جمال فرويز لـ«النبأ»: النساء أكثر تعرضًا للمرض النفسى.. والحرمان العاطفى قنبلة موقوتة بين الشباب
كشف الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أسباب الانتشار الموسع لمعدلات للجرائم، في الآونة الأخيرةـ خاصة جرائم القتل المرتبطة بالعاطفة وقصص الحب، ولعل أشهرها قضية مقتل طالبة جامعة المنصورة نيرة أشرف، موضحًا أن ذلك يعود إلى ما يُسمى بالحرمان العاطفي للشباب.
وأضاف فرويز في حوار لـ«النبأ» أن المجتمع أصبح يعاني من المسخ الثقافي ظهرت آثاره في الانهيار الأخلاقي والديني والسلوكي، مناشدًا الوزارات والمؤسسات الدينية ضع خطة تقوم على تقبل الآخر، وإلى نص الحوار..
ما سبب ازدياد حدة العنف في الجرائم وخاصة القتل التي يشهدها المجتمع المصري؟
يرجع إلى تغير الشخصية المصرية، بسبب تعرضها لبعض التموجات من ثقافات غريبة دخلت عليها، الأمر الذي تسبب في ظهور صورة المسخ الثقافي، وهو ما ظهر في الازدواجية الدينية، والانهيار القيمي، والأخلاقي، والسلوكي، والذي معه بدأت تقل قيمة الإنسان نفسها، فدخلت جرائم غريبة على المحتمع، بسبب الثقافة الجديدة، والتي ساعد على انتشارها السوشيال ميديا وإدمان المخدرات، ومع الإعلام وفصل التربية عن التعليم، ووجدنا رجلا يقتل أطفاله والزوجة التي تقتل زوجها أو أبناءها.
ولكن سيناريو قتل الشباب لفتيات بسبب علاقة عاطفية تكرر بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة؟
نعم.. ففي الفترة التي أعقبت حرب أكتوبر كان المجتمع يمتاز بالشخصية المصرية النهرية، والتي تتميز بصفات الحب والخير والسلام، ولكن مع هجرة الأفراد إلى دول البترول والخليج للعمل بسبب المرتبات، بدأت الشخصية الغربية في الدخول إلينا، بعدما بدأت الأسر تترك أولادها من أجل العمل والمال، مما تسبب في انهيار القيم داخل المجتمع، وأصبح هناك نوع من الحرمان العاطفي.
هل تعني أن المجتمع ساهم بعدها في تكرار سيناريو هذه الجرائم؟
جريمة نيرة أشرف، وما عقبتها قد يكون البنت لها دور، وهو أن الشاب شعر بالاستغلال أو الخداع، وهو ما عوضه بالقتل؛ ولكن الجرائم الأخرى المشابهة لها حدثت في نفس الفترة التي تم ترديد الحديث حول براءة محمد عادل قاتل وبراءته، من قبل البعض في سبيل الشهرة، ولكن الشخصيات المضطربة لا تأخذ الكلام أو الأمور بنوع من التعقل أو التفكير، ولكنها تصدق كل ما كُتب، وهو ما تسبب في تحول المفاهيم لديهم، ولذلك نحن نطالب بإغلاق هذة القضية وإعدام قاتل نيرة أشرف ما دام هو مُذنب، حتى نحمي كثير من البنات، خاصة أننا مجتمع نهري، اعتاد على حب الخير على عكس تركيا أو أوروبا، لأننا شعب طيب، وتكرار هذه الجرائم يعرضنا للضغط النفسي والخوف الشديد.
هل ترى أننا بحاجة لتعديلات تشريعية لوقف ازدياد وتيرة العنف؟
لا.. فنحن لدينا من القوانين ما يغطي دول العالم كلها، ولكن نحن لدينا مشكلتان، الأولى في تنفيذ القوانين، والأخرى في معرفة الناس بالقوانين، بنطلع قوانين محدش يعرف عنها حاجة مع عدم تطبيقها، لذا فكل ما نحتاجه هو تزويد الوعي، من خلال عودة التربية للتعليم مرة أخرى، والسيطرة من قبل وزارة الإعلام على المسلسلات والأفلام، مش كل واحد يعمل مسلسل فيه زنا محارم أو قتل وغيره من أعمال البلطجة يتم السماح به، بالإضافة إلى الاتجاه لصناعة دراما إيجابية تشجع على الخير والتعاون، من نوعية مسلسلات أمل حرب والذي اهتم بقضايا المرأة، ومسلسل أبو العروسة والذي كان نموذجًا رائعًا في التشجيع على العلاقات الجيدة بين الناس وبعضها، محتاجين نعمل منهم 6 أو 7 مسلسلات كل سنة.
تحدثت مُسبقًا عن ضرورة وضع خطة من الوزارات.. ما تفاصيلها؟
نعم.. وزارة الثقافة التي عليها دور كبير في الوصول للشباب، فبدل من تنظيم حفلات في القلعة لن يحضرها إلا كام واحد، ولا نعرف مدى أهميتها، وصرف مبالغ مالية كبيرة، يمكننا الاستفادة منها في البحث عن وسائل للدخول للشباب بأن تعمل مسابقات عن طريق السوشيال ميديا وتكون ثقافية مرتبطة بالتاريخ.
هل تغيرت ثقافة المجتمع في التعامل مع حالات المرضى النفسيين؟
في كل الحالات المُجبر بييجي، لما بيقعد يلف على المشايخ والكنايس ومايلاقيش حل، المشكلة أنهم يأتوا متأخرين، أو بعد ما بيعمل مصيبة، ولكن لا ننكر أن هناك وعي حاليًا أكثر عما قبل، وولكن للأسف هناك مشكلة في أنصاف المثقفين في فلسفتهم في التعامل الطب النفسي.
ماذا تقصد بأنصاف المثقفين؟
للأسف هناك أطباء غير مقتنعين حتى الآن بالطب النفسي لا نعرف هل ذلك سببه غيرة أم حقد أو حسد، على سبيل المثال فهناك مريض عقلي ذهب لدكتور قلب، وعندما قال له إنه يعالج لدى طبيب نفسي نصحه الطبيب بوقف الدواء، وبعد 3 أسابيع رفع السكينة ضرب أمه، وهذا الطبيب من سيتم محاسبته على هذه الجريمة؟، احنا مش بنقعد المريض على الشيزلونج زي ما هما متخيلين، الأمراض النفسية هي أمراض عضوية في المخ مثل أي مرض، يتم اكتشافه بالرنين المعناطيسي والاختبارات، وكذلك الشخصيات التي تتحدث عن ضرورة اللجوء إلى التنمية البشرية وتنمية مهارات، أقول لهم اعملوا كل ده مع الإنسان الطبيعي وليس المرضى النفسيين، من فضلكم سبوهم في حالهم، أرجوكم محدش يتدخل بين المريض النفسي وطبيبه.
هل ترى أن الدولة تقوم بدورها بشأن الدعم النفسي وعلاج الأفراد؟
نعم.. فالدولة انشأت 22 مستشفى نفسيا، وأصبح في كل الجامعات وحدات طب نفسي، بالإضافة إلى القوات المسلحة والتي بها 4 مستشفيات نفسية، فالدولة تقوم بدورها، فيما يتعلق بالجزئية التي تخصها، ولكن لا بد من زيادة الوعي، الدكاترة هم اللي بيوقفوا العلاج وبيعملولنا مصائب والمفترض أنها الفئة اللي فاهمة.
هل أثرت جائحة كورونا على الأفراد؟
نعم فقد تلاحظ ظهور بعض الأمراض النفسية التي جاءت ما بعد كورونا من الوسوسة، والنسيان فهناك أفراد ممن تعافوا أو فقدوا أشخاص كانوا قريبين منهم بسبب المرض، يلاحظ عليهم النسيان وقلة التركيز والمخاوف والتوهمات المرضية وبشكل عام فإن الفيروس تسبب قي تقليل حدة الشعور بالوقت والملل لدى الأشخاص.
وماذا عن التصريحات المتعلقة بالمرأة ملزمة وغير ملزمة وتأثيرها على النظام الأسري؟
عندما سألت بنفسي المحامية نهاد أبو قمصان، أكدت أنها لم تقل هذا الكلام ولا سعاد صالح، وتوصلت إلى أن كل ما ذكر كان كلامًا مجتزًا، بهدف عمل ضجة وهو ما سبق وحدث مع علي جمعة، ولذلك لا بد من التأكد من صحة أي خبر يتم تناقله خاصة فيما يتعلق بالقامات العلمية أو الدينية المشهورة والمؤثرة.
كيف نعرف أن الشخص لديه أعراض المرض النفسي؟
حسب نوع المرض، فهناك الانفصام، والوسواس القهري، والاكتئاب، وكل حالة تختلف أعراضه عن الأخرى، فهناك أكثر من 400 مرض نفسي، وعادة فإن أي مرض نفسي أو اضطراب يجعل الشخص يفشل في ممارسة حياته الطبيعية فلا بد من عرضه على طبيب نفسي لأنه هذا معناه أن هناك حاجة غلط.
كيف نعرف أن الشخص دخل في نوبة اكتئاب؟
يتم التعرف عليه، عندما يبدأ ينفصل عن الناس، ويصبح الكلام قليلًا، ويلاحظ عدم وجود شغف لديه بالحياة، كما أن وجهه يظهر عليه الشحوب، وكلامه متلاصق، ويتحدث عن الانتحار بمنتهي الجرأة، ولا يخشى التصريح بذلك، وهنا دور المجتمع يتمثل في عرضه على دور نفسي، لأن هناك برتوكول يسمى علاج مريض الانتحار، وهذا يطبق بداخل المستشفى النفسي، لو ذهب لدكتور بعيادة فإنه سيتم إرساله لمستشفى نفسي، والذي يتضمن بقاء ممرض أو ممرضة طبقا للجنس، ملاصق له، لضمان عدم أذى نفسه، ثم يخضع لجلسات تعديل نمطية كهرباء المخ، ثم بعد ذلك أخذ الأدوية.
لماذا يلجأ المحامون في الجرائم لشماعة المرض النفسي للجاني؟
هو بالنسبة لهم مخرج، لأن القانون ينص على رفع المسؤولية الجنائية عنه، ولكن إثبات هذا يخضع لشروط ومراحل، فالمريض النفسي لا بد أن يكون له تاريخ مرضي، وهل سبق له أن تعاطي أدوية أو دخل مستشفيات خاصة بالمرض النفسي، الجزء الآخر هو هل أثناء ارتكابه الجريمة أو بعدها مباشرة، كان سلوكه معيب أو لا أو يتلفظ الفاظ خارجة، أو مبهمة، وإذا تم إثبات المعطيات السابقة فإنه يتم ايداعه، داخل مصحة 45 يومًا لمتابعة سلوكياته وعمل اختبارات نفسية، ورنين مغناطيسي على المخ، ثم يتم كتابة التقرير من قبل ثلاث أطباء نفسيين بشكل منفصل، ثم يجتمع الأطباء للتناقش حول ما كتب وما يجتمعوا عليه يكون التقرير النهائي، بحد أدنى اثنين.
إذ لماذا لم يتم اللجوء إليه ما دام أنه ليس بالسهل إثباته؟
هي حيلة يريد من خلالها المحامي تطويل المدة فقط، حتى لا تتحول الأزمة إلى قضية رأي عام، فالإعلام يهتم بالجريمة بعد ارتكابها ومع طول المدة يلتفت إلى قضايا أخرى، وبالتالي فإن المحامي يلعب على طول المدة حتى يتم تخفيف الحكم.