لبيع أراض تحت شعار «مشروع مزرعتي» لامتلاك مزرعة 10 أفدنة بها كل المرافق من طرق وبئر وطاقة شمسية وشبكة ري محابس، بسعر فدان 35 ألف جنيه، لافتة أن الأرض مفتوح لها ملف تقنين مع الدولة، حيث يقوم المشتري بدفع 17500 جنيه للفدان الواحد على أقساط سنوية، بالرغم من أن تقديم ملف التقنيين لا يعني ملكية الأرض وأن موقفها قانوني؛ لأنه قد يتم رفض ملف التقنيين من المحافظة، وبالتالي فالأراضي السليمة هي التي حصلت على عقد تقنين نهائي من الدولة.
«الجلالة» تصطاد الزبائن بطريق أسيوط الغربى بفخ «امتلاك مزرعة نموذجية»
أما شركة «الجلالة لاستصلاح الأراضي»، فتقوم ببيع الأراضي بطريق مصر أسيوط الغربي تحت شعار «امتلك مزرعة نموذجية»، وتبدأ مساحة البيع من فدان حتى 100 فدان بالتقسيط على سنتين بمقدم 50%، لافتة أن الأرض بها «كهرباء عمومية، ومياه شرب، وري نيلي، وأمن وحراسة، وإشراف زراعي متكامل»، مقدمة عرض استلام 5 أفدنة، بها «استراحة على مساحة 200 متر مربع، عنبر مواشي على مساحة 400 متر، مزرعة أشجار حسب رغبة العميل، عدد 5 صوب زراعية، سور شجري».
كما أن شركة «عاصمة الجنوب للاستثمار الزراعي» تقوم ببيع أراض بقرية الناصرية في العياط على بعد 50 كيلو من ميدان الرماية، بمساحات تبدأ من فدان بتسهيلات مختلفة السداد وبسعر يبدأ من 20 ألف جنيه للفدان.
هذا بخلاف الشركات الأخرى الكثيرة التي تسير على نفس الاتجاه في بيع أراضي الدولة بعيدًا عن أعين الأجهزة المعنية.
من جهة أخرى، تواصلت «النبأ» مع شركة تنمية الريف المصري الجديد، وهي الشركة المعنية باستصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان كمرحلة أولى من أربعة ملايين فدان، وتم الاستفسار عن ممارسات الشركات التي تعلن بيع أرض لصغار المستثمرين، حيث أكدت الشركة أنها الجهة الوحيدة المنوط بها بيع وتخصيص الأراضي، وأن أي عمليات بيع تتم بعيدًا عنها مخالفة للقانون ولا يعتد بها.
وقالت الشركة، إنها سبق وأن حذرت المواطنين من التعامل مع العروض التي انتشرت مؤخرًا على صفحات التواصل الاجتماعي من قيام بعض الشركات المخصص لها قطع أراضٍ من الريف المصري الجديد بعرض بيع مساحات للأراضي تتراوح بن خمسة أفدنة تزيد أو تقل من الراضي التي تم تخصيصها لهم.
وأضافت شركة تنمية الريف المصري الجديد، أنها غير مسئولة نهائيًا عن هذه الممارسات غير القانونية، وأنه لن يعتد بها في مواجهة الشركة، ولا يجوز الرجوع عليها بمثل هذه الممارسات والتصرفات.
وأشارت الشركة إلى أنها طالبت المواطنين بتوخي الحذر وعدم الانسياق وراء مثل هذه العروض والممارسات غير القانونية، لافتة إلى أنه يمكن للراغبين الانتفاع بالمشروع الاستفسار عن أي أمر يخص أراضي شركة تنمية الريف المصري الجديد عن طريق الاتصال بالرقم المختصر 16809 من الساعة التاسعة صباحًا وحتى التاسعة مساء.
وأوضحت شركة تنمية الريف المصري الجديد، أن الفرص الاستثمارية المتاحة حاليًا لصغار المستثمرين، تخصيص قطع أراض لا تقل القطعة عن مساحة 460 فدانا، مشيرة إلى أن المواقع المتاحة ثلاثة مشروعات هي «المغرة، وغرب غرب المنيا، والفرافرة».
وأضافت شركة تنمية الريف المصري، أنه بالنسبة لمشروع المغرة فإن سعر الفدان 250 ألف جنيه للأرض ببئر و23 ألف جنيه للأرض دون بئر، أما بالنسبة لمشروع غرب غرب المنيا فسعر الفدان 55 ألف جنيه للأرض ببئر و46 ألف جنيه للأرض دون بئر، أما بالنسبة لمشروع الفرافرة فسعر الفدان للأرض ببئر 46 ألف جنيه وللأرض دون بئر 18 ألف جنيه.
وقالت الشركة، إن من يريد الحصول على أراض من صغار المستثمرين يتوجه مباشرة إلى مقر الشركة بمدينة نصر ولا يتعامل مع أي كيانات أخرى بعيدًا عن الشركة، حيث يتقدم بطلب تخصيص مرفق معه أوراق الشركة ودراسات الجدوى والبرنامج الزمني للمشروع والملاءة المالية.