رئيس التحرير
خالد مهران

رجل بلا قلب

حدث في الأقصر.. يحبس زوجته حتى الموت ويدفنها بالمنزل

محكمة
محكمة

جريمة تقشعر لها الأبدان، لما تعبر عنه من قسوة قلب لا مثيل لها سوى في أفلام السينما، لكن بطل قصتنا هذه التي شهدت أحداثها محافظة الأقصر، جسدها في واقعة شديدة البشاعة.

 حبس زوجته حتى ماتت من الجوع ودفنها في المنزل  

ترجع وقائع القضية إلى شهر فبراير الماضى حسبما جاء في الأوراق، لكن تفاصيلها تعود إلى أكثر من اربع سنوات عندما قرر ابو السعود الزواج للمرة الثالثة فهو بالرغم من تجاوزه العقد السادس من العمر إلا أنه كان يرى نفسه مازال شبابًا بأمواله وأطيانه، استغل فقر سميرة وعوزها وقرر أن يشتريها بالمال مثل أي شيء يشتريه، كان الرجل يريد أن يعيد شبابه من جديد مع فتاة صغيرة السن، بالرغم من زواجه من اثنتين أخرتين؛ ذهب ابو السعود إلى والد سميرة طالبًا يدها للزواج، واعدًا اياه باعطائه مهرًا عاليًا علاوة على شراء الملابس الجديدة والمصوغات للعروس الجديدة، وافق الاب طامعًا في المال والمصوغات، ولم يكن امام سميرة سوى القبول فهي نشأت وسط اسرة مفككة، ام ليس لديها حيلة في الحياة واب قام بتطليق والدتها وتزوج من اخرى، كان لدى سميرة امل أن الزواج سينتشلها من جحيم زوجة الاب وفقر الأم.
الزوجة الثالثة!
تزوجت سميرة وذهبت مع عريسها الذى يكبرها بأكثر من 25 عامًا، لتعيش معه فى غرفة بنفس المنزل الذي تعيش فيه زوجتاه الأخرتان.
ومنذ اليوم الأول في الزواج كانت معاناة سميرة عندما قام زوجها بتلقينها علقة ساخنة وهو يتهمها في عرضها وشرفها بأنها ليست عذراء واتصل بوالدها يعنفه ويتهمه في شرفه، ليأتي الأب مسرعًا ويأخذ ابنته ليعرضها على طبيبة نساء ليتأكد مما سمع من زوجها لتخبره الطبيبة بأن ابنته مازالت عذراء، وماقاله زوجها هو محض افتراء، ليتصل الاب بالزوج ويخبره بتقرير الطبيبة ويعيد الابنة مرة اخرى لزوجها في هدوء تام 


لم تعترض سميرة على عودتها لزوجها العجوز المتصابي، صبرت نفسها بأن حياتها ستكون افضل وبعد عدة اشهر عاشتها كخادمة لزوجها وزوجتيه وابنائهم شعرت بشيء يتحرك في احشائها وكان حملها الأول، أسرعت تخبر زوجها وكانت سعادته لا توصف، وبدأ يعامل سميرة بطريقة جيدة فهي التى استطاعت أن تعيد له شبابه.
لكن ايام السعادة في حياة سميرة لم تستمر طويلا فبمجرد أن انجبت طفلها بدأت زوجات زوجها وابنائه في تدبير المكائد لها، بأنها تتحدث عنه بسوء ولا تراعى طفلها حتى أخذ زوجها الطفل واعطاه لزوجته الثانية دون أدنى اعتبار لها أو لأمومتها، ثلاث سنوات تعيش سميرة في ذل ومهانة، كخادمة دون أجر فى منزل زوجها المسن، ويا ليت احد منهم يقدم لها الشكر أو على الأقل يكفونها شرهم لكنهم قاموا بإذلالها والاعتداء عليها سبًا وضربًا لإنه ا قليلة الحيلة، ليس لها احد سوى والديها اللذان تركاها تواجه هذا المصير، فقط شقيقها الوحيد الذي يسأل عنها كلما سمحت له الظروف.


لم يقف الإذلال والمهانة عند هذا الحد بل قام الابن الاكبر للزوج من زوجته الأولى بكل خسة  وندالة بإبلاغ ابيه أن زوجته سميرة تراوده عن نفسه وأنها منذ فترة اخبرته بأنها تحبه وتريد أن تمارس معه الرذيلة، لم ينتظر الاب أن يسمع لسميرة حتى يتأكد من صدق حديث ابنه أو كذبه، ذهب اليها ليلقنها علقة ساخنة وهو يتهمها في عرضها وشرفها، ليحبسها في احدى الغرف بالمنزل مانعًا عنها الطعام والشراب، احيانا يلقى لها بكسرات الخبز التالفة، حتى تسد جوعها، اسبوعان كاملان تتلقى فيهما سميرة ابشع انواع التعذيب والمهانة تتضور جوعًا ليلا نهارا لا يشعر بها احد حتى لفظت انفاسها الاخيرة وهى تتألم جوعًا وعطشًا وذلا، لم يشعر بها احد حتى جاء زوجها يستكمل تعذيبها ليجدها جثة هامدة، وبتفكير شيطاني حفر قبرها داخل المنزل ودفنها وصب عليها الخرسانة حتى لا يكتشف جثتها احد أو تفوح رائحتها.

حتى جاء شقيقها لزيارتها يسأل عنها ليخبره العجوز اللئيم إنه ا خرجت منذ اسبوع ولم تعد، لكن شقيقها شعر بأن مكروهًا وقع لسميرة ليبلغه بأنه سيقوم بتحرير محضر باختفائها، فشقيقته لم تكن على مايرام، وظنًا منه أنه يتقن دوره جيدا؛ ذهب معه إلى مركز الشرطة  لتحرير المحضر وعندما سألهما رجال المباحث عن وجود خصومة لسميرة مع احد فأخبرهم شقيقها بأنها كانت على خلاف دائم مع زوجها واسرته، لكن الزوج ظل يبكى بدموع التماسيح بأنه لايعرف عنها شيئًا!
تحريات رجال المباحث لم تتوقف لحظة واحدة حتى تأكد لهم أن سميرة لم تغادر المنزل ابدًا، وبتضييق الخناق على العجوز اعترف بدفن جثتها بعد أن اكتشف وفاتها وأنه لم يقتلها بل هي ماتت قضاء وقدر، على الفور حُرر محضر وأحيل الزوج للنيابة والتى قامت بعمل معاينة تصويرية لمكان الجثة واخذ اعترافات الزوج وتشريح الجثمان لتأمر بحبسه على ذمة التحقيقات ومن ثم احالته لمحكمة جنايات الأقصر برئاسة المستشار كمال فخري شمروخ، وعضوية المستشارين أحمد عصام الدين، ونهاد ابو النصر، وأسامة أحمد محمود، وبحضور كريم حسني وكيل النائب العام، وبعد عدة جلسات من نظر المحكمة للقضية استمعت فيها للشهود واطلعت على كافة الاوراق انتهت فيها لسماع مرافعة النيابة العامة والتى أكدت فى مرافعتها؛ بأن المتهم بدأ في تنفيذ خطته ولكن بطريقة تحمل في طياتها الخبث والدهاء الشيطان ذاته لا يستطيع الوصول إلى تلك الطريقة، تنوعت الأساليب في ذهن المتهم، توصل لطريقة تبعد عنه الشبهات واختار الموت البطيء الموت بالاحتجاز والتعذيب طريقة ممنهجة ذكية ودقيقة، قرر احتجاز المتوفاة إلى رحمة مولاها في منزل الزوجية، قرية المدامود مركز شرطة طيبة، دون أن يترك لها المجال أن يزورها أحد أو حتى أن تخرج من ذلك المنزل، بتلك الوسيلة استطاع أن يحول منزله لنعشها، الاحتجاز ذاته قادر أن يصيب المجني عليها ببعض الأمراض العقلية لكن لم يوصل المتهم لمراده وهو القتل فاختار اتخاذ محور آخر يسهل عليه فعلته وهو منع الطعام، فأضحى لا يلقي لها من الطعام إلا فتاتا، قاصدًا متعمدًا ذلك، كان المتهم رحيمًا بكلابه أكثر من القتيلة، فكان يلقي لها كل بضعة ايام كسرة خبز أو ثمرة خضار لمدة أربع سنوات، فتموت كل ليلة جوعًا وخنقًا وضيقا في منزل الزوجية الذي رسمت فيه الآمال، أربع سنوات من القتل والجوع والموت البطيء والوحدة مخطط شيطاني، تحكم عليها بمثل هذا العقاب ومثل هذه الميتة لمجرد قول.

رسالة المحكمة
وبعد أن استمعت المحكمة لمرافعة النيابة العامة اصدرت حكمها بإجماع الآراء بإعدام المتهم شنقا بعد موافقة فضيلة المفتى على إعدامه، قالت المحكمة في حيثيات حكمها؛إن الواقعة بصددها جريمة مأساوية بمعنى الكلمة واقعة قتل بالامتناع تختلف عن سائر جرائم القتل الأخرى التي ارتكبها المتهم مع زوجته المجني عليها بالتجويع وحرمانها من الغذاء السليم، واستطردت المحكمة تقول؛إن المتهم خصص لها مسكنًا ودارًا مستقلة، وبدأت مشاكله معها وخلافاته منذ الليلة الأولى من زواجه، حيث ادعى عليها وطعنها في شرفها بأنها ليست بكرًا، إلا أنه ثبت عذريتها وبكوريتها وبعد أن أنجبت له الولد، تأججت نار الغيرة والحقد لدى ابنه الأكبر من زوجته الأخرى، فأوشى إليه بأن المجني عليها تراوده عن نفسها وتريده عشيقا لها، ولم يتأكد من ذلك ومن صحة ذلك الادعاء وبدأ يفكر كيف يتخلص منها وقتلها، فدبر أمره حتى هداه تفكيره الشيطاني، إلى وسائل أخرى غير معتادة للقتل وذلك بطريق الامتناع عن الطعام والغذاء الكافي حتى تموت موتًا بطيئًا ولا يفتضح أمره، فحبسها داخل منزلها وأوصد عليها باب المنزل وأغلق جميع نوافذه للحيلولة بينها والهروب ووضع بعض الكلاب المتوحشة أمام باب منزله، وكان يتردد عليها كل بضعة أيام ليلقي لها ببعض اللقم اليابسة لمدة أربع سنوات متتالية، بل وصل الأمر بها إلى أن تمد يدها خارج الباب لتأخذ من بعض بقايا طعام الكلاب حتى تسد رمقها، كان بمقدور المتهم قتلها برصاصة أو برصاصات ليرديها قتيلة في لحظتها أو الاعتداء عليها بأي آلة حادة أو أداة أخرى تنهي حياتها في لحظات، لكنه أمعن في تعذيبها، وتفنن في إيذائها وعذابها وتلذذ على أوجاعها لم يرحمها بسبب بكائها وعويلها، لم تشفع لها توسلاتها إليه، ومنظر جسدها النحيل الذي انهار جوعا، بل تركها تتجرع الموت في كل لحظة تعيش العذاب كل الوقت، تتنظر الموت بكل لهفة لإراحة نفسها من الآلام والأوجاع».

وتابع رئيس المحكمة قائلا: «القتيلة لم تقدم على الانتحار بل تحملت كل هذا العذاب طيلة هذه السنوات، أرادت أن تموت على عقيدتها وإيمانها الذي يحرم الانتحار وظلت حبيسة الدار حبيسة الجوع والآلام والعذاب وامتهان الكرامة وفقدان الحرية حتى صارت خوارًا وذبل جسدها النحيف وتزمت وشلت أعضاء جسدها نتيجة قلة الطعام وندرة الغذاء السليم الكافي حتى أسلمت الروح ودفنها في منزلها وراح يخبر عن تغيبها إمعانا في إخفاء جريمته، كان بإمكان المتهم الخلاص من زوجته بطلاقها وإعطائها حريتها لكنه استعمل معها أقسى وأعتى أنواع وسائل القتل العمد، وبالغ في الانتقام منها والتنكيل بها، كل هذه السنوات».