حكم تاريخي ينصف أصحاب المعاشات
أبدى أصحاب المعاشات، ارتياحهم بشأن الحكم الصادر، في واقعة تعدي موظف بالتأمينات على مسن أثناء صرفه المعاش، واصفه الحكم بالتاريخي.
ورفضت المحكمة الإدارية العليا دائرة الفحص، الطعن المقام من رئيس منفذ صرف المعاشات بمنطقة التأمينات والمعاشات بمطاى بالمنيا لقيامه بدفع مواطن من أصحاب المعاشات عند قيامه بصرف معاشه وتعدى عليه بالألفاظ غير اللائقة بسبب جلوس المواطن لعدم قدرته على الوقوف بالطابور، وعاقبت المحكمة الطاعن بخصم أجر نصف شهر من راتبه حتى يحسن معاملة أصحاب المعاشات.
وقالت المحكمة إن الاهتمام بحقوق المسنين قضية مجتمع بأكمله ويحظر جميع الانتهاكات التي يتعرض لها المسنون في حقوقهم خاصة سوء المعاملة واحساس المساس بالكرامة، ويجب احترام الأشخاص المسنين ورعايتهم ومساعدتهم واحترام تجربتهم في الحياة، لأن سوء معاملة المسنين لها عواقبها الوخيمة على الصحة النفسية والجسدية، مما يستدعى ضرورة حسن المعاملة الحسنة للمسنين وأرباب المعاشات، ذلك أن المسنين يمثلون تاريخ بلادنا، ولا يجب أن تجرح كرامتهم وهم فى أرذل العمر، ويجب احترامهم ومحاربة كل أشكال العنف ضدهم وخاصة الأفعال القولية مثل السب والشتم، فلم يكن المجتمع يشهد هذا النوع من الإساءة في السنوات الفائتة لأن الأساس الأخلاقي كان يحكمها، لكن نتيجة التغيرات التي صاحبت وسائل التقدم التكنولوجي اهتزت الأسس الأخلاقية ومصر كغيرها من المجتمعات لم تكن بمنأي عن هذه التغيرات.
وأضافت المحكمة إن النظرة إلى كبار السن وأصحاب المعاشات في المجتمعات الحديثة لم تعد نظرة إهمال أو شفقة، بل نظرة اهتمام ورعاية متميزة، وقد اعترفت المواثيق الدولية والدستور المصرى بحق المسنين على المجتمع،فأعطتهم حقوقهم من الرعاية والحب مما يخفف عنهم عبء أزمة التقاعد وفقدان العمل الذي يشعر المرء بأهميته وسط مجتمعه،ولذلك عملوا على رعايتهم معيشيا وصحيا ونفسيا،وقدموا لهم كل ما يساعدهمعلى جعل الحلقة الأخيرة من حياتهم فترة مريحة وممتعة، ليستعيدوا ثقتهم بأنفسهم، فالشيخوخة ليست مجرد عملية بيولوجية بحتة تظهر اَثارها في التغيرات النفسية والفيزيولوجية التي تطرأ على الفرد حين يصل إلى سن الكبر،وإنما تتمثل في موقف المجتمع من الفرد حين يصل إلى سن معينة بالذات يحددها المجتمع بطريقة تعسفية دون أن يأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية والاجتماعية، وقد تغير وضع المسن عما كان له من مهابة أسرية حيث لم يعد غريبا أن يقوم الأبناء بإيداع والدهم فى دار المسنين كما لم يعد غريبا أن يتقلص دور الأبناء فى التخلى عن والديهم عند الكبر وهنا تظهر أهمية دور المجتمع فى حسن المعاملة دون إساءة جسدية أو لفظية.
وكانت الجلسة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محسن منصور وشعبان عبدالعزيز نائبى رئيس مجلس الدولة