رئيس التحرير
خالد مهران

علي الهواري يكتب: الحرب الأوكرانية وعسكرة الفضاء

علي الهواري يكتب:
علي الهواري يكتب: الحرب الأوكرانية وعسكرة الفضاء

بعد أن دخلت الأزمة الأوكرانية نفقا مظلما جديدا بإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضم 4 مقاطعات أوكرانية إلى الأراضي الروسية وهي، لوغانسك ودونيتسك، وزابوريجيا وخيرسون، وبعد التفجيرات التي طالت خطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و2 قبل أيام، حذر قائد القوات المسلحة البريطانية الأدميرال، توني راداكين، من أن روسيا قد تشن حربًا في الفضاء ضد الغرب.

ورأى أنه يمكن للقوات الروسية أن تلجأ إلى مجالات أخرى بعيدا عن القتال البري الميداني التقليدي سواء تحت الماء أو في السماء.

كما أضاف قائلا: "لدى روسيا قدرات جيدة في الفضاء"، وقد رأينا مثالًا على ذلك نهاية العام الماضي، عندما فجرت جسمًا في الفضاء تسبب في حطام هائل: "حسب ما نقلت صحيفة "تلغراف" البريطانية.

وأردف: "لديهم قدرات نووية وقدرات تحت الماء أيضًا".

وكرر التحذيرات من قوة موسكو، قائلا "لديها القدرة على استهداف مناطق أخرى بعيدا عن أوكرانيا، فما تفعله في مجال الطاقة والمجالات الدبلوماسية ومعارك المعلومات خير دليل".

كما أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن الولايات المتحدة تتصرف بشكل بغيض أكثر من أي وقت مضى فيما يتعلق بقضية "الفضاء الإلكتروني"، مُشيرة إلى أن واشنطن تسلك مسارًا يتجه نحو عسكرة هذه المنطقة.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في تعليقها على هجوم الاختراق الذي شنته وكالة الأمن القومي الأمريكية ضد جامعة نورث وسترن بوليتكنيكال في الصين، "إن تصرفات واشنطن غير المشروعة ما هي إلا مجرد دليل آخر على المسار المعتمد تجاه عسكرة الفضاء الإلكتروني وفضاء المعلومات بشكل عام">

وأشارت المتحدثة الروسية إلى أن واشنطن وحلفاءها يستخدمون بشكل منهجي أجهزة الاستخبارات وتقنيات المعلومات والاتصالات لتتبع وسرقة البيانات الشخصية وتنظيم هجمات إلكترونية، مع الاعتماد على القدرات الفنية للشركات الأمريكية التي تحتكر أسواق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العالمية، حسب ما أوردته وكالة أنباء "تاس" الروسية.

كما أوضحت أن الولايات المتحدة تطمح إلى تعزيز هيمنتها الرقمية العالمية، وتطوير نظام قائم على الإلتزام بالقواعد في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، "في حين أن واشنطن نفسها لن تلتزم بأي قواعد".. حسب قولها.

واختتمت زاخاروفا قولها: "نعتزم مواصلة تسليط الضوء على السياسة الإلكترونية للولايات المتحدة، وفضح المخططات الاستعمارية الجديدة للدول الغربية، وتطلعاتها العدوانية والخبيثة تجاه بلدنا والبلدان النامية، وبالطبع الخطاب المخادع بشأن حماية السلام والأمن في مجال المعلومات الذي تستخدمه تلك الدول كغطاء لها".

الحديث عن عسكرة الفضاء في هذا التوقيت يدفعنا للبحث عن حقيقية هذا الموضوع، وهل بالفعل تسعى الدول الكبرى إلى عسكرة الفضاء، ومن ثم يصبح العالم مقبل على الدخول في حرب فضائية غير تقليدية، وما هو مصير الجيوش والأسلحة التقليدية الموجودة على الأرض؟

تحديات الأمن في الفضاء 2022

ومع بداية الألفية الجديدة، تصاعد توظيف القوى الدولية الكبرى للفضاء كساحة للصراع والتنافس العالمي، في ظل تطور التقنيات العسكرية الفضائية وقدرتها على أداء وظائف الاستطلاع والرصد وتوجيه الهجمات الصاروخية بدقة، واعتراض الصواريخ الباليستية، وتدمير القواعد العسكرية، واستهداف الأقمار الصناعية ومنظومات الملاحة.

في شهر أبريل الماضي، حذر تقرير أمريكي من أن موسكو وبكين تعملان على زيادة إنفاق كل منهما على العمليات الفضائية، بنسبة كبيرة تصل إلى نحو 70% منذ عام 2019.

وذكرت إذاعة صوت أمريكا، أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، نشرت تقريرًا، بعنوان «تحديات الأمن في الفضاء 2022». 

وفي مؤتمر صحفي في مقر وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون»، قال ضابط مخابرات الدفاع لشؤون الفضاء ومكافحة العمليات الفضائية، جون هوث «روسيا والصين.. منافسانا الرئيسيان يتخذان خطوات لتقويض أمريكا وحلفائها في مجال السيطرة على الفضاء». 

وأضاف «منذ أن أصدرنا التقرير الأول عام 2019، عن تحديات الأمن في الفضاء، زادت عمليات منافسَينا (الصين وروسيا) في الفضاء، في كل المجالات الرئيسية تقريبًا، بما في ذلك الاتصالات، والاستشعار عن بعد، والملاحة، والعلوم والتكنولوجيا».

وكان تقرير عام 2019، قد أشار إلى أن الهيمنة الأمريكية في الفضاء، تواجه تهديدات روسيا والصين، اللتين طورتا قدراتهما التكنولوجية، وتشمل تلك التهديدات، التشويش على الاتصالات والأقمار الاصطناعية لنظام تحديد المواقع، إلى استهداف قمر اصطناعي بصاروخ أرض-جو، وهو ما أجرت الصين تجربة ناجحة عليه في عام 2007.

ولفتت إذاعة صوت أمريكا إلى أن النسخة الجديدة من تقرير تحديات الأمن الفضائي 2022، تتضمن جهودًا وعمليات استكشاف القمر والمريخ في الصين وروسيا، حيث أطلقت الصين مركبة هبوط آلية، ومركبة على الجانب الآخر من القمر، بالإضافة إلى مركبتين إلى المريخ. 

ووفقًا للتقرير، فإن روسيا ناقشت الشراكة مع الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لتحقيق تطلعاتها في مجال القمر، وتم التوقيع على مذكرة تفاهم في مارس 2021، للعمل سويًا في محطة أبحاث القمر الدولية.

وفي شهر أغسطس 2019، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطلاق قيادة عسكرية أمريكية خاصة بالفضاء في البنتاغون، ستكون مهمتها ضمان هيمنة الولايات المتحدة المهددة من الصين وروسيا في ميدان الحرب الجديد.

وستشرف هذه القيادة الجديدة على الفضاء والأقمار الاصطناعية والطائرات ذات مستوى التحليق المرتفع، وستكون موازية على سبيل المثال لسينتكوم المسؤولة عن العمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط.

وقال ترامب خلال حفل أقيم في واشنطن "هذه لحظة تاريخية، يوم تاريخي يلحظ أهمية الفضاء المركزية لأمن ودفاع الولايات المتحدة"، مضيفا أن "قيادة سبيس كوم ستضمن أن الهيمنة الأمريكية في الفضاء لن تكون مهددة أبدا".

وأضاف ترامب أن القيادة الجديدة "ستتولى الدفاع عن المصلحة الحيوية لأمريكا في الفضاء، مجال الحرب القادمة"، مضيفا أن "سبيس كوم ستردع بقوة أي عدوان وتتفوق على منافسي أمريكا إلى حد بعيد"، وأشار إلى أن هذه القيادة ستتصدى لأعداء الولايات المتحدة الذين يهاجمون "الأقمار الاصطناعية الأمريكية التي تُعَدّ مهمة جدا للعمليات في ميادين الحرب".

وقال البيت الأبيض في بيان إن قيادة الفضاء "ستوظف بشكل نشط قوات مخصصة من كل سلاح عسكري لإنجاز مهمات مباشرة في مجال الفضاء".

وسيتولى رئاسة قيادة الفضاء الجنرال جون ريموند الذي كان رئيسا لوحدة تحمل اسما مشابها وهي قيادة القوات الجوية الفضائية، التي هي وحدة تابعة للقوات الجوية الأمريكية وتتعامل مع الفضاء.

وفي ديسمبر 2019، اعتمد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، رسميا تمويل هيئة عسكرية جديدة مختصة بالفضاء تحمل اسم "قوة الفضاء الأمريكية".

وتعد هذه القوة العسكرية الأولى التي يتم انشاؤها في البلاد منذ أكثر من 70 عاما، وتندرج ضمن القوات الجوية الأمريكية، وقد وصف ترامب في قاعدة عسكرية قرب واشنطن، الفضاء باعتباره أحدث ساحة للحرب في العالم.

وأضاف ترامب: "في ظل التهديدات الخطيرة للأمن القومي الأمريكي، أصبح التفوق في مجال الفضاء مسألة حيوية للغاية".

وأشار ترامب "نحن رواد، لكننا لسنا روادا بشكل كاف، وفي القريب العاجل سنصبح سباقين".

كما أكد "أن قوة الفضاء ستساعد في ردع العدوان والسيطرة على الفضاء".

وقال نائب الرئيس الأمريكي، مايك بينس، سابقا إن الدولتين لديهما أشعة ليزر محمولة جوا وصواريخ مضادة للأقمار الصناعية، وتحتاج الولايات المتحدة لقوة لردعها.

وقال بينس "تغير الفضاء بشكل جذري خلال السنوات الأخيرة فبعد أن كان سلميا أصبح مكتظا وعدائيا".

وستكمل قوة الفضاء العمل الذي بدأته قيادة قوة الفضاء - سبيس كوم - التي أُنشئت في أغسطس / آب الماضي للتعامل مع العمليات الفضائية للجيش الأمريكي.

وقالت قائدة القوات الجوية، باربرا باريت، إن قوة الفضاء ستضم 16 ألفا من أفراد القوات الجوية والموظفين المدنيين.

وسيقود قوة الفضاء، القائد في القوات الجوية الجنرال، جار رايموند، الذي يرأس حاليا سبيس كوم.

بوتين: واشنطن تنظر إلى الفضاء باعتباره مسرحا محتملا للحرب

وفي شهر ديسمبر 2019، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الولايات المتحدة تعمل على تطوير قدراتها العسكرية بسرعة من أجل عمليات محتملة في الفضاء، وإن واشنطن تنظر إلى الفضاء باعتباره مسرحا محتملا للحرب.

وأضاف بوتين خلال اجتماع مع وزير الدفاع وعدد من الضباط في مدينة سوتشي، أن بلاده تعارض بشدة عسكرة الفضاء، لكن التحركات الأمريكية تعني أن على روسيا مواصلة تطوير قطاع الفضاء الخاص بها، وفق تعبيره.

وأوضح الرئيس الروسي أن الدول الرائدة في العالم تطوّر أنظمة فضائية ذات استخدام عسكري ومزدوج، وتعمل على تحسين خصائصها التقنية "إذ تعتبر القيادة العسكرية والسياسية الأمريكية الفضاء الخارجي مسرحا للعمليات العسكرية".

وأعلنت روسيا، أن الولايات المتحدة، تقوم من خلال ذلك بتشكيل المقدمات اللازمة لعسكرة الفضاء الكوني بهدف استخدامه في تحقيق أغراضها العسكرية.

وشددت موسكو، على أنها ستضطر للرد على التهديدات المحتملة، بتدابير وإجراءات متطابقة وغير متماثلة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن التوسع الأمريكي في الفضاء يهدد المصالح الروسية ويتطلب ردا من موسكو. 

وقال بوتين " القيادة العسكرية والسياسية الأمريكية تعد الفضاء ساحة عسكرية وتخطط للقيام بعمليات هناك".

وفي شهر أغسطس الماضي، صرح إيفان نيتشايف، نائب مدير إدارة الإعلام والمطبوعات بوزارة الخارجية الروسية بأن الولايات المتحدة تزود أوكرانيا بمعلومات استخباراتية، وتعمل على عسكرة الفضاء.

وقال المسؤول في وزراة الخارجية الروسية خلال مؤتمر صحفي: "لا يقتصر الأمر على توريد الأسلحة، بل تزود الولايات المتحدة أوكرانيا بمعلومات استخباراتية في إطار المساعدات العسكرية".

ولفت نيتشايف إلى أنه "يتم في ذات الوقت استخدام البيانات، وبحسب المعلومات المتاحة، ليس فقط من الأقمار الصناعية العسكرية، ولكن أيضا من الأقمار الصناعية المدنية والخاصة، والتي تؤدي في الواقع إلى عسكرة الفضاء الخارجي".

انتقال المنافسة من الأرض إلى الفضاء

وفي أغسطس الماضي، كشفت روسيا عن هواجس القلق من توجه حلف الناتو لـ «عسكرة الفضاء»، وانتقال المنافسة من الأرض إلى الفضاء، وهو توجه وصف بالخطير على روسيا وحلفائها، ومنذ أن  اتفق قادة الناتو في قمة بروكسل في العام 2018، على تطوير الفضاء في أسرع وقت ممكن،  بوصفه مجالا مهما لأمن الحلف.

ويؤكد الخبير الروسي،  يفيغيني كورينيف، الأستاذ المساعد في جامعة ساراتوف الحكومية للأبحاث، أن حلف الناتو يريد الحفاظ على ريادته في هذا المجال. 

ففي الوقت الحالي، من بين ما يقرب من 3000 قمر صناعي في المدار حول الأرض، أكثر من نصفها للدول الأعضاء في منظمة حلف شمال الأطلسي، وللشركات القائمة في بلدان الحلف.

وقد توجت جهود الناتو لبناء قدراته الفضائية بنشره، في 17 يناير/ كانون الثاني 2022، سياسة الفضاء الشاملة لحلف الناتو، والتي، وفقا لواضعيها، يجب أن تصبح الأساس العقائدي لأنشطة الناتو الفضائية.

ويضيف يفغيني كورينيف، في صحيفة «أوراسيا إكسبرت»: يمكننا أن نستنتج أن الناتو بدأ في تشكيل الإطار القانوني والعقائدي والمؤسسي لسياسته الفضائية، على الرغم من حقيقة أن بروكسل لا تعترف رسميا بإنشاء قدرات خاصة بالاتحاد الأوروبي في الفضاء.

في الوقت نفسه، من الواضح أن حلف شمال الأطلسي، كما هو الحال في العديد من القضايا الأمنية الأخرى، يعمل ببساطة كستارة للتغطية على المصالح الأمريكية. 

ومن المؤكد ستحصل الولايات المتحدة على فرصة لردع روسيا والصين في الفضاء، باستخدام موارد وإمكانات البنية التحتية لحلفائها في الناتو.

وعلى هذه الخلفية، ينبغي على روسيا تطوير برنامجها الخاص لمواجهة محاولات الحلف عسكرة الفضاء الخارجي والاتفاق على مجموعة من التدابير المشتركة مع شركائها المهتمين بمنع تصعيد التوتر في الفضاء الخارجي.

وهنا، يمكن الحديث عن بناء تعاون عملي في هذا المجال مع الصين، وبدرجة ما حتى مع إيران، وكذلك الدفاع على المسرح العالمي عن موقف متفق عليه معهم بشأن هذه القضية.

الصين وصناعة الفضاء

وكان المكتب الإعلامي لمجلس الدولة في بكين، قد نشر في يناير الماضي، «الكتاب الأبيض»، الذي وصفت فيه الصين، صناعة الفضاء بأنها «عنصر حاسم في الاستراتيجية الوطنية الشاملة»، كما تقول بكين أنها تتمسك بمبدأ «استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية». 

وأضاف «مهمة برنامج الفضاء الصيني هي استكشاف الفضاء الخارجي لتوسيع فهم البشرية للأرض والكون، من أجل تسهيل توافق عالمي في الآراء بشأن مسؤوليتنا المشتركة في استخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، وحماية أمنه لصالح كل البشرية». 

وتابع «البرنامج الصيني يهدف إلى تلبية متطلبات التنمية الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والأمن القومي والتقدم الاجتماعي، ورفع المستويات العلمية والثقافية للشعب الصيني، وحماية الحقوق والمصالح الوطنية للصين، وبناء قوتها الشاملة».

عسكرة الفضاء أمر مفروغ منه 

وحسب الكثير من الخبراء في هذا الشأن، فإن دخول الفضاء مرحلة "العسكرة" بات أمرًا مفروغًا منه، وأصبح الحديث الآن هو عن آليات وأشكال المواجهة العسكرية في هذه الساحة - دفاعيًا وهجوميًا - والتي باتت تتنوع بين استهداف الأقمار الاصطناعية المعادية بأشكال متعددة، وتحليق الصواريخ الباليستية خارج الغلاف الجوي، واستخدام الأقمار الاصطناعيّة نفسها كأسلحة هجومية. 

وقد انضمت دول أخرى إلى روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في هذه الساحة، مثل الصين، والهند التي قامت في آذار/مارس 2019 بتجربة ناجحة لإطلاق صاروخ من نوع "Prithvi Mark2"، نجحت من خلاله في تدمير القمر الاصطناعيّ (مايكروسات أر)، ما يجعل من المرجّح أن ينضم المزيد من القوى الدولية إلى هذه الدول، وخاصة أن دولًا مثل فرنسا مثلًا، وضعت الفضاء الخارجي ضمن مجالات اهتماماتها الاستراتيجية على المستوى العسكري، وهو ما يفتح الأبواب على مصاريعها أمام سباق تسلّح جديد، يكون فيه الفضاء الخارجي بمنزلة حقل للتجارب العسكرية، وربما المواجهات المباشرة لاحقًا.

هل هناك قوانين دولية حاكمة للاستخدام العسكري للفضاء؟

وقعت أكثر من 100 دولة على اتفاقية عام 1967 أطلق عليها "معاهدة الفضاء الخارجي"، ونصت على ضرورة تشاور الدول مع بعضها بعضا قبل القيام بأي شيء قد يؤدي إلى "تدخل ضار محتمل" في أنشطة الدول الأخرى.

وتحظر المعاهدة -بوجه خاص- وضع أسلحة نووية أو أي نوع آخر من أسلحة الدمار الشامل في الفضاء الخارجي، ووضع مثل هذه الأسلحة على أي جرم سماوي.

غير أن معاهدة الفضاء الخارجي تقدم مبادئ عامة لتوجيه أنشطة الدول، ولا تقدم قواعد مفصلة للعمل بها على طريق واضح، ذلك أن المعاهدة تضمن حرية استكشاف الفضاء واستخدامه لمصلحة البشرية جمعاء، ولا تشمل سوى تحذيرين، بينما هناك فجوات متعددة داخلها.

وينص التحذير الأول على أن القمر والأجرام السماوية الأخرى يجب أن تستخدم حصرًا للأغراض السلمية، غير أن بقية مساحة الفضاء لم يشملها هذا الحظر الشامل، ولا يوجد سوى توجيه وحيد موجود في ديباجة المعاهدة التي تعترف بالمصلحة المشتركة في التقدم المحرز في استكشاف الفضاء واستخدامه للأغراض السلمية.

وينص التحذير الثاني على أن الذين يقومون بأنشطة في الفضاء يجب أن يفعلوا ذلك مع مراعاتهم الواجبة لمصالح جميع الدول الأطراف الأخرى في المعاهدة. 

من هنا، تنشأ مشكلة رئيسة من حقيقة أن المعاهدة لا تقدم تعريفات واضحة لتعبيرات مثل "للأغراض السلمية" أو "الاعتبار الواجب"، حسب ما يقول غريغ أوتري أستاذ قيادة الفضاء في جامعة ولاية أريزونا، وميشيل هانلون أستاذة قانون الفضاء في جامعة "ميسيسبي".

وبينما تحظر معاهدة الفضاء الخارجي على وجه التحديد وضع أسلحة نووية أو أسلحة دمار شامل في أي مكان في الفضاء، فإنها لا تحظر استخدام الأسلحة التقليدية في الفضاء أو استخدام الأسلحة الأرضية ضد الأجسام في الفضاء مثل الأقمار الاصطناعية والمحطات المدارية.

 ومن غير الواضح إذا ما كانت بعض الأسلحة مثل الصاروخ الصيني المداري الذي تفوق سرعته سرعة الصوت مرات عدة والقادر على حمل أسلحة نووية، يجب أن يندرج تحت الحظر الذي نصت عليه المعاهدة.

 ولهذا، يرى متخصصون أن القيود العسكرية الغامضة التي تضمنتها المعاهدة تترك مجالًا أوسع من لتأويل التفسيرات، ما يمكن أن يؤدي إلى الصراع.

وقد أصبح السعي إلى إبرام اتفاقات متعددة الأطراف بشأن اختبار الصواريخ المضادة للأقمار الصناعية والمولدة للحطام، شيئا ضروريا متعثرا بسبب المناهج المتباينة التي تتبعها الولايات المتحدة من ناحية، وروسيا والصين والهند من ناحية أخرى.

ويشير خبراء البنتاغون إلى أن هناك حاجة لتطوير معايير جديدة في الفضاء، وينبغي على الإدارة الأمريكية أن تستكشف فرض حظر على هذه التجارب بين الدول الأربع التي لديها قدرات واضحة في هذا المجال: الصين، والهند، وروسيا، والولايات المتحدة.

هل نحن بصدد سباق تسلح في الفضاء؟

حسب الكثير من الخبراء، هناك بالفعل سباق تسلح فضائي، والسؤال الوحيد هنا هو: من الذي يخوض السباق ومن يجلس على الهامش. وقد اختبرت كل من الصين وروسيا والهند والولايات المتحدة أسلحة مضادة للأقمار الصناعية، مما خلف كمية من الحطام في الفضاء، وهو ما يؤثر على الاستخدام السلمي للأقمار الصناعية.

وحسب الخبراء، يُعتقد أن الاستثمار في تطوير هذه البرامج سيستمر، ولكن من المحتمل أن البلدان الغربية لن تختبر الأسلحة الفضائية عموما، وستتوقف عن ثني الآخرين -ولا سيما الصين وروسيا والهند- عن إجراء مزيد من التجارب بسبب الفوائد الاقتصادية الهائلة المحتملة للاستخدام السلمي للفضاء.

استخدام الفضاء للأغراض العسكرية

يقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن مصطلح «عسكرة الفضاء» أو «غزو الفضاء»، موجود منذ فترة طويلة، وهو لا يعني وضع جيوش في الفضاء، ولكنه يعني استخدام الفضاء للأغراض العسكرية، مشيرا إلى أن الدول الكبرى تستخدم الفضاء لحسم معاركها على الأرض، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتجريب أسلحة جديدة في الحرب الأوكرانية، لمعرفة فاعليتها، لافتا إلى أن الأسلحة التي تستخدم في الحروب تتطور بطريقة سريعة جدا، مؤكدا على أن التصعيد في الحرب الأوكرانية الروسية خطر على العالم كله، مشيرا أن هناك أسلحة يمكن أن تنهي العالم في ثواني معدودة، موضحا أن دول العالم الثالث تواجه الكثير من المعوقات لملاحقة التطور السريع في مجال التسليح، بسبب احتكار الدول الكبرى لتصنيع السلاح، مشيرا إلى أن حفاظ الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية على التفوق العسكري لإسرائيل في الشرق الأوسط يعوق تحركات مصر  للحصول على أحدث أنواع الأسلحة في العالم، لافتا إلى أن الوضع في أوكرانيا مشتعل ويتجه للتصعيد، بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضم 4 مقاطعات أوكرانية للسيادة الروسية، وتفجير خطي غاز نورد ستريم، منوها أن هزيمة روسيا في أوكرانيا ستدق المسمار الأخير في نعش بوتين.