وزارة التموين تنسف قرض بـ14 مليون دولار على مشروع «صومعة أقماح معدنية»
بالرغم من أن الدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة في الحصول على العملة الصعبة من أجل سداد قروضها وديونها الخارجية، إلا أن هناك تلاعب واستهتار من جانب بعض الوزارات في التعامل مع مبالغ القروض التي حصلت عليها الحكومة من أجل إنشاء مشروعات تنموية واستثمارية.
ولعل أبرز الأمثلة على هذا التلاعب والاستهتار ما حدث بأروقة وزارة التموين عقب الحصول على قرض بمبلغ 14 مليون دولار لإنشاء مشروع «صومعة أقماح معدنية» بميناء غرب بورسعيد، حيث مازال المشروع في «علم الغيب» ولم ير النور حتى الآن، رغم مرور عامين ونصف على التعاقد علمًا بأن مدة التنفيذ 18 شهرًا، الأمر الذي يهدد الوزارة بتحمل مبالغ مالية كبيرة في سداد القرض وفوائده قبل أن يتم الانتهاء من المشروع، خاصة في ظل مرور نصف فترة الضمان دون تنفيذ كامل للمشروع.
وكشف تقرير صادر من الجهاز المركزي للمحاسبات بتاريخ 30-5-2022، -حصلت «النبأ» على نسخة منه-، التفاصيل الكاملة لضياع 14 مليون دولار على مشروع «الصومعة المعدنية» بميناء غرب بورسعيد، دون خروج المشروع للنور حتى الآن.
وقال التقرير الرقابي، إن وزارة التموين تعاقدت من خلال الشركة العامة للصوامع على إنشاء «صومعة معدنية» سعة 100 ألف طن قمح، بإجمالي مبلغ 520 مليون جنيه على رصيف عباس بميناء غرب بورسعيد.
وأضاف التقرير، أن التعاقد تضمن عقد مع «شركة رواد الهندسة الحديثة» بتاريخ 19-10-2021 بإجمالي مبلغ 265 مليون جنيه مصري، ومبلغ 7.69 مليون يورو لإنشاء الصومعة وتوريد وتركيب النواقل وأعمال تجهيز الرصيف لتركيب الشفاطات الخاصة بالمشروع.
كما شمل التعاقد إبرام عقد مع «شركة نيرو الألمانية» بتاريخ 23-11-2021 بإجمالي مبلغ 5.5 مليون يورو لتوريد وتركيب عدد (2) شفاط قدرة 600 طن ساعة.
وأوضح التقرير، أن تمويل المشروع يتم عن طريق قرض بمبلغ 14 مليون دولار من صندوق الأوبك للتنمية الدولية طبقًا لاتفاقية القرض الموقعة من الدكتورة سحر نصر وزير الاستثمار والتعاون الدولي بتاريخ 24-7-2019، وباقي المبلغ تمويل يتم بمعرفة الشركة العامة للصوامع.
ولفت التقرير، إلى أنه تبيّن أن حساب التكوين الاستثماري للشركة العاصمة للصوامع تضمن مبلغ 26.540 مليون جنيه يمثل المنصرف كدفعة مقدمة بواقع 10% من قيمة العقد المبرم مع المقاول المنفذ لمشروع إنشاء مرافق لتخزين الحبوب (الصومعة المعدنية) سعة 100 ألف طن بميناء غرب بورسعيد مقابل خطاب ضمان شركة رواد الهندسة الحديثة.
وذكر التقرير أنه سبق التوقيع بين وزارة الاستثمار والتعاون الدولي وصندوق الأوبك للتنمية الدولية (الأوفيد) على اتفاقية القرض الممنوح بمبلغ 14 مليون دولار أمريكي لتمويل المشروع، على أن تكون الشركة العامة للصوامع التابعة لوزارة التموين هي الجهة المسئولة عن سداد الالتزامات المالية المترتبة على القرض، ومدة القرض 20 سنة، منها فترة سماح 5 سنوات، ومعدل فائدة 2.5% للسنة، إضافة إلى مصاريف إدارية قدرها 1%، علمًا بأن هناك موافقة من مجلس النواب على اتفاقية القرض، وتم تسليم الموقع للشركة ومساحته 19 ألف و251 مترًا.
وأشار التقرير، إلى أنه تم عمل مناقصة محدودة برقم 3 لسنة 2020-2021، وأسفرت عن التعاقد مع «شركة رواد الهندسية الحديثة» لتنفيذ جميع الأعمال سواء الجزء الأجنبي بنحو 7.641 يورو غير شامل ضريبة القيمة المضافة، والأعمال المدنية «تسليم مفتاح» بقيمة قدرها 265.4 مليون جنيه، ومدة تنفيذ المشروع 18 شهرًا من تاريخ الدفعة المقدمة أو استلام الموقع الذي تم بتاريخ إبرام التعاقد.
كما ذكر التقرير، أنه تم أيضًا إبرام تعاقد ثلاثي الأطراف بين «الشركة العامة للصوامع، وشركة رواد الهندسية الحديثة، وشركة نيرو الألمانية» دون تاريخ، وذلك لتوريد عدد 2 شفاط قدرة 6000 طن في الساعة للشفاط الواحد بقيمة قدرها نحو 5.480 مليون يورو.
وفجر تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، قنبلة من العيار الثقيل حول المشروع الذي نسف نحو 14 مليون دولار أمريكي، حيث أكد أنه بالرغم من مرور نحو «عامين ونصف» على موافقة مجلس النواب -وهي نصف فترة السماح للقرض المذكور- إلا أنه لم يتم عمل أي مستخلصات للمقاول المنفذ، علمًا بأن مدة التنفيذ طبقًا للعقد 18 شهرًا، أي أنه من المتوقع انتهاء فترة السماح المقدرة بـ«5 سنوات» دون الانتهاء من المشروع وتشغيله، مما يعرض الشركة للمخاطر المالية.
وطالب التقرير الرقابي، بضرورة العمل على دفع الجدول الزمني للمشروع حتى يتسنى الانتهاء منه قبل انتهاء فترة السماح وسداد أقساط القرض وفوائده إضافة إلى أقساط وفوائد القروض الأخرى المنتظر حصول الشركة عليها، حتى يتم الانتهاء من تنفيذ المشروع وتشغيله، وقيد المبلغ بحساب الإنفاق الاستثماري بدلًا من حساب التكوين الاستثماري.