أخطر جرائم انتهاك حرمة الموتى في مصر
هنا أصبح الموتى بلا حرمة، فرغم أنه من الشائع أن ترتكب الجرائم في حق من يعيشون بيننا، انتشرت في الفترة الأخيرة مجموعة من الجرائم البشعة من قبل الأحياء معدومي الضمير في حق الموتى، اضطر معها البرلمان للتدخل بسن تشريع لمواجهة مثل تلك الانتهاكات ومعاقبة مرتكبي الأفعال الآثمة التي ترفضها كل الأديان والأعراف ولا تمت للإنسانية بصلة، كانت آخرهم واقعة فيديو جثة نيرة أشرف.
فيديو المشرحة
كانت أحدث هذه الجرائم، هى كارثة تسريب مقطع فيديو مصور من داخل المشرحة تظهر فيه جثة الطالبة نيرة أشرف فتاة جامعة المنصورة، يظهر الإصابات التي حلت بالفتاة جراء طعنها على يد زميلها محمد عادل، والذي تبيّن من تحقيقات النيابة، أن ممرضة بمستشفى المنصورة التخصصي، ومقيمة بالسنبلاوين، هى من قامت بالتقاط الفيديو، في طوارئ المستشفى.
وأثار الفيديو المسرب ردود أفعال غاضبة، طالبت بمعاقبة من قام بالتسريب والإذاعة، باعتبار ذلك انتهاكا لحرمة الموتى.
وبحسب قانونيون، فإن هناك ثلاث جرائم تنتظر مصورة فيديو نيرة أشرف بالمشرحة، وهي: «انتهاك حرمة الحياة الخاصة، وانتهاك حرمة الموتى، وانتهاك القيم الأسرية بالمجتمع».
وأعادت جريمة تصوير نيرة أشرف، إلى الأذهان، جرائم ارتكبها أصحابها بدم بارد بحق موتى، جسدوا خلالها صور الشيطان في أفعاله، دون أي خجل من حرمته.
كشف المستور
وفي واحدة من أبشع وأغرب الجرائم، والتى وقعت أحداثها بمدينة المنصورة عام 2015، كان الكشف غموض وملابسات مقتل فتاة أربعينية واغتصابها وسرقتها داخل شقتها، وذلك بعد مرور 7 سنوات على ارتكاب الجريمة.
وكانت شهدت محافظة الدقهلية جريمة قتل بشعة لفتاة عذراء لم يسبق لها الزواج وتبلغ من العمر 41 عاما على يد جارها وصديقه بثلاث طعنات بالبطن وضربات للرأس في المنضدة إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة ولم يكف المتهم عن جرمه، بل قام بالتعدي عليها بالاغتصاب بعد أن فارقت روحها الحياة.
وبعد مرور 7 سنوات، تمكنت الأجهزة الأمنية رجال مباحث أول المنصورة من كشف غموض وملابسات القضية بضبط المتهمان.
طمع الأخت
جريمة أخرى، صادمة، وقعت أحداثها بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، كانت تفاصيلها البشعة بمستشفى جامعة المنصورة، وذلك حينما تجردت سيدة من معاني النُبل والإنسانية، دفعها الطمع في ارتكاب أفعال آثمة.
القصة بدأت حينما لاحظ القائمون على رعاية ثلاجة الموتى بالمُستشفى سعي سيدة في أواخر العقد السادس من عُمرها وهي تُحاول انتزاع بصمة شقيقتها المتوفاة على 6 عقود ابتدائية خالية.
وبعد ثبوت تورطها بواسطة المغسلة، أقرت المُتهمة بالجُرم المُسند إليها، وشددت على أن تصرفها جاء في إطار سعيها للتبرع بأملاك الراحلة لأعمال الخير -على حد قولها-.
سرقة جماجم مقابر الصدقة
كان حلم الثراء السريع، مهما كانت الوسيلة وأيًا كان الثمن، هو المحرك لإبطال واقعة نبش القبور وسرقة الجماجم، من مقابر الصدقة بالسيدة زينب لبيعها دون خوف بهدف الخروج من الحالة المادية المتردية التى يعيشونها.
وكشفت التحريات، أن المتهمين حارس مقابر، وشقيقته، وأنهما قاما بنبش مقابر الصدقة المكلفين بحراستها وبيع أعضاء الموتى لطلاب كليات الطب مقابل مبالغ مالية يتحصلون عليها فور تسليم الجمجمة للطالب، وعثر بحوزتهما على عدد من الجماجم الخاصة بجثث الموتى موضوعه داخل جوال.
الحرق للجثث بالمقابر
وفي مدينة حلوان، وقعت أحداث جريمة أكثر بشاعة بجثة لم تشفع حرمة موتها، لإثناء المجرم عن فعلته الشيطانية، فقام بحرق جثمان موظفة بحلوان والتى كانت مريضة سكر، وتوفيت متأثرة بفيروس كورونا المستجد.
ففي مقابر أسرتها بعزبة «الباجور» في حلوان، التى كانت مأوى الراحلة الأخير، كان مسرح الجريمة، التى تم فيها نبش قبرها وحرق جثتها في مشهد بربري متجرد من كل المشاعر الإنسانية والأخلاقية، ما أثار غضب واستنكار الجميع الذين طالبوا بمعاقبة مرتكبي تلك الواقعة الإجرامية.
وفي المدينة ذاتها، وقعت جريمة أخرى أكثر بشاعة، اقترف صاحبها أفعال شيطانية، وأقدم تربي، على إخراج جثة ممرضة حلوان من القبور، وحرقها، بعد اغتصابها وهي ميتة.
تحركات برلمانية
وطالب عدد من النواب بتغليظ العقوبات، لحماية الموتى من انتهاكات الأحياء، الشيطانية عبر تغليظ مواد العقوبات، التى تحفظ حُرمة الموتى، عبر مشروعات قوانين.
وأعلن أحمد مهني، عضو مجلس النواب، انتهاءه من إعداد مشروع قانون يجرم التعدي على حرمة الموتى وتصويرهم ونشرها فى العلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لأن القوانين والتشريعات المصرية تقف عند تجريم الاعتداء على حرمة الإنسان وجسده إذا كان حيًا فقط ولم تتطرق هذه التشريعات إلى حرمة التعرض لجثة المتوفي أو المصاب بحوادث فى حالة الاعتداء عليها سواء بالتصوير أو النشر فى العلن أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشان إذاعة والترويج لمشاهد جثث الموتى أو المتوفين فى حوادث أو حتى من أصيبوا في حوادث على الطرقات أو حوادث سير، فكل هذه الأمور غير مجرمة بشكل واضح وصريح فى التشريع المصري سواء قانون العقوبات أو القوانين الأخرى التى تنظم عمليات النشر والإذاعة وترويج لذلك.
وأوضح «مهني»، أن نص التعديل المقترح بأن يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين: «كل من التقط أو نقل صورًا أو أفلاما أو فيديوهات للمصابين في الحوادث أو جثة متوفى»، وتضاعف العقوبة إذا اقترنت هذه الأفعال بالنشر بإحدى طرق العلانية أو بأى وسيلة كانت، والحكم بمصادرة الوسيلة المستخدمة في ارتكاب الجريمة ومنع عرضها، وذلك دون إخلال بالحقوق العينية التي للغير حسن النية.
فإذا ارتكبت هذه الأفعال بعلم من ذوي الشأن دون اعتراضهم في حينها فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضا، ولا يجوز رفع الدعوى أو اتخاذ إجراءات التحقيق الابتدائي عن الجرائم المنصوص عليها في البند رابعا إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو أحد ورثته.
من جانبه، كشف أيمن أبوالعلا رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، أنه سيتقدم بمشروع قانون جديد في بداية دور الانعقاد الثالث، والذي يستهدف حماية حرمة الموتى ومنع انتهاكها بأي شكل من الأشكال، لا سيما أن تلك الجريمة من الجرائم الاجتماعية التي يهتز لها وجدان أفراد المجتمع، نظرًا لأن الإنسان بعد وفاته يصبح جسدًا بلا روح، وبالتالي لا يستطيع رد الاعتداء الحاصل عليه.
وأوضح، أن هذا المشروع يأتي في الوقت الذي يوجد فيه فراغ تشريعي، في مواجهة مثل تلك الوقائع، حيث لم يتضمن قانون العقوبات المصري، أي عقوبة لجريمة انتهاك حرمة الموتى، وإنما تتضمن فقط عقوبة لجريمة انتهاك القبور، في مادته 160 التي نصت في فقرتها الثالثة على «معاقبة كل من انتهك القبور والجبانات أو دنسها»، الأمر الذي يعني أن الحماية الجنائية في نص هذه المادة تتعلق بالاعتداء على حرمة الموتى بعد دفنها بالقبور، وهى حماية خاصة بمدفنها في المقام الأول، ولا تتعلق بالاعتداء على جثة المتوفي والتشهير بها قبل دفنه.
وأضاف: «أيضًا يأتي مشروع القانون المقترح استنادًا لنص إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام والذى تمت إجازته من قبل مجلس وزراء خارجية منظمة مؤتمر العالم الإسلامي في القاهرة 5 أغسطس 1990، حيث نص في مادته الرابعة، على أن لكل إنسان حرمته والحفاظ على سمعته في حياته وبعد مماته وعلى الدول والمجتمع حماية جثمانه ومدفنه».
ولفت «أبوالعلا» في المذكرة الإيضاحية، إلى أن التشريع الجديد، يجرم ذلك الانتهاك لحرمة الموتى، الذي قد تكون له أشكال مختلفة، ليس فقط التصوير والتشهير بجثة المتوفي ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن يشمل أي نوع من أنواع الإساءة للجثة والعبث بها أو الاعتداء عليها بمختلف الأشكال سواء كان جنسيًا أو جسديًا أو أيًا كانت صورة ذلك الاعتداء، باللفظ أو الإشارة أو السخرية أو إزالة الكفن من عليها وغيرها.
وتابع: «تضمن مشروع القانون أيضًا، استحداث مادة جديدة بقانون العقوبات، تتضمن تعريفًا لانتهاك حرمة الموتى وهو: كل فعل من شأنه الإخلال باحترام الموتى على أن يكون ذلك الفعل معبرًا عن إرادة الجاني ورغبته في التشهير والإساءة بجثة المتوفي».
وأشار، إلى أن المشروع، تضمن عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة أو بغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد عن 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من انتهك عمدًا حرمة جثة أو أي جزء منها أو أي رفات آدمية، على أن تشدد العقوبة حال القيام بذلك الفعل من خلال إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، لتكون الحبس الذي لا يقل عن سنتين ولا يزيد عن خمس سنوات.
وفي السياق ذاته، أبدى أيمن محفوظ المحامي، تأييده لمشروعات قوانين انتهاك حرمة الموتى، مشيرًا إلى أنه لا يوجد نص صريح يجرم تلك الأفعال الشاذة ويضمن الحماية القانونية، التي يضمنها للأحياء، معقبًا: «لم تقف الجرائم عند الأحياء، وإنما طالت ايدي الاعتداء الموتي وتدنيس المقابر والاحتفاظ بالجثث، والتي من المفترض أن يكون الدفن والرقود في سلام هو المعيار الذي يحكم حق الموتى على الأحياء».
وأضاف في تصريح خاص لـ«النبأ»: «استطالت يد العدوان على المقابر لأغراض غريبة ومذهلة من اغتصاب الجثث أو سرقة سن ذهبي للمتوفي أو للبحث عن أي متعلقات للميت، أو بغرض أعمال الدجل والشعوذة حتى أصبحت الجثث ذاتها سلعة تباع وتشترى».
وأشار المحامي، إلى أن القانون الحالي وضع عقوبة هينة على كل من انتهك حرمة القبور أو الجبانات أو دنسها، وهي عقوبه الحبس والغرامة أو إحدى العقوبتين وغلظ العقوبة إلى السجن الذى لا تزيد مدته على 5 سنوات إذا ارتكبت أى من الجرائم المنصوص عليها فى المادة 160 تنفيذًا لغرض إرهابى.
وتابع: «ونص آخر في قانون العقوبات فى المادة 239: كل من أخفى جثة قتيل أو دفنها دون إخبار جهات القضاء وقبل الكشف عليها وتحقيق حالة الموت وأسبابه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة».
وشدد على ضرورة صدور قانون يجرم مثل تلك الأفعال بشكل تكون العقوبة فيه أكثر قسوة ومغلظة، متابعًا: «نحن كرجال قانون نحاول إيجاد عقوبة ملائمة في ظل هذا القانون الحالي مثل فمثلا استغلال مشاهد تدنيس القبور أو الاعتداء على الموتى بأي شكل على صفحات الإنترنت بجريمة إساءو استخدام الانترنت»، مشددًا: «ولكن جريمة تدنيس المقابر والاعتداء على جثث الموتى أو التمثيل بها تحتاج إلى نص واضح وصريح ويجرم أي فعل فيه انتهاك للجثث والمقابر وبعقوبات مغلظة».